الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة النمل/(5) من قوله تعالى {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} الآية 27 إلى قوله تعالى {وإني مرسلة إليهم بهدية} الآية 35
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(5) من قوله تعالى {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} الآية 27 إلى قوله تعالى {وإني مرسلة إليهم بهدية} الآية 35

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة النَّمل

الدَّرس: الخامس

***     ***     ***

 

– القارئ : أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ

قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [النَّمل:27-35].

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : عفا اللهُ عنكَ

– الشيخ : لا إله إلَّا الله، لما أبدى الهدهدُ عذرَه وجاءَ بالنبأِ العظيمِ وجاءَ بخبرٍ عن هذه الملكةِ عن ملكِها وعن دينِها، وجدْتُها وقومَها يسجدونَ للشمسِ من دونِ اللهِ وزيَّنَ لهم الشيطانُ أعمالَهم وصدَّهم عن السبيلِ…

قالَ سليمانُ بعدما سمعَ هذا الاعتذار، من حُسنِ حُسنِ السياسةِ أنَّه لم يكلمْه ولم يصدّقْه، {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}، وهذا من حُسنِ السياسةِ هكذا يكونُ الحزمُ والاحتياطُ في الأمورِ.

واتَّخذَ لمعرفةِ حالِه وصدقِه وسيلةً، كيفَ يعني؟ قالَ {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا} يعني معناه أنَّه كتبَ كتاب، {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ}، وهو طائرٌ لابدَّ أخذَهُ برجليهِ أو بمنقارِه، لكن لما وصلَ إليهم وكانَ قريباً من الملكةِ ألقاهُ إليها.

 قالَ: {فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ}، {فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ} يعني أبعدْ منهم و {تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ}، ماذا يقولون وماذا يكونُ منهم، {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ}، فذهبَ يعني كلُّ هذا مطويٌّ في القصَّةِ، فذهبَ فألقاه ألقى الكتابَ على الملكةِ، {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ}، يعني أدركَتْ يعني هذا كتابٌ ليسَ بالهيَّنِ كتابٌ كريمٌ مشتملٌ على معنىً عظيم و، {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ}، لابدَّ أنّها عرفتْ يعني فضلَ هذا الكتابِ وفضلَ مُوصِلِهِ، عرفتْهُ إمَّا بما كُتِبَ عليه أو بما تضمَّنَه.

ثمّ ذكرتْ لهم مضمونَه: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، هذا خلاصةُ الكتابِ، أعطتهم الكتاب من سليمانَ ومطلبُه: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ}، يعني لا تتعاظمُوا عليَّ وتفخرُوا عليَّ وتتأززوا عليَّ، {وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}.

ثمّ {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ}، الملأُ الأشرافُ والأعيانُ والقادةُ، أفتوني في أمري أشيروا عليّ يعني أشيروا عليّ ماذا أفعلُ مع هذا الرجلِ، {أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُون}، وهذا أيضاً مِن حُسنِ سياستِها أنّها لم تستبدّ وهو يعني ركنُ السياسةِ وقوامُ السياسةِ الصالحةِ عدمُ الاستبدادِ بل شاورتْ لم، {مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُون}، يعني لا أبتُّ في هذا الأمرِ العظيمِ حتّى تحضروا وتشيروا.

فأبدَوا استعدادَهم و: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ}، يعني معنى كلامُهم ما عندَنا شيءٌ قولي ما شئتِ قولي ما شئتِ الأمرُ إليكِ، {فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} يعني {مَاذَا تَأْمُرِينَ} ونحن نطيعُ ونحن نطيعُ ونحن نطيعُ، يعني هذهِ القصّةُ -سبحانَ الله- فيها يعني دلالات ومعاني وفوائدَ سياسيةٍ لمن تدبَّرها وعرفَ مضامينَها العجيبةَ، {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}، انظري وفكّري فما تأمرين به نحن نفعلُه وننفذُه.

فذكرتْ يعني أمراً معروفاً في العادةِ، {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا}، إذا دخلُوها يعيثون فيها بالفسادِ لأنّهم غزاةٌ لأنّهم غزاةٌ، ويريدون التملُّكَ والتسلُّطَ والاستيلاءَ على يعني أهلِ البلادِ وعلى أموالِهم.

{أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}، يستذلون الأعيانَ والكبراءَ الي كانوا يستذلّونهم هؤلاء الغزاة يأسرونهم، {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} قالَ بعضُ المفسّرون {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} إنّ هذا من كلامِها وأنّها تؤكّدُ ذلك، وقال بعضُهم إنّ هذا من تصديقِ الله لما قالتْ {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.

وذكرتْ أنّها ستعملُ تدبير وأنّها سترسلُ إليه بهدية، تستكشف ماذا يقول وما موقفه، {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}.

تدابير عجيبة ملكة قادرة وهذا يعني كانت كافرةً ومشركةً يعني فلا يُقتدَى بها في في توليةِ المرأةِ، فالمرأةُ لا تكونُ وليَّ أمرٍ على الأمّةِ في شريعةِ الإسلامِ، لن يفلحَ قومٌ وَلَّوا أمرَهم امرأة، ولم يولَّ في تاريخ الإسلام امرأة الرسالات في الرجال والولايات في الرجال، الرجال قوامون على النساء.

(تفسير السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرَّحمنِ السّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى-: ثمَّ فسَّرَ هذا النبأَ فقالَ

– الشيخ : هذا النبأ؛ وجئْتُكَ مِن سبأٍ بنبأٍ يقينٍ.

– القارئ : ثمَّ فسَّرَ هذا النبأَ فقالَ: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} أي: تملكُ قبيلةَ سبأٍ وهيَ امرأةٌ.

– الشيخ : تملكُ قبيلةَ سبأ، نعم.

– القارئ : وهيَ امرأةٌ {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} يؤتاهُ الملوكُ مِن الأموالِ والسِّلاحِ والجنودِ والحصونِ والقلاعِ ونحوِ ذلكَ. {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} أي: كرسيُّ ملكِها الَّذي تجلسُ عليهِ عرشٌ هائلٌ، وعِظمُ العروشِ تدلُّ على عظمةِ المملكةِ وقوَّةِ السُّلطانِ وكثرةِ رجالِ الشُّورى.

{وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: هم مشركونَ يعبدونَ الشَّمسَ. {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} فرأَوا ما هم عليهِ هوَ الحقُّ، {وصدَّهم عن السَّبيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} لأنَّ الّذي يرى أنَّ الَّذي عليهِ حقٌّ لا مطمعَ في هدايتِهِ حتَّى تتغيرَ عقيدتُهُ.

ثمَّ قالَ: {أَلا} أي: هلَّا {يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي: يعلمُ الخفيَّ الخبيَّ في أقطارِ السَّمواتِ

– الشيخ : يقول هلَّا أيش؟ هلّا يسجدون؟

– القارئ : نعم.

– الشيخ : أيش يقول؟ هلّا يسجدون أي هلّا؟

– القارئ : نعم، {يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي: يعلمُ الخفيَّ الخبيَّ في أقطارِ السَّمواتِ وأنحاءِ الأرضِ، مِن صغارِ المخلوقاتِ وبذورِ النَّباتاتِ وخفايا الصُّدورِ، ويُخرِجُ خبءَ الأرضِ والسَّماءِ بإنزالِ المطرِ وإنباتِ النّباتِ، ويخرجُ خبءَ الأرضِ عندَ النّفخِ في الصّورِ وإخراجِ الأمواتِ مِن الأرضِ ليجازيَهم بأعمالِهم {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}.

{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلّا هُوَ} أي: لا تنبغي العبادةُ والإنابةُ والذُّلُّ والحبُّ إلَّا لهُ؛ لأنَّهُ المألوهُ لما لهُ مِن الصّفاتِ الكاملةِ والنِّعمِ الموجبةِ لذلكَ. {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} الّذي هوَ سقفُ المخلوقاتِ ووسعُ الأرضِ والسّمواتِ، فهذا الملكُ عظيمُ السّلطانِ كبيرُ الشّأنِ هوَ الّذي يُذَلُّ لهُ ويُخضَعُ ويُسجَدُ لهُ ويُركَعُ، فسلّمَ الهدهدُ حينَ ألقى إليهِ هذا النّبأَ العظيمَ.

– الشيخ : أيش؟ فسلّم.

– القارئ : نعم، الهدهدُ حينَ ألقى إليهِ هذا النّبأَ العظيمَ وتعجَّبَ سليمان ُكيفَ خفيَ عليهِ.

وقالَ مُثبِّتاً لكمالِ عقلِهِ ورزانتِهِ

– الشيخ : متثبتاً

– القارئ : لا عندي "مُثبِّتاً"

– طالب: عندي "مُثْبِتاً"

– الشيخ : لا ولا مُثْبِتاً، مُتَثَبِّتاً.

– القارئ : نعم، أحسنَ اللهُ إليكَ.

– الشيخ : مُتَثَبِّتاً فتثبَّتوا نعم.

– القارئ : وقالَ مُتَثَبِّتَاً لكمالِ عقلِهِ ورزانتِهِ {سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا} وسيأتي نصُّهُ {فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ} أي استأخرْ غيرَ بعيدٍ {فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} إليكَ وما يتراجعونَ بهِ، فذهبَ بهِ فألقاهُ عليها فقالَتْ لقومِها {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} أي جليلُ المقدارِ مِن أكبرِ ملوكِ الأرضِ.

ثمَّ بيَّنَتْ مضمونَهُ فقالَتْ {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} أي: لا تكونُوا فوقي بلْ اخضعُوا تحتَ سُلطاني، وانقادُوا لأوامري وأقبلُوا إليَّ مسلمينَ.

وهذا في غايةِ الوجازةِ معَ البيانِ التّامِّ.

– الشيخ : في غاية الإيجاز يُقالُ اختصار يعني، جملتين ألّا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين نعم، نعم في غاية الإيجاز نعم.

– القارئ : في غايةِ الوجازةِ معَ البيانِ التّامِّ فإنَّهُ تضمَّنَ نهيَهم عن العلوِّ عليهِ، والبقاءِ على حالِهم الّتي هم عليها والانقيادِ لأمرِهِ والدُّخولِ تحتَ طاعتِهِ، ومجيئِهم إليهِ ودعوتِهم إلى الإسلامِ، وفيهِ استحبابُ ابتداءِ الكتبِ بالبسملةِ كاملةً.

– الشيخ : يعني بسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ، هذه السُّنّة كانَ الرسولُ يفتتحُ رسائلَه بـ بسم الله الرحمن الرحيم كما كتبَ للملوكِ.

– القارئ : وتقديمِ الاسمِ في أوَّلِ عنوانِ الكتابِ.

– الشيخ : يعني ما هو مثل ما يفعل الناس بع ما يكتب كتاب في يجيب له كذا المقدّم ولا الداعي والا أخوك لا يكون في الأوّل، يعني الأسلوب الصحيح أن تقول من فلان إلى فلان وتبدأ باسمك، لا إله إلّا الله، إلّا إذا كان المكتوب إليه يعني له شرف ومنزلة فتقول: إلى فلان من فلان، إلى الوالد فلان ابن فلان من الابن …إلخ.

 

– القارئ : فمِن حزمِها وعقلِها أنْ جمعَتْ كبارَ دولتِها ورجالَ مملكتِها وقالَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي}.

أي: أخبروني ماذا نجيبُهُ بهِ؟ وهلْ ندخلُ تحتَ طاعتِهِ وننقادُ؟ أم ماذا نفعلُ؟ {مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} أي: ما كنْتُ مُستبِدَّةً بأمرٍ دونَ رأيِكم ومشورتِكم.

{قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} أي: إنْ رددْتِ عليهِ قولَهُ ولم تدخلي في طاعتِهِ فإنَّا أقوياءُ على القتالِ، فكأنَّهم مالُوا إلى هذا الرّأيِ لو تمَّ لكنْ فيهِ دمارُهم.

ولكنَّهم أيضاً لم يستقرُّوا عليهِ بلْ قالُوا: {وَالأمْرُ إِلَيْكِ} أي: الرَّأيُ ما رأيْتِ لعلمِهم بعقلِها وحزمِها ونصحِها لهم {فَانْظُرِي} نظرَ فكرٍ وتدبُّرٍ {مَاذَا تَأْمُرِينَ}.

فقالَتْ لهم مُقنِعةً لهم بالعدولِ عن رأيِهم ومُبيِّنةً سوءَ مغبَّةِ القتالِ {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} قتلاً.

– الشيخ : يعني يعني المسالمة أسلم، الدخول في الحرب لا يُدرَى ما تكون عواقبُه مخاطرة مخاطرة، فإذا كانَ هناك طرفٌ منازعٌ فعلاجُ الأمرِ بالطرقِ السلميّةِ هو الحكمةُ.

 

– القارئ : قتلاً وأسراً ونهباً لأموالِها، وتخريباً لديارِها، {وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} أي: جعلُوا الرُّؤساءَ السّادةَ أشرافَ النّاسِ مِن الأذلّينَ، أي: فهذا رأيٌ غيرُ سديدٍ، وأيضاً فلسْتُ بمطيعةٍ لهُ قبلَ الاختبارِ وإرسالِ مَن يكشفُ عن أحوالِهِ ويتدبَّرُها، وحينئذٍ نكونُ على بصيرةٍ مِن أمرِنا.

فقالَتْ: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} منهُ. هلْ يستمرُّ على رأيِهِ وقولِهِ؟ أمْ تخدعُهُ الهديَّةُ وتبدِّلُ فكرتَهُ وكيفَ أحوالُهُ وجنودُهُ؟ فأرسلَتْ إليهِ هديةً معَ رُسلٍ مِن عقلاءِ قومِها وذوي الرّأيِ مِنهم.

{فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ..

– الشيخ : إلى هنا؛ فلمّا جاء، بداية.

– القارئ : أحسنَ اللهُ إليكم.

– الشيخ : بداية طرف القصّة الأخير، الله المستعان، الله المستعان، لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله.

– طالب: أحسن الله إليك يا شيخ …

– الشيخ : متى وين ما حدث كيف؟

– طالب: …

– الشيخ : هذا وهل أفلحوا؟ ما أفلحوا، وإن كانَ لها المرأة وإن كانتْ يعني ناقصةً لكن يكونُ لبعضِ النساءِ يعني من الرأي ما تفوقُ به بعضَ الرجالِ، لكنَّ الأصلَ أنَّ الرجالَ هم أهلُ العقولِ والقُدَرِ هذا هو الأصلُ.

فإذا قيلَ الرجلُ خيرٌ من المرأةِ فهذا في الجملةِ معَ أنَّ اللهَ تعالى جعلَ شهادةَ المرأةِ بنصفِ شهادةِ الرجلِ هذا ما يلزمُ منه أن يكونَ هذا النقصُ عام، لكن الحكم الشرعيّ أنّ شهادةَ المرأةِ مطلقاً النصفُ من شهادةِ الرجلِ، للنقصِ العامِ في الجنسِ.

ولو قُدِّرَ أنّ امرأةً تكونُ يعني ذكيةً وقادرةً فهذا لا يغيّرُ من الحكمِ الشرعيِّ الَّذي هو قاعدةٌ عامةٌ، الأحكامُ الشرعيَّةُ تأتي بصفةِ قواعدَ عامةٍ ما تغيّرُها اختلاف بعض أحوال الناس، نعم.