الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الشعراء/(5) من قوله تعالى {وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي} الآية 52 إلى قوله تعالى {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} الآية 68

(5) من قوله تعالى {وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي} الآية 52 إلى قوله تعالى {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} الآية 68

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الشُّعراء

الدَّرس: الخامس

***     ***     ***

 

– القارئ : أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشُّعراء:52-68]

– الشيخ : الله أكبر لا إله إلّا الله، يخبرُ تعالى أنّه أوحى إلى عبدِهِ ورسولِهِ وكليمِهِ موسى عليهِ السلامُ، وأمرَهُ أنْ يخرجَ ببني إسرائيلَ ليلاً يخرجُ بهم من مصرَ ليلاً، أن أسرِ بعبادي، في الآية الأخرى ليلاً والسُّرى يكون في الليل، {سبحانَ الّذي أسرى بعبدِهِ ليلاً} {أنْ أسرِ بعبادي إنَّكم مُتَّبعون} إن يعني سيتبعكم فرعون وقومه، فاخرجْ بهم وامضِ بهم، ففعلَ عليه الصلاة والسلام لابُدَّ أنَّه نَدَبَ بني إسرائيل وأمرَهم أن يتجهَّزوا ويُرَتِّبوا أنفسَهم للهروبِ للهروبِ وبطريقةٍ يعني يعني بطريقةٍ خفيِّةٍ.

{إنَّكم مُتَّبعون} فلمّا يعني خرجوا عَلِمَ فرعون فبعثَ من يجمعُ الجنودَ؛ ليلحقَ بهم وليقبض عليهم وليقتلهم أو، {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} الحشرُ هو الجمعُ أرسلَ رسل وكلّفهم أن يجمعوا الناس يجمعوا الجنود والقوات و، وهذه المرّة هو ليس جمع سَحَرة، الحشر الأوّل والجمع الأوّل كان المقصود به جمع السحرة كما تقدّمَ، أمّا هذه المرّة لأ فإنَّه يريدُ أن يجمعَ جيوشاً وجنوداً وقواتٍ.

{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} يعني هذا ما ممّا قالَه فرعونُ، هؤلاءِ إنّ هؤلاء شِرْذِمة شِرْذِمة هذا كلمة تحقير لهم شِرْذِمةٌ قليلةٌ، {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} يعني معَ أنَّهم شِرْذِمة وقِلّة فإنّهم لنا لغائظون وإنّا لجميعٌ حاذرون.

قالَ اللهُ: {فأخرجْناهُم} يعني فأخرجَ فرعونَ وقومَه وملأه أخرجهم من ديارِ مصرَ خرجوا مُتَّبعينَ لبني إسرائيل مُتَّبعين لموسى وقومه، {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} خروج خروج نهائيّ خروجهم هنا نهائيّ بِلا عودة، لا إله إلّا الله.

{فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} كانوا في مصرَ يعني في في غاية من النعيمِ وأنوع الشرور وفرعون في مُلك عريض وطغيان، أخرجناهم من جناتٍ وعيونٍ وكنوزٍ ومقامٍ كريمٍ، وفي الآية الأخرى: أخرجناهم من جناتٍ وعيونٍ وزروعٍ وزروعٍ ومقام ٍكريمٍ، جنات هي البساتين.

{كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} قال المفسِّرون أن ليس المُراد أنّهم وَرِثوا إنّ بني إسرائيل رجعوا وخلفوا ففرعون وقومه في مصر ورثوا ما ما كان لهم من تلك الممالك، لأ أنَّهم ورِثوا يعني ورِثوا جِنْسَها لأنَّ الله تعالى مكَّنَ لهم في في الشامِ، مكَّنَ لهم فصار فتبدَّلت الأحوال بعد أن كان فرعون وقومه ينعمون بتلك الأملاك وأنواعِ اللذاتِ، أهلكَهم اللهُ وأغرقهم وأصلحَ حالَ بني إسيرائيل ومكَّنَ لهم في الأرض.

كما قالَ تعالى: {وأورثْنا القومَ الَّذين َكانُوا} {وأورثْنا القومَ الَّذينَ كانُوا يُسْتَضعَفونَ مشارقَ الأرضِ ومغاربَها الَّتي باركْنا فيها} هذه هي الأرض الَّتي ورِثوها، ورِثوا الأرض الَّتي باركَ اللهُ فيها بِلاد الشام مشارقها ومغاربها.

وأورثنا القوم الذين كانوا يُستَضعفون، من هم الذين كانوا يُستَضعفون؟ هُم بنو إسرائيل كانَ يستضعفهم فرعون ويستذِلُّهم ويستعبدُهم يُذَبِّحُ أبناءَهم ويستحيي نساءَهم، أورثهم الله مشارق الأرض ومغاربها الَّتي بارك فيها، مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها، وبهذا تُفَسَّر يُفَسَّرُ قوله تعالى هنا: كذلك وأورثْناها بني إسرائيل.

فأتبعوهم يعني فِرعون وقومه أتبعُوا بني إسرائيل يعني اتبعوهم بحَنقٍ وبقوَّةٍ ويعني بشدَّةِ الطلبِ، يريدون أن يظفروا بهم ويؤذونهم ويسحقونهم، فأتبعوهم مشرقين في وقت الإشراق في وقت الصباح.

وهذه سُنَّةُ اللهِ في إهلاكِ أعداءِ الرسلِ، أن يُهلِكَهم ويُنزِل بهم العذابَ مُصبِحين، كما أخبرَ عن عن قومِ صالح ولوط وغيرهم.

فأتبعوهم مُشرقين، قال الله: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} جمعُ موسى ومن معَه وجمعُ فرعونَ وجنودُه، {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} يعني أُسقِط في أيديهم و شَعُرُوا بأنّهم بأنَّ فرعون وملأه سيظفر بهم إنَّا لَمُدركون، إنَّا لَمُدركون يعني عندهم يعني قطع يأس، هذا تعبير عن يأس.

إنَّا لمُدركون قالَ موسى عليهِ السلامُ: كلَّا، ليسَ كما تظنون ليسَ كما تظنون إنا مُدركون إنا لَمُدرَكون، كلَّا إن معيَ ربّي إنّ معيَ ربّي، كما وعده: إنّا معكم مُستمعون، الله معه مع عبده ورسوله.

إنَّ معي ربَّي سيهدينِ، فأوحى الله إليه وحياً، أوحينا إليه أن اضرب بعصاك البحر فانفلق.

{قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ، فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} هذه العصا العظيمة المُباركة الَّتي جعلَها اللهُ سبباً لهزيمة فرعون وجنوده، سبحان الله العظيم سبحان الله.

{أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} المعنى معروفٌ فضربَهُ فانفلقَ المعنى معروفٌ، {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} انفلقَ متى؟ بعدَما ضربَه، {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} انفرجَ البحرُ وتماسكَ وانفتحَ فيه طريقاً لموسى وقومِهِ، {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} هناك: {ولقد أوحيْنا إلى موسى أنْ اضربْ بعصاكَ البحرَ} وفي الآية الأخرى: {ولقدْ أوحيْنا إلى موسى أنْ أسرِ بعبادي} {أنْ اسرِ بعبادي فاضربْ لهم طريقاً في البحرِ يبساً لا تخافُ دَرَكَاً ولا تخشى} انفتحَ لهم الطريق طريق مُهيَّأ مُعبَّد يبس، ليس فيه [….] ما فيه طيب يَصعُبُ فيه السير لا يَبَس،{لا تخاف دَرَكاً ولا تخشى}.

فلمَّا وصلَ فرعونُ الحمد لله انفتحَ الطريق ودخلوا وكان فرعونُ وجنوده يظنُّون أنَّه قد حصروهم إلى البحر وأنّه لا مفرَّ لهم، هكذا كانوا يتوهَّمون تبعاً للمظاهر والعادة الَّتي يظنونها ويعرفونها، لكنَّ الأمر فوق ما يظنَّون ويتخيَّلون.

كالطود العظيم وأزلفنا ثَمَّ الآخرين، أزلفناهم قرَّبوهم قرَّبهم سبحانه قرَّب الله فرعون وقومه قرَّبوا للهلاك، أزلفْنا ثَمَّ هناك أزلفْناهم قربناهم، يقتربون شيئاً فشيئاً ثَمَّ الآخرين، قرَّبَهم ليدخلُوا ليدخلوا الطريقَ الَّذي دخلَه موسى ومن معه ليدخلوا، يمكن في الأوَّل تهيَّبوا لكن لما رأوا الناس مشوا ومضَوا ولا صار على أحد خلاص، وهذا من مكرِ اللهِ هذا نوعٌ من مكرِ اللهِ بهم مكرٌ هذا، لأنَّه أظهرَ لهم أنّه أنّ أمامهم طريق سيسلكونه ويلحقون بموسى ومن معه، سبحان الله العظيم.

{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ، وَأَنْجَيْنَا مُوسَى} نعم {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ، وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ} نَجَوا خرجُوا من من أرضِ البحرِ وهؤلاءِ دخلُوا في أرضِ البحرِ، {وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ} انطبقَ البحرُ عليهم فغَرِقوا، و وموسى وقومه ينظرون يعني صارُوا سبحان الله عبارة يتفرَّجون، ينظرون صاروا يتفرَّجون عليهم وهم في غايةِ السرورِ والفرحِ فرحاً بالنجاةِ وفرحاً بهلاكِ العدوِّ، وقد جمعَ اللهُ بين الأمرين في الامتنان: وإذ فرقْنا بكم البحرَ فأنجيْناكم وأغرقْنا آلَ فرعونَ وأنتم وأنتم تنظرون.

لا إله إلَّا الله، إن في ذلك لآية نعم، في بعد كلِّ قصَّة يختمها بهذا بهذا التذكير إنَّ في ذلك لآية، نعم إنَّها آية عظيمة، ولكن أكثرهم لا يعلمون، أكثر الناس لا يؤمنون، ولكن أكثرهم لا يؤمنون.

وإنَّ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فما جرى من نجاة موسى وقومه وهلاك فرعون وقومه هو مقتضى عِزَّته ورحمته، فأهلكَ فرعونَ وجنودَه بمقتضى عزَّتِهِ وسُلطانه وقوته، ونجَّا موسى ومن معه بممقتضى رحمته ولطفه وكرمه سبحانه وتعالى.

 

– القارئ : أحسنَ اللهُ إليكَ يا شيخ، بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:

ثمَّ لم يزلْ فرعونُ وقومُهُ، مستمرِّينَ على كفرِهم، يأتيهم موسى بالآياتِ البيِّناتِ، وكلَّما جاءَتْهم آيةٌ، وبلغَتْ منهم كلَّ مبلغٍ، وعدُوا موسى، وعاهدُوهُ لئنْ كشفَ اللهُ عنهم، ليؤمنَنَّ بهِ، وليرسلَنَّ معَهُ بني إسرائيلَ، فيكشفُهُ اللهُ، ثمَّ ينكثون، فلمَّا يئسَ موسى مِن إيمانِهم، وحقَّتْ عليهِم كلمةُ العذابِ، وآنَ لبني إسرائيلَ أنْ ينجيَهم مِن أسرِهم، ويُمكِّنُ لهم في الأرضِ، أوحى اللهُ إلى موسى: {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي}.

أي: اخرجْ ببني إسرائيلَ أوَّلَ الليلِ، ليتمادُوا ويتمهَّلُوا في ذهابِهم.

{إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} أي: سيتبعُكُم فرعونُ وجنودُهُ. ووقعَ كما أخبرَ، فإنَّهم لمَّا أصبحُوا، وإذا بنو إسرائيلَ قد سارُوا كلُّهم معَ موسى.

