الرئيسية/شروحات الكتب/المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية/(52) باب المصلي يسجد على ما يحمله ولا يباشر مصلاه بأعضائه
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(52) باب المصلي يسجد على ما يحمله ولا يباشر مصلاه بأعضائه

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: الثَّاني والخمسون

***      ***      ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، قالَ الإمامُ مجدُ الدينِ عبدُ السَّلَامِ بنُ تيميةَ الحَرَّانيَ -رحمَهُ الله تعالى- في كتابِهِ: "الـمُنْتَقَى في الأحكام الشرعية مِن كلامِ خيرِ البَرِيَّة صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ":

بَابُ الْمُصَلِّي يَسْجُدُ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ

– الشيخ : "يَسْجُدُ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ" مثل: سجودِ الإنسانِ على طرفِ ثوبِهِ، يعني يجوزُ، لكن ينبغي ألا يسجدَ على شيءٍ إلا أنْ تكونَ لَه حاجةٌ مثل خشونةِ مكانٍ أو حرارةِ أرضٍ، سجود الإنسان عَلَى مَا يَحْمِلُهُ.

 

– القارئ : بَابُ الْمُصَلِّي يَسْجُدُ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ، وَلَا يُبَاشِرُ مُصَلَّاهُ بِأَعْضَائِهِ

– الشيخ : الأعضاء، أمَّا هذا أهمُّ ما يكونُ في الوجهِ والكفين، وأمَّا الركبتين وأطرافُ القدمينِ فهذا لا بدَّ أنْ يسجدَ على ما يحْمِلُهُ على ثيابِهِ وعلى أطرافِ خُفَّيْهِ وما إلى ذلك، لكن هذا الكلام يَخْتَصُّ بالجبهةِ؛ لأنه ينبغي لَه أن يباشرَ الأرضَ بجبهتِهِ وأنفِهِ وكَفَّيهِ، فلا يتخذُ شيئاً يقيهِ مِن ثيابِهِ، أمَّا الركبتانِ والقَدَمانِ فلا يتعلَّقُ بهما هذا الكلام.

 

– القارئ : عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

– الشيخ : هذا فيهِ الدَّلالةُ على الجوازِ للحاجةِ، عندَ الحاجةِ، أمَّا مِن غيرِ الحاجةِ فلا مُوجِبَ لَه، عليهِ أن يباشرَ الأرضَ بجبهتِهِ.

 

– القارئ : وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ وَهُوَ يَتَّقِي الطِّينَ إذا سَجَدَ بِكِسَاءٍ عَلَيْهِ يَجْعَلُهُ دُونَ يَدَيْهِ إلَى الْأَرْضِ إذَا سَجَدَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

– الشيخ : هذا شاهدٌ، الأولُ من فعلِ الصحابةِ، والثاني مِن فعلِهِ عليه الصلاة والسلام، بلْ ثبتَ أنَّهُ عليه الصلاة والسلام، يعني ظاهرُ هذا الحديثِ أنه يَتَّقِي بثوبِهِ دونَ يديهِ -كَفَّيهِ-، أمَّا جبهتُهُ فلمْ يكنْ يجعلُ شيئًا، فقد ثبتَ أنه صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صلى في رمضانِ وقد وَكَفَ المسجدُ فكانَ يسجدُ في ماءٍ وطينٍ، وذكرَ الصحابيُّ أنَّهُ رأى أثرَ الماءِ والطينِ على جبهتِهِ وأنفِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فيَنْبغي على الإنسانِ أنْ لا يَتَّقِي ذلكَ إلَّا شيئًا يُؤذيهِ يتأذَّى بِه مثلَ الحرارةِ -حرارةُ الشمس- أو يكونَ المكانُ خَشِنَ، بعضُ الأحيانِ تكونُ الأرضُ خَشِنَةً، حَصَى صِغار تكون كأنَّها مساميرُ تُؤذِي.

 

– القارئ : وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: "جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي الْأَشْهَلِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ إذَا سَجَدَ".

