بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة النُّور
الدَّرس: السَّادس عشر
*** *** ***
– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشِّيطانِ الرَّجيمِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور:58-60]
– الشيخ : إلى هنا
– القارئ : عفا اللهُ عنكَ
– الشيخ : هذا خطاب من الله للمؤمنين يُرشدُهم إلى بعضِ الآدابِ، بعضِ آدابِ البيوتِ والأُسر، وهذا فيه نوع رجوع إلى هذا المعنى وهذا الموضوع؛ لأنّه تقدَّم في وسط السورة الكلام في الإسئذان، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ [النور:27] وماتقدَّم هو استئذان الإنسان في بيت غيره، إذا دخلتم بيوتاً، لاتدخلو بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا أمّا هنا فهذا استئذان فيما بين أهل البيت، فيما بين أهل البيت، وأهل البيت لهم أوقات يجتمع الرجل بأهله وقد تدعو الحاجة إلى أن يخلعَ ثيابه فأمر الله في هذه الآيات بالاستئذان، باستئذان المماليك والصغار، عليهم أن يُؤَدَّبوا بحيث أنَّهم لا يدخلون على أهلهم إلّا باستئذان، ولعلَّ هذا راجع والله أعلم الى أنّه يعني البيوت لم تكن يعني الغرفات ويكون عليها أبواب وتغلق، لأ الأمور تكون بسيطة، يا أيّها الذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم يعني هذا أمر للأولياء والسادة أن يُؤدِّبوا يعني مماليكهم والأطفال بهذا الأدب، ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات، يعني في ثلاثة أوقات، ثلاث مرّات المقصود أن يستأذنوكم في ثلاثة أوقات ثمَّ فصَّلها سبحانه من قبل طلوع الـــــ، ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وعند الظهيرة، من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، من قبل صلاة الفجر هذا وقت؛ لأنّه في قبل صلاة الفجر كأنّهم يستيقظ الأطفال ويقومون لقرب النهار ويكون الرجل مع أهله وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، تضعونها يعني بسبب الحرّ، بسبب الحرّ يضعون ثيابهم، القيلولة يعني وقت القيلولة كانوا يقيلون ويضعون ثيابهم في حال القيلولة للتخفُّف والتبرُّد، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة هذا الوقت الثاني، والثالث ومن بعد صلاة العشاء، أيضاً من بعد صلاة العشاء هو وقت يعني وقت النوم وذهاب كلٌّ إلى مضجعه وفراشه، فهذا أيضا وقت لظهور العورات، كلّ هذه الأوقات يتعرَّض فيها الإنسان لكشف عورته، قال الله ثلاث عورات لكم، يعني أكّد هذا المعنى: (ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّات) ثم عدَّها من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن.
ليس عليكم أيّها السادة والأولياء ولا على المماليك والاطفال ليس على الجميع جناح ولا حرج ولا إثم. ليس عليكم جناح بعد هذه الساعات الثلاث؛ لأنّ ما سواها الناس في حال اليقظة وفي حال الحركة يعني و اكتمال الستر في حال تستُّر ولبس الثياب، ليس عليكم ولاعليهم جناح بعدهنَّ طوّافون عليكم المماليك والصغار يعني يطوفون ويأكلون يتردَّدون على أهلهم وعلى سادتهم بالخدمة وللحاجة يعني طوّافون عليكم، ليس عليكم ولاعليهم جناح طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبيّن الله لكم الآيات والله عليم حكيم، ثم قال تعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم).
إذا بلغوا عليهم أن يستأذنوا كما استأذن من قبلهم، كما في الآية الأولى: (لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم)، (كما استأذن الذين من قبلكم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم) ثم قال تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لايرجون نكاحاً) القاعدات، القواعد قاعدات عن الحيض وعن النكاح لايرجون نكاحاً؛ لأنّهنّ كبيرات قواعد ضدَّ خلاف الشابَّات، إمّا الله أعلم قاعدات عن الحيضِ لكبرِهنَّ، والّلائي يَئِسنَ من المحيض من نسائكم، أو قاعدات عن الرغبة بالنكاح لكنّ السّاري جاء نصّاً الذين لا يرجون نكاحاً.
فليس عليهنَّ جناحٌ أن يضعنَ ثيابهنَّ اللاتي أُمِرْنَ بلبسِها في قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور:31] لكن بشرط، يعني لها أن تكشف يعني نحو وجهها أو رأسها، لكن بشرط أن لا يتبرّجْنَ بزينة ما يروح تتصنّع الواحدة فتصبح يعني فاتنة؟ لا، غير متبرجات بزينة وأن يستعففنَ خير لهنَّ أن تتستَّر وترتدي الثياب فذلك خير، لكن الأوّل رخصة فليس عليهنَّ جناح أن يضعن ثيابهن بشرط يقول تعالى غير متبرجات بزينه وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم، اقرا يا محمد يا أيّها الذين آمنوا.
– القارئ : أحسنَ اللهُ إليك، بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينِ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السعديّ -رحمَه اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: (يا أيُّها الّذينَ آمنوا …) الآيات، أمرَ المؤمنين أنْ يستأذنَهم مماليكُهم والَّذينَ لم يبلغوا الحُلم منهم قدْ ذكرَ اللهُ حكمتَه وأنَّهُ ثلاثُ عوراتٍ للمُستأَذَنِ عليهم، وقتَ نومِهم بالليلِ بعدَ العشاءِ، وعندَ انتباهِهم قبلَ صلاةِ الفجرِ فهذا في الغالبِ أنَّ النائمَ يستعملُ للنومِ في الليلِ ثوباً غيرَ ثوبِ النهارِ، وأمَّا نومُ النهارِ لمَّا كانَ في الغالبِ قليلاً قد ينامُ فيهِ العبدُ بثيابِه المعتادةِ قيَّدَهُ بقولِهِ وحينَ تضعونَ ثيابَكم مِن الظهيرةِ، أي للقائلةِ وسَطَ النهارِ ففي ثلاثةِ هذهِ الأحوالِ يكونُ المماليكُ، والأولادُ الصغارُ كغيرِهم، لا يُمكَّنون مِن الدخولِ إلَّا بإذنٍ، وأمَّا ما عدا هذهِ الأحوال الثلاثةِ فقالَ: (ليسَ عليكم ولا عليهم جُناحٌ بعدهنَّ)، أي: ليسُوا كغيرِهم فإنَّهم يُحتاجُ إليهم دائماً، فيشقُّ الاستئذانُ منهم في كلِّ وقتٍ، ولهذا قالَ: (طوَّافون عليكم بعضُكم على بعضٍ)، أي: يتردَّدون عليكم في قضاءِ أشغالِكم وحوائجِكم، كذلكَ يُبيّنُ الله لكم الآياتَ بياناً مقروناً بحكمتِه، ليتأكَّدَ ويتقوَّى ويُعرَفَ به رحمةَ شارعِه وحكمتِه، ولهذا قالَ: (واللهُ عليمٌ حكيمٌ)، لهُ العلمُ المحيطُ بالواجباتِ والمُستحيلاتِ والمُمكناتِ، والحكمةُ الَّتي وضعَتْ كلَّ شيءٍ مواضعَهُ فأعطى كلَّ مخلوقٍ خلقَهُ اللائقَ به، وأعطى كلَّ حكمٍ شرعيٍّ حكمَهُ اللائقَ بهِ، ومنه هذهِ الأحكامُ الَّتي بيَّنها وبيَّنَ مآخذَها وحُسنَها، (وإذا بلغَ الأطفالُ منكم الحُلمَ)، وهوَ إنزالُ المنيِّ يقظةً أو مناماً، (فليستأذنوا كما استأذنَ الَّذينَ مِن قبلِهم أي في سائرِ الأوقاتِ، والَّذين مِن قبلِهم هم الَّذينَ ذكرَهم اللهُ بقولِهِ: (يا أيُّها الذينَ أمنوا لا تدخلوا بيوتاً غيرَ بيوتِكم حتّى تستأذنوا) الآيةُ كذلكَ يُبيّنُ اللهُ لكم آياتِه ويوضَّحُها ويُفصِّلُ أحكامَها واللهُ عليمٌ حكيمٌ، وفي هاتينِ الآيتينِ فوائدٌ مِنها: أنَّ السيَّدَ ووليُّ الصغيرِ مخاطبانِ بتعليمِ عبيدِهم ومَن تحتَ ولايتِهم مِن الأولادِ.
– الشيخ : مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مروا أولادَكم بالصلاةِ لسبعٍ واضربُوهم)، هذا توجيه للكبار للأولياء مثل هذه الآية (يا أيُّها الذينَ آمنوا ليستأذنكم الّذين لم يبلغوا الحلم)، فالأمر والتوجيه والخطاب للأولياء والسادة.
– القارئ : العلمَ والآدابَ الشرعيَّةِ؛ لأنَّ اللهَ وجّهَ الخطابَ إليهم بقولِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنَكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) الآية، ولا يمكنُ ذلك، إلَّا بالتعليمِ والتأديبِ، ولقولِهِ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ}.
ومِنها: الأمرُ بحفظِ العوراتِ، والاحتياطِ لذلكَ مِن كلِّ وجهٍ، وأنَّ المحلَّ والمكانَ، الَّذي هوَ مَظنةٌ لرؤيةِ عورةِ الإنسانِ فيهِ، أنَّه منهيٌّ عن الاغتسالِ فيه والاستنجاءِ، ونحوِ ذلكَ.
ومِنها جوازُ كشفِ العورةِ لحاجةٍ كالحاجةِ عندَ النومِ وعندَ البولِ والغائطِ ونحوِ ذلكَ، ومِنها أنَّ المسلمين َكانوا معتادينَ القيلولةَ وسطَ النهارِ، كما اعتادُوا نومَ الليلِ؛ لأنَّ اللهَ خاطبَهم ببيانِ حالِهم الموجودةِ، ومنها أنَّ الصغيرَ الَّذي دونَ البلوغِ لا يجوزُ أنْ يُمكَّنَ مِن رؤيةِ العورةِ، ولا يجوزُ أنْ تُرى عورتُهُ؛ لأنَّ اللهَ لم يأمْر باستئذانِهم إلَّا عن أمرٍ ما يجوزُ، ومِنها أنَّ المملوكَ أيضاً لا يجوزُ أنْ يرى عورةَ سيِّدِهِ، كما أنَّ سيَّدَهُ لا يجوزُ أنْ يرى عورتَه ُكما ذكرْنا في الصغيرِ، ومِنها أنَّه ينبغي للواعظِ والمُعلمِ ونحوِهم ممَّن يتكلَّمُ في مسائلِ العلمِ الشرعيِّ، أنْ يَقرُنَ بالحكمِ بيانُ مأخذِه ووجهِه ولا يُبقيه مجرَّداً عن الدليلِ والتعليلِ؛ لأنَّ اللهَ لمَّا بيَّنَ الحكمَ المذكورَ علَّلَه بقولِهِ ثلاثُ عوراتٍ لكم، ومنها أنَّ الصغيرَ والعبدَ مخاطبانِ، كما أنَّ وليَّهما مخاطبٌ لقولِهِ: (ليسَ عليكم ولا عليهم جُناحٌ بعدهنّ)، ومنها أنَّ ريقَ الصبيِّ طاهرٌ، ولو كانَ بعدَ نجاسةٍ كالقيءِ، لقولِهِ تعالى: (طوَّافون عليكم)، معَ قولِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- حينَ سُئِلَ عن الهِرَّةِ: إنَّها ليست بنَجَسٍ إنَّها مِن الطوَّافين عليكم والطوَّافات، ومنها جوازُ استخدامِ الإنسانِ مَن تحتَ يدَهُ مِن الأطفالِ على وجهِ المُعتادِ، لا يشُقُّ على الطفلِ لقولهِ: طوَّافون عليكم، ومنها أنَّ الحكمَ المذكورَ المُفصَّلَ إنَّما هوَ لما دونَ البلوغِ، وأمَّا ما بعدَ البلوغِ فليسَ إلَّا الاستئذانُ ومنها أنَّ البلوغَ يحصلُ بالإنزالِ، وكلُّ حكمٍ شرعيٍّ رُتِّبَ على البلوغِ حصلَ بالإنزال هذا مُجمَعٌ عليهِ، وإنَّما الخلافُ هل يحصلُ البلوغُ بالسنِّ أو الإنباتِ للعانةِ؟ واللهُ اعلمُ. والقواعدُ مِن النساءِ..
– الشيخ : حسبك بس [فقط]، الله المستعان، نعم، نعم يا شيخ مبارك.
– القارئ : بسمِ اللهِ، والحمدُ للهِ، وصلّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين، قالَ اللهُ تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ [هود:77]
ولمّا جاءَتْ ملائكتُنا لوطاً ساءَه مجيئُهم واغتمَّ لذلكَ، وذلكَ لأنَّه لمْ يكنْ يعلمُ أنَّهم رُسُلُ اللهِ، وخَافَ عليهم مِن قومِهِ وقالَ هذا يومُ بلاءٍ وشدةٍ، ﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ [هود:78]
ولمّا جاءَ قومُ لوطٍ يُسرعونَ المشيَ إليهِ لطلبِ الفاحشةِ وكانُوا
– الشيخ : نعوذ بالله، حسبُنا الله، نعم.
– القارئ : وكانُوا مِن قبلِ مجيئِهم يأتونَ الرِّجالَ شهوةً مِن دونِ النساءِ، فقالَ لوطٌ لقومِه: هؤلاءِ بناتي تزوجوهُنَّ فهنَّ أطهرُ لكم ممَّا تريدون، وسمَّاهم بناتُه؛ لأنَّه نبيُّ الأمَّةِ بمنزلةِ الأبِ لهم فاخشوا اللهَ واحذروا عقابَهُ.
– الشيخ : لا يكون صرف للكلام عن الظاهر، يقول بناتي بناتي، يقول اللي أقدر عليه أزوجكم بناتي، هذا ما أستطيعه، هؤلاء بناتي هنَّ أطهر لكم؛ لأنَّه يريد أن يفدي أضيافه بأن يزوّجهم بناتِهِ هؤلاء بناتي، محمد. شوف ابن كثير عن الآية ذي سورة هود، أقول هذا قول في الــــ، وتذرون ما خلق الله لكم، هؤلاء بناتي، ثم يقول هؤلاء إشارة، إشارة إلى حاضرات.
– القارئ : ولا تفضحوني بالاعتداءِ على ضيفي أليسَ منكم رجلٌ رشيدٌ ذو رُشدٍ ينهى مَن أرادَ ركوبَ الفاحشةِ ويحولُ بينَهُ وبينَ ذلكَ؟
﴿قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ [هود:79]
– الشيخ : مالنا في بناتك شوف لاحظ، مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ يعني زوجاتهم زوجاتهم.
– طالب: ابن كثير يقول: وقوله: قَالَ يَا قَوْم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَر لَكُمْ " يُرْشِدهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ
– الشيخ : إلى نسائهم. هذا نفس المعنى.
– طالب: فَإِنَّ النَّبِيّ لِلْأُمَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِد فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا هُوَ أَنْفَع لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَمَا قَالَ لَهُمْ فِي الْآيَة الْأُخْرَى" أَتَأْتُونَ الذُّكْرَان مِنْ الْعَالَمِينَ، ثم ساق الآية " وَقَوْله فِي الْآيَة الْأُخْرَى " قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَك عَنْ الْعَالَمِينَ " أَيْ أَلَمْ نَنْهَك عَنْ ضِيَافَة الرِّجَال" قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ لَعَمْرك إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتهمْ يَعْمَهُونَ" وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة "هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَر لَكُمْ" قَالَ مُجَاهِد: لَمْ يَكُنَّ بَنَاته ولَكِنْ كُنَّ مِنْ أُمَّته وَكُلّ نَبِيّ أَبُو أُمَّته.
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَة وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ اِبْن جُرَيْج: أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجُوا النِّسَاء وَلَمْ يَعْرِض عَلَيْهِمْ سِفَاحًا. وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر: يَعْنِي نِسَاءَهُمْ هُنَّ بَنَاته وَهُوَ أَب لَهُمْ وَيُقَال فِي بَعْض الْقِرَاءَات "النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ" وَهُوَ أَب لَهُمْ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَغَيْرهمْ وَقَوْله: فَاتَّقُوا اللَّه.
– الشيخ : سبحان الله، مشى قول الواحد على، أذكر أن الشيخ السعديّ استدرك، شوف تفسير السعديّ عندك.
– طالب: أحسن الله إليك يا شيخ.. إنَّ الآية الثانية تبيّن: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ [الشعراء:165-166]
– الشيخ : طيب هو يقول هذه وهذه ما بينهم مُنافاة، لكن قوله
– طالب: السعديّ ما ذكر
– الشيخ : السعدي وش [ماذا] قال؟
– طالب: نفس ما قال ابن كثير وهؤلاء التفسير الميسّر
– طالب: ابن الجوزيّ يذكر دائماً الأقوال
– الشيخ : وش قال السعديّ؟
– القارئ : (قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ). من أضيافي، وهذا كما عُرِض لسليمانَ -صلّى الله عليه وسلّم- على المرأتين أنْ يشقَّ الولدُ المُختصَمُ فيه، لاستخراجِ الحقِّ ولعلمِه أنَّ بناتَهُ مُمتنعٌ منالُهنَّ، ولا حقَّ لهم فيهنَّ.
والمقصودُ الأعظمُ، دفعُ هذهِ الفاحشةِ الكبرى، فاتَّقوا اللهَ ولا تخزونِ.
– الشيخ : لا ما قال مثل ما قال ابن كثير -الله يهديك- لا لا هذا ما هو بعرض حقيقيّ بس زي ما يقولون مناورة، مناورة بس يؤكّد على قولهم: (لقد علمت مالنا في بناتك من حق) مالنا في بناتك حق سبحان الله، مالهم في زوجاتهم من حقّ، يعني قول اللي ذكروه غريب هؤلاء بناتي تزوجوهنَّ يعني كان قال: تزوّجوا روحوا لزوجاتكم، يقول بناتي ثمَّ يقولون لقد علمت مالنا في بناتك من حقّ، لا السعديّ يعني أخذ منحى آخر عن قول هؤلاء، نعم سبحان الله.
– القارئ : يا شيخنا القرطبيُّ يذكرُ: وقالَ ابنُ عبّاسٍ كانَ رؤساؤُهم خطبُوا بناتِه فلم يُجبْهم.
– الشيخ : من أين تقرا أنت؟
– القارئ : شرح القرطبيَّ
– الشيخ : وش يقول؟ تفسير يقول تفسير.
– القارئ : أي نعم، قالَ كانَ رؤساؤُهم خطبُوا بناتِهِ فلم يُجبْهم وأرادَ ذلكَ اليومَ أن يفديَ أضيافَهُ ببناتِهِ.
– الشيخ : الله أعلم كلّ هذه أمور غيبيّة فيها إسرائيليّات، فيها إسرائيليّات.
– القارئ : يا شيخ قالَ: لقد علمتَ مالنا في بناتِكَ مِن حقٍّ وإنَّكَ لتعلمُ ما نريدُ، أي لا نريدُ إلّا الرجالَ، ولا لنا رغبةَ في النساءِ.
– الشيخ : مالهم رغبة في النساء لا لا لهم رغبة في النساء، هم يفعلون هذا يؤذون نبيَّ الله وإلّا لذهبوا وتناكحوا فيما بينهم، بس هم يريدون هذا من نوع الإيذاء لنبي الله، اش تقول أنت في شي؟
– القارئ : أحسنَ اللهُ إليكَ، ابنُ عاشورٍ يذكرُ مِن ذكرِ القولِ هذا [….] وذكرَ الاحتمالاتِ قالَ: يمكنُ أنْ يكونَ جائزاً في مِلَّتِهم الزواجُ الَّذي يدخلُ على المرأةِ أكثرُ مِن رجلٍ ثمَّ تنبَذُ بهِ أو تنبَذُ بالولدِ، أحدُهم ثلاثُ مسائلَ.
– الشيخ : لا إله إلا الله سبحان الله سبحان الله كان جائز في شريعتهم أيش؟ نعم كمّل يا محمد.
– القارئ : قالَ قومُ لوطٍ لقدْ علمتَ مِن قبلُ أنَّه ليسَ لنا في النساءِ مِن حاجةٍ أو رغبةٍ، وإنَّك لتعلمُ ما نريدُ أي: لا نريدُ إلَّا الرجالَ ولا لنا رغبةٌ في نكاحِ النساءِ.
– الشيخ : لا إله إلّا الله، الله أعلم بمراده سبحان الله، نسأل الله العافية.
– القارئ : ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود:80]
قالَ لهم حينَ أَبَوا إلّا فعلُ الفاحشةِ لو أنَّ لي بكم قوةً وأنصاراً معي، أو أركنُ إلى عشيرةٍ تمنعُني منكم لحلْتُ بينَكم وبينَ ما تريدونَ.
﴿قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ [هود:81]
قالتْ الملائكةُ يا لوطُ إنَّا رُسُلُ ربِّك وأُرسِلَنا لإهلاكِ قومِكَ وإنَّهم لنْ يصلوا إليكَ، فاخرجْ مِن هذهِ القريةِ أنتَ وأهلُك ببقيةٍ مِن الليلِ، ولا يلتفتْ أحدٌ مِنكم وراءَهُ؛ لألّا يرى العذابَ فيصيبُهُ، لكنَّ امرأتَكَ الّتي خانَتْكَ بالكفرِ والنفاقِ سيصيبُها ما أصابَ قومَكَ مِن الهلاكِ، إنَّ موعدَ هلاكِهم الصبحُ وهوَ موعدٌ قريبُ الحلولِ.
﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ﴾ [هود:82]
فلمّا جاءَ أمرُنا بنزولِ العذابِ بهم جعلْنا عاليَ قريتِهم الّتي كانُوا يعيشونَ فيها سافلَها، فقلبْناها وأمطرْنا عليهم حجارةً مِن طينٍ مُتصلِّبٍ متينٍ، قدْ صُفَّ بعضُها إلى بعضٍ مُتتابِعةً مُعلَّمةً عندَ اللهِ بعلامةٍ معروفةٍ، لا تشاكِلُ حجارةَ الأرضِ وما هذهِ الحجارةُ الَّتي أمطرَها اللهُ على قومِ لوطٍ مِن كفَّارِ قريشٍ ببعيدٍ، أنْ يُمطَرَوا بمثلِها وفي هذا تهديدٌ لكلِّ عاصٍ مُتمرِّدٍ على اللهِ.
– الشيخ : حسبك إلى هنا، نعم.
– طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، قد يُشكِل … تزويج الكفّار من المؤمنات..
– الشيخ : لا يمكن جائز في شريعتهم هذه سهلة، أقول هذه سهلة، نعم.