الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب زاد المستقنع/كتاب الزكاة من زاد المستقنع/كتاب الزكاة (8) “باب زكاة النقدين” قوله وإن أعد للكرى أو النفقة أو كان محرما ففيه الزكاة “باب زكاة العروض” إذا ملكها بنعله بنية التجارة…

كتاب الزكاة (8) “باب زكاة النقدين” قوله وإن أعد للكرى أو النفقة أو كان محرما ففيه الزكاة “باب زكاة العروض” إذا ملكها بنعله بنية التجارة…

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب الزكاة)
– الدّرس الثّامن

***    ***    ***    ***

– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ وسلَّمَ على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين، أمَّا بعد:
قال المصنّفُ رحمهُ اللهُ تعالى في تَتِمّةِ كلامِه في بابِ زكاةِ النّقدين:
(وإنْ أُعِدَّ للكِرَى أو النفقةِ، أو كانَ مُحَرمًا: ففيه الزكاةُ)

– الشيخ: تقدَّمَ الكلامُ على أصلِ المسألةِ، وهي مسألةُ زكاةِ الحُليّ، وأنَّ جمهورَ أهلِ العلمِ على أنَّه لا زكاةَ فيه، والقولُ الآخرُ وجوبُ الزكاةِ. وتقدَّمَ أنَّ القولين في نظري مُتكافِئانِ، فالأحوطُ هو وجوبُ الزكاةِ، وهو أبرءُ للذمّةِ، لكنَّ الذين لم يُوجبوا الزكاةَ فيه خصَّوه بما إذا كان معدًّا للاستعمالِ سواءً استُعمِلَ أو لم يُستعمَل، فكثيرٌ من النّساءِ يسألنَ: أنا عندي ذهبٌ لكن لا ألبسُه، وتظنُّ أنَّ الحكمَ مُتعلِّقٌ بالاستعمالِ فعلًا، وأحيانًا تلبسُه من أجلِ تحقيقِ المعنى حتى لا تجبُ فيه عليها الزكاةُ. فنقولُ: لا، العبرةُ بالأصلِ، إذا كان الأصلُ أنَّه مُعَدٌّ للاستعمالِ فليس فيه زكاةٌ على المذهبِ، استُعمِلَ أم لم يُستعمَل.
قالوا: "إن أُعدَّ للكِرى": يعني للتّأجيرِ، كمن اشترى حُليًّا من أجلِ أن يُؤجّرَها لمن يحتاجُها كالمناسبات والأعراسِ، كالثّيابِ يستأجرونَها للمناسباتِ. أو "للنّفقةِ": أعدَّ ليكونَ رصيدًا، تشتريه المرأةُ وتُعدُّه للحاجةِ، يعني إذا احتاجت تبيعُ منه وتُنفِقُ. أو "كان محرمًا": مثلُ الذّهبِ بالنّسبةِ للرّجالِ بأن يكونَ لديهِ خواتمُ، أو كان محرّمًا لسببٍ؛ مثالُه بأن يكونَ لديهِ حُليٌّ مصوغٌ على شكلِ تماثيلَ أو صورٍ فهذا من الحليّ المحرّمِ. يقولُ: "ففيه الزكاةُ": وهذا استثناءٌ من عدمِ وجوبِ الزكاةِ بالحُليّ، فالحُليُّ الذي ليس فيه زكاةٌ هو المباحُ المُعَدُّ للاستعمالِ، أمّا ما أُعِدَّ للكِرى أو للنّفقةِ أو كان محرّمًا ففيه الزكاةُ.

– القارئ: [بابُ زكاةِ العروضِ]
– الشيخهذا هو النّوعُ الرابعُ من الأموالِ الزكويّةِ، وقد تقدّمَ أنَّ الأموالَ التي تجبُ فيها الزكاةُ هي: الماشيةُ: وهي الإبلُ والبقرُ والغنمُ. والثاني: الخارجُ من الأرضِ على ما تقدَّمَ من الكلامِ والخلافِ، والمذهبُ أن َّالزكاةَ تجبُ في كلِّ حبٍّ وفي كلِّ ثمرٍ يُقتاتُ ويُدّخَرُ. فمن أهلِ العلمِ من يتوسّعُ كالحنفيّةِ يقولون: تجبُ الزكاةُ في كلِّ خارجٍ من الأرضِ من الحبوبِ والثِّمارِ والبَقولِ، ومن النّاسِ من يُضيّقُ الدّائرةَ ويقولُ: لا تجبُ الزكاةُ إلّا في أربعةٍ وهي التّمرُ والزّبيبُ والبُرُّ والشّعيرُ، وما ذهبَ إليه الإمامُ أحمدُ يُعتبَرُ قولًا متوسّطًا بين المذاهبِ. والنَّوعُ الثالثُ: الأثمانُ: وهي الذهبُ والفضةُ وما قامَ مقامَهما كالنّقدِ الورقيّ الذي حَدَثَ في هذه العصورِ المتأخّرةِ، فخاصيّةُ الذهبِ والفضةِ هي الثمنيّةُ وهو متحقّقٌ في النقدِ الورقيّ، والثمنُ: هو ما تُشتَرى به السّلعةُ، والقيمةُ: ما تستحقّهُ السّلعةُ من الثّمنِ. يقولُ المؤلّفُ: زكاةُ العروضِ: هذا النوعُ الرابعُ من الأموالِ الزكويّةِ، وقد ذهبَ جمهورُ الأمّةِ سلفًا وخلفًا إلى وجوبِ الزكاةِ في العروضِ، والعروضُ: جمعُ عرْض، بسكون الراء، وهو ما أُعِدَّ للبيعِ والشراءِ.
ومن أدلةِ وجوبِ الزكاةِ فيها هي الأدلّةُ العامّةُ: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة:103]، والعروضُ أموالٌ، بل لعلّها تُمثّلُ معظمَ أموالِ كثيرٍ من الناسِ، والزمانُّ الذي نحنُ فيه أعظمُ ما يكون من الأموالِ هو العروضُ، وأكثرُ أموالِ الأغنياءِ هي العروضُ، وهي تشملُ كلَّ ما أُعِدَّ للتّجارةِ من عقارٍ ومنقولٍ، الأراضي والعقاراتِ والسيّاراتِ والأثاثِ والأواني وغيرِها. ومنها قولُ النبيّ -صلّى اللهُ عليه وسلّمَ-: "أعلمْهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهم تُؤخَذُ من أغنيائِهم".
ويُستدَلُّ أيضًا بقولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة:267]. وجاء في هذا حديثٌ لكنَّه مُتكلَّمٌ فيه؛ عن سَمُرَةَ رضي اللهُ عنه قال: "كان رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّمَ- يأمرُنا أن نُخرِجَ الصّدقةَ من الذي نُعِدُّهُ للبيعِ".  فالمعوَّلُ عليه هو العمومُ من الأدلّةِ، وكذلك الآثارُ المرويّةُ عن جمعٍ من الصحابةِ، وهذا هو أصلُ هذهِ المسألةِ.
وذكرَ شيخُ الإسلامِ أنَّه قد ذهبَ إلى وجوبِ الزكاةِ في العروضِ الأئمّةُ الأربعةُ وجمهورُ الأمّةِ، ونَقَلَ الإجماعَ عددٌ من المصنّفينَ كابنِ المنذرِ وغيرِه. يقولُ في المغني: وحُكيَ عن مالكٍ وداودَ أنَّه لا زكاةَ فيها. وهذا قولٌ مخالفٌ لما عليه جمهورُ الأمةِ سلفًا وخلفًا.

