الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الشعراء/(11) من قوله تعالى {كذبت قوم لوط المرسلين} الآية 160 إلى قوله تعالى {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} الآية 175
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(11) من قوله تعالى {كذبت قوم لوط المرسلين} الآية 160 إلى قوله تعالى {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} الآية 175

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الشُّعراء

الدَّرس: الحادي عشر

***     ***     ***

 

– القارئ : أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (174) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم [الشُّعراء:160-175]

– الشيخ : الحمد لله هذه القصَّة الرابعة من القصص الخمسِ الّتي يذكرُها الله تعالى كثيراً، قصَّة نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، هذه قصَّةُ نبيِّ الله لوط عليه السلام مع قومه، وكلُّ هذه القصص جاءت بأسلوبٍ واحدٍ، {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} كما قالَ فيما قبل ذلك، كذبت قوم نوح عاد، فمَن كذَّبَ رسولاً فهو مكذِّبٌ لجميعِ الرسلِ.

وأخوهم لوط يعني منهم من نسبِهم أخوهم في النسبِ، قالَ لهم أخوهم لوطٌ ألا تتقونَ، ألا تخافونَ اللهَ، {إنَّي لكم رسول} رسول من الله، {أمين} مؤتمن على رسالة الله، فهو يبلِّغ عن الله.

{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ثمَّ أنكرَ عليهم المنكر العظيم الذي لم يسبقهم عليه أحد، لم يسبقهم به أحد ما سبقكم بها من أحد من العالمين، أتأتون الذكران من العالمين، أنكر عليهم هذه الفعلة الشنعاء الفاحشة، فيأتون الحرام ويدَعون الحلال، وهذا من أقبح فاللّهُ قد أغناهم بالأزواج، ولكنَّهم آثروا القبيح الخبيث على الطيب.

{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}، متعدُّون لحدود الله، وقوم لوط وُصِفُوا بالقرآن بكلِّ أنواع القبائح، فاسقون وعادون وجاهلون ومسرفون، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}.

فكانَ الردُّ التهديديُّ، {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ}، تكفُّ عن قولِكَ هذا وإنكارِك علينا، إن لم تنته لتكونَنَّ من المُخرجينَ، هدَّدوه بالإخراج من البلد وهذه شنشنة يعني معروفة من أعداء الرسل، يهدّدون أنبيائهم بالإخراج، لنخرجنَّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا.

{قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ}، مِن القالين يعني من المبغضين، فعملهم عملٌ بغيضٌ قبيحٌ يبغضُه كلُّ ذي فطرةٍ يبغضه كلُّ ذي فطرةٍ سويٌّ.

فنجَّاه الله من شرِّهم ونصرَه عليهم، {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ}، {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ}، امرأتُه الخبيثةُ امرأتُهُ خبيثةٌ كانَتْ يعني تعينُ قومَها، {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ}، فكانَتْ معَ الهالكينَ.

وأمطرْنا يقول الله: وأمطرنا عليهم مطر، مطر أيُّ مطرٍ؟ ما هو بالماء، فساءَ مطرُ المُنذَرين، فساءَ مطرُ المُنذَرين، ساءَ هذهِ كلمةُ ذمٍ مطرُهم مطرُ السَّوْءِ، فساءَ مطرُ المُنذَرينَ.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}، هذا ختام كلِّ القصص فيها آية، {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ.

– الشيخ : لا إله إلَّا الله نعم كذَّبت قوم لوط.

– القارئ : نعم، في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ}.

إلى آخرِ القصَّةِ، قالَ لهم وقالُوا كما قالَ مَن قبلَهم، تشابهَتْ قلوبُهم في الكفرِ.

– الشيخ : يعني الرسول قالَ لهم مثلَ ما قالَ الرُّسلُ من قبلِه وقومُه قالُوا له مثلَ ما قالَ أقوامُ الرسلِ من قبلهم، تشابهتْ قلوبُهم نعم.

– القارئ : تشابهَتْ قلوبُهم في الكفرِ، فتشابهَتْ أقوالُهم، وكانُوا -معَ شركِهم- يأتونَ فاحشةً لم يسبقْهم إليها أحدٌ مِن العالمينَ.

– الشيخ : نسألُ اللهَ العافيةَ.

– القارئ : يختارونَ نِكاحَ الذُّكرانِ، المُستقذَرِ الخبيثِ، ويرغبونَ عمَّا خُلِقَ لهم مِن أزواجِهم.

– الشيخ : هذا من فسادِ الفطرةِ إذا فسدَت الفطرةُ انعكسَ، فأصلُ الفطرةِ إيثارُ الطيِّبِ على الخبيثِ والحسنِ على القبيحِ والأصلُ الاستقامةُ يعني والسلوك الموافق للعقل والشرع، ولكنَّ هؤلاء فسدت فِطَرُهُم فانعكست أقوالهم.

– القارئ : ويرغبونَ عمَّا خلقَ لهم مِن أزواجِهِم لإسرافِهِم وعدوانِهِم فلم يزلْ ينهاهُم حتَّى {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} أي: مِن البلدِ، فلمَّا رأى استمرارَهُم عليهِ {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} أي: المُبغِضينَ لهُ الناهينَ عنهُ، المُحذِّرينَ.

{رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ} مِن فعلِهِ وعقوبتِهِ فاستجابَ اللهُ لهُ.

{فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} أي: الباقينَ في العذابِ.

– الشيخ : أهله كانوا قليل ما كانَ له المذكور في التاريخ كما أُشيرَ بنات بناتُه وزوجتُه، ونجَّيناه وأهلُه أجمعينَ إلَّا، إلَّا هذهِ العجوزُ الخبيثةُ.

– القارئ : أي: الباقينَ في العذابِ وهيَ امرأتُهُ {ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا} أي: حجارةً مِن سجيلٍ {فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} أهلكَهم اللهُ عن آخرِهم.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ…}.

– الشيخ : يعني ما يعني جمعَ اللهُ لهم بين مطرِ السَوءِ ورميهم بالحجارةِ وجعلُ ديارِهم عاليَها أسفلَها، فلمَّا جاءَ أمرُنا جعلْنا عاليَها سافلَها وأمطرْنا عليهم، فجمعَ لهم أنواعاً من العذابِ.

 

– القارئ : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

– الشيخ : انتهتْ القصَّةَ؟

– القارئ : نعم انتهى