– الشيخ : "وَاضِعًا يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ إذَا سَجَدَ". هذا شاهدٌ لحديثِ ابنِ عباس، يعني: واضعاً يديه في ثوبِهِ، يعني: يلفُّ يديهِ بطرفِ ثوبِهِ، رِدَائه، أو كُمُّه.

 

– القارئ : رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ: عَلَى ثَوْبِهِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ. وَرَوَى سَعِيدٌ

– الشيخ : القومُ: الصحابةُ، يقولُ: كانَ القومُ يسجدونَ على كَوْرِ العِمَامَةِ، يعني: العِمَامَة تكونُ في أعلى الجبهةِ طرفُها، معنى هذا: أنَّه لا يَرفعها إلى فوقٍ، بلْ يجوزُ أنْ يسجدَ على كَوْرِ العِمَامَةِ، وهِيَ لا تكونُ مرتفعةً بحيثُ أنه إذا سجدَ عليها ترتفعُ جبهتَهُ عَن الأرضِ، لا، بلْ يسجدُ ويُباشرُ الأرضَ بجبهتِهِ، وأعلى جبهتِهِ تكونُ فوقَها كَوْرِ العِمَامَةِ.

 

– القارئ : وَرَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يُصَلُّونَ فِي الْمَسَاتِقِ وَالْبَرَانِسِ وَالطَّيَالِسَةِ وَلَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ

– الشيخ : كلُّ هذا يعني: معناهُ جوازُ السجودِ على ما هو لابِسٌ له، سجودُ المصليّ على بعضِ ما يحملُهُ يعني مِن ثيابِهِ، مثل الإنسانِ لوسجدَ مثل البِشْت وسيع وكذا دخلَ يديهِ كذا وسجدَ ويديهِ فوقَ البِشْت هذا معناه، الْبَرَانِسُ كلُّها أشياءٌ واسعةٌ، والمَسَاتِق هذه لابدَّ ..

– طالب: المساتق في الأسواق يا شيخ؟

– الشيخ : نوعٌ مِن الثيابِ، يشرحُها الشارحُ، ما أدري والله، لكن واضح مِن السِّياقِ أنَّها نوعٌ مِن الثيابِ الواسعةِ.

– القارئ : قال: بَابُ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

– الشيخ : قفْ على هذا بس، واقرأْ شرحَ هذا البابِ، لا إله إلا الله.

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، قالَ الشوكانيُّ رحمَه اللهُ تعالى: قَوْلُهُ: "ثَوْبَهُ"

– الشيخ : هذا الحديثُ الذي عن أنس.

– القارئ : قَالَ فِي الْفَتْحِ: الثَّوْبُ فِي الْأَصْلِ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْمَخِيطِ

– الشيخ : لكن على الرِّداءِ، مثل الرِّدَاء، هذا في الأصل، وإلا كلُّها ثيابٌ، القميصُ ثوبٌ، وما أشبَهَهُ، كلُّها ثيابٌ، ولكن مثل ما قال: أكثرُ ما يُطلَقُ على غيرِ الـمَخِيط مثل الرداء، مثل …

 

– القارئ : وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ السُّجُودِ عَلَى الثِّيَابِ لِاتِّقَاءِ حَرِّ الْأَرْضِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْأَرْضِ عِنْدَ السُّجُودِ هِيَ الْأَصْلُ لِتَعْلِيقِ بَسْطِ ثَوْبٍ بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ.

– الشيخ : لِتَعْلِيقِ بَسْطِ ثَوْبٍ، إي، لأنَّهُ، يقول: "يبسطُ أحدُنا ثوبَهُ"، لأنَّهُ لا يستطيعُ السجودَ على الأرضِ مِن شدةِ حَرِّهَا.

 

– القارئ : وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُصَلِّي، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ، وَحَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى الثَّوْبِ الْمُنْفَصِلِ.

– الشيخ : عَلَى الثَّوْبِ الْمُنْفَصِلِ، اللهمَّ اغفرْ لَهُ، يعني: يبسطُ ثوبَهُ يعني ليسَ لابسًا له، يصير عندَه ثوب ولا بِساط.

 

– القارئ : قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يَحْتَاجُ مَنْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْجَوَازِ إلَى أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا" أَنَّ لَفْظَ: "ثَوْبِهِ" دَالٌّ عَلَى الْمُتَّصِلِ بِهِ، إمَّا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ -وَهُوَ تَعْقِيبُ السُّجُودِ بِالْبَسْطِ- وَإِمَّا مِنْ خَارِجِ اللَّفْظِ -وَهُوَ قِلَّةُ الثِّيَابِ عِنْدَهُمْ-.

وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ -وَهُوَ الْأَمْرُ الثَّانِي- يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ مُتَنَاوِلًا لِمَحَلِّ النِّزَاعِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَةِ الْمُصَلِّي، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

وَقَدْ عُورِضَ هَذَا الْحَدِيثُ بِحَدِيثِ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْأَرْبَعِينَ، وَالْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ: "شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حَرَّ الرَّمْضَاءِ، فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكُنَا". وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِدُونِ لَفْظِ: "حَرَّ" وَبِدُونِ لَفْظِ: "جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا". وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الشِّكَايَةَ كَانَتْ لِأَجْلِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ..

– الشيخ : لا مِنْ جهةِ بسطِ الثوبِ لاتقاءِ الرَّمْضَاءِ، بلْ مِن أجلِ التأخيرِ، يعني: طلبوا زيادَ تأخيرٍ؛ بسببِ شدةِ الحَرِّ فلمْ يُجبْهُم إلى ذلكَ، أعد الجملة، وَيُجْمَعُ.

 

– القارئ : وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الشِّكَايَةَ كَانَتْ لِأَجْلِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَبْرُدَ الْحَرُّ،

– الشيخ : يعني: طلبُوا مزيدَ إبْرادٍ.

– القارئ : لَا لِأَجْلِ السُّجُودِ عَلَى الْحَائِلِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَذِنَ لَهُمْ بِالْحَائِلِ الْمُنْفَصِلِ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ،

– الشيخ : نعم، الْخُمْرَةِ: منسوجٌ صغيرٌ مِن الخُوصِ، يعني: حصيرٌ صغير ٌكانَ يَسْجدُ عليه صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.

 

– القارئ : ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ.

وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَيْوَان

– الشيخ : خَيْوَان، يجوز صالح بنُ خَوَّات خَوَّات، خَيْوَان ذي ما هي..!

– القارئ : صَالِحِ بْنِ خَوَّات السَّبَئِيِّ "أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسْجُدُ إلَى جَنْبِهِ وَقَدْ أعْتَمَّ عَلَى جَبْهَتِهِ فَحَسَرَ عَنْ جَبْهَتِهِ".

– الشيخ : يمكن أنه منزلٌ العِمامةِ، منزِّلها، منزِّلها بحيثُ تكونُ مغطيةَ الجبهةِ ولَّا أكثر الجبهة.

 

– القارئ : وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: "رَأَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: (ارْفَعْ عِمَامَتَك).

فَلَا تُعَارِضُهُمَا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ؛ لِأَنَّهَا كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَمْ يَثْبُتْ مِنْهَا شَيْءٌ -يَعْنِي: مَرْفُوعًا-.

وَقَدْ رُوِيَتْ مِنْ طَرِيقٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: مِنْهَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ، وَمِنْهَا عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَفِيهِ قَائِدٌ أَبُو الْوَرْقَاءِ

– الشيخ : بعده بس، لا إله إلا الله.

– القارئ : قال: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ إنْ كَانَ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَصْلٌ فِي الِاعْتِبَارِ بِأَنْ يُحْمَلَ حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ خَيْوَانَ وَعِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الله عَلَى عَدَمِ الْعُذْرِ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَأَحَادِيثُ سُجُودِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ عَلَى الْعُذْرِ، وَكَذَلِكَ يُحْمَلُ حَدِيثُ الْحَسَنِ الْآتِي عَلَى الْعُذْرِ الْمَذْكُورِ.

وَمِنْ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ السُّجُودِ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَأَبُو بَكْرٍ الْمُزَنِيّ وَمَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ، رَوَى ذَلِكَ عَنْهُمْ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

وَمِنْ الْمَانِعِينَ عَنْ ذَلِكَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَإِبْرَاهِيمُ وَابْنُ سِيرِينَ وَمَيْمُونِ بْنُ مِهْرَانَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ، رَوَى ذَلِكَ عَنْهُمْ أَيْضًا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

انتهى حديث أنس، ثم حديث ابن عباس.

– الشيخ : إي كمِّل نشوف.

– القارئ : الْحَدِيثُ أَخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدِهَا".

وَأَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاتِّقَاءِ بِطَرَفِ الثَّوْبِ الَّذِي عَلَى الْمُصَلِّي وَلَكِنْ لِلْعُذْرِ، إمَّا عُذْرُ الْمَطَرِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ، أَوْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْكِسَاءَ الَّذِي سَجَدَ عَلَيْهِ كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ، وَبِهِ اسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ تَرْكِ كَشْفِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ،

– الشيخ : نعم، الكَفَّينِ يعني.

– القارئ : وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْعُذْرِ كَمَا عَرَفْتَ، إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْكَشْفِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍظن إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأَمْرَ بِالسُّجُودِ عَلَى الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْض حَائِلٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مُسَمَّى السُّجُودِ يَحْصُلُ بِوَضْعِهَا دُونَ كَشْفِهَا.

انتهى.. بعدين حديث عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ رحمه الله:

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي إسْنَادِهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ، قَالَهُ الْمُزَنِيّ.

وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ أَيْضًا الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ تَرْكِ كَشْفِ الْيَدَيْنِ حَالَ السُّجُودِ، وَهُوَ أَدَلُّ عَلَى مَطْلُوبِهِمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِإِطْلَاقِهِ، وَتَقْيِيدِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْعُذْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ الْحَسَنُ: "كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ".

وَرَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: "كَانُوا يُصَلُّونَ فِي الْمَسَاتِقِ وَالْبَرَانِسِ وَالطَّيَالِسَةِ وَلَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ"، انْتَهَى. وَكَلَامُ الْحَسَنِ الَّذِي عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ قَدْ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ: "هَذَا أَصَحُّ مَا فِي السُّجُودِ مَوْقُوفًا عَلَى الصَّحَابَةِ". وَوَصَلَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

وَالْقَلَنْسُوَةُ -بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، وَقَدْ تُبْدَلُ يَاءً مُثَنَّاةً مِنْ تَحْتٍ، وَقَدْ تُبْدَلُ أَلِفًا وَتُفْتَحُ السِّينُ وَبَعْدَهَا هَاءُ تَأْنِيثٍ-: "وَهِيَ غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ يُسْتَرُ بِهِ الرَّأْسُ"، قَالَهُ الْقَزَّازُ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: "الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْعِمَامَةُ الشَّاشِيَّةُ".

وَفِي الْمُحْكَمِ: هِيَ مِنْ مَلَابِسِ الرُّؤوسِ مَعْرُوفَةٌ.

– الشيخ : مِنْ مَلَابِسِ الرُّؤوسِ يعني مما يُلْبَس على الرأسِ

– طالب: مثل الطاقية

– الشيخ : إي أشبهَ شي، لكن الأشكالُ تختلفُ، هذا يُطوِّلُها وهذا يُقصِّرُها، وألوانٌ وأشكالٌ.

 

– القارئ : وَقَالَ أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ: هِيَ الَّتِي تُغَطَّى بِهَا الْعَمَائِمُ وَتَسْتُرُ مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ، كَأَنَّهَا عِنْدَهُ رَأْسُ الْبْرِنْسِ.

– الشيخ : والله ما أدري، "تُغَطَّى بِهَا الْعَمَائِمُ" صارتْ شمسيَّة! طيَّب!

– القارئ : كَأَنَّهَا عِنْدَهُ رَأْسُ الْبْرِنْسِ.

– الشيخ : رأس الْبُرْنُسِ، نعم، زين.

– القارئ : كَأَنَّهَا عِنْدَهُ رَأْسُ الْبُرْنُسِ.

وَقَوْلُ الْحَسَنِ: "وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ" أَيْ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. قَالَ الْحَافِظُ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِتَغْيِيرِ الْأُسْلُوبِ بَيَانَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ السُّجُودِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ مَعًا لَكِنْ فِي حَالَةٍ كَانَ يَسْجُدُ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ. وَالْمَسَاتِقُ جَمْعُ: مُسْتُقَةٍ، وَهِيَ: "فَرْوٌ طَوِيلُ الْكُمَّيْنِ" كَذَا فِي الْقَامُوسِ. وَالْبَرَانِسُ جَمْعُ: بُرْنُسٍ بِالضَّمِّ

– الشيخ : هذا جاءَ في حديثِ ما يُلْبَسُ الـمُحرِم، قال: (ولا الْبَرَانِس).

– القارئ : قَالَ فِي الْقَامُوسِ: هُوَ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ، أَوْ كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ مِنْهُ دُرَّاعَةً، كَانَ أَوْ جُبَّةً، وَالطَّيَالِسَةُ جَمْعُ

– الشيخ : جَمْعُ طَيْلَس، أو طَيْلَسَانَ.

– القارئ : طَيْلَسَانَ، انتهى.

الشيخ : الله المستعان، لا إله إلا الله.

لا شكَّ أنَّ الأولى مباشرةُ الأرضِ بالأعضاءِ، بالوجهِ، بالجبهةِ، وبالكفينِ، لكن لو اتَّقَى الأرضَ بثوبٍ أو بفراشٍ، كما كان النبي يسجدُ على الخُمْرَةِ، وكذلكَ إذا كانَ متصلًا بها الأولى أنْ لا يسجدَ على شيءٍ مُتَّصلٍ بِهِ إلا من حاجةٍ، كما في حديثِ أنسٍ: "يبسطُ أحدُنَا ثوبَهُ".

وعلى كلِّ حالٍ السجودُ يحصلُ ولو لم يُباشرِ الإنسانُ الأرضَ بجبهتِهِ، يسجدُ على طَرَفِ ثوبِهِ أو على بِساطٍ أو على..، المهم أنَّهُ السجودُ يتحقَّقُ، كمَا أنَّ هذا مُتَحَقِّقٌ في الركبتينِ والقَدَمين، هذا مُحقَّقٌ، ما في حديث، ما كانوا يخلعونَ خِفَافَهُم مِن أجلِ مُباشرةِ الأرضِ بأطرافِ أقدامِهِم، ولا يَحسِرونَ ثيابَهم عَن رُكبهم، لا، الركبتان وأطرافُ القدمين هذهِ لا يَكادُ يُباشِرُ المصلي بها الأرضَ، إذا كان عليهِ ثيابٌ خِفَافٌ أو سراويل أو قُمُصٌ، أو ما أشبهَ ذلكَ، أو أُزُرٌ.

– القارئ : في التقريبِ يقولُ: صالحُ بنُ خَيْوَان

– الشيخ : خَيْوَان

– القارئ : نعم -بفتحِ الـمُعْجَمَةِ، ويُقال: بالـمُهْمَلَةِ-

– الشيخ : حَيْوَان

– القارئ : السَّبَئِي بفتح المُهملة والمُوحَّدة

– الشيخ : سَبَئِي.

– القارئ : مقصور ويُقال: الخَوَلاني

– الشيخ : خلص يمني.

– القارئ : وثَّقَهُ العِجْلِي مِن الرابعةِ، (د).

– الشيخ : أبو داود يعني.

– القارئ : انتهى.

– الشيخ : الله المستعان، بن خَيْوَان، خَيْوَان أو حَيْوَان.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه