بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب الزكاة)
– الدّرس الرّابع
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّ الله وسلّم على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، أمَّا بعد:
قال المصنَّفُ رحمهُ اللهُ تعالى:
[بابُ زكاةِ الحبوبِ والثّمارِ]
– الشيخ: هذا النّوعُ الثّاني من أنواعِ الأموالِ الزّكويّةِ، وتقدَّمَ أنَّها أربعٌ: بهيمةُ الأنعامِ، والحبوبُ والثّمارُ، والذّهبُ والفضّةُ وهي الأثمانُ، وعروضُ التّجارةِ. وهذا هو النّوعُ الثاني من الأموالِ الزَّكويّةِ، لأنَّ الزّكاةَ لا تجبُ في كلِّ أنواعِ المالِ، فالخيلُ ليس فيهِ زكاةٌ إلّا أن تكونَ عروضَ تجارةٍ، والعبيدُ المماليكُ: "ليس على المسلمِ في عبدِه ولا فرسهِ صدقةٌ"، "إلّا صدقةُ الفطرِ" كما في روايةٍ.
والحبوبُ معروفةٌ، هي ما ينتجُ من المزارعِ والبقولِ التي تنتجُ حبوبًا ممّا هو قوتٌ للنّاسِ وممّا ليس بقوتٍ؛ فهو شامل لهذا وهذا، لكنَّ الحبوبَ الرئيسيّةَ هي ما يقصدُ للقوتِ كالبُرِّ والشّعيرِ وما أشبهه كالأرزِّ الآنَ، فلم يكن معروفًا على عهدِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لكنّه له الآنَ حكمُ البُرِّ. والثّمار: هو ثمارُ الشّجرةِ، وأبرزُها وأهمُّها هو التّمرُ والزّبيبُ.
– القارئ: (تجبُ: في الحبوبِ كلِّها ولو لم تكنْ قُوتًا)
– الشيخ: يقولُ: تجبُ الزَّكاةُ في الحبوبِ كلِّها، ولو لم تكن مقصودةً للقوتِ، بل تكونُ أدويةً أو بهاراتٍ كما يقولون. وتعرفونَ أنَّ الفقهاءَ لهم اصطلاحٌ، الحنابلةُ يقولون: "لو": إشارةٌ إلى الخلافِ القويِّ، وهذا يعني أنَّ في القولِ الثّاني أنَّها لا تجبُ إلّا أن تكونَ قوتًا. إذًا المذهبُ المشهورُ من مذهبِ الإمامِ أحمدَ أنّها تجبُ في جميعِ الحبوبِ مطلقًا، سواءٌ أكانت قوتًا أو لو لم تكن قوتًا.
– القارئ: (وفي كلِّ ثمرٍ يُكالُ ويُدَّخرُ، كتمرٍ وزبيبٍ)
– الشيخ: "في كلِّ ثمرٍ": قُيّدَ، وهو يُكالُ، فالثّمارُ أنواعٌ: منها ما يُكالُ وفيها ما لا يُكالُ، يعني مثل الخضارِ والفواكهِ فهذهِ لا تُكالُ. "يُكالُ ويُدّخَرُ": معناه أنّه قيّدهُ بقيدين، في كلِّ ثمرٍ يُكالُ ويدّخَرُ يعني عيارُ التّقديرِ فيه الكيلُ، فالعيارُ إمّا أن يكونَ بالوزنِ، وإمّا أن يكونَ بالكيل، وهنا قال: "يُكالُ ويُدّخرُ". وأخذوا هذا المعنى من قولِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "ليس فيما دونَ خمسةِ أوسقٍ من تمرٍ أو حبٍّ صدقةٌ" أو كما قال عليه الصّلاةُ والسّلامُ.
والوَسَقُ: هو الحِملُ، وقد قدّرهُ العلماءُ بستّينَ صاعًا، فيكون النّصابُ ناتجُ ضربِ ستينَ في خمسةٍ، أي ثلاثمئةِ صاعٍ، فهذا هو نصابُ الحبوبِ والثّمارِ.
– مداخلة: إذا كان يُكالُ، ولكن لا يُدّخَرُ؟
– الشيخ: ظاهرُ الكلامِ أنَّه من نوعِه، لا يَصدُقُ عليه، فلابدَّ أن يكالَ ويُدّخرَ.
– القارئ: (ويُعتبرُ بلوغُ نصابٍ قدْرُهُ ألفٌ وستُّمائَةِ رَطْلٍ عراقيٍّ)
– الشيخ: يقولُ: لابدَّ من شرطِ الوجوبِ أن يبلغَ النّصابَ. وتقدَّمَ في الشروطِ العامّةِ مِلكُ النّصابِ، هذا معتبرٌ في بهيمةِ الأنعامِ وفي والذّهبِ والفضّةِ فهذا شرطٌ من الشّروطِ العامّةِ، وهنا أكّدهُ أنّها لا تجبُ إلّا فيما يبلُغ النّصابَ وهو خمسةُ أوسقٍ كما في الحديث الصّحيحِ. وقدّرهُ المؤلّفُ بالوزنِ في الوحداتِ المعروفةِ، ووزنُه ألفٌ وستّمائةِ رطلٍ بالعراقيِّ، والآنَ وحّدوا الوزنَ بتقديرِ الدّولِ الغربيّة: "الكيلو"، والكيلو أظنُّها كلمةً فرنسيّةً، والكيلو من الوزنِ: ألفُ غرامٍ. والشَّيخُ محمَّد بيَّن عندكم التّقديرَ الجاري أنَّ الصّاعَ كيلوان وأربعون غرامًا، ومشايخُنا الأخرونَ يقدّرونَ زكاةَ الفطرِ بتسامحٍ بثلاثِ كيلو بالإجمالِ، فيقولون: الصاعُ ثلاثُ كيلو.
– القارئ: (وتُضمُّ ثمرةُ العامِ الواحدِ بعضُها إلى بعضٍ في تكميلِ النّصابِ)
– الشيخ: يعني بعضُ الأشجارِ ومنها النّخيلُ يمكنُ أنْ تُثمرَ أوَّلَ الوقتِ وتُصرَفَ، وتُثمرَ مرّةً ثانيةً وتُصرَفَ. يقولُ المؤلّفُ: تُضمُّ ثمرةُ العامِ الواحدِ بعضُها إلى بعضٍ في تكميلِ النّصابِ، فإذا كانت الأولى لا تفي بالنّصابِ، والثانيةُ لا تفي بالنّصابِ، لكنْ إذا ضممنا هذا إلى هذا بلغَ النّصابَ، فيقولُ: تُضَمُّ ثمرةُ العامِ الواحدِ بعضُها إلى بعضٍ في تكميلِ النّصابِ.
– القارئ: (لا: جِنْسٌ إلى آخرَ)
– الشيخ: لا يُضَمُّ التمرُ إلى العنبِ، يعني واحدٌ عنده مزرعة من النَّخيلِ غَلّتُها ثلاثةُ أوسقٍ، وعنبٌ غلّتُها ثلاثةُ أوسقٍ، لا زكاةَ عليه لأنَّ التمرَ والعنبَ جنسانِ مُتغايران، جنسان مُخلفان. لكنَّ النّوعَ يُضّمُّ إلى النّوعِ، فأنواعُ التّمرِ جنسٌ واحدٌ، والعنبُ بأنواعِه المختلفةِ جنسٌ واحدٌ، ولهذا في الرّبا التمرُ بالتمرِ وإذا اختلفَ النّوعُ، لكنْ تمرٌ بزبيبٍ هل يجوزُ التّفاضلُ؟ نعم يجوزُ لأنَّهما من جنسين مختلفين.
– القارئ: (ويُعتبرُ أنْ يكونَ النصابُ مملوكًا له وقتَ وجوبِ الزكاةِ)
– الشيخ: أيضًا يُشترطُ في وجوبِ الزكاةِ على صاحبِ الثّمرِ أن يكونَ مملوكًا له وقتَ وجوبِ الزكاةِ، ووقتُ وجوبِ الزكاةِ هو بُدُوُّ الصَّلاحِ الذي يسوغُ له فيه البيعُ. يجوزُ بيعُ الثّمرِ إذا بدا صلاحُه: "نهى رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن بيعِ الثّمرِ حتى يبدو صلاحُه"، فإذا بَدَا صلاحُه وجبتْ فيه الزكاةُ، لأنَّه أصبحَ صالحًا للانتفاعِ، وسيذكرُ المحترز منه، ماذا يحترزُ منه بهذا الشّرطِ.
– القارئ: (ولا تجبُ: فيما يكتسبهُ اللَّقَّاطُ)
– الشيخ: فلا تجبُ، وليس ولا يجبُ، من أجلِ أن يكونَ هناك ترتيبٌ، فالفاءُ لها دلالةٌ وهو التّرتيبُ. لا تجبُ الزكاةُ إلّا أن يكونَ النّصابُ مملوكًا له وقتَ الوجوبِ، فلا تجبُ فيما يكتسبُه اللقّاطُ. و"اللقّاطُ": هو المسكينُ الذي يأخذُ السَّاقطَ من الثمرِ والحبِّ، يعني فقيرٌ يمرُّ على البساتين ويأخذُ السَّاقطَ من الثَّمرِ. وكان النّاسُ يتسامحون في هذا، فيصبحُ لديه من هذهِ الثّمارِ خمسةُ أوسقٍ فهل عليه زكاةٌ؟ لا تجبُ عليه زكاةٌ، يعني المعنى لو أنَّه جمعَ خمسةَ أوسقٍ فلا تجبُ عليه الزكاةُ؛ لأنَّه ليس مملوكًا له وقتَ الوجوبِ.
– القارئ: (أو يأخُذُه بحصادِه)
– الشيخ: يعني إنسانٌ يحصدُ الزرعَ أو يجذُّ النّخلَ والنّخلُ كثيرٌ، استُؤجِرَ بخمسةِ أوسقٍ بل عشرةِ أوسقٍ من هذا الثّمرِ، فالنّخلُ فيه مئاتُ الأوسقِ، واتّفقَ مع الأجيرِ أن يجذَّهُ أو الزّرع يحصدَه بخمسةِ أوسقٍ أو عشرةِ أوسقٍ، تجبُ في هذا الزكاةُ؟ لا تجبُ فيه الزكاةُ، لأنّه ليس مملوكًا له وقتَ الوجوبِ.