– القارئ: (إذا ملكَها بفعلِه، بنيةِ التجارةِ، وبلغتْ قيمتُها نصابًا: زكى قيمتَها)
– الشيخ: 
هذه هي الشروطُ الخاصّةُ في زكاةِ العروضِ يقولُ: "إذا ملكَها بفعلِه": لا قهرًا عليه، يعني مَلَكَها بفعلِه مثلًا بشراءٍ أو بهبةٍ، أمَّا إذا ملكَها لا بفعلِهِ كمنْ يرثُ مالًا فإنَّ مِلْكَ المالِ بالإرثِ ليس اختياريًا بل قهريًا، فمِلكُه للإرثِ لا بفعلِهِ بل بحكمِ اللهِ، فإذا ماتَ الميتُ انتقلَ مالُه إلى ورثتِه وصارَ ملكًا للوارثِ، فهل يُشترَطُ مثلًا أن يقبلَ المالَ؟ لا، لا يُشترَطُ، بل يصيرُ ملكُه بحكمِ اللهِ، وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ [النساء:13]
"بنيَّةِ التّجارةِ": أمّا إذا ملكَها بفعلِه شِراءً أو هِبةً، لكن لا بنيّةِ التجارةِ بل للقُنيةِ؛ اشترى سيارةً من أجلِ الاستخدامِ لا من أجلِ التّجارةِ، وهذا هو الشرطُ الثاني.
"وبلغت قيمتُها نصابًا": فلو مَلَكَ سلعةً بفعلِه بِنيّةِ التّجارةِ، لكن قيمتُها لا تبلغُ النّصابَ، نصابَ الذهبِ أو الفضةِ فلا تجبُ فيها الزكاةُ حتى تبلغَ قيمتُها نصابًا. "زكَّى قيمتَها": هذا فيه بيانُ أنَّ الزكاةَ متعلّقةٌ بالقيمةِ، فتُقوّمُ عند حَوَلَانِ الحولِ كما سيأتي، تُقوّمُ: يعني تقدَّرُ هذه السّلعُ التجاريةُ بما هو أحظُّ للفقراءِ، فإذا قوّمناها بالذهبِ وجدناها أقلَّ من النّصابِ، وإذا قوّمناها بالفضّةِ بلغت قيمتُها نصابَ الفضةِ، فنقوّمُها بالفضةِ لأنَّ هذا أحظُّ للفقراءِ، والعكسُ بالعكسِ، فتقوَّمُ عند الحولِ بالأحظِّ للفقراءِ من ذهبٍ أو فضّةٍ.

– القارئ: (فإنْ ملَكَها: بإرثٍ، أو بفعلِه بغيرِ نيّةِ التجارةِ ثم نواهَا: لم تَصِرْ لَها)
– الشيخ: 
هذا بيانٌ لمحترَزاتِ الشّروطِ، إن مَلَكَها بغيرِ فعلِه كإرثٍ، أو بفعِلِه لا بنيّةِ التجارةِ؛ لم تصرْ للتجارةِ وإنْ نَواها بعدُ للتجارةِ. مثلًا: اشترى سيارةً للقنيةِ لا للتّجارةِ، ثمَّ بعدَ ذلك نواهَا للتّجارةِ، يقولُ المؤلفُ: "لم تَصِرْ لها". فلا تكونُ للتّجارةِ بالنيةِ المستأنفةِ، بل لابدَّ من أن تكونَ للتجارةِ عند تملُّكِها.
– القارئ: (وتُقوّمُ عندَ الحولِ بالأَحظِّ للفقراءِ، من عينٍ أو وَرِقٍ)
– الشيخ: هذه الطريقةُ في إخراجِ الزكاةِ، أنَّها تُقوّمُ العروضُ التجاريةُ عند تمامِ الحولِ من تأريخِ مِلكِهِ لها، تُقوَّمُ بما هو أحظُّ للفقراء. "من عينٍ": يريدون بها الذَّهبَ، والوَرِقُ: هو الفضةُ، فإذا كان الأحظُّ تقويمُها بالذّهبِ قوّمناها بالذهبِ، وإن كان الأحظُّ تقويمُها بالفضةِ قوّمناها بالفضة.
– القارئ: (ولا يُعتبرُ: ما اشتُرِيتْ بهِ)
– الشيخ: "لا يعتبرُ": اشتراها مثلًا بعشرةِ آلافٍ، ولكن عند الحولِ قوّمناها فوجدناها قد خسرتْ وأصبحتْ بثمانيةِ آلافٍ، كم يزكّي؟ يزكّي ثمانيةَ آلافٍ. أو اشتراها بعشرةِ آلافٍ وعند الحولِ أصبحتْ بخمسةِ عشرَ، كم يزكّي؟ يزكّي خمسةَ عشرَ. إذًا الشّأنُ عند قيمتِها عند حولانِ الحولِ، والرّبحُ لا يعتبرُ فيه الحولُ لأنّه تابعٌ لأصلِه.

– القارئ: (وإن اشترى عَرَضًا بنصابٍ من أثمانٍ أو عروضٍ: بنى على حولِه)
– مداخلةالشيخُ ابنُ عثيمينَ يقولُ بالفتحِ والسكونِ: "عَرَضًا" و"عَرْضًا"، وفي الرّوضِ لم يذكرْ إلّا السكونَ.
– الشيخ: واللهِ هذا فيه تأمّلٌ، لكنَّ الشيخَ محمدًا لم يَنُص، لم يقلْ بالفتحِ، قال: "عَرَضًا" و"عَرْضًا" بسكونِ الراءِ فقط، إذًا: الشيخُ محمدٌ لم ينصْ على الفتحِ، والشكلُ المطبعيُّ لا يُعوَّلُ عليه في ضبطِ الكلامِ، وإن كانت موجودةً فأظنُّ أنَّه خطأ لأنَّ الشيخَ لم ينصْ.
"إن اشترى عَرْضًا": يعني متاعًا، سلعةً من السلعِ "بنصابٍ من أثمانٍ": يعني بذهبٍ أو فضةٍ، "أو عروضٍ": ثيابًا بأثاثٍ أو سيارةً بأثاثٍ، "بنى على حولِه": يعني كان أصلُ التجارةِ ملابسًا ثمَّ اشترى بهذهِ الملابسِ أدواتًا فإنَّه يبني على حولِه. عند الحولِ يُقوّمُ هذه السّلعَ الأخيرةَ، ولا ينقطعُ الحولُ بتبديلِ العروضِ بعضِها ببعضٍ، لأنَّ حكمَها واحدٌ، إن اشتراها بأثمانٍ كدراهمَ أو ذهبٍ، أو اشتراها بعروضٍ؛ فإنّه يبني على حولِه؛ لأنَّ العروضَ ليست مستقرةً.

– القارئ: (فإنْ اشتراهُ بسائمةٍ: لم يَبْنِ)
– الشيخ: كان عنده سلعٌ، أدواتٌ عاديّاتٌ واستبدلهُ بسائمةٍ كإبلٍ أو بقرٍ، يقولُ: "لم يبنِ"؛ لاختلافِ الجنسِ. يعني العروضُ والسائمةُ مختلفةٌ من حيث نصابِها والمقصودِ، يعني السائمةُ مثلًا تُقصدُ للقُنيةِ للدرِّ والنسلِ، أمّا العروضُ فإنّها تُقصدُ للتجارةِ، فتختلفُ عنها من حيثِ الغايةِ ومن حيثِ الأحكامِ، وهنا ينقطعُ حولُ التجارةِ.

القارئُ يقرأُ من الشرحِ الممتعِ:
إِذَا مَلَكَهَا بِفِعْلِهِ، بِنِيَّةِ التجارةِ، وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا، زَكَّى قِيمَتَهَا … بقوله: «إذا مَلَكَهَا بفعلِهِ بنيّةِ التجارةِ، وبلغت قيمتُها نصابًا».
الشرطُ الأولُ: أن يملكَها بفعلِه، أي: باختيارِه، وشملَ هذا التعبيرُ ما إذا ملكها بمعاوضةٍ كالشراءِ، أو غيرِ معاوضةٍ كالاتّهابِ وقبولِ الهديةِ، وما أشبهَهُ، والمعنى: دخلتْ في ملكِهِ باختيارِهِ.
الشرطُ الثاني: أن يَمْلكَها بنيّةِ التجارةِ وذلك بأن تكونَ نيّةُ التجارةِ مقارنةً للتملّكِ، فخرجَ بذلك ما لو ملكَها بغيرِ نيّةِ التجارةِ ثمّ نواها بعد ذلك فإنّها لا تكونُ عروضَ تجارةٍ على المشهورِ من المذهبِ، وسيأتي الخلافُ في ذلك. الشرطُ الثالثُ: أن تبلغَ قيمتُها نصابًا.
وقولُه: «وبلغتْ قيمتُها نصابًا» أي: لا عينها، فلو كان عند إنسانٍ عشرُ شياهٍ سائمةٍ قد أعدَّها للتّجارةِ، قيمتُها ألفُ درهمٍ، فإنَّ الزكاةَ تجبُ فيها مع أنّها لم تبلْغ نصابَ السائمةِ؛ لأنَّ المعتَبَر القيمةُ وقد بلغتْ نصابًا. مثالٌ آخرُ: إنسانٌ عنده أربعونَ شاةً سائمةً أعدّها للتجارةِ قيمتُها مائةُ درهمٍ فلا زكاةَ فيها؛ لأنَّ القيمةَ لم تبلغْ نصابًا.
قوله: «زكَّى قيمتَها» أي: لا عينَها، فلا يجوزُ إخراجُ الزكاةِ من عينِ ما أعدَّ للتجارةِ؛ لأنَّ العينَ في عروضِ التجارةِ غيرُ ثابتةٍ، فالمعتبرُ المخرَجُ منه وهو القيمةُ؛ ولأنَّ القيمةَ أحبُّ لأهلِ الزكاةِ غالبًا.