{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} يجمعونَ الناسَ، ليوقعَ ببني إسرائيلَ، ويقولُ مُشجِّعاً لقومِهِ: {إِنَّ هَؤُلاءِ} أي: بني إسرائيلَ {لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} فنريدُ أنْ نُنفِّذَ غيظَنا في هؤلاءِ العبيدِ، الَّذينَ أبَقُوا مِنَّا.

{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} أي: الحذرُ على الجميعِ منهم، وهمْ أعداءٌ للجميعِ، والمصلحةُ مشتركةٌ، فخرجَ فرعونُ وجنودُهُ، في جيشٍ عظيمٍ، ونفيرٍ عامٍّ، لم يتخلَّفْ منهم سوى أهلُ الأعذارِ، الَّذينَ منعَهم العجزُ.

قالَ اللهُ تعالى: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أي: بساتينَ مصرَ وجنانِها الفائقةِ، وعيونِها المتدفِّقةِ، وزروعٍ قد ملأَتْ أراضيهم، وعمرَتْ بها حاضرتُهم وبواديهم.

{وكُنوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} يُعجبُ الناظرينَ، ويُلهي المتأملينَ، تمتَّعُوا بهِ دهراً طويلاً وقضَوا بلذَّاتِهِ وشهواتِهِ، عمراً.

– الشيخ : أسأل الله العافية أسأل الله العافية، استحالَ نعيمُهم شقاءً نعوذُ باللهِ.

– القارئ : وقضَوا بلذَّاتِهِ وشهواتِهِ، عمراً مديداً، على الكفرِ والعنادِ، والتكبُّرِ على العبادِ والتيهِ العظيمِ.

{كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا} أي: هذهِ البساتينُ والعيونُ، والزروعُ، والمقامُ الكريمُ، {بَنِي إِسْرَائِيلَ} الَّذينَ جعلوهُم مِن قبلُ عبيدَهم، وسُخِّرُوا في أعمالِهم الشاقَّةِ، فسبحانَ مَن يُؤتي الملكَ مَن يشاءُ، وينزعُهُ عمَّن يشاءُ، ويعزُّ مَن يشاءُ بطاعتِهِ، ويذلُّ مَن يشاءُ بمعصيتِهِ.

{فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} أي: اتَّبعَ قومُ فرعونَ قومُ موسى وقتَ شروقِ الشَّمسِ، وساقُوا خلفَهم مُحِضِّينَ، على غيظٍ وحنقٍ قادرينَ.

{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} أي: رأى كلٌّ منهما صاحبَهُ، {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى} شاكينَ لموسى وحزنينَ {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} فـ {قَالَ} موسى، مُثبِّتاً لهم، ومُخبِراً لهم بوعدِ ربِّهِ الصادقِ: {كلا} أي: ليسَ الأمرُ كما ذكرْتُم، أنَّكُم مُدرَكونَ، {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} لما فيه نجاتي ونجاتُكُم.

{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بعصاكَ البحرَ}، فضربَهُ {فَانْفَلَقَ} اثني عشرَ طريقاً {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ} أي: الجبلِ {الْعَظِيمِ} فدخلَهُ موسى وقومُهُ.

{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ} في ذلكَ المكانِ {الآخَرِينَ} أي: فرعونَ وقومِهِ، وقرَّبْناهُم، وأدخلْناهُم في ذلكَ الطريقِ، الَّذي سلكَ منهُ موسى وقومُهُ.

{وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ} استكملُوا خارجينَ، لم يتخلَّفْ منهم أحدٌ.

{ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ} لمْ يتخلَّفْ منهم عن الغرقِ أحدٌ.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} عظيمةً، على صدقِ ما جاءَ بهِ موسى -عليهِ السلامُ-، وبطلانِ ما عليهِ فرعونُ وقومُهُ، {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} معَ هذهِ الآياتِ المُقتضيةِ للإيمانِ، لفسادِ قلوبِكم.

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} بعزَّتِهِ أهلكَ الكافرينَ المُكذِّبينَ، وبرحمتِهِ نجَّى موسى، ومَن معَهُ أجمعينَ.

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لأبِيهِ}.

– الشيخ : لا، بس [يكفي] هنا.

– القارئ : أحسن الله إليك.