بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الفرقان
الدَّرس: الثَّاني
*** *** ***
– القارئ : أعوذُ باللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ
وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14) قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْؤُولًا[الفرقان:7-16]
– الشيخ : إلى هنا عفا اللهُ عنك، لا إلهَ إلَّا الله، الله أكبر، يخبرُ سبحانَه وتعالى في هذهِ الآيات عن أقوال المكذِّبين، وتَعنُّتاتهم و اقتراحاتِهم، واعتذارِهم عن الإيمانِ بالرسولِ، وقولهم (مالِ هذا الرسولِ يأكلُ الطعامَ ويمشي في الأسواقِ) يعني مثلُنا بشرٌ، يأكلُ ويشربُ، هذهِ شُبهةٌ قديمةٌ في المكذِّبين، يقول: ما هذا إلَّا بشرٌ مثلُكم يأكلُ ممَّا تأكلون ويشربُ ممَّا تشربون ولئِنْ أطعْتُم بشراً مثلَكم إنَّكم إذاً لخاسرون.
وقالُوا مالِ هذا الرسولِ يأكلُ الطعامَ ويمشي في الأسواق، يعني يمشي في الأسواق، ويشتري مثلَنا ويبيعُ، ثمَّ يقترحون: (لولا أُنزِلَ عليهِ ملكٌ) يعني لو جاءَ معَه ملكٌ يؤيّده، ويشهد له، ويُنزل ويكون معه نذيراً، وهذه أيضاً نفس الشُّبهة، نفس الشُّبهة، أتواصوا؟ يعني كأنَّهم تواصوا بهذه الشُّبهة، ومن اقتراحاتهم قولهم فيكون معه ملك (أو يُلقَى إليه ِكنزٌ) (أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا).
أيضاً اقترحوا يعني لو أنَّه أُلقي إليه كنزٌ، يدلُّ على صدق رسالته، يكون يكون ذا مالٍ، لكنَّه إنسانٌ عادي، ماله تميّز ليس عنده ثراء، وهذه نظرة أكثر الناس إلى الدنيا، يزنون الناس بالمال، فمن كان أوفر مالاً، كان أعظم عندهم، وكانت له المنزلة.
أو تكون له جنَّة بستان، هذا الرسول ما عنده لا بستان ولا مال ولا يأكل منها، قال الله:
وقالَ الظالمون إنْ تتبعون، (هذا من الأقوال) إنْ تتبعون إلَّا رجلاً مسحوراً، اقتراحات واتِّهامات، وقال الظالمون إن تتبعون إلَّا رجلاً مسحوراً، قال الله: (انظرْ كيفَ ضربُوا لكَ الأمثالَ) بهذه المقترحات، (فضلُّوا فلا يستطيعون سبيلاً) يتحيّرون تارةً يقولون مجنون، تارةً يقولون كاهن أو شاعر، وتارةً يقترحون اقتراحات، لماذا لم يأتِ معه ملك، ليش ما اُلقي إليه كنز، يعني نقول يتخبطون متخبطون، (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا).
ثمَّ أخبرَ سبحانه وتعالى عن قدرته، على يعني على إكرام الرسولِ -صلّى الله عليه وسلّم-، بحظٍّ عظيمٍ من الدنيا، الله قادر، لو شاءَ لآتى الرسولَ جنّةً تجري من تحتِها الأنهارُ، وقصور فخمة، تباركَ الَّذي إنْ شاءَ جعلَ لكَ خيراً من ذلك، خيراً من اقتراحاتهم، إن شاء جعل لك خيراً من ذلكَ، جنّاتٍ تجري جنّات، ماهي بجنّة، جناتٍ تجري من تحتها الأنهار، ويجعلُ لكَ قصوراً، لكنْ لله الحكمةُ البالغةُ، لم يجعلْ للرسولِ هذهِ حظَّاً من حظوظ الدنيا الَّتي ينظر إليها الناس، ويَزِنُون الأشخاص بقدرِ حظِّهم من الدنيا.
ثمّ قال تعالى عن الكفار: (بل كذّبوا بالساعةِ) كذّبوا بالساعة يعني القيامة، كذّبوا بالبعث، زعمَ الّذينَ كفرُوا أنْ لن يُبعثوا، بل: وقالَ الَّذينَ كفرُوا لا تأتينا الساعةُ، هكذا يقول لا تأتي الساعة لا تأتي لا تقوم القيامة ليس هناك بعث، ما في بعث ولا جزاء، بل كذّبوا بالساعة.
قال الله: (وأعتدْنا لمن كذّب بالساعةِ سعيراً) أعتدنا يعني أعددْنا وهيَّأْنا، للكفار المكذبين بالبعثِ والنشورِ، المكذِّبين بالساعة، أعتدنا لمن كذَّب بالساعة سعيراً، ناراً عظيمةً، نعوذ بالله، (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا، وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا، لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا).
نسأل الله العافية، أعدَّ الله للكافرين ناراً عظيمةً، والله تعالى يذكرها ويذكر من حالها وحال داخليها، إذا أُلقوا فيها سمعوا لها تغيُّظاً وزفيراً، وهنا لمن كذَّب، إذا رأتهم من مكان بعيدٍ سمعُوا لها تغيُّظاً وزفيراً.
لا إله إلّا الله، ثمَّ قالَ تعالى لبيانِ التبايُنِ بينَ مصيرِ الكافرين ومصيرِ المؤمنين، (قلْ أذلكَ خيرٌ) هذا المصيرُ الأليمُ في السعيرِ، (أذلك خيرٌ أم جنَّةُ الخُلدِ الَّتي وُعِدَ المتقون) جنّةُ الخلدِ هذهِ أعدَّها اللهُ للمتقين، ونارُ السعيرِ أعدَّها اللهُ للكافرين بكذبِهم، وأعتدنا لمن كذّب، يقولُ تعالى: (أم جنَّةُ الخُلدِ الَّتي وُعِدَ المتقون كانَتْ لهم جزاءً مصيراً، لهم فيها ما يشاؤون خالدين كانَ على ربِّكَ وعداً مسؤولاً) وعدٌ، لا يُخلفُ اللهُ الميعادَ
– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، قالَ الشيخُ عبدُ الرَّحمنِ السِّعديُّ -رحمَهُ اللهُ- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: (وقالُوا مالِ هذا الرسولِ….) الآياتُ، هذا مِن مقالةِ المكذِّبين بالرسولِ، الَّذينَ قَدَحُوا في رسالتِهِ، وهوَ أنَّهم اعترضُوا بأنَّه هلَّا كانَ مَلَكاً أو مَلِكاً أو يساعدُهُ، وهذا مِن خصائصِ البشرِ
– الشيخ : لا لا، […] الكلمات فيها شي، هنا الكلمات ساقط منها شيء، هلَّا كان معه مَلَك، أو كان هو مَلَكاً، تارةً يقولون هلَّا كان الرسول مَلَكاً، وقال مرّة يقول لو جاء معه مَلَك، مال… بس أمشي [اقرأ فقط].
– القارئ : فهلَّا كانَ مَلَكاً لا يأكلُ الطعامَ، ولا يحتاجُ إلى ما يحتاجُ إليهِ البشرُ، ويمشي في الأسواقِ
– طالب: وقالوا هلَّا كان مَلَكاً أو مَلِكاً أو يساعدُه ملكٌ
– الشيخ : لا، هلَّا كانَ؟
– طالب: مَلَكاً أو مَلِكاً أو يساعدُهُ ملكٌ
– الشيخ : هذا الَّذي قالَهُ!
– طالب: فقالوا مالِ هذا الرسولِ هذا هو السقط، وقالوا مالِ هذا الرسولِ أي: مالِ هذا الذي ادَّعى الرسالة تهكُّماً منهم واستهزاءاً يأكلُ الطعامَ.
– الشيخ : أي هذا صحيح كان في تقديم وتأخير، في سَقْط وفي تقديم وتأخير، نعم بعده.
– القارئ : ويمشي في الأسواقِ، للبيعِ والشراءِ، فهذا بزعمِهم لا يليقُ بمَن يكونُ رسولاً، معَ أنَّ اللهَ قالَ: (وما أرسلْنا قبلَكَ مِن المرسلينِ إلَّا إنَّهم ليأكلونَ الطعامَ ويمشون في الأسواقِ، فإذا أُنزِلَ).
– الشيخ : يعني هذا الرسول الخاتم هذا شأنه شأنُ من قبله، وما أرسلْنا قبلك إلَّا رجالاً نوحي إليهم، كلُّ الرُّسلِ كانوا بشراً وكانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، بشر، نعم.
– القارئ : (لولا أُنزِل إليهِ ملكٌ) أي هلَّا أُنزِلَ معَهُ ملكاً يساعدُه ويعاونُه، فيكونُ معَهُ نذيراً، فبزعمِهم أنَّه غيرُ كافٍ للرسالةِ.
– الشيخ : تعنُّتات كلُّها تحكُّمات، نعم.
– القارئ : ولا بِطَوقِهِ و قدرتِهِ القيامُ بها، (أو يُلقَى إليهِ كنزٌ) أي مالٌ مجموعٌ مِن غيرِ تعبٍ، (أو تكونُ لهُ جنَّةٌ يأكلُ منها) فيستغني بذلكَ عن مشيِهِ في الأسواقِ.
– الشيخ : بستان بستان فيه أشجارٌ فواكهٌ، وثمارٌ يأكلُ منها، نعم.
– القارئ : فيستغني بذلكَ عن مشيِهِ في الأسواقِ لطلبِ الرزقِ، (وقالَ الظالمون) حملَهم على القولِ ظُلمُهم، لا اشتباهٌ منهم، (إنْ تتبعون إلَّا رجلاً مسحوراً) هذا وقدْ علمُوا كمالَ عقلِهِ، وحُسنَ حديثِهِ، وسلامتِهِ مِن جميعِ المطاعنِ.
فلمَّا كانَتْ هذهِ الأقوالُ منهم عجيبةٌ جدَّاً، قالَ تعالى: (انظر كيف ضربُوا لكَ الأمثالَ) وهيَ هلَّا كانَ ملكاً، أو زالَتْ عنهُ خصائصُ البشرِ، أو معَهُ ملكٌ؛ لأنَّهُ غيرُ قادرٍ على ما قالَ، أو أُنزِلَ عليهِ كنزٌ، أو جُعِلَتْ لهُ جنَّةٌ تُغنيهِ عن المشيِ في الاسواقِ، أو أنَّهُ كانَ مسحوراً.
(فضلُّوا فلا يهتدونَ سبيلاً) قالُوا أقوالاً مُتناقِضةً، كلَّها جهلٌ وضلالٌ وسَفَهٌ، وليسَ في شيءٍ منها هدايةٌ، بلْ ولا في شيءٍ منها أدنى شُبهةٍ تقدحُ في الرسالةِ، بل لمُجرَّدِ النظرِ إليها وتصوُّرِها، يجزمُ العاقلُ ببُطلانِها، ويكفيهِ عن ردِّها؛ ولهذا أمرَ تعالى بالنظرِ إليها وتدبُّرِها، والنظرُ هل تُوجِبُ التوقُّفَ عن الجزمِ للرسولِ بالرسالةِ والصدقِ؛ ولهذا أخبرَ أنَّهُ قادرٌ على أنْ يعطيكَ خيراً كثيراً في الدنيا، فقالَ: (تباركَ الَّذي إنْ شاءَ جعلَ لكَ خيراً مِن ذلكَ) أي خيراً ممَّا قالُوا، ثمَّ فسَّرَهُ بقولِهِ: (جنَّات تجري مِن تحتِها الأنهارُ، ويجعلُ لكَ قصوراً) مُرتفعةً مُزخرفةً، فقدرتُهُ ومشيئتُهُ لا تَقْصِرُ عن ذلكَ، ولكنَّهُ لمَّا كانَتِ الدُّنيا عندَهُ في غايةِ البُعدِ والحقارةِ، أعطى منها أولياءَهُ ورسلَهُ ما اقتضَتْهُ حكمتُهُ منها، واقتراحُ أعدائِهم بأنَّهم هلَّا رزقُوهُ منها، رزقاً كثيراً جدَّاً ظلمٌ وجرآةٌ، ولمّا كانَتْ تلكَ الأقوالُ الَّتي قالُوها معلومةَ الفسادِ، أخبرَ اللهُ تعالى أنَّها لمْ تصدرْ منهم لطلبِ الحقِّ، ولا لاتّباعِ البُرهانِ، وإنَّما صدرَتْ منهم تعنتاً وظلماً وتكذيباً بالحقِّ، فقالُوا ما في قلوبِهم مِن ذلكَ، ولهذا قالَ: (بلْ كذّبُوا بالساعةِ) والمُكذِّبُ المُتعنِّتُ الَّذي ليسَ لهُ قصدٌ في اتِّباعِ الحقِّ، لا سبيلَ إلى هدايتِهِ، ولا حيلةَ في مجادلتِهِ، وإنَّما لهُ حيلةٌ واحدةٌ، وهيَ نزولُ العذابِ بهِ، فلهذا قالَ: (وأعتدَنا لمن كذّبَ بالساعةِ سعيراً) أي ناراً عظيمةً، قد اشتدَّ سعيرُها و تغيَّظَتْ على أهلِها، واشتدَّ زفيرُها، إذا رأتْهُم مِن مكانٍ بعيدٍ أي قبلَ وصولِهم، ووصولِها إليهم، سمعُوا لها تغيُّظاً عليهم، وزفيراً تَقْلُفُ منهم الأفئدةُ، وتتصدَّعُ القلوبُ، ويكادُ الواحدُ منهم يموتُ خوفاً منها وذُعراً، وقد غضبَتْ عليهِم، لغضبِ خالقِها، وقد زادَ لهبُها، لزيادةِ كفرِهم وشرِّهم.
– الشيخ : أعوذُ باللهِ من النارِ، أعوذُ بالله.
– القارئ : (وإذا أُلقوا منها مكاناً ضيِّقاً).
– الشيخ : مُقرَّنين، مُقرَّنين.
– القارئ : أي وقتَ عذابِهم، وهم في وسطِها، جَمْعٌ في مكانٍ، بينَ ضيقِ المكانِ وتزاحُمِ السُّكانِ، وتقرينِهم بالسلاسلِ والأغلالِ، وإذا وصلُوا لذلكَ المكانِ النَحِسِ، وحُبِسُوا فيهِ أشرَّ حبسٍ، (دعَوا هنالك ثبوراً) دعوا على أنفسِهم، بالثبورِ والخزيِ والفضيحةِ، وعلمُوا أنَّهم ظالمون معتدون، قدْ عدلَ فيهم الخالقُ، حيثُ أنزلَهم بأعمالِهم هذا المنزلَ، وليسَ ذلكَ الدعاءُ والاستغاثةُ بنافعةٍ لهم، ولا مُغنيةٍ مِن عذابِ اللهِ، بلْ يُقالُ لهم: (لا تدعوا اليومَ ثبوراً واحداً و ادعوا ثبوراً كثيراً) أي لو زادَ ما قُلْتُم أضعافَ أضعافِهِ، ما أفادَكُم إلَّا الهمُّ والغمُّ والحزنُ.
– الشيخ : نسأل الله العافية، نعوذ بالله من النار، نعوذ بالله.
– القارئ : لمَّا بيَّنَ جزاءَ الظالمين، ناسبَ أنْ يذكرَ جزاءَ المتقين، فقالَ: (قُلْ أذلكَ خيرٌ أم جنَّةُ الخُلدِ) الآيات، أي قُلْ لهم مُبيِّناً لسفاهةِ رأيِهِم، واختيارِهم الضارَّ على النافعِ، وذلكَ الَّذي وصفْتُ لكم مِن العذابِ خيرٌ لكم أم جنَّةُ الخُلدِ الَّتي وُعِدَ المتقون، الَّتي زادُها تقوى اللهِ… بالتقوى، واللهُ قد وعدَهُ إيَّاهُ، والتمتُّعُ بلقاءِ … التمتُّعُ بالنظرِ إلى… وحانَ دخولُها والوصولُ إليها… بلسانِ حالِهم … في مقالِهم: أيُّ الدارين المذكورتين خيرٌ وأولى بالإيثارِ؟ … وإمّا إلى دارِ الشقاءِ وإمَّا إلى دارِ السعادةِ، أولى بالفضلِ والعقلِ والفخرِ يا أولي الألبابِ، لقد وَضُحَ الحقُّ واستنارَ السبيلُ، فلمْ يبقَ للمُفرِّطِ عذرٌ في تركِهِ الدليلَ، فنرجوكَ يا مَن قضيْتَ على أقوامٍ بالشقاءِ، وأقوامٍ بالسعادةِ، أنْ تجعلَنا ممَّن كتبْتَ لهم الحُسنى وزيادة، ونستغيثُ بكَ اللَّهم مِن حالةِ الأشقياءِ، ونسألُكَ المعافاةَ منها، ويومَ يحشرون، انتهى.
– الشيخ : نسأل الله الجنّة، ونعوذ به من النار، لا إله إلّا الله، لا إله إلّا لله، ترغيبٌ وترهيب، بذكرِ عاقبةِ الفريقين، هما فريقان، فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السعيرِ، (لا يستوي أصحابُ النارِ وأصحابُ الجنَّةِ أصحابُ الجنَّةِ هم الفائزون) (قلْ أذلكَ خيرٌ أم جنَّةُ الخُلدِ الَّتي وُعِدَ المتقون).