– القارئ: (ولا فيما يَجْتَنيهِ مِنَ المباحِ: كالبُطْمِ، والزَّعْبَلِ، وبِزْرِ قُطُونا)
– الشيخ: ما يجنيهِ من المباحِ من نوابتِ الأرضِ وهي من الحبوبِ، ويجمعونَ منه كمّياتٍ، فلو اجتمعَ لهذا الذي يجني الحبوبَ من المباحِ خمسةُ أوسقٍ فليس فيها زكاةٌ. ولو فرضنا أنَّ هناك نخلٌ ليس مملوكًا، نابتٌ في أرضٍ مباحةٍ، وجمعَ منها إنسانٌ ما ييلغُ خمسةَ أوسقٍ؛ فلا زكاةَ فيها لأنّه ليس مملوكًا له هذا القدرُ وقتَ الوجوبِ. و"المباحُ": هو ما لا مالكَ له، مثلُ ما ينبتُ في البريّةِ. و"البطمُ": هو الحبَّةُ الخضراءُ أو السَّمراءُ. و"الزّعبلُ": هو شعيرُ الجبلِ، و"بزرُ قُطُونا": هو حبُّ الرِّبلةِ.
– القارئ: (ولو نبتَ في أرضهِ)
– الشيخ: جاءت "لو" مرَّةً أخرى، يعني فيمن يرى أنَّه لو نبتتْ هذه الأعشابُ في أرضِه المملوكةِ وتحصّلَ منها حبوبًا تبلغُ خمسةَ أوسقٍ فإنَّها تجبُ عليه الزكاةُ. والأظهرُ أنَّه كما قال المؤلّفُ لأنّه هذا ليس مملوكًا له، لأنَّه يأتي في مسألةِ إحياءِ النّباتِ وما يشتركُ فيه النّاسُ، إنّما ينبتُ في أرضِ الإنسانِ من هذا النّوعِ ليس بالكذا، من أخذَهُ ملَكَه.
– القارئ: فصلٌ في قدرِ الواجبِ في الحبوبِ والثّمارِ
– الشيخ: القدرُ الواجبُ مثلُ ما تقدَّمَ في نُصُبِ الماشيةِ، كلُّ قدرٍ له قدرٌ من الواجبِ، كما أنَّ المالَ الذي تجبُ فيه الزكاةُ مقدّرٌ في الحبوبِ والثّمارِ وهو خمسةُ أوسقٍ كما سَبَقَ، لكن هنا وقفةٌ وهي: أنَّ موضوعَ وجوبِ الزكاةِ في الخارجِ من الأرضِ اختلفَ فيه النّاسُ كثيرًا، أوسعُها في الوجوبِ المشهورُ من مذهبِ أبي حنيفةَ وهو وجوبُ الزكاةِ في كلِّ خارجٍ من الأرضِ، فتجبُ الزكاةُ في كلِّ الحبوبِ وفي كلِّ الثّمارِ وفي كلِّ ما يُزرعُ. ويُقابِلُ هذا في طرفٍ آخرٍ فيه التَّحديدُ والتّضييقُ وقال لا تجبُ الزكاةُ إلّا في أربعةٍ: التمرِ والزّبيبِ والحنطةِ والشّعيرِ، ووردَ في هذا حديثٌ لكن فيه مقالٌ، فبينَ القولين تباينٌ.
ومذهبُ الإمامِ أحمد يعتبرُ من أوسطِ المذاهبِ، والمشهورُ فيه أنَّه تجبُ الزكاةُ في جميعِ أنواعِ الحبوبِ سواءٌ أكانت قوتًا أو لو لم تكن قوتًا، وتجبُ في كلِّ الثّمارِ مما يُكالُ ويُدّخَرُ كما تقدّمَ. يشملُ هذا أكثرَ ما يشملُ التّمرَ والزّبيبَ وأشياءَ أخرى من الثّمارِ التي هذا من شأنِها، فيخرجُ بذلك الحبوبُ انتهينا منها، الثّمارُ يخرجُ منها الفواكهُ بأنواعِها لأنّها ليست مكيلةً ولا تُدّخَرُ؛ مُنتفِيٌ فيها الوصفان، يعني ليس من شأنِها الكيلُ وهذا ظاهرٌ، وليس من شأنِها الادّخارُ في طبيعتِها لأنَّها تفسُدُ. قديمًا الفواكهُ تفسدُ إن بقيت طويلًا، أمَّا الآن فقد خلقَ اللهُ لعبادِه أسبابًا تحفظُ هذه الخضرواتِ وهذهِ الفواكه وتبقى السّنةَ، وهذا الادّخارُ لا عبرةَ فيه، يعني لا تصيرُ هذه الفواكهُ في حكمِ المدّخرِ، لأنّها مُدّخرةٌ بوسائلَ وأساليبَ غير عاديّةٍ. فهذا المذهبُ وهو مذهبُ الإمامِ أحمد فيه توسُّطٌ، ولو قيلَ بالقولِ الثّاني: أنّه في كلِّ حَبٍّ يُقتاتُ وفي كلِّ ثمرٍ يُكالُ ويُدّخرُ، لأنَّ الذي يكالُ ويدّخرُ يتضمّنُ أنّه يُقتاتُ. وهذهِ مسألةٌ طويلةٌ والكلامُ فيها كثيرٌ لأهلِ العلمِ، وقد أطنبَ شيخُنا محمّدٌ الأمينَ في هذه المسألةِ عند قولِه تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]
وإذا تأمّلنا الآياتِ والأحاديثَ بقطعِ النّظرِ، نجدُ قولَ أبي حنيفةَ فيه قوّةً لأنَّ اللهَ تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة:267] وكذلك حديث: "فيما سَقَت السّماءُ والعيونُ أو كان عثريًا العشرُ، وفيما سُقِيَ بالنّضحِ نصفُ العشرِ".
القارئُ يقرأُ من الشّرحِ الممتعِ:
قولُه: "تجبُ في الحبوبِ كلّها ولو لم تكن قوتًا، وفي كلِّ ثمرٍ يكالُ ويُدَّخَرُ": الحبوبُ: ما يخرجُ من الزّروعِ والبقولِ وما أشبهَ ذلك مثلُ: البُرِّ، والشّعيرِ، والأرزِّ، والذّرةِ، والدخنِ وغيرِها. وقولُه: "ولو لم تكن قوتًا": إشارةُ خلافٍ؛ لأنَّ بعضَ أهلِ العلمِ يقولُ: ما ليس بقوتٍ فلا تجبُ فيه الزكاةُ مثلُ: حبِّ الرّشادِ والكسبرةِ والحبّةِ السّوداءِ وما أشبهها، فهذه غيرُ قوتٍ، ولكنّها حبٌّ يخرجُ من الزّروعِ.
– الشيخ: أقولُ: إنَّ هذا الرّأيَ له قوّةٌ، وهو اعتبارُ القوتِ في الحبوبِ، أمّا الحبوبُ التي لا تُتّخذُ قوتًا فهذه لا تتعلّقُ بها.
– مداخلة: أليس لها قيمةٌ؟
– الشيخ: لها قيمةٌ، إذا اعتبرتَ القيمةَ فهذا يجري على مذهبِ أبي حنيفةَ، فالفواكهُ لها قيمةٌ عظيمةٌ، أمّا بالنّسبةِ لعروضِ التّجارةِ فهذا شيءٌ آخرُ، الآن الفواكهُ التي بيدِ التّجارِ تجبُ فيها الزكاةُ، لكن ليس زكاةَ ثمارٍ بل زكاةَ تجارةٍ، ولا القطنُ.
– مداخلة: لكنَّ قولَ أبي حنيفةَ الشاطبيُّ عدَّهُ من البدعِ.
– الشيخ: فيه نظرٌ، وعلى كلِّ حالٍ لا نقولُ شيئًا، نقولُ ظاهرُ النّصوصِ العمومُ، واللهُ أعلمُ بالصّواب.
– مداخلة: ماذا ترجّحُ يا شيخ؟
– الشيخ: أقولُ له حظٌّ من النَّظرِ وفيه قوّةٌ فقط، ولا أستطيعُ أن أزيدَ على هذا.
– القارئ: وقولُه: "وفي كلِّ ثمرٍ يُكالُ ويُدّخرُ": الثّمرُ: ما يخرجُ من الأشجارِ، فكلُّ ثمرٍ يكالُ ويُدَّخرُ تجبُ فيه الزكاةُ، والثّمرُ الذي لا يُكالُ ولا يُدّخرُ لا تجبُ فيه الزكاةُ، ولو كان يؤكّلُ مثلُ: الفواكهِ والخضرواتِ، ليس فيها زكاةٌ؛ لأنّها لا تُكالُ ولا تُدّخرُ.
وقولُه: "كتمرٍ وزبيبٍ": التّمرُ يُكالُ ويُدَّخرُ، والزَّبيبُ يُكالُ ويُدَّخرُ، ولا عبرةَ باختلافِ الكيلِ والوزنِ، فإنَّ التمرَ في عرفِنا يُوزَنُ، وكذلك الزّبيبُ، لكن لا عبرةَ بذلك؛ لأنَّ العبرةَ بما كان في عهدِ الرّسولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-. وذكرَ في الرّوضِ زيادةُ أمثلةٍ فقالَ: "لوزٌ، وفستقٌ، وبندقٌ" وما أشبهَ ذلك.
وأفادنا قولُه: "وفي كلِّ ثمرٍ يُكالُ ويُدَّخرُ": أنَّه إن كان الثّمرُ يُدَّخرُ ولا يُكالُ فلا زكاةَ فيه، وإن كان يُكالُ ولا يُدَّخرُ، فلا زكاةَ فيه؛ لأنَّ المؤلِّفَ ذكرَ شرطين: أن يُكالَ، وأن يُدّخَرَ، وفي هذه المسألةِ عدّةُ أقوالٍ هذا أحدُها. والمرادُ بالادّخارِ: أنَّ عامَّةَ النّاسِ يدّخرونَه؛ لأنَّ من النَّاس من لا يدّخرُ التّمرَ، بل يأكُلُه رُطَبًا، وكذلك العنبُ قد يُؤكلُ رُطبًا، لكنَّ العبرةَ بما عليه عامَّةُ النّاسِ في هذا النّوعِ.
القولُ الثّاني: أنَّها لا تجبُ إلّا في أربعةِ أشياءَ: في الحنطةِ، والشعيرِ، والتمرِ، والزبيبِ فقط لحديثٍ وردَ في ذلك، ولو صحَّ هذا الحديثُ لكان فاصلًا في النّزاعِ لكنّه ضعيفٌ وهذا القولُ روايةٌ عن أحمد.
القولُ الثالثُ: أنَّها تجبُ في كلِّ ما يخرجُ من الأرضِ ممّا يزرعُه الآدميُّ من فواكه وغير فواكه، واستدلّوا بعمومِ قولِ اللهِ تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة:267]، وبقولِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "فيما سَقَت السّماءُ العشرُ".
القولُ الرابعُ: أنَّها لا تجبُ إلّا فيما هو قوٌت يُدّخرُ سواءٌ يُكالُ أو لا يُكالُ، وقال به شيخُ الإسلامِ ابن تيمية ـ رحمه الله ـ. وأقربُ الأقوالِ هو ما ذهبَ إليه المؤلّفُ، والدّليلُ قولُ الرّسولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "ليس فيما دونَ خمسةِ أوسقٍ صدقةٌ"، فدلَّ هذا على اعتبارِ التّوسيقِ، والتّوسيقُ أي: التّحميلُ، والوَسَقُ: هو الحملُ. والمعروفُ أنَّ الوسقَ ستونَ صاعًا بصاعِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهي بأصواعِنا حسبَ ما ذكرهُ لنا مشايخُنا مائتانِ وثلاثونَ صاعًا وزيادة صاعٍ نبويٍّ، وعلى حسبِ ما اعتبرناه في الوزنِ ـ إذا جعلنا الصّاعَ كيلوين وأربعين جرامًا ـ، فثلاثمائةِ صاعٍ تعدلُ ستمائةٍ واثني عشرَ كيلو بالبرِّ الرّزينِ الجيّدِ، فيُتخذُ إناءٌ يسعُ مثلَ هذا في الوزنِ، أو عدّةُ أوانٍ، ثمَّ يُقاسُ عليها. والخلاصةُ أنَّ الحبوبَ والثّمارَ تجبُ فيها الزكاةُ، بشرطِ أن تكونَ مكيلةً مُدَّخرةً، فإنْ لم تكن كذلك، فلا زكاةَ فيها، هذا هو أقربُ الأقوالِ وعليه المعتمدُ إن شاءَ اللهُ.
مسائل:
الأولى: اختلفَ العلماءُ ـ رحمهم اللهُ ـ في العنبِ الذي لا يُزبّبُ؛ لأنَّ بعضَ العنبِ لا يكونُ زبيبًا مهما يبّستَه، فقال بعضُهم: لا زكاةَ فيه؛ لأنَّه ملحقٌ بالفواكهِ، فيُؤكلُ كالفاكهةِ، وقال بعضُهم: تجبُ فيه الزكاةُ، وإنْ لم يُزبّب، كما لو كان التّمرُ لا يؤكلُ إلّا رُطَبًا، وهذا هو الذي عليه عملُ النَّاسِ اليومَ، أنّهم يأخذون الزّكاةَ من العنبِ، وإن لم يزبّب، والمذهبُ أنَّه يخرجُ عن هذا العنبِ الذي لا يُزبّبُ زبيبًا.
والصّحيحُ أنَّ له أن يُخرجَ من نفسِ العنبِ، ومثله النَّخلُ الذي يأكُله أهلُه رُطَبًا، فيجوزُ أن يكون زكاتُه منه رُطَبًا.
الثّانيةُ: التّينُ لا تجبُ فيه الزكاةُ على المذهبِ؛ لأنَّه لا يُدّخرُ غالبًا، والصّوابُ أنّ فيه الزكاةُ لأنَّه مُدّخرٌ.
الثّالثةُ: الادّخارُ الصناعيُّ الذي يكونُ بوسائلِ الحفظِ التي تُضافُ إلى الثّمارِ بواسطةِ آلاتِ التّبريدِ لا يتحقّقُ به شرطُ الادّخارِ.
الرّابعةُ: تجبُ الزكاةُ في الزيتونِ عند بعضِ أهلِ العلمِ، وهو روايةٌ في المذهبِ، لقولِ اللهِ تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]، ولكن يلزمُ على هذا القولِ أن تجبَ الزكاةُ في الرّمانِ، وهي لا تجبُ فيه عندهم، ومُقتضَى الآيةِ التّسويةُ بينهما.
– الشيخ: هذا يمكنُ أنْ يعدَّ في أدلّةِ أبي حنيفةَ لأنّه قال: {والزيتونَ والرّمانَ}، إلى قوله: {وآتوا حقَّه يومَ حصادِه}.
– القارئ: وَيُعْتَبَرُ بُلُوغُ نِصَابٍ قَدْرُهُ ألفٌ وستُّمِائَة رَطْلٍ عِرَاقِيٍّ …
قولُه: "وَيُعْتَبَرُ بُلُوغُ نِصَابٍ قَدْرُهُ ألفٌ وستُّمِائَة رَطْلٍ عِرَاقِيٍّ" أي: يُشتَرطُ في وجوبِ الزكاةِ بلوغُ نصابٍ قدرُه: ألفٌ وستمائَةِ رطلٍ عراقيٍّ. لكنْ بأيِّ شيءٍ يُعتبرُ هذا الوزنُ؟ إذ هناك شيءٌ خفيفٌ وشيءٌ ثقيلٌ؟ اعتبرهُ العلماءُ بالبرِّ الرّزين الجيّدِ، فتتخذُ إناءً يسعُ هذا الوزنَ من البُرِّ ثمّ تعتَبِرُهُ به، فإذا قال قائلٌ: لماذا اعتبرَ العلماءُ ـ رحمهم الله ـ الكيلَ بالوزنِ والسنّةُ جاءت بالكيلِ؟ فالجوابُ: أنَّ الوزنَ أثبتُ؛ لأنَّ الأصواعَ والأمدادَ تختلفُ من زمنٍ إلى آخرٍ، ومن مكانٍ لآخرٍ، فنُقِلت إلى الوزنِ؛ لأنَّ الوزنَ يُعتبرُ بالمثاقيل، وهي ثابتةٌ من أوّلِ صدرِ الإسلامِ إلى اليوم، وهذا أحفظُ ويكون اعتبارُها سهلًا.
– الشيخ: واعتبارُه بالأوسُقِ في كلامِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- خرجَ مخرجَ الواقعِ، يعني مراعاةً للواقعِ، لأنّه كانت هذهِ الثّمارُ تُقدَّرُ بالكيلِ وتُحمّلُ، والحِملُ مقدارُه ستّونَ صاعًا حسبَ ما نقلَهُ الخلفُ عن السّلفِ.
– القارئ: وذكرَ مشايخُنا ـ رحمهم الله ـ أنَّ صاعَ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أربعةُ أمدادٍ، وهذا ما جاءت به السّنّةُ، بينما الصّاعُ عندنا ثلاثةُ أمدادٍ مع أنّه أكبرُ من صاعِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فدلَّ ذلك على أنّنا لو اعتبرنا الكيلَ لحصلَ في هذا اختلافٌ كثيرٌ. والصاعُ النبويُّ بالوزنِ يساوي كيلوين وأربعينَ جرامًا من البُرِّ، فتأتي بإناءٍ وتضعُ فيه الذي وزنتَ، فإذا ملأهُ فهذا هو الصّاعُ النبويُّ. وعندنا صاعٌ من النّحاسِ وجدناهُ في خراباتِ في عُنيزةَ مكتوبٌ عليه من الخارجِ نقشًا: هذا مِلك فلانٍ، عن فلانٍ، عن فلانٍ، إلى أن وصلَ إلى زيدِ بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ وقد اعتبرتُه بالوزنِ، فأتيتُ ببرٍّ رزينٍ، وملأتُ هذا الإناءَ ووزنتُه، فإذا هو مقاربٌ لما ذكرهُ الفقهاءُ رحمهم اللهـ
– مداخلة: هناك كلامٌ للشيخِ البسّامِ على تقديرِ النّصابِ. قال: الوسقُ: ستونَ صاعًا، فيكونُ نصابُ الحبوبِ والثّمارِ ثلاثمئةِ صاعٍ، والصاعُ في الموازينِ الحاضرةِ هو ثلاثُ كيلو، وهذا تقديرٌ تقريبيٌّ احتياطيٌّ بالحنطةِ الرّزينيةِ، فيكونُ ثلاثمئةِ صاعٍ تسعمئةِ كيلو غرام. وقد بحثَ مجلسُ هيئةِ كبارِ العلماءِ في قدرِ الصّاعِ النّبويِّ بالنسبةِ للمكاييلِ الحديثةِ فلم يصلوا إلى تحديدٍ مُتيقَّنٍ، وذلك لعدمِ وجودِ صاعٍ نبويِّ مُتيقَّنٍ، قال: فكان رأيُ غالبِ الأعضاءِ تقديرُه بثلاثةِ آلافِ غرامٍ، وهذا احتياطٌ لصدقةِ الفطرِ ونحوِها.
– الشيخ: والشيخُ اعتمدَ ذلك الصّاعَ الذي وجدَه ومكتوبٌ عليه من فلانٍ إلى فلانٍ حتى انتهى إلى زيدِ ابنِ ثابتٍ.
– مداخلة: هناك بعضُهم يقولُ: الفقهاءُ عندهم أنَّ هذا الصّاعَ موجودٌ بالسّندِ؟
– الشيخ: على كلِّ حالٍ قلتُ لكم أنّي كنت أُفتي في زكاةِ الفطرِ بكيلوين ونصفٍ.
– مداخلة: ما هو المعتبرُ في العامِ الواحدِ …؟
– الشيخ: العامُ الواحدُ، الثّمارُ لها وقتٌ معلومٌ، والتّمرُ لا يخرجُ في الشّتاءِ.
الأسئلة:
س1: ما الرَّاجحُ في زكاةِ عروضِ التّجارةِ، وكيف الردُّ على من يقولُ لا زكاةَ في عروضِ التّجارةِ؟
ج: جماهيرُ أهلِ العلمِ على وجوبِ الزكاةِ في عروضِ التجارةِ، ولهم استدلالاتٌ وآثارٌ وبعضُ الأحاديثِ وإن كان في بعضِها مقالٌ، لكنَّ هذا الذي عليه جمهورُ أهلِ العلمِ. وعروضُ التّجارةِ من أعظمِ أنواعِ المالِ، فهي تشملُ السّياراتِ والعقاراتِ، ولو قيل أنّه لا زكاةَ لكانت أكثرُ الأموالِ لا زكاةَ فيها، والله يقول: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ [التوبة:103]، ويقولُ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "تؤخذُ من أغنيائِهم، فتردُّ في فقرائِهم".
………………………………………….
س2: كيف يُزكّي أصحابُ مزارعِ الخضرواتِ الذين ينتجونَ من أجلِ البيعِ في الأسواقِ؟
ج: على القولِ المعروفِ أنَّه لا زكاةَ على الذين يزرعونَ الفواكهَ والخضارَ، لا زكاةَ عليهم فيها، لكنْ إذا كانوا يحصلونَ منها على مالٍ، فإذا اجتمعَ عندهم نقودٌ من الأثمانِ وحالَ عليهم الحولُ وجبتْ عليهم فيها الزكاةُ. وإن كان لا يجتمعُ عندهم ما يحولُ عليه الحولُ بل تأتيهم متفرّقةً فيقدّرون؛ مثلَ صاحبِ الإيرادات المتقطّعةِ مثلَ الموظّفِ ومثلَ المتسبّبِ، يدخلُ عليه أموالٌ متقطّعةٌ ولا ينضبطُ فيها الحولُ فيجعلُ صاحبُ هذا النّوعِ من المالِ يجعلُ له يومًا من شهرٍ يجعلُهُ شهرَ زكاتِه، فينظرُ في الموجودِ في حسابِه، يعني صاحبَ المزعةِ الآنَ واحدٌ من رجبٍ مثلًا الحسابُ فيه مئةُ ألفٍ، ويبيعُ ويشري ويجني من الثّمارِ إلى العامِ القادمِ، فينظرُ في حسابِه في واحدِ رجبٍ فيجدُ فيه مثلًا مئةً وخمسينَ ألفًا أو مائتي ألفٍ فإنّه يزكي مائتي ألفٍ، هذا الذي يفتي به أهلُ العلمِ، من يردُ عليه أو يستفيدُ أموالًا متفرقةً لا يستطيعُ أن يضبطَ فيها حولًا، لأنّ ضبطَ حولٍ لكلِّ مبلغٍ شاقٌ.
………………………………………….
س3: الوزنُ بالكيلو المعروفِ الآنَ هل يعتبرُ كيلًا؟
ج: ليس بكيلٍ، هذا وزنٌ، هذا معيارُ كيلٍ، وهذا عند الوحداتِ الجديدةِ الكيلُ باللترِ، اللترُ كم؟ الظّاهرُ أنَّه نفسُ الشيءِ.
………………………………………….
س4: هل في حبّة البركةِ "الحبةُ السوداءُ" وفي القطنِ وكلها مما يُكالُ ويُدّخرُ، هل فيها زكاةٌ؟
ج: على مذهبِ الإمامِ أحمد نعم، إذا حصلَ منها ثلاثمئةِ صاعٍ.
………………………………………….
س5: رجلٌ في يدهِ جرحٌ لا يستطيعُ المسحَ عليه، فهل يتوضّأ ثمَّ يتيمّمُ، أم ماذا يفعل؟
ج: يتوضّأُ ثمَّ يتيمّمُ.
………………………………………….
س6: هل تُؤثرُ الخُلطةُ في غيرِ بهيمةِ الأنعامِ؟
ج: المعروفُ عند أهلِ العلمِ أنَّها لا تؤثّرُ فيما سِوى الماشيةِ، ولكن في الحقيقةِ الجاري وفي التّطبيقِ أنَّ الخلطةَ ماشيةٌ بدونِ كلامٍ بالنّسبةِ للنّخيلِ، لأنَّ الخُرَّاسَ يأتونَ ولا يسألون، مثل مسألةِ الدَّينِ لا يسألونَ أحدًا هل عليك دينٌ أم ليس عليك دينٌ، كثيرٌ من البساتينِ الآن تكونُ مٌشتركةً ومملوكةً لعددٍ من النَّاسِ ويخرصون وبس، لكن في الفقهِ الفقهاءُ نصّوا وكذلك الأحاديثُ والآثارُ إنّما جاءت ونصّت التَّصريحَ بتأثيرِ الخلطةِ في الماشيةِ.
………………………………………….
س7: هل يأخذُ الجوربُ حكمَ الخُفينِ على الإطلاقِ أم له شروطٌ؟
ج: يأخذُ حكمَ الخُفّينِ، لكنَّ الفقهاءَ يشترطون أن يكونَ صفيقًا يعني لا يكون رقيقًا، وبعضُ أهلِ العلمِ يتوسّعُ ويراهُ مطلقًا كالخفِّ تمامًا ولو كان رقيقًا، يمكن ولو كان شفّافًا، والأحوطُ أنَّه كلّما كان قريبًا من الخُفِّ بأنْ يكونَ ساترًا وصفيقًا هذا يكونُ أحوطًا لبراءةِ الذمَّةِ.
………………………………………….
س8: ما الشرحُ المناسبُ لطالبِ العلمِ المبتدئِ لمتنِ زادِ المستقنعِ، وهل الأفضلُ لمن لا يوجدُ عنده طلّابُ علمٍ لشرحِ هذا المتنِ أن يقرأَ من شرحِ المتنِ أو سماعِ الأشرطةِ؟
ج: يقرأُ ويستمعُ، يجمعُ بين هذا وهذا، وأرجو أنَّ شرحَ الشيخِ صالحِ الفوزان لعلّه من أمثلِ ما يَقرأُه من هو في أوائلِ الدّراسةِ، لأنَّه ليس مبسوطًا كما في شرحِ الشّيخِ محمّد.
………………………………………….
س9: هل في العسلِ زكاةٌ؟
ج: سبقَ أنْ وُجِّهَ لي هذا السّؤالُ، وليس عندي رأيٌ أقوله، اللهُ أعلم.
………………………………………….
س10: هل يُشرعُ قولُ الخطيبِ: "أقولُ قولي واستغفرُ اللهَ"؟
ج: أظنّه عادة، ووردَ في بعضِ الخطبِ المرويّةِ عن النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لكن لا أدري عن صِحّةِ هذا، لكنّ النَّاسَ يتتابعونَ على مثلِ هذا القولِ، ولا أقولُ أنَّها سنّةٌ، ولا أقولُ أنَّها بدعةٌ، لأنَّ الذي يقولَها لا يقولُها متعبّدًا ولكن تتابعَ النّاسُ عليها.
………………………………………….
س11: هل تُقضَى صلاةُ العيدِ؟ ومن أينَ أخذَ الإمامُ الخرقيُّ في مختصرِه أنّها تُصلّى أربعًا؟
ج: كأنَّها من بابِ التّشبيه بالجمعةِ، من فاتته صلاةُ الجمعةِ يُصلّي أربعًا.
………………………………………….
س12: موّردُ مطبوعاتٍ يقول: أحدُ عملاءِ الطّباعةِ طَلَبُهُ كرتُ دعوةٍ عليه علمُ أحدِ بلدانِ الغربِ وعليه الصّليبُ ظاهرًا، وأحيانًا غيرُ ظاهرٍ لكنّه موجودٌ، هل يجوزُ له طباعةُ هذا الكروت؟
ج: لا واللهِ لا يجوزُ، لا يجوزُ أن يطبعَ ما عليه صليبٌ، وعليه شعائرُ أممِ الكفرِ.
………………………………………….
س13: جاءَ في فتاوى شيخِ الإسلامِ أنّه يقول: "فليسَ في الكائناتِ ما يسكنُ العبدُ إليه ويطمئنُّ به ويتنعّمُ بالتوجّهِ إليه إلّا اللهَ سبحانه؟
ج: نعم، يعني ليس في المخلوقات، إلّا الله: هذا استثناءٌ منقطعٌ. كأنَّ السائلَ ظنَّ قولَه: "إلّا الله" أنَّ هذا يتضمّنُ دخوله في الكائناتِ، لا، هذا يُسمّى استثناءٌ منقطعٌ. والاستثناءُ المنقطعُ: المستثنى ليس هو من جنسِ المستثنى منه، فليس في هذهِ العبارةِ اعتبارُ أنَّ اللهَ من جملةِ الكائناتِ. ولو قال: ليس في الوجودِ من يسكنُ إليه العبدُ ويطمئنُّ به إلّا الله صحَّ ولا يكونُ فيها إشكالٌ، لكن "كائناتٌ" تُشعرُ بالحدوثِ، فإذا أُطلقت الكائناتُ تكونُ أخصَّ بالمخلوقاتِ الكائناتِ بخلافِ الموجوداتِ، الموجوداتُ تشملُ: اللهُ موجودٌ، وكلُّ المخلوقاتِ موجودةٌ، كلُّ ما ليس بمعدومٍ فهو موجودٌ، ولكنَّ التّعبيرَ الأدقَّ هو: "ليس في الوجودِ".
………………………………………….
س14: هل يجوزُ للسُنّيِّ من أهلِ السنّةِ أنْ يظنَّ في نفسهِ أنَّه أفضلُ من أهلِ البدعةِ سواءً على العمومِ؟
ج: لا لا، ليس بلازمٍ، قد يكونُ فيهم من هو أفضلُ منه، فكونُ الرَّجلِ من أهلِ السنّةِ لا تعطيهِ تفضيلًا مطلقًا، يعني بعضُ أهلِ البدعِ يعتبرهم من نوعِ العصاةِ.
………………………………………….
س15: شخصٌ يعملُ في مجالِ الصحةِ وعنده زملاءٌ شيعةٌ ويخالطُهم ويقولُ بيننا صحبةٌ؟
ج: لا ينبغي أن يتَّخذَهم أصحابًا، لكن يؤدّي معهم العملَ لا يُؤذيهم ولا يظلمُهم، ولا يُكرمُهم، لكن لا مانعَ من الإحسانِ، ولا مانعَ من ردِّ السّلامِ ما داموا صامتين، أمّا إذا كانوا يتبجّحونَ فينبغي إهانتُهم، وهجرُهم.