– الشيخ:
يقولُ الشيخُ: "غالبًا"، ومعروفٌ عن شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ أنَّه يقولُ: يجوزُ إخراجُها من العروضِ نفسِها، فإن كانت ثيابًا فثيابٌ، وإن كانت غنمًا فيخرجُ غنمًا، يُخرِجُ شاةً ويعطيها لفقيرٍ لينتفعَ بها.
– القارئ: فالشّروطُ إذًا ثلاثةٌ، بالإضافةِ إلى الشروطِ الخمسةِ السابقةِ في بابِ الزكاةِ، فهذه شروطٌ خاصَّةٌ، وما تقدَّمَ في كتابِ الزكاةِ في أوّلِ الكتابِ شروطٌ عامَّةٌ. وأفادنا المؤلّفُ بقولِه: «إذا مَلَكَها» أي: بأيِّ وسيلةٍ مَلَكَها، سواء بالشراءِ، أو بعوضِ إجارةٍ، أو باتّهابٍ أو بعِوَضِ خُلْعٍ، أو بصَدَاقٍ، أو بغيرِ ذلك من أنواعِ التملّكاتِ، فهو عامٌّ. مثالُه: اشترى رجلٌ سيّارةً ليتكسبَ فيها، فهذه عروضُ تجارةٍ إذا بلغتْ قيمتُها نصابًا ونواها حين الشراءِ، فإن اشترى سيارةً للاستعمالِ، ثمَّ بَدَا له أن يبيعَها فليس عليه زكاةٌ؛ لأنَّه حين ملكه إيّاها لم يقصدِ التجارةَ، فلابدَّ أن يكونَ ناويًا للتجارةِ من حينِ ملكِهِ. ولو اشترى شيئًا للتجارةِ، ولكن لا يبلغُ النّصابَ، وليس عنده ما يضمُّه إليه فليس عليه زكاة؛ لأنَّه من شرطِ وجوبِ الزكاةِ بلوغُ النّصابِ.
– الشيخ: يعني أن تبلغَ النّصابَ عند الملكِ، لو اشترى سلعةً لا تبلغُ قيمتُها نصابًا فهل يبدأُ حولُها؟ لا، إذا كانت قيمتُها لا تبلغُ نصابًا فلا يبدأُ حولُها، شرطُ وجوبِ الزكاةِ ومضيّ الحولِ أن تبلغَ قيمتُها نصابًا عند تملّكِهِ لها، فلو اشترى سلعةً لا تبلغُ قيمتُها نصابًا فإنَّه لا يبدأُ حولُها حتى تبلغَ قيمتُها نصابًا.

– القارئ: فَإِنْ مَلَكَهَا بِإِرْثٍ، أَوْ مَلَكَها بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ، ثُمَّ نَوَاهَا لَمْ تَصِرْ لَهَا …
قولُه «فإنْ مَلَكَها بإرثٍ»: «إن ملكها» أي: العروضُ «بإرثٍ» بأنْ ماتَ مورّثَه، وخَلَّفَ عقاراتٍ أو خَلَّفَ بضائعَ من أقمشةٍ، أو أوانٍ أو سياراتٍ، أو غيرِها ونواها هذا الوارثُ للتّجارةِ فأبقاها للكسبِ، فإنّها لا تكونُ للتّجارةِ؛ لأنّه ملَّكها بغيرِ فعلِه؛ إذ إنَّ الملكَ بالإرثِ قهريٌّ يدخلُ ملكَ الإنسانِ قهرًا عليه، قال تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ [النساء:12]، وَلأِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:11]، ولهذا لو قال أحدُ الورثةِ: أنا غنيٌّ لا أريدُ إرثي من فلانٍ، قلنا له: إرثُكَ ثابتٌ شئتَ أم أبيتَ ولا يمكنُ أن تنفكَّ عنه، ولكنْ إنْ أردتَّ أن تتنازلَ عنه لأحدِ الورثةِ أو لغيرِهم، فهذا إليك بعد أن دخلَ ملككَ. فإذا ملكَ إنسانٌ عروضَ تجارةٍ بإرثٍ، ونواهَا حين مَلَكَها للتّجارةِ، فإنّها لا تكونُ للتّجارةِ. مثالٌ آخرُ: وهبهُ شخصٌ سيارةً فقبلها ونوى بها التجارةَ، فتكونُ للتجارةِ لأنَّه مَلَكَها بفعلِهِ باختيارِهِ.
قولُه: «أو مَلَكَها بفعلهِ بغيرِ نيّةِ التجارةِ، ثمّ نواها لم تصرْ لها»: أي لم تصرْ للتجارةِ، فلو باعَها بعد أنْ وَرِثَها ثمَّ اشترى سِواهَا بنيّةِ التجارةِ صارتْ للتجارةِ؛ لأنّه مَلَكَها بفعلِهِ.
مثالٌ: لو كان عند إنسانٍ عقاراتٌ لا يريدُ التجارةَ بها، ولكن لو أُعطي ثمنًا كثيرًا باعَها فإنَّها لا تكونُ عروضَ تجارةٍ؛ لأنَّه لم ينوِها للتجارةِ، وكلُّ إنسانٍ إذا أتاهُ ثمنٌ كثيرٌ فيما بيدِه فالغالبُ أنَّه سيبيعُ ولو بيتَه، أو سيّارتَه، أو ما أشبهَ ذلك.

– الشيخ: المعتبرُ عندَهم النيةُ، يعني لو اشترى إنسانٌ أرضًا يريدُ أن يبنيَ عليها بيتًا، أو يبني عليها عقارًا للتّأجيرِ، لكن معروفٌ لو جاءَه ثمنٌ مُغرٍ فإنَّه سيبيعُه حتى لو كان بيتَه كما قالَ الشيخُ، فهذا لا عبرةَ به، لا تصيرُ السلعةُ من هذا الوجهِ أو بهذا السببِ للتّجارةِ.

– القارئ: وقولُ المؤلّفِ «مَلَكَها بفعلِه بغيرِ نيةِ التجارةِ»: هذا الذي مشى عليه، وأنَّه لو نوى التجارةَ بعد ملكِها فإنَّها لا تكونُ للتجارةِ وهذا هو المذهبُ.
والقولُ الثاني في المسألةِ: أنَّها تكوُن للتجارةِ بالنيّةِ، ولو مَلَكَها بغيرِ فعلِهِ، ولو مَلَكَها بغيرِ نيّةِ التجارةِ، لعمومِ قولِ النبيّ -صلّى اللهُ عليه وسلّمَ-: «إنّما الأعمالُ بالنياتِ وإنّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»، وهذا الرجلُ نوى التجارةَ فتكونُ لها. مثالُ ذلك: لو اشترى سيارةً يستعملُها في الركوبِ، ثمَّ بَدَا له أن يجعلَها رأسَ مالٍ يَتّجرُ به؛ فهذا تلزمُه الزكاةُ إذا تمَّ الحولُ من نيّتِهِ، فإن كان عنده سيارةٌ يستعملُها، ثمَّ بَدَا له أن يبيعَها فلا تكونُ للتجارةِ؛ لأنَّ بيعَه هنا ليس للتّجارةِ ولكن لرغبتِهِ عنها.
– الشيخ: يعني اشترى سيارةً للقُنيةِ من أجلِ الاستعمالِ، ثمَّ نوى بيعَها ليستبدلَها بسيارةٍ أخرى، فإنَّها لا تكوُن الأخرى للتجارةِ، هذا معنى كلامِ الشيخِ، أنّها إنّما تكونُ للتجارةِ على القولِ الصحيحِ إذا اعتبرها رأسَ مالٍ، اشترى سيارةً للقُنيةِ ثمَّ نواها أن تكونَ رأسَ مالٍ فإنَّها تكونُ للتجارةِ. وكذلك السياراتُ التي يشتريها الإنسانُ للتأجيرِ، فالمعروفُ أنَّها ليست عروضَ تجارةٍ، بل اشتُريَتْ للاستخدامِ أو من أجلِ أن يؤجّرَها، وإن كان فيها أرباحٌ، فيُزكّي ما يتحصّلُ منها من الأثمانِ والنقودِ، ويطبّقُ فيها زكاةَ الأثمانِ في أُجورِها.

– القارئ: ومثله: لو كان عنده أرضٌ اشتراها للبناءِ عليها، ثمَّ بَدَا له أن يبيعَها ويشتري سِواها، وعَرَضَها للبيعِ فإنّها لا تكونُ للتّجارةِ؛ لأنّ نيّةَ البيعِ هنا ليست للتَّكسّبِ بل لرغبتِه عنها. فهناك فرقٌ بين شخصٍ يجعلُها رأسَ مالٍ يتّجرُ بها، وشخصٍ عَدَلَ عن هذا الشيءِ ورَغِبَ عنه، وأرادَ أن يبيعَه، فالصورةُ الأولى فيها الزكاةُ على القولِ الراجحِ، والثانيةُ لا زكاةَ فيها. أمَّا على ما مشى عليه المؤلفُ ـ رحمهُ الله ـ فإنَّه لا زكاةَ في المسألتين؛ لأنَّه اشترطَ أن تكونَ نيةُ التجارةِ مقارنةً للتملّكِ.
– مداخلة: 
القولُ الثاني أرجحُ، أنّها تكونُ للتجارةِ بالنيةِ؟
– الشيخ: واللهِ وضَّحَ، لأنَّ أدلّةَ وجوبِ الزكاةِ مُنطبقةٌ في العروضِ.

– القارئ: وَتُقَوَّمُ عِنْدَ الحَوْلِ بِالأحَظِّ لِلفُقَرَاءِ مِنْ عَينٍ أوْ وَرِقٍ.
قولُه: «وتُقوَّمُ عند الحولِ بالأحظِّ للفقراءِ من عينٍ أو وَرِقٍ» تُقَوَّمُ: الضميرُ يعودُ على عروضِ التجارةِ، ولم يذكر المؤلفُ من يُقوّمُها، فيُقومُها صاحبُها إن كان ذا خبرةٍ بالأثمانِ، فإن لم يكن ذا خبرةٍ فإنّه يطلبُ من يعرفُ القيمةَ من ذوي الخبرةِ ليُقوّمَها، فإن قالَ قائلٌ: كيف نأمنْهُ إن كان ذا خبرةٍ؟ قلنا: إن هذه عبادةٌ، والإنسانُ مؤتمنٌ على عبادتِه، كما لو قال المريضُ: أنا لا أستطيعُ أن أستعملَ الماءَ، وأريدُ أن أتيممَ، فلا يُشترطُ أن نأتي بطبيبٍ يفحصُ هذا الرجلَ، وهل يقدرُ أو لا يقدرُ؟ والزكاةُ أيضًا مثلُها.
– الشيخ: وفي الحقيقةِ من شواهدِ هذا المعنى الذي ذكرَها الشيخُ، أنَّ الرسولَ -صلّى اللهُ عليه وسلّمَ- لم يحقّقْ مع الرجلِ الذي قال له: أعتقْ رقبةً. قال: لا أجدُ. قال: صُم شهرين متتابعين. فقال: لا استطيعُ. لم يحقّقْ معه، تركَهُ لذمّتِه. فهذا معنىً عظيمٌ وهو أنَّ الإنسانَ في عبادتِه لربّهِ موكولٌ إلى أمانتِه فيما بينَه وبين ربّه، كما هو الشّأنُ في الصيامِ والوضوءِ والغسلِ والصلاةِ. ولما رأى النبيُّ -صلّى اللهُ عليه وسلّمَ- الرجلينِ جالسينِ في المسجدِ لم يُصلّيا معه، سألهما لما لم تُصلّيا معنا؟ قالا: قد صلّينا في رحالِنا، فالنبيُّ صدّقَهما، لكنّه أرشدهُما إلى حكمٍ آخرٍ وهو أنَّ من صلّى وجاءَ إلى مسجدِ جماعةٍ وهم لم يصلّوا فإنّه يُصلّي معهم، وتكونُ هذه الصلاةُ له نافلةً.
 
– القارئ: والزكاةُ أيضًا مثلُها، فإذا قال الرجلُ: أنا أعرفُ قيمَ الأشياءِ، وكان ذا خبرةٍ، قلنا: قوّمْها أنت، أمّا إذا قال: أنا لا أعرفُ، قلنا له: تأتي بمن يُقوّمُها لك.
وقولُه «عند الحولِ»: أي عند تمامِ الحولِ؛ لأنّه الوقتُ الذي تجبُ فيه الزكاةُ، فلا يُقدّمُ قبلَه، ولا يُؤخّرُ بعدَه بزمنٍ يتغيّرُ فيه السعرُ؛ لأنَّ في ذلك هضمًا للحقِّ إن نَزَلَ السعرُ، أو زيادةً عليه إن زادَ السعرُ. ثمَّ التقويمُ هل يكونُ باعتبارِ الجملةِ أو باعتبارِ التّفريقِ؛ لأنَّ الثمنَ يختلفُ باعتبارِ الجملةِ عن التفريقِ؟ الجوابُ: إن كان ممّنْ يبيعُ بالجملةِ فباعتبارِ الجملةِ، وإن كان يبيعُ بالتفريقِ فباعتبارِ التفريقِ، وإن كان يبيعُ بهما فيعتبرُ الأكثرَ بيعًا.
وقولُه «بالأحظِّ للفقراءِ»: المرادُ: بالأحظِّ لأهلِ الزكاةِ؛ لأنَّ أهلَ الزكاةِ فقراءُ، ومساكينُ، وعاملون عليها، ومؤلفةٌ قلوبُهم، فلو عَبَّرَ المؤلفُ بقولِه: «لأهلِ الزكاةِ» لكانَ أعمَّ، لكن ذكرَ الفقراءَ؛ لأنَّ هذا هو الغالبُ.

– الشيخ: هذا كلامُ الشيخِ، لا أدري، ولم يذكرْ فيه كلامًا أو خلافًا، يعني قولُه: إنَّ أهلَ التقويمِ باعتبارِ الجملةِ أو باعتبارِ التفريقِ، الشيخُ فصّلَ هذا الكلامَ وهو حسنٌ، لكن لقائلٍ أن يقولَ: بل يُقوّمُها باعتبارِ الجملةِ؛ لأنَّ التفريقَ يأتي مُتفرّقٌ ومُتقطّعٌ، يعني هذا عنده محلٌّ ويريدُ أن يزكّي، يزكي السلعَ متفرقةً من الآن مع أنَّ هذه السّلَعَ المتفرّقةَ قد يبيعُها بأقلَّ فيما بعد أو بأكثرَ فتختلفُ، فعندي له وجهٌ: إذا قيل أنّها تُقوَّمُ جملةً، فعلى سبيلِ المثالِ: عندك محلٌّ يبيعُ بالتّفريقِ فنقولُ له قَوّمْ جملةَ ما عندك فقط.
 
– القارئ: وقولُه «من عينٍ أو وَرِقٍ»: العينُ: الدنانيرُ، والوَرِقُ: الدراهمُ، فإذا قوّمناها وصارت لا تبلغُ النصابَ باعتبارِ الذهبِ (الدنانير)، وتبلغُ النصابَ باعتبارِ الفضةِ، فنأخذُ باعتبارِ الفضةِ؛ بمعنى: أنّ هذه السلعةَ تساوي مائتي درهمٍ، وخمسةِ عشر دينارًا. إن اعتبرنا الدينارَ لم تجبْ فيها الزكاةُ، وإن اعتبرنا الدراهمَ وجبتْ فيها الزكاةُ فالأحظُّ للفقراءِ أن تقوّمَها بالفضّةِ، والعكسُ بالعكسِ، فلو كانت هذهِ السلعةُ تساوي عشرينَ دينارًا أو مائةً وخمسينَ درهمًا فنعتبرُها بالذّهبِ (بالدّنانيرِ)؛ لأنَّ ذلك الأحظُّ لأهلِ الزكاةِ.
– الشيخ: وهذا يحتاجُ إلى تأمّلٍ في هذا المقامِ، يعني يمكنُ أن يكونَ في المسألةِ قولٌ آخرُ، أنَّها تُقوّمُ بالثّمنِ الدّارجِ، والآنَ السّلعُ لا تُقوَّمُ بالذهبِ بل تُقوَّمُ بالريالاتِ فقط، فعندي أنّها تُقوّمُ بالثّمنِ الدّارجِ والمستخدَمِ في تقويمِ السلعِ وفقط.
 
– القارئ: فإن قالَ قائلٌ: كيف تعتبرونَ الأحظَّ والنبيُّ -صلّى اللهُ عليه وسلّمَ- قال لمعاذٍ رضي اللهُ عنه: «إيّاكَ وكرائمَ أموالِهم، واتقِّ دعوةَ المظلومِ». فالجوابُ: أنَّ بينَهما فرقًا، فحديثُ معاذٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ فيما إذا وجبت الزكاةُ، فلا تأخذْ من أعلى المالِ، أمّا هذا فقد وجبت باعتبارِ أحدِ النقدينِ ولم تجبْ باعتبارِ الآخرِ، فاعتبرنا الأحوطَ وهو ما بلغت فيه النصابُ؛ إن كان ذهبًا فذهبٌ، وإن كان فضةً ففضةٌ. وَلاَ يُعْتَبَرُ مَا اشْتُرِيتْ بِهِ وَإِنِ اشْتَرَى عَرَضًا بِنِصَابٍ مِنْ أَثْمَانٍ، أَوْ عُرُوضٍ بَنَى عَلَى حَوْلِهِ وَإِنِ اشْتَراه بِسَائِمَةٍ لَمْ يَبْنِ …
قولُه «ولا يُعتبرُ ما اشتُريتْ به»: أي: لا يُعتبرُ في تقويمِها عند تمامِ الحولِ ما اشتُريتْ به؛ وذلك لأنَّ قيمتَها تختلفُ ارتفاعًا ونزولًا، ربّما يشتري هذه العروضَ وهي وقتَ الشراءِ تبلغُ النّصابَ، وعند تمامِ الحولِ لا تبلغُ النصابَ، فلا زكاةَ فيها، وربّما يشتريها وهي تبلغُ نصابًا وعند تمامِ الحولِ تبلغُ نصابين. فإن قال قائلٌ: رِبْحُها هذا لم يتمَّ عليه الحولُ؛ لأنّها لم ترتفعْ قيمتُها إلّا في آخرِ شهرٍ من السنةِ؟ 
فالجوابُ: قلنا إنَّ هذا تابعٌ لأصلِهِ كنِتَاجِ السائمةِ، فكما أنَّ نتاجَ السائمةِ لا يُشتَرطُ له تمامُ الحولِ، بل يتبعُ أصلَه، كذلك أيضًا ربحُ التجارةِ يتبعُ أصلَه، ولا يُشترطُ له تمامُ الحولِ، وقد سَبَقَ هذا في أوّلِ كتابِ الزكاةِ. وقولُه «ولا يُعتبرُ ما اشتُريتْ به»: لو كانت عند الشراءِ تبلغُ النصابَ وعند تمامِ الحولِ تبلغُ النصابَ، فهنا يستوي الأمران، ومع ذلك لا نقول: يعتبرُ ما اشتُريَتْ به، حتى في هذه الحال نقولُ: المعتبرُ ما كان قيمةً لها عند تمامِ الحولِ.
قولُه «وإن اشترى عَرَضًا بنصابٍ من أثمانٍ، أو عروضٍ بنى على حولِه»: الأثمانُ: جمعُ ثمنٍ وسُمّيتْ بذلك لأنّها ثمنُ الأشياءِ، وهي الذهبُ والفضةُ.
في مسألةٍ ذكرتَها في الأوّلِ، يعني الذي رجّحهُ ابنُ تيميةَ في زكاةِ العسلِ؟

– الشيخ: يعني بناءً على الآثارِ، يُصبحُ من جنسِ الخارجِ من الأرضِ، فيه العشرُ.
 


الأسئلة:
س1: إذا مَلَكَ رجلٌ بفعلِه سلعةً بغيرِ نيّةِ التجارةِ، ثمّ نواها للتجارةِ، ومضى على النيةِ حولٌ كاملٌ فهل يزكّي؟
ج: على مُوجَبُ المذهبِ أنَّه لا زكاةَ عليه، والقولُ الذي رجّحه الشيخُ وهو وجيهٌ أنَّه عليه الزكاةُ، عندَ تمامِ الحولِ يقوّمُها.
……………………………..
س2: لو مَلَكَ عروضَ التجارةِ عن طريقِ اللقطةِ، فهل تُزكّى وتأخذُ حكمَ العروضِ أم لا؟
ج: تأخذُ حكمَ العروضِ إذا مَلَكَه، متى يملكُها؟ إذا مضى حولٌ وهو يعرّفها ولم يأتِ لها طالبٌ، فإنّها تصيرُ مِلكَه، فإذا مضى عليها حولٌ بعدَ حولِ التّعريفِ، يعني ما تجبُ عليه الزكاةُ إلّا بعد حولين، الحولُ الأولُ هو حولُ التعريفِ، والحولُ الثاني منذ مَلَكَها.
……………………………..
س3: ما المقصودُ بالأحظّ؟
ج: الأحظُّ هو استحقاقُ الزكاةِ، إذا قوّمناها بالفضةِ وجبتْ فيها الزكاةُ، وإذا قوَّمناها بالذّهبِ لم تجبْ، إذًا الأحظُّ هو وجوبُ الزكاةِ، لأنّه إذا وجبتْ فيه الزكاةُ انتفعَ الفقراءُ، فالأَحظُّ هو ما يقتضي وجوبَ الزكاةِ.
……………………………..
س4: من أخرجَ زكاةَ عروضِهِ من عينِ بضاعتِه، ولم يُخرجْ مالًا، فهل تبرأُ ذمّتُه؟
ج: عندهم لا، لابدَّ من إخراجِ القيمةِ، والقولُ الثاني أنّه تبرأُ ذمّتُه.
……………………………..
س5: كثيرٌ من النساءِ عند الزواجِ تشتري ذهبًا، وربّما تمرُّ السنةُ والسنتان ولم تلبسهُما، وربما كان قصدُها من شرائِه أنْ تدّخرَه لوقتِ الحاجةِ، فهل يكونُ الذهبُ الذي عندها له حكمُ الاستعمالِ أم المدَّخَر؟
ج: إذا تحوّلت نيّتُها، يعني اشترتْه لاستعمالِه تلكَ الليلة وأبقتْه عندَها رصيدًا من أجلِ أن تبيعَ منه إذا احتاجتْ؛ فإنّه يتحوّلُ إلى مالٍ تجاريٍّ، ويَصْدُقُ عليه أنّه مالٌ مُعَدٌّ للنّفقةِ، فبعدَ أن قَضَتْ حاجَتَها منه حوّلتْ نيّتَها أنّه للنفقةِ لا للاستعمالِ، أمّا إذا تركته عندها لتستعملْه بالمناسباتِ فهو للاستعمالِ.
……………………………..
س6: السلعُ تقوَّمُ بالأحظِّ للفقراءِ فقط لبلوغِ النصابِ، أم يدخلُ كذلك الأكثرُ زكاةً؟
ج: السؤالُ ليس واضحًا، وعلى كلِّ الأحوالِ هو بالأحظِّ للفقراءِ باعتبارِ الوجوبِ، وباعتبارِ الأكثرِ إن كان هذا التّقديرُ.
……………………………..
س7: رجلٌ دخلَ المسجدَ والإمامُ الرّاتبُ في التّشهدِ الأخيرِ، فهل الأفضلُ أن يدخلَ معه ليدركَ فضيلةَ الجماعةِ الأولى، أم ينتظرَ ليصلّيَ مع المتأخّرين؟
ج: يدخُلُ مع الإمامِ فقط لقولِه -صلّى اللهُ عليه وسلّمَ-: "ما أدركتم فصلّوا، وما فاتَكم فأتمّوا"، لكنْ إذا كان هناك أناسٌ مستعدّونَ وحاضرونَ يدخلونَ مع الإمامِ، وإذا سلّمَ الإمامُ يتقدَّمُ أحدُهم ويصلّي جماعةً.
……………………………..
س8: هل السنّةُ عند الدخولِ والخروجِ واجتماعِ اثنينِ أن يتقدّمَ الأيمنُ أم الأكبرُ؟
ج: الأظهرُ أنّه الأكبرُ.
……………………………..
س9: لديَّ عاملٌ استغنيتُ عنه وأُريدُ تسفيرَه، فقال: أبقني على كفالتِكَ لأعملَ عند غيرِكَ ولكَ مبلغُ كذا كلَّ شهرٍ، فما الحكمُ في ذلك، علمًا بأنَّ إبقائَه على كفالتي يمنعُني من استقدامِ آخر؟
ج: الأصلُ أنَّه لا يجوزُ هذا التّصرُّفُ، انقُلْ كفالَتَه، أمّا أن تأخذَ عليه ضريبةً وأصبحَ كأنّه مملوكٌ لك وتأخذُ عليه خَرَاجًا فلا، والحلُّ أن تنقلَ كفالَته ولا يبقى عندَكَ.
……………………………..
س10: في قولِ عبدِ اللهِ بن شقيقٍ: "كان الصّحابةُ لا يرونَ من الأعمالِ شيئًا تركُه كفرٌ إلّا الصلاة" …؟
ج: كانوا لا يرونَ تركَ الصيامِ كسلًا وتهاونًا كفرًا، ولا يرونَ التّهاونَ في الحجِّ كفرًا، ولا يرونَ التّهاونَ في الزكاةِ كفرًا، إلّا الصلاةَ فإنَّهم يرونَ تركَ الصلاةِ كفرًا فقط، هذا هو المعنى.
……………………………..
س11: معلومٌ أنَّ توحيدَ الأسماءِ والصفاتِ يدخلُ في توحيدِ الربوبيةِ، والسؤالُ هل من أنكرَ صفةَ اليدِ، هل نقولُ أنَّ عنده خللٌ في توحيدِ الربوبيةِ، أم خَلَلُه في توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ؟
ج: خَلَلُهُ في توحيدِ الصفاتِ.
……………………………..
س12: ما حكمُ قولِ الشخصِ لأُمّهِ: "جعل يومي قبل يومك"؟
ج: العادةُ العكسُ، هي التي تقولُ لابنِها، وهذا لا يصلحُ لأنّه يُحزنُها، هذا ضدّ رغبتِها، والذي ينبغي تركُ هذا للهِ، بل يقولُ كلٌّ منهما للآخرِ: الله يحيني وإيّاكم على الطّاعةِ.
……………………………..
س13: إمامُنا رجلٌ فاضلٌ وحافظٌ ومتقنٌ للقرآنِ ولديهِ إجازةٌ في ذلك، وقد لُوحِظَ عليه في بعضِ الأحيانِ عندَ قراءةِ الفاتحةِ وغيرِها يقرأُ: "ربِّ العالمين" فينطقُ الباءَ ميمًا بسببِ مرضِ الّلحنيّةِ، وقد كُلِّمَ في ذلك وتحسّنَ مُدّةً ثمّ عاد، والسؤالُ هل تبرأُ الذمّةُ بكونِه إمامًا، وهل تُقبَلُ الصلاةُ خلفَه؟
ج: تُقبَلُ الصلاةُ خلفَه، لأنَّ هذه عِلَّةٌ عَرَضيّةٌ قهريّةٌ.        
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله