file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(74) باب ما جاء في قضاء سنتي الظهر

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: الرَّابع والسَّبعون

***      ***      ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ. قالَ الإمامُ مجدُ الدِّينِ عبدُ السَّلامِ ابنُ تيميةَ الحرَّانيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ: "المُنتقَى في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ مِن كلامِ خيرِ البريَّةِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ":

بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ سُنَّتَيْ الظُّهْرِ

– الشيخ : اللهُ أكبرُ، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّمْ، يريدُ بسنَّتي الظُّهر يعني: القبليَّة والبعديَّة

– القارئ : عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إذَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، صَلَّاهُنَّ بَعْدَهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَى عَنْهُمَا -تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ- ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا. أَمَّا حِينَ صَلَّاهُمَا، فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَصَلَّاهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إلَيْهِ الْجَارِيَةَ، فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ: تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَإِنَّهُ أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقِيسِ، فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهُمَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا.

– الشيخ : اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم، هذه الأحاديثُ ظاهرةُ الدَّلالةِ على المطلوبِ وهو قضاءُ الرواتبِ فمن فاتَتْه سنَّةُ الظُّهرِ القبليَّة يقضيها بعدَها، ومن فاتَتْه الرَّاتبةُ البعديَّةُ صلَّاها ولو بعدَ العصرِ، مثل قضاء الرَّكعتين: ركعتي الفجرِ من فاتتاه صلَّاهما بعدَ صلاةِ الفجرِ، وهذا يدلُّ على تأكُّدِ هذه النَّوافلِ والرَّواتبِ لها خصوصيَّةٌ وهي المداومةُ والقضاءُ إذا فاتَتْ.

 

– القارئ : بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ سُنَّةِ الْعَصْرِ

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ إنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا، أَوْ نَسِيَهُمَا، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا، وَكَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «شُغِلَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ.

وَعَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُجَهِّزُ بَعْثًا، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ظَهْرٌ، فَجَاءَهُ ظَهْرٌ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمْ، فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَرْهَقَ الْعَصْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى مَا كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا، وَكَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَوْ فَعَلَ شَيْئًا يُحِبُّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ

بَابُ أَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ

– الشيخ : إلى هنا بس [يكفي]، اقرأْ ما جاءَ في البابِ السَّابق بَابُ قَضَاءِ سُنَّةِ الْعَصْرِ، سبحان اللهِ.

 

– القارئ : بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ سُنَّةِ الْعَصْرِ:

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ لَهُ طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ، هَذَا الَّذِي ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَحَدَهَا. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ قَوْلُهُ: عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْعَصْرِ، بَلْ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ شُغِلَ عَنْهُمَا هُمَا الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ. وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ فِي إسْنَادِهِ حَنْظَلَةُ السَّدُوسِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ.

وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَضَاءِ رَكْعَتَيْ الْعَصْرِ بَعْدَ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ، فَيَكُونُ قَضَاؤُهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ. وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا. وَأَمَّا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ فَمُخْتَصَّةٌ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا تَقَدَّمَ.

وَاعْلَمْ أَنَّهَا قَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي النَّافِلَةِ الْمَقْضِيَّةِ بَعْدَ الْعَصْرِ هَلْ هِيَ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ الْمُتَعَلِّقَتَانِ بِهِ، أَوْ هِيَ سُنَّةُ الْعَصْرِ الْمَفْعُولَةُ قَبْلَهُ؟ فَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُمَا رَكْعَتَا الظُّهْرِ، وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّهُمَا رَكْعَتَا الْعَصْرِ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنْ يَكُونَ مُرَادُ مَنْ قَالَ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَمَنْ قَالَ قَبْلَ الْعَصْرِ: الْوَقْتُ الَّذِي بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْجَمِيعِ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْمَفْعُولَةَ بَعْدَهُ، أَوْ سُنَّةَ الْعَصْرِ الْمَفْعُولَةَ قَبْلَهُ. وَأَمَّا الْجَمْعُ بِتَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ وَأَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُغِلَ تَارَةً عَنْ أَحَدِهِمَا وَتَارَةً عَنْ الْأُخْرَى فَبَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهُ دَاوَمَ عَلَيْهِمَا، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَلَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ. انتهى الشَّرحُ.

– الشيخ : الله المستعان، خلك عند بابِ الوترِ بس [فقط]

– القارئ : ما جاء محمَّد، أقرأُ البابَ الي [الذي] بعده؟

– الشيخ : لا، خل موضوع الوتر سواء إنْ شاءَ الله، أقولُ: الوترُ له أبوابٌ وأحاديثُ، في أحد غيرك؟ لا إله إلَّا الله وحده لا شريكَ له، لا إله إلَّا الله وحده لا شريكَ له، نعم اقرأ يا محمَّد.

 

– القارئ : بَابُ أَنَّ الْوِتْر سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ

– الشيخ : يعني: يريدُ المؤلِّفُ أنْ ينبِّهَ أنَّه سنَّةٌ مؤكَّدةٌ ليس بفريضةٍ ليس.. وهذا هو الصَّوابُ أنَّه ليس بواجبٍ بل سنَّة مؤكَّدة، هذا ما يقتضيه مجموعُ الأحاديث كما سيأتي.

– القارئ : وَأَنَّهُ جَائِزٌ عَلَى الرَّاحِلَةِ

– الشيخ : وهذا من الأدلَّة على أنَّه ليس بفريضةٍ

– القارئ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

– الشيخ : هذا ممَّا يتمسَّكُ به من قالَ بالوجوبِ

– القارئ : وَعَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلَفْظُهُ: "إنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ، وَلَا كَصَلَاتِكُمْ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْتَرَ فَقَالَ: (يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ).

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

– الشيخ : قولُه: (يُحِبُّ الْوِتْرَ) يعني: ما ليس المرادُ به الوترَ المتعلّق بقيام اللَّيلِ، اللهُ يحبُّ الوترَ مطلقًا فيشمل كلَّ ما يُسَنُّ فيه الوترُ من الصَّلاة، الوتر في قيام اللَّيلِ وهذا من أفضلِها، والوترُ الَّذي شرعَه في مواضعَ من المناسكِ في الجمراتِ والطَّواف والسَّعي كلُّه وترٌ داخلٌ في قوله: (إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ). يدخلُ فيه صلاةُ المغربِ فإنَّها وتر النَّهار وهكذا فقوله: (يُحِبُّ الْوِتْرَ) لا يختص بوتر قيام الليل.

 

– القارئ : وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْتَرَ عَلَى بَعِيرِهِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

– الشيخ : فعُلِمَ أنَّ الوترَ كسائرِ التَّطوُّع يُفعَلُ في السَّفر على الراحلة، وأمَّا المكتوبةُ فلا بدَّ من النُّزولِ لها، فلا تُصَلَّى على ظهرِ الدَّابةِ.

– القارئ : وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (الْوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُدَ: (الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ). وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ فِيهِ: (الْوِتْرُ حَقٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ).

بَابُ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ وَبِثَلَاثٍ وَخَمْسٍ وَسَبْعٍ وَتِسْعٍ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَمَا يَتَقَدَّمُهَا مِنْ الشَّفْعِ.

– الشيخ : لا إله إلَّا الله، للوترِ صفاتٌ متعدِّدةٌ عُلِمَتْ مِن هديِ النَّبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وأقلُّه ركعةٌ، ركعةٌ واحدةٌ، فإذا صلَّى الإنسانُ بعدَ العشاءِ السُّنَّة الرَّاتبة وصلَّى بعدَها ركعةً واحدةً فقد أوترَ، لكن ينبغي أن يجعلَها ثلاثًا، أولى بالمسلم أنْ…، ينبغي أن لا تكونَ همَّتُه ضعيفةً بل يطلب الفضلَ ويطلب الكمالَ، فأقلُّ ما يصلِّي ثلاثًا، ركعتان ثمَّ ركعة، اللهُ المستعانُ.

 

– القارئ : عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ). رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَزَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى تُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ».

– الشيخ : هذه تأكيدٌ، "تُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ" هذه الجملةُ تأكيدٌ، والَّا جملة " مَثْنَى مَثْنَى" يقتضي ذلك، هذه إمَّا تأكيد أو تفسير من الرَّاوي.

– القارئ : تُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ». وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَلِمُسْلِمٍ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: مَا مَثْنَى مَثْنَى؟ قَالَ: يُسَلِّم فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ فِي الْوِتْرِ حَتَّى إنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

– الشيخ : يعني: إذا أوترَ بثلاثٍ يصلِّي ركعتين، وإنْ شاء أن يتكلَّمَ أو يدبِّر بعضَ الأمورِ ثمَّ يصلِّي الرَّكعةَ الثَّالثةَ الوتر، والوترُ بثلاثٍ تارةً يكونُ متَّصلًا، الثلاثُ متَّصلةً وتارةً يُفصَلُ بينهما بسلامٍ.

 

– القارئ : وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

– الشيخ : هذا هو الأفضلُ أن يكونَ الوترُ في آخرِ اللَّيلِ، ويجوزُ وقتُ الوترِ من بعدِ صلاة العشاءِ.

– القارئ : وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي مَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا سَكَبَ الْمُؤَذِّنُ

– الشيخ : لا، "سكتَ"، "فَإِذَا سَكَتَ" اقرأْ بس

– القارئ : عندي "سكب" في الحاشية يقولُ: "سَكَبَ" بالباء الموحَّدة أي: أسرعَ من سكبِ الماء

– الشيخ : بعده "فَإِذَا سَكَبَ"

– القارئ : فَإِذَا سَكَبَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ

– الشيخ : هذا لفظ ما هو… أيش معنى؟ "سَكَبَ الْمُؤَذِّنُ من الأذانِ"؟" ولَّا"سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ من الأذان"

– طالب: الشَّوكانيُّ قال: أَيْ: أَسْرَعَ، مَأْخُوذٌ مِنْ سَكَبَ الْمَاءَ

– الشيخ : خلاص قرأها هذه، خلاص أيش تعيد! هذا الشَّارح الشَّوكانيّ

– طالب: نعم

– الشيخ : مش، اللَّفظ ما هو بمنسجمٍ بعضه من بعضٍ.

– القارئ : وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ وَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلْإِقَامَةِ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِــ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِــ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وَفِي الثَّالِثَةِ بِــ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ.

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ: كَانَ لَا يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيْ الْوِتْرِ. وَقَدْ ضَعَّفَ أَحْمَدُ إسْنَادَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ فَيَكُونُ قَدْ فَعَلَهُ أَحْيَانًا كَمَا أَوْتَرَ بِالْخَمْسِ وَالسَّبْعِ وَالتِّسْعِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ، أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ، وَلَا تُشَبِّهوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ). رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.

وَعَنْ أُمّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوتِرُ بِسَبْعٍ وَبِخَمْسٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ وَلَا كَلَامٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، وَلَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ: «أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَقَالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثَهُ اللَّهُ مَتَى شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنْ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَتِلْكَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيّ، فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الْأَوَّلِ، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيَّ، وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، وَكَانَ إذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا قَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبِي دَاوُد نَحْوُهُ، وَفِيهَا: «فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَجْلِسْ إلَّا فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ إلَّا فِي السَّابِعَةِ» وَفِي رِوَايَةِ لِلنِّسَائِيِّ قَالَ: «فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ».

بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْوِتْرِ

– الشيخ : إلى هنا بس [فقط]، اقرأ كلامَ الشَّوكانيّ على أوَّل حديث بس [فقط]

– القارئ : مِن البابِ هذا؟

– الشيخ : إي أوَّل الباب، أوَّل الوتر

– القارئ : أوَّلُ بابٍ في الوترِ؟

– الشيخ : أوَّل حديث

– القارئ : في البابِ هذا؟

– الشيخ : إي، اللهُ أعلمُ كلُّ هذه الرِّوايات محمولةٌ على التَّنوُّع، وفيها فسحةٌ، يصلِّي الإنسان تارةً كذا وتارةً كذا وتارةً كذا، فالأمرُ واحدٌ، فكلُّ ما ثبتَ يُشرَعُ العملُ به والاقتداءُ فيه بالنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وتارةً يصلِّي إحدى عشرةَ، وتارةً ثلاثة عشرة، وتارةً يوترُ بكذا، وتارةً بكذا، وتارةً بكذا، فهي أنواعٌ (مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا).

 

– القارئ : حديثُ ابنِ عمرَ أوَّلُ حديثٍ في البابِ

– الشيخ : لا ما، الوتر الوتر الَّذي بعده، (مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا)، أنت تقرأُ من الجهاز؟

– القارئ : لا، من الكتابِ الورقيِّ

– الشيخ : إي المفروض يصير مفتوحًا

– القارئ : مفتوح، بس [لكن] أمَّا القراءة متواصلة، نعم هذا أوَّل باب في الوتر.

– الشيخ : إي أوَّل باب

– القارئ : نعم أنا فهمتُ منك البابَ الثاني

– الشيخ : طيِّب

– القارئ : قالَ رحمَهُ اللهُ: أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ فِيهِ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ صَالِحٌ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالْبُخَارِيُّ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَلَهُ أَلْفَاظٌ. وَصَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَالذُّهْلِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَقْفَهُ.

قَالَ الْحَافِظ: وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ بِلَفْظِ: «إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ»

وَعَنْ ابْنِ عَمْرٍو عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدَ بِلَفْظِ: «وَزَادَكُمْ صَلَاةً حَافِظُوا عَلَيْهَا وَهِيَ الْوِتْرُ» وَفِي إسْنَادِهِ ضَعِيفَانِ.

وَعَنْ بُرَيْدَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ: «الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا، الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَلَمْ يُكَرِّرْ لَفْظَهُ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَعَنْ أَبِي بَصْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ: «إنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ: "فَحَافِظُوا عَلَيْهَا".

وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ: «وَأَوْتِرُوا فَاَللَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ». وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِلَفْظِ «إنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكُمْ بِصَلَاةٍ وَهِيَ الْوِتْرُ». وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ «إنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ» وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِلَفْظِ: «الْوِتْرُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ».

وَفِي إسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَوَثَّقَهُ الثَّوْرِيُّ، وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ حَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِي إسْنَادِهِ أَحْمَدُ بْنُ مُصْعَبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَنِ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ.

وَعَنْ مُعَاذٍ عِنْدَ أَحْمَدَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ أَيْضًا وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ بِلَفْظِ «الْوِتْرُ عَلَى أَهْلِ الْقُرْآنِ» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسِ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ: «ثَلَاثٌ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَهِيَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ، وَالْوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: رَكْعَتَا الضُّحَى، بَدَلَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظِ: "قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ وَالْأَضْحَى وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيَّ) وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّه بْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَعَنْ جَابِرِ عِنْدَ الْمَرْوَزِيِّ بِلَفْظِ: (إنِّي كَرِهْتُ أَوْ خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ الْوِتْرُ) وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ: (ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ، وَهُنَّ لَكُمْ سُنَّةٌ: الْوِتْرُ، وَالسِّوَاكُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ).

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ كَقَوْلِهِ: (فَلَيْسَ مِنَّا)، وَقَوْلُهُ: (الْوِتْرُ حَقٌّ) وَقَوْلُهُ: (أَوْتِرُوا وَحَافِظُوا). وَقَوْلُهُ: (الْوِتْرُ وَاجِبٌ).

وَفِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَهُوَ بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ الْبَابِ، فَتَكُونُ صَارِفَةً لِمَا يُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ، وَأَمَّا حَدِيثُ "الْوِتْرُ وَاجِبٌ" فَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ مُشْكِلًا لِمَا عَرَّفْنَاكَ فِي بَابِ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْوُجُوبِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مَصْرُوفٌ إلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ سُنَّةٌ، وَخَالَفَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: إنَّهُ وَاجِبٌ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرْضٌ، وَتَمَسَّكَ بِمَا عَرَفْتَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَأَجَابَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ بِمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرُ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي هَذَا، وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْتَرَ عَلَى بَعِيرِهِ» لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ لَا تُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَكَذَلِكَ إيرَادُهُ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْيِيرِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ أَحَدِهَا عَلَى التَّعْيِينِ لَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا. وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ فِيهِ: (حَقٌّ).

وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، الْحَدِيثُ، وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ).

وَرَوَى الشَّيْخَانِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: (فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ، لِأَنَّ بَعْثَ مُعَاذٍ كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَسِيرٍ. وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ بِأَنَّ أَكْثَرَهَا ضَعِيفٌ، وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَبُرَيْدَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عَمْرٍو وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلِ، كَذَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ، وَبَقِيَّتُهَا لَا يَثْبُتُ بِهَا الْمَطْلُوبُ لَا سِيَّمَا مَعَ قِيَامِ مَا أَسْلَفْنَاهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ.

انتهى البابُ

– الشيخ : باركَ اللهُ بك، انتهى

– طالب: أحسنَ اللهُ إليكم يقولُ: "ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ"

– الشيخ : أيش فيه؟

– طالب: …

– الشيخ : إي هذه خاصَّة يجوز يجوز يصلِّي ركعتين وهو قاعدٌ يدلُّ على أنَّها ليستْ من… يدلُّ على أنَّ هذا سنَّة، لو بعد ما أوترتَ صلَّيت ركعتين خفيفتين، كلُّها نافعٌ، يعني الوتر ما يمنعُك أن تصلِّي، يعني لو أوترتَ أوَّلَ اللَّيلِ فهذا لا يمنعُ أن تصلِّي آخرَ اللَّيلِ.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه