file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(84) باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: الرَّابع والثَّمانون

***      ***      ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الإمامُ مجدُ الدِّينِ عبدُ السَّلامِ بنُ تيميةَ الحرانيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ" "المنتقى في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ مِن كلامِ خيرِ البريَّةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ":

بَابُ الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ: (لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ: بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ». وَرَوى أَبُو هُرَيْرَة مِثْلَ ذَلِكَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

وَفِي لَفْظٍ عَنْ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَا فِيهِ: (بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ).

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: "قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الصَّلَاةِ"، قَالَ: (صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ، فَإِنَّها حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ، وَلِأَبِي دَاوُد نَحْوُهُ، وَأَوَّلُهُ عِنْدَهُ، "قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟" قَالَ: (جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ).

وَهَذِهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْفَجْرِ لَا يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِهِ بَلْ بِالْفِعْلِ كَالْعَصْرِ.

وَعَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي بَعْدَ مَا طَلَعَ الْفَجْرُ، فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ، فَقَالَ: (لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ أَنْ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، وَحِينَ تُضَيَّفُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.

وَعَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَنْهَى عَنْهَا، وَيُوَاصِلُ وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَالِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

– الشيخ : اللَّهمَّ صلِّ وسلِّمْ… انتهى البابُ؟

– القارئ : نعم

– الشيخ : الأصلُ أنَّ جميعَ الأوقاتِ وقتٌ للصَّلاة، هذا هو الأصلُ، ولا يُنهَى عن الصَّلاة إلَّا ما خصَّه الدَّليلُ، وقد دلَّتْ هذه الأحاديثُ عن النَّهي عن الصَّلاةِ، والمرادُ التَّطوُّعُ، صلاةُ التَّطوُّعِ، دلَّت على خمسةِ أوقاتٍ يُنهَى عن الصَّلاة فيها:

بعدَ صلاةِ الصُّبح حتَّى تطلعَ الشَّمسُ. الثَّاني: إذا طلعَتْ حتَّى ترتفعَ. الثَّالث: إذا قامَ قائمُ الظَّهيرةِ وصارَ الشَّخصُ أو الرَّجلُ أو الرُّمحُ لا ظلَّ له، استقلَّ الرُّمحُ بالظِّلِ، يعني لا يكونُ له ظلٌّ لا من جهةِ المشرقِ ولا من جهة المغربِ، يعني بحيثُ صارَت الشَّمسُ في كبد السَّماء، استوَتْ، وهو معنى (قامَ قائمُ الظَّهيرةِ).

والرَّابع: من بعدِ صلاةِ العصرِ حتَّى تميلَ الشَّمسُ أو تشرعَ في الغروب، وإذا شرعَتْ وهو معنى: (تُضيَّفُ في الغروبِ حتَّى تغربَ).

فهذه ثلاثُ ساعاتٍ قصيرةٍ، ووقتانِ طويلانِ، وقتانِ طويلان بعدَ صلاةِ الصُّبح حتَّى ترتفعَ الشَّمسُ، وبعدَ صلاةِ العصرِ حتَّى تُضيَّفَ الشَّمسُ للغروب أو تشرعُ في الغروبِ، وثلاثةُ أوقاتٍ قصيرةٍ: وهيَ الَّتي قالَ فيها عقبةُ: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا"، هذه الثَّلاثُ ساعاِت.

وقد عُلِّلَ النَّهي في الأوقاتِ الثَّلاثة أو أربعة الأوقاتِ بأنَّ الشَّمسَ تطلعُ بينَ قرني شيطانٍ أو تغربُ بينَ قرني شيطانٍ، ويسجدُ لها الكفَّارُ، فالنَّهي عن الصَّلاة نهي هو من بابِ النَّهي عن التَّشبُّه بالكفَّار، ولكنَّ هذا كلَّه يختصُّ بالنَّوافل، أمَّا الفرائضُ فقد دلَّ الدَّليلُ على أنَّه…، أمَّا فرضُ الوقتِ فلا يُنهَى عنه؛ لأنَّه وقتُه، وأمَّا الفرضُ الفائتةُ فإنَّها تُقضَى (مَن نامَ عن صلاةٍ أو نسيَها فليصلِّها إذا ذكرَها)، فمثلُ هذا مُخصِّصٌ لأحاديث النَّهي.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه