file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(59) باب جامع أدعية منصوص عليها في الصلاة

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: التَّاسع والخمسون

***      ***      ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، قالَ الإمامُ مجدُ الدِّينِ عبدُ السَّلامِ ابنُ تيميةَ الحرَّانيّ رحمه الله تعالى في كتابِهِ "الـمُنتقى في الأحكامِ الشرعيةِ مِن كلامِ خيرِ البريةِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمِ": 

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (إنِّي أُوصِيك بِكَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.

– الشيخ : هي مِن الأدلةِ التي تُشرعُ في الصلاة أو دُبُرَ الصلاةِ؛ لأنَّ في الروايةِ المشهورةِ أنه صلى الله عليه وسلم قالَ: (إِنِّي أُحِبُّكَ، لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ).

والأحاديثُ التي فيها الإرشادُ إلى الدعاءِ دُبُرَ الصلاةِ مُتَعددةٌ، حتى في حديثِ ابنِ مسعودٍ في التَّشهدِ بعدما ذكرَ التشهدَ قالَ: (ثُمَّ لِيَخْتَرْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا هو أَعْجَبُ إليهِ)، وأرشدَ صلى الله عليه وسلم إلى الدعاءِ بعدَ التشهدِ والاستعاذةِ باللهِ مِن أربعٍ، فهذا الدعاءُ محلُّه كذلك دُبُرَ الصلاةِ قبلَ السَّلامِ أو بعدَ السَّلامِ كذلك. (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وحُسنِ) وهذا مِن خيرِ الدعاءِ وأفضلِ الدعاءِ، على العبدِ أنْ يستعينَ باللهِ في جميعِ أمورِهِ الدينيةِ والدنيويةِ، ولكن هذا فيهِ الاستعانةُ باللهِ على أفضلِ الأمورِ، مثل: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، فالجملةُ الأولى تضمَّنَتْ توحيدَه تعالى في العبادةِ، والثانيةِ توحيدَه بالاستعانةِ، فالجملةُ الأولى تَدُلُّ على توحيدِ الإلهيةِ، والثانيةِ تدلُّ على توحيدِ الربوبيةِ.

(اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك) عامٌّ: الذِّكرُ الواجبُ والمستحبُ، (وَشُكْرِك) يعني: شُكْركَ على نعمِكَ، وعلى (حُسنِ عبادتِكَ)، وهذا مقامُ الإحسانِ، فهو مِن أفضلِ الدعاءِ. لكن ينبغي إذا دعا الإنسانُ أن يتدبَّرَ ويتفهمَ المعنى، لا يكون على لسانِهِ فقط، بلْ يكون على قلبِهِ ولسانِهِ: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي) كلمةُ: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي) يَستشعِرُ منها العبدُ فقرَهُ إلى ربِّهِ، نعم، (اللَّهُمَّ أَعِنِّي) يعني: فأنا عاجزٌ على ذِكْرِكَ وعلى شُكْرِك، هذا أفضلُ مِن الاستعانةِ، فيهِ الاستعانةُ باللهِ على ما هو أجلُّ الأمورِ وما هو طريقُ السعادةِ والفلاحِ، (عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك)، فهو دعاءٌ قليلُ الكلماتِ لكنَّهُ عظيمُ المعنى.

 

– القارئ : وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا فَقَدَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَضْجَعِهَا، فَلَمَسَتْهُ بِيَدِهَا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُولُ: (رَبِّ أَعْطِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، زَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا) رَوَاهُ أَحْمَدُ.

– الشيخ : وهذا مِن الأدعيةِ الفاضلةِ الجامعةِ الدالَّةِ على هذا المعنى العظيم، (آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا)، هذا فيهِ معنى: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:8،7]، (آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وزَكِّهَا) {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:9] (وزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا) لا إله إلا الله، لا إله إلا الله.

 

– القارئ : وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا) أَوْ قَالَ: (وَاجْعَلْنِي نُورًا). مُخْتَصَرٌ مِنْ مُسْلِمٍ

– الشيخ : الله أكبر، وهذا دعاءٌ -أيضاً- عظيمٌ يدعو بِه العبدُ في صلاتِه في الفريضةِ أو النافلةِ، ولعلَّ هذا كانَ في صلاةِ الليلِ؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ كثيراً ما يَروي قصتَهُ ليلةَ مبيتِه عندَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم في بيتِ ميمونةَ.

وهذا النُّورُ معلومٌ أنه ليسَ هو النُّور الحسيُّ الحاصلُ بالشمسِ وغيرُها مما جعلَه اللهُ سبباً للنورِ والإضاءةِ، بلْ هذا كلُّه النُّورُ المعنويُّ، نورُ العلمِ والإيمانِ، فالعلمُ والإيمانُ هي أنوارٌ وكلُّها نورٌ، وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، وإذا كانَ الإنسانُ قد غمَرَهُ هذا النورُ -نورُ العلمِ والإيمانِ- غمرَه ظاهرُه وباطنُه أمامَه وخلفَه وعن يمينِه وعن شمالِه ومِن فوقِه، فهو في غايةِ السعادةِ، مغمورٌ بنورِ العلمِ والإيمانِ والهدايةِ مِن ربِّ العالمين، فيستحبُّ للمسلمِ أنْ يسألَ ربَّهُ هذا الأمرَ العظيمَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، ولِسَانِي نُوراً، وفي بَصَرِي وسَمْعِي".

 ومَنْ كانَ غلبَ النورُ على قلبِه عَمَرَ قلبَهُ بذكرِ ربِّهِ وتعظيمِهِ، ومَن غلبَ النورُ -كذلك- على لسانِهِ كانَ لسانُهُ مُستعملاً في ذكرِ اللهِ وفيما يحبُّ الله، وهكذا مَن جعلَ اللهُ في سمعِهِ النورَ فإنه لا يسمعُ إلا ما يحبُّهُ اللهُ، لا يستمعُ إلا إلى ما يحبُّهُ اللهُ وهكذا، يشهدُ لهذا المعنى في الجملةِ: (وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا) الحديث.

 

– القارئ : بَابُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِالسَّلَامِ.

عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ: (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كُنْتُ أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: "كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى الْجَانِبَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَامَ تؤمنّوا

– الشيخ : لا، ما هِي: "بتؤمّنون" .. "تُومُونَ"، "تُومُونَ" مِن الإيماءِ، أومأَ بيمينِهِ، أومأَ بشمالِهِ.

 

– القارئ : (عَلَامَ تُومُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ إنَّمَا يَكْفِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ).

– الشيخ : (يُسَلِّمُ على أخيهِ) ليسَ معناهُ أنه يروح يصافحه، لا، يُسلِّمُ عليهِ يقولُ: "السلامُ عليكم" بنيةِ التَّحلُّلِ مِن الصلاةِ، وبنيةِ السلامِ على أخيهِ.

 

– القارئ : رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: (كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (مَا بَالُ هَؤُلَاءِ يُسَلِّمُونَ بِأَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَم أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ إنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ). رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وهو دليلٌ على أنَّهُ إذا لمْ يقلْ: "ورحمةُ اللهِ" أجزأَهُ.

وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَئِمَّتِنَا، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ: "أُمِرْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ نَتَحَابَّ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ".

– الشيخ : لعلَّ هذا يرجعُ إلى أنه إذا سلَّمَ الإمامُ للتحللِ مِن الصلاةِ فإنَّهُ يُسلِّمُ على إخوانِهِ الذينَ معَه، أو على الملائكةِ إذا لمْ يكنْ معَه أحدٌ، لكن المقصودُ الأولُ هو الخروجُ مِن الصلاةِ بهذا السلامِ؛ لأنَّ الصلاةَ تحريمُها التكبيرُ وتحليلُها التسلمُ.

ثمَّ المأمومون إذا سلَّمَ الإمامُ هم أيضاً يُسلِّمونَ، فيكونُ هذا مِن قبيلِ الرَّدِّ، كأنه رَدٌّ، كأنَّهُ مِن قبيلِ الرَّدِّ على تسليمِ الإمامِ، الإمامُ قالَ: "السلام عليكم" والمأموم يقول: "السلام عليكم"، لكن لا بالصيغةِ الـمُعتادةِ يقولُ: "وعليكم السلام"؟ لا، بلْ بنفسِ الصيغةِ، الإمامُ يقولُ: "السلام عليكم"، والمأمومُ يقولُ: "السلام عليكم"، وهذا يحصلُ بِه الرَّدُّ، لو التقى اثنانِ ثمَّ كلَّ واحدٍ ثمَّ قالَ: "السلام عليكم" حصلَ السلامُ ابتداءً وَرَدَّاً، ابتداءً وَرَدَّاً.

 

– القارئ : وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (حَذْفُ السلام سُنَّةٌ). رواه أحمد وأبو داوود وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مَوْقُوفًا وَصَحَّحَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُمَدَّ مَدًّا.

– الشيخ : يقول: "السلام عليكم"، "السلامُ عليكم" بس [فقط]، أو يقولُ: "السلام عليكم ورحمة الله"، "السلام عليكم ورحمة الله"، أمَّا: "السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ" [يقولُها الشيخُ معَ الـمَدِّ]، حذفُ السلامِ هو تركُ الـمَدِّ، يُسلِّمُ بلا مَدِّ، وهذا مما نَبَّهَ عليهِ أهلُ العلمِ، وأنَّ السُّنَّةَ هو حَذْفُ السلامِ فيُسَلِّمُ بلا تطويلٍ: "السلام عليكم"، أو يقول: "السلام عليكم ورحمة الله"، "السلام عليكم ورحمة الله"، (حَذْفُ السَّلامِ)، أمَّا أنْ يَمُدَّ هذا لا داعيَ إليهِ.

 

– القارئ : بَابُ مَنْ اجْتَزَأَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ.

– الشيخ : لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ لَه.المقصودُ أنَّ التسليمَ هذا معلومٌ أنه مِن واجباتِ الصلاةِ أو أركانِ الصلاةِ المعلومةِ مِن قولِه صلى الله عليه وسلم ومِن فِعلِه، مِن قولِه ومِن فِعلِه، صارَ هذا أمرٌ نَقْلُهُ بالتواترِ والنقلِ العَمَلِيّ أعظمُ مِن نقلِ -مثلاً- الأمرِ بِه، لا، نقلٌ عَمَلِيّ، عَمَلِيّ: "السلام عليكم".

وهذا ما عليهِ جمهورُ أهلِ العلمِ أنَّ الخروجَ مِن الصلاةِ والتَّحللَ منها إنَّما يكونُ بالسلامِ لا بشيءٍ آخر، وبعضُ أهلِ العلمِ يرى أنَّ السلامَ ما هو بلازمٍ، ما هو بواجبٍ، يعني الصلاةُ تَصِحُّ فإذا قضى التَّشهدَ يمشي بس يقوم يمشي، يقوم خلاص انتهَتِ الصلاةُ.

لكن المعلومُ مِن هديهِ صلى الله عليه وسلم أنه لا ينصرفُ مِن الصلاةِ إلا بالتسليمِ: يُسلِّمُ عن يمينِهِ وعن شمالِهِ.

 

– القارئ : عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَوْتَرَ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُو ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ فَيَجْلِسُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَدْعُو ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَلَمَّا كَبُرَ وَضَعُفَ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ إلَّا فِي السَّادِسَةِ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي السَّابِعَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: "ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى يُوقِظَنَا".

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِتَسْلِيمَةٍ يُسْمِعْنَاهَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ

– الشيخ : "يُسْمِعُنَاها، يُسْمِعُنَاهَا"، نعم بعده.

– القارئ : بَابٌ فِي كَوْنِ السَّلَامِ فَرِيضَةً

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ).

– الشيخ : (تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ)، فلا تنعقِدُ الصلاةُ ولا يَدخلُ الإنسانُ في الصلاةِ إلا بالتكبيرِ، (إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ) في حديثِ الـمُسيء، يعني لو الإنسانُ وقفَ ينوي الصلاةَ ثمَّ شرعَ في الفاتحةِ لم يكن مصلياً ولا دخلَ في الصلاةِ، لا يكونُ قد أحرمَ، فــ (تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ)، والتَّحَلُّلُ منها بالتسليمِ، يعني عندما يفرغُ وتنتهي واجباتُها وأركانُها يخرجُ منها بالتسليمِ بعدَ التشهدِ.

لكن لو أنه بدَا لَه أمرٌ كما لو كانَ يصلي النافلةَ وبدا له أمرٌ يقتضي أنْ يقطعَ الصلاةَ فإنه يَقطعُها ولا يسلِّمَ؛ لأنَّ هذا التسليمَ لا معنى لَه ولا أثرَ لَه، لأنَّ التسليمَ محلُّهُ بعدَ الفراغِ مِن الصلاةِ كلِّها.

 

– القارئ : وَعَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ

– الشيخ : أعد أعد، باب، باب.

– القارئ : بَابٌ فِي كَوْنِ السَّلَامِ فَرِضٌ.

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ).

– الشيخ : بس بدونِ عَزوٍ؟

– القارئ : لا، ما عَزَى.

– الشيخ : عجيبٌ! طيّب.

– القارئ : قالَ: وَعَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ

– الشيخ : أيش تقول؟

– طالب:

– الشيخ : أين هو فيه؟ ها أقولُ: جيدٌ حسنٌ، بس يعني كذا، بس فيه أقولُ: لفظُه قليل، لو أعيدَ كانَ أوضحَ.

– القارئ : إي، تقدَّمَ في أبوابِ صفةِ الصلاةِ.

وَعَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: "أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ: (إذَا قُلْتَ هَذَا

– الشيخ : هذا يُسمِّيهِ أهلُ الحديثِ: "مُسَلْسَل"، مُسَلْسَلٌ بأخذِ اليدِ، أخذَ الشيخُ بيدِ التلميذِ، ويَذكرُ أنه أخذَ بيدِهِ شيخُهُ وهكذا شيخُهُ، فهذا مُسَلْسَلٌ بأخذِ اليدِ، يعني أخذَ بيدِهِ لِيُحَدِّثَهُ.

 

– القارئ : أو قَضَيْت هَذَا فَقَدْ قَضَيْت صَلَاتَك، إنْ شِئْت أَنْ تَقُومَ فَقُمْ وَإِنْ شِئْت أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ: "إذَا قَضَيْتَ هَذَا، فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَك" مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَصَلَهُ شَبَابَةُ عَنْ زُهَيْرٍ، وَجَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَوْلُهُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ مِمَّنْ أَدْرَجَهُ، وَقَدْ اتَّفَقَ مَنْ رَوَى تَشَهُّدَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى حَذْفِهِ.

– الشيخ : على حذفِ هذه الزيادة.

– القارئ : نعم، بَابٌ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ.

– الشيخ : حسبُكَ، حسبُكَ، الله المستعان.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه