الرئيسية/شروحات الكتب/المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية/(61) باب الانحراف بعد السلام وقدر اللبث بينهما واستقبال المأمومين
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(61) باب الانحراف بعد السلام وقدر اللبث بينهما واستقبال المأمومين

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: الحادي والستون

***      ***      ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ. قالَ الإمامُ مجدُ الدين عبدُ السلام ابن تيميةَ الحَرَّاني رحمه الله تعالى في كتابه: "الـمُنتقى في الأحكامِ الشرعية من كلامِ خيرِ البريَّة صلى الله عليه وسلم":

بَابُ الِانْحِرَافِ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَدْرِ اللُّبْثِ بَيْنَهُمَا وَاسْتِقْبَالِ الْمَأْمُومِينَ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ:

– الشيخ : يعني: "لَمْ يَقْعُدْ" مُستقبلاً القِبلة، ولّا هو قاعد، لَمْ يَقْعُدْ إلا مقدارَ هذا الدعاء.

– القارئ : (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ، تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: "كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ فَيُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: "حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ قَالَ: فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ انْحَرَفَ جَالِسًا فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ، وَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا، قَالَ: وَنَهَضَ النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَضْت مَعَهُمْ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَشَبُّ الرِّجَالِ وَأَجْلَدُهُ، قَالَ: فَمَا زِلْت أَزْحَمُ النَّاسَ حَتَّى وَصَلْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَوَضَعْتهَا إمَّا عَلَى وَجْهِي أَوْ صَدْرِي قَالَ: فَمَا وَجَدْت شَيْئًا أَطْيَبَ وَلَا أَبْرَدَ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا "أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: "ثُمَّ ثَارَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ بِيَدِهِ يَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَمَسَحْت بِهَا وَجْهِي فَوَجَدْتهَا أَبْرَدَ مِنْ الثَّلْجِ وَأَطْيَبَ رِيحًا مِنْ الْمِسْكِ".

– الشيخ : على كلِّ حالٍ، هذا مِن نوعِ التَّبَرُّكِ بــ، التَّبَرُّكُ ببشرتِهِ صلى الله عليه وسلم، بيدِهِ؛ لأنَّهُ مُبارَكٌ صلى الله عليه وسلم، وما يُلامسُهُ ويُباشرُهُ يكونُ فيه مِن هذه البركةِ، كما كان الصحابةُ يَتَلقفونَ وُضوءَهُ، ما يَسقطُ مِن أعضاءِ وضوئِهِ، بَلْ وَيَتبرَّكُون بِبُصَاقِهِ، هذا ما يفعلُهُ بعضُ الصحابةِ أو كثيرٌ منهم، وكانَ الرسولُ يُقِرُّهُم على ذلك، هو ما يأمرُهم، ما يأمرُهم بهذا، لكنَّهُ يُقِرُّهُم، دلَّ ذلك على الجوازِ، وليسَ ذلك إلا له، هذا النوعُ مِن التَّبَرُّكِ بالبَدَنِ والبَشَرَةِ ومَا يُلَامِسُ ..، واللباسُ والوضوءُ وما أشبهَ ذلك، هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فلمْ يكن الصحابةُ يتبرَّكُونَ أبداً بغيرِهِ لا بأبي بكرٍ الذي هو سيدُ ساداتِ الصحابةِ ولا عمرَ ولا عثمانَ ولا الحسنَ والحسينَ ما كانوا..، ومَن بعدَهم ومَنْ دونَهم مِن بابِ أولى.

وذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ إلى القياسِ، وهذا ليسَ محلّ قياسٍ، لا أحدَ يُقَاسُ بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنَّ هذا راجعٌ إلى ما خَصَّهُ اللهُ بِه مِن الخيرِ والبركةِ في ذَاتِهِ صلى الله عليه وسلم. فهذا سَمُرَة يذكرُ أنَّ الناسَ يفعلونَ هذا. أعدِ الحديث نشوف.

 

– القارئ : وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: "حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ قَالَ: فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ انْحَرَفَ جَالِسًا فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا – الشيخ : "الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا" فدعا بهما النبيُّ وقالَ لهما: (مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا) قال: "قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا"، يعني الحُجَّةُ الناسُ في مِنَى يصلُّون في منازلِهم قالا: "قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا". فلمْ يكونوا يأتونَ كلّهم لِيُصَلُّوا في مسجدِ الخَيفِ خَلْفَ النبيِّ عليه الصلاة والسلام، فأقرَّهُمَا على ذلك إلا أنَّهُ قالَ: (إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثم أدركتما الإمام ولم يُصلِّ، فَصَلِّيَا مَعَهُ) فأُخِذَ مِن هذا مشروعيةُ إعادةِ الجماعةِ لِمَنْ قَد صلَّى ثمَّ جاءَ وحضرَ الجماعةَ، ما يروح يجلس في المسجدِ يتفرّج على المصلين بس، لا، يدخلُ مع المصلين وتكونُ له نافلة.

 

– القارئ : قَالَ: وَنَهَضَ النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَضْت مَعَهُمْ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَشَبُّ الرِّجَالِ وَأَجْلَدُهُ قَالَ: فَمَا زِلْت أَزْحَمُ النَّاسَ حَتَّى وَصَلْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَوَضَعْتهَا إمَّا عَلَى وَجْهِي أَوْ صَدْرِي قَالَ: فَمَا وَجَدْت شَيْئًا أَطْيَبَ وَلَا أَبْرَدَ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا "أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: "ثُمَّ ثَارَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ بِيَدِهِ يَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ: فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَمَسَحْت بِهَا وَجْهِي فَوَجَدْتهَا أَبْرَدَ مِنْ الثَّلْجِ وَأَطْيَبَ رِيحًا مِنْ الْمِسْكِ".

– الشيخ : في هذا الحديثِ كلماتٌ فيها إشكالٌ وغَرَابَةٌ، يعني قولُهُ: "أَبْرَدَ مِنْ الثَّلْجِ" هذهِ بُرُودةٌ شديدةٌ، أمَّا كونُها باردةٌ، والطِّيب نعم هي طيبةٌ، الطِّيبُ حَقٌّ، أمَّا أنَّها أبردُ مِن الثلجِ. لا إله إلا الله.

الآن بعضُ الناسِ تكونُ يدُهُ باردةً وهذه البرودةُ، بعضُ الناسِ -مُلاحَظ يعرفُ مِن نفسِه ويعرفُه الناس- إذا سَلَّمَ كأنَّ يدَه أخرجَها مِن ثلجٍ أو مِن ماءٍ باردٍ، وليسَ هذا بـِمُسْتَحْسَنٍ، ليسَ بالشيءِ الذي يَستحبُّه الإنسانُ أنْ يكونَ كذلك.

 

– القارئ : وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ إلَى الْبَطْحَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ تَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ، وَقَامَ النَّاسُ

– الشيخ : العَنَزَةٌ: يقولون: رُمْحٌ قصيرٌ، عصا في رأسِها حديدة، كانَتْ تُحْمَلُ مع النبيِّ وتُرْكَزُ أمامَهُ سترةٌ؛ لِيَمُرَّ مَنْ يمرُّ مِن ورائِها.

– القارئ : وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ قَالَ: فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَوَضَعْتهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنْ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنْ الْمِسْكِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

– الشيخ : الله أكبر.

– القارئ : بَابُ جَوَازِ الِانْحِرَافِ عَنْ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ:

عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إلَّا عَنْ يَمِينِهِ، لَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ". وَفِي لَفْظٍ: "أَكْثَرُ انْصِرَافِهِ عَنْ يَسَارِهِ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: "أَكْثَرُ مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هلَّبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّنَا فَيَنْصَرِفُ عَنْ جَانِبَيْهِ جَمِيعًا عَلَى يَمِينِهِ وَعَلَى شِمَالِهِ".

– الشيخ : يعني تارةً وتارةً، مرةً كذا ومرةً كذا، لا يتقيَّدُ بالانصرافِ عَن يمينِهِ ولا عَن شمالِه، وهذا يوجبُ أنَّ الإمامَ ينصرفُ كما يتفقُ له، كما يتفق له، لا يتقصدُ أنْ ينحرفَ عَلى يمينِهِ ولا عن يسارِهِ، كما يتفق.

 

– القارئ : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: صَحَّ الْأَمْرَانِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

بَابُ لُبْثِ الْإِمَامِ بِالرِّجَالِ قَلِيلًا لِيَخْرُجَ مَنْ صَلَّى مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ:

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَهُوَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ". قَالَتْ: "فنَرَى -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ ذَلِكَ كَانَ؛ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ الرِّجَالُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

– الشيخ : انتهى؟

– القارئ : نعم. بَابُ جَوَازِ عَقْدِ التَّسْبِيحِ بِالْيَدِ

– الشيخ : إلى هنا. على كلِّ حالٍ أقولُ: مجموعُ هذه الأدلةِ فيها صفةُ وهديُ النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغَ مِن الصلاةِ في الانصرافِ، أنه كانَ يَلبَثُ قليلاً بقدرِ أنْ يقولَ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ) يعني: وقبلَها الاستغفار كما حديث ثَوبَان، يمكن بقدر"اللهمَّ اغفرْ لِي، اللهمَّ اغفرْ لِي، (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) ثمَّ ينصرفُ إمَّا عَن يمينِهِ ولَّا عَن شمالِهِ، سِيَّانِ، ويستقبلُ الناسَ بوجهِهِ، يعني ما هو، كأنَّهُ يستقبلُ الناسَ يكونوا أمامَه، يعني لا يصير على جنبٍ ويصيرُ وجهُه إلى اليمينِ أو إلى الشمال، لا، يستقبلُ الناسَ بوجهِهِ، يكون ينصرفُ ويعتدلُ في جلستِهِ ويكونُ وجهُهُ إلى الناسِ.

شوف [انظر] حديثَ أبو جُحَيْفَة هذا أيش عندك؟

– القارئ : الباب السابق؟

– الشيخ : إي، الباب السابق، شوف كلام صاحب النيل على الحديث، الله أكبر

– القارئ : يقول: الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُطَوَّلًا

– الشيخ : قال كذا؟

– القارئ : نعم. وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ

– الشيخ : إلى آخره

– القارئ : الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، ذَكَرَهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَفِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ

– الشيخ : إي، لأنه في الحديثِ: "خرجَ وعليهِ حُلَّةُ حمراءُ".

– القارئ : فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَفِي الْأَذَانِ، وَفِي أَبْوَابِ السُّتْرَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَفِي اللِّبَاسِ فِي مَوْضِعَيْنِ.

– الشيخ : ما شاء الله!

– القارئ : قَوْلُهُ: (إلَى الْبَطْحَاءِ) يعني

– الشيخ : بعده

– القارئ : وقوله بِالْهَاجِرَةِ

– الشيخ : بعده

– القارئ : قَوْلُهُ: "وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ" أَيْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا. قَوْلُهُ: "عَنَزَةٌ" هِيَ الْحَرْبَةُ الْقَصِيرَةُ. قَوْلُهُ: "تَمُرُّ مِنْ وَرَاءَهَا

– الشيخ : بعده

– القارئ : قَوْلُهُ: "فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ" فِيهِ

– الشيخ : قل قل. أيش يقول؟

– القارئ : فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّبَرُّكِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْحَدِيثُ لَا يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ قِيَامَ النَّاسِ إلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ بَاقٍ فِي الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ فَضْلًا عَنْ اسْتِقْبَالِهِ لِلْمُصَلِّينَ.

انتهى كلامُه عن هذا الحديثِ. وفي الحديثِ الذي قبلَهُ فيما يَتَعَلَّقُ بالتبرُّكِ قالَ:

قَوْلُهُ: (فَوَضَعْتهَا إمَّا عَلَى وَجْهِي أَوْ صَدْرِي) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّبَرُّكِ بِمُلَامَسَةِ أَهْلِ الْفَضْلِ

– الشيخ : إي، هذا معناهُ أنه يقولُ بالقياسِ، قياسُ الصالحينَ وأهلِ الفضلِ على النبي صلى الله عليه وسلم.

– القارئ : لِتَقْرِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ.

– الشيخ : إي، لَهُ على ذلكَ، بالنسبة له، لو رأى الناسَ يَتـبَـرَّكـون بأبي بكر أو عمر وأقرَّهُم على ذلكَ نعم. لكن هذا لم يكونوا يفعلونَهُ إلا معَ النبي، أَفَيَقول الشوكانيُّ وغيره أنه أيضاً بمشروعيةِ التبرُّكِ بوَضوءِ الصالحينَ، إذا رأينا رجلاً صالحاً يتوضأُ نأخذُ ماءَهُ ونرشُّهُ على أبدانِنَا، هذا فيه بحثٌ.

– القارئ : وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "ثُمَّ ثَارَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ بِيَدِهِ يَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ". انتهى.

– طالب: أحسنَ الله إليكم، في الحديثِ الأول قالَ: وذهبَ بعضُ المالكيةِ إلى كراهيةِ الـمَقامِ للإمامِ في مكانِ صلاتِهِ بعدَ السلام، رجَّحَ هذا القولَ أحسنَ الله إليك.

– الشيخ : رجَّح عدمَ البقاء؟

– طالب: إي نعم، كراهيةُ البقاءِ … وذكرَ أحاديث، قولُ المالكية هذا مشهورٌ ذكرَهُ الشاطبيُّ في الاعتصامِ، وهو مختصرٌ لو قرأَهُ محمد.

– الشيخ : أيش تقول سلمكَ الله؟

– طالب: هو مختصرٌ لو قرأَهُ محمد

– الشيخ : طيب اقرأ يا محمد، لا بس دور يا محمد، أنت يا أبو عبد الله دوِّر [ابحث] ذكر الثلج بس في البخاري؟

– طالب: البخاريّ قرأناهُ في العُمدة ما فيه ذكرُ الثلجِ مختصر …

– الشيخ : إي، ما ندري يعني يمكن روايات يمكن. ما أدري والله، بس أنا في نفسي مِن هذا … ما أريد، ثم ينسبُهُ المجدُ رحمَه الله إلى البخاريِّ وإلى كذا، فينبغي أن يقول: "وهذا لفظ كذا"، "وهذا لفظُ أحمد"، أو هذا لفظ..، حتى يَتَحَرَّوا المسألة.

– طالب: اللفظُ الموجودُ في البخاريِّ: "أبردُ مِن الثلجِ".

– الشيخ : في البخاري؟

– طالب: نعم.

– الشيخ : لله دَرُّكَ تمام.

– طالب: لكن ابن حجر لم يعلِّق عليه، لم يذكر شيئاً عنه.

– الشيخ : ما علَّق عليه؟

– طالب: لا

– الشيخ : أمامك؟

– طالب: في الجهاز، الجوال.

– الشيخ : يحتاج يُراجَعُ بغيرِ الجهازِ، الأجهزة هذه ما يُوثَقُ بها دائماً.

– القارئ : حديثُ عائشة يقولُ: الْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ أَلْفَاظِهِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَسَاقَهُ الْمُصَنِّفُ هَهُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قِيَامِ الْإِمَامِ مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إلَى كَرَاهَةِ الْمَقَامِ لِلْإِمَامِ فِي مَكَانِ صَلَاتِهِ بَعْدَ السَّلَامِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: "صَلَّيْت وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ سَاعَةَ يُسَلِّمُ يَقُومُ، ثُمَّ صَلَّيْت وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ إذَا سَلَّمَ وَثَبَ، فَكَأَنَّمَا يَقُومُ عَنْ رَضْفَةٍ". وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ لُبْثِ الْإِمَامِ: "أَنَّهُ كَانَ يَمْكُثُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ"، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِسْرَاعَ بِالْقِيَامِ هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَشْرُوعُ.

وَقَدْ عُورِضَ هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ مَشْرُوعِيَّةِ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْقُعُودِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى الْمُصَلِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِامْتِثَالَ يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ بَعْدَهَا سَوَاءٌ كَانَ مَاشِيًا أَوْ قَاعِدًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ

– الشيخ : يعني أذكارُ الصلاةِ ما تختصُّ بالمكانِ الذي صلَّى به، إنْ أتى بها في مُصَلَّاهُ، أو كانَ له شغلٌ، أو أحبَّ يقوم إلى مُؤخَّر المسجدِ، أو يقوم ويخرج، الأذكارُ مُهيَّأة وممكنةٌ، والأمرُ كما قالَ يعني لأنَّه ما جاءَ من الأحاديثِ والأذكارِ دُبُرَ الصلاةِ يشملُ دُبُرَ الصلاةِ: يعني بعدَ الصلاةِ، إنْ بَقِيَ الإنسانُ في مُصَلَّاهُ أو قامَ لحاجةٍ أو لأيِّ سببٍ. فهذا لا يمنعُهُ، ولا يُفَوِّت السُّنة، سنةُ الأذكارِ لا تُفَوَّتُ.

– طالب: أحسنَ الله إليك، ما يُستثنى منه قولُ: (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) عشر مرات

– الشيخ : أبد ما فيه شيء، لا لا، كلّها، كلها، كلها، يعني هذا الأمرُ التقييدُ يحتاجُ إلى دليلٍ، يعني نقولُ: قبلَ أنْ يقومَ ولَّا، يُنظر فيهِ، والأمرُ عندي أنه واسعٌ ما [….] الأمرُ واسعٌ إنْ جلسَ الإنسانُ وأتى بالأذكار، أو قامَ وأتى بالأذكارِ فالأمرُ واسعٌ.

– طالب: القول بالكراهة أحسنَ الله إليك؟

– الشيخ : ولا الكراهة، الكراهةُ لا تثبتُ إلا بدليلٍ، وكونُ الرسول يمكن أنه، أنَّ الرسولَ كان يقومُ حتى لا يُظَنُّ أن جلوسَهُ هذا أيضاً مشروعٌ، فالأمرُ كأنه… هذا كلُّه يمكن يتعلَّق بالإمامِ، أمَّا المأمومُ فيهِ أوسعُ.

– القارئ : يقول: نَعَمْ مَا وَرَدَ مُقَيَّدًا

– الشيخ : تمام.

– القارئ : نَحْوُ قَوْلِهِ: (وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ) وَقَوْلِهِ: (قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ) كَانَ مُعَارَضًا.

وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ مَشْرُوعِيَّةِ الْإِسْرَاعِ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ: "كَانَ"، أَوْ عَلَى مَا عَدَا مَا وَرَدَ مُقَيَّدًا بِذَلِكَ مِنْ الصَّلَوَاتِ، أَوْ عَلَى أَنَّ اللُّبْثَ مِقْدَارَ الْإِتْيَانِ بِالذِّكْرِ الْمُقَيَّدِ لَا يُنَافِي الْإِسْرَاعَ فَإِنَّ اللُّبْثَ مِقْدَارَ مَا يَنْصَرِفُ النِّسَاءُ رُبَّمَا اتَّسَعَ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. انتهى.

– الشيخ : لا إله إلا الله. المتأمِّلُ لمجموعِ الأدلةِ يرى أنه يظهر أنَّ الأمرَ واسعٌ، أقول: ما يُشدَّدُ فيهِ ولا يُقالُ بالكراهة، أمَّا مَن يفعلُهُ تقصُّداً ويرى أنَّ هذا هو المطلوب، نعم. لكن القيام والقعودُ بعدَ السلامِ وبعدَ الانصرافِ من الصلاة، الإنسانُ يتصرَّفُ كما يُناسبُهُ: إنْ شاءَ قامَ، وإنْ شاءَ بَقِيَ، وإن شاء تقدَّمَ، وإن شاءَ تأخَّرَ.

– طالب: قول البراء: "أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ" ما يدلُّ أن النبي عليه الصلاة والسلام يلتفتُ إلى مَيْمَنَة الصفِّ؟

– الشيخ : لا لا، ينصرفُ ينصرفُ، انصرافُهُ هو ينصرفُ يمين ولَّا شمال؟ […] كله، لكنه يستقبلُ، هذا في صفةِ الانصرافِ، تنصرفُ عَن يمينِكَ ولَّا شمالك، كلّه واحدٌ جائزٌ، هذا وهذا. إلى هنا يا محمد.

على مسألةِ برودةِ اليدِ الآن في ناس يدُ الواحدِ منهم باردة، إذا باشرَتْ يدُ المسلِّم عليهِ يَكرهُ الإنسانُ منه، ما يحب، لأنه يضعُ يدَه وهي باردة على يدِ الآخر برودةً ما هي بـِمُسْتَحسَنَة منه، فنحتاجُ إلى التحقيقِ في كونِ يدِ الرسولِ دائماً ولَّا في هذا الموقفِ هذا. ما أدري أيش؟ ممكن تراجع يا محمد؟ 

– طالب: نراجع أحسنَ الله إليك، ننظر فيها إن شاء الله في الشمائل للترمذي.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه