الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة القصص/(4) من قوله تعالى {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} الآية 20 إلى قوله تعالى {قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت} الآية 28
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(4) من قوله تعالى {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} الآية 20 إلى قوله تعالى {قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت} الآية 28

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة القصص

الدَّرس: الرَّابع

***     ***     ***

 

– القارئ : أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ

وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ [القصص:20-28]

– الشيخ : الله أكبر، الله أكبر، وهذا فصلٌ آخر من قصَّة موسى بعد قصَّة إرضاعِهِ وردِّهِ لأمِّه، وأخذِهِ عدوِّهِ له وردِّهِ لأمِّه، وبعدما جرى على يده أمرُ المتخاصِمَيْنِ الأولَيْنِ والآخرَيْنِ، وأصبح يعني على خطرٍ، كان موسى بعد هذه الأحداث الآن صار على خطرٍ، فقيَّضَ الله هذا الرجل الصالح، هذا الرجل الصالح قَّيضَهُ الله له لينصحَهُ ويوجهَهُ إلى طريق السلام والله أعلم، وربما كان هذا هو الرجل المؤمِن الذي جاء الخبرُ عنه بعد إرسال موسى {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [غافر:28] ربَّما كان هو والله أعلم.

{جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} {يَسْعَى} يعني: هذا يُنْبِأُ عن حرصِهِ واهتمامِهِ وعجلتِهِ، يريد يبادر الأمر قبل الفَوت، جاء إلى موسى {قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ} الملأُ: الرؤساء، رؤساء آل فرعون، {يَأْتَمِرُونَ بِكَ} يتشاورونَ في أمرِكَ {لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ} اخرج يعني: لا مُقامَ لكَ لا يصلح أن تقيم الآن، الله أكبر، فَقَبِلَ النصيحةَ فخرج.

{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا} أيضاً خَرَجَ وهو خائفٌ، ربَّما أنه يَخشى أن يَلحقوا به، أو أن يَبحثوا عن الوِجهة التي توجَّهَ إليها {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ}، ولكنَّهُ لجأ إلى ربه في طلب الحماية {قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} هكذا ينبغي للمسلم أن يَلجأ إلى ربه في مهمَّاته وعندما تلمُّ به الملمَّات، الله أكبر، {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

ومن كيدِ الله له هو وعنايته به أن هَدَاهُ إلى الطريق الذي يذهب به إلى الشام إلى الأرض المباركة إلى أرض مَدْين {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي} عسى أيضاً هو يعني لم يكن على معرفةٍ بتلك المسالِكِ [….] وحيد وأمضى سنين، لا إله إلا الله، سبحان الله، {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} ربَّما يريد السبيلَ الحسيَّ – وهو ما يقتضيه السياق – أو السبيل المعنوي الذي هو الهداية إلى الدين القويم الـمـُوصِل إلى الله {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}.

{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} خلاص من حين خرج إلى أن ورد ماء مَدْيَنَ هذا يعني لم يُتعرَّض له، كم أمضى؟ كم سوا؟ بماذا؟ من أين؟ من أي الطرق جاء؟ من؟ كلُّ هذا لا حاجة إليه، المهمُّ أنه خرج وتوجَّه إلى بلاد مَدين وبتوفيقٍ من الله وصل إلى مدين {وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} وصل بسلامٍ، وصل بسلامٍ.

ماءُ مَدين هو المورِد الذي يَستقي منه الناس، هكذا كان الناس تكون لهم موارِد آبار أو منابِع ماء يَرِدُ إليها الناس ويَستقون منها ويَسقون منها مواشيَهُم.

{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} أمَّةً يدلُّ على الكَثرة، كثرة، هكذا يكون الناس عند الموارِد، في هذه الجزيرة كان الناس هكذا عند الموارِد في الأسفار يتجمعون، يعني الماء هو قِوامُ الحياة، كثيراً ما تكون المشاكل عند المياه والتنازعات، الله.

{وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} يسقون مواشيَهُم ويملؤون- لابدَّ – أوانيَهم وقِرَبَهُم، يعني ما داموا في حاجةٍ إلى الماء لهم غَرَضَانِ: سقيُ المواشي، وحملُ الماء لحاجاتهم وشؤونهم.

لكنه عليه السلام وجد من دونِ الأمة – هذه الأمة – امرأتين منفردتين لم تقتحمِ المورِدَ ولم تقترِب من الرجال، لم تقتربا من الرجال بل تذودانِ مواشيهما وغنمهما.

{تَذُودَانِ} كأنهما، لعلَّ الغنم تريد أن، تريد المورد وهما تمنع، وهما تمنعان غنمهما، ينتظران، ينتظران خلوَّ المورد من الرجال؛ لأنَّهما على الفِطرة وعلى الطُّهر والنَّزاهة، ما يزاحمان الرجال ولا يقتربان، {تَذُودَانِ}.

فقيَّض الله لهما موسى {مَا خَطْبُكُمَا} ما شأنكما؟ {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} فعرف العذرَ، هذا هو العذر، وعذرٌ آخر {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} لأنَّ الأصل أنَّ الذي يَرِدُ الماءَ ويأتي، ويسوق المواشي هو، هم الرجال، هذا هو الأصل، لكن أَبْدَيَا العذر، فكأنه قال لماذا؟ تأتيان أنتما؟ لماذا ما جاءَ أبوكما أو أخوكما؟ فبادرا بالعذر، سبحان الله، {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} سبحان الله.

وموسى قد آتاه الله قوّةً -كما تقدَّمَ – فبادر {فَسَقَى لَهُمَا} سَقَى لَهُمَا يمكن في الحوض، حوض تَرِدُ عليه الماشية فيكونُ ملأ الحوض لهما لتشربَ ماشيتهما هكذا.

سقى لهما ثم ترك المكان وذهبَ إلى ظلٍ {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} هذا يُشعِرُ بأنَّ المكان يعني حَارّ، فيه حَرٌّ بحاجة إلى الظِّلِّ {ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} هو الآن ينتظر الرزق من طعامٍ وشرابٍ ومِن، فما له من ملجأٍ إلا مولاه {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} توسَّلَ إلى الله بفقرِهِ، هذا من طرقِ التوسل، التوسلُ بالضعفِ والفقرِ والحاجةِ، مثل ما يقول أيوب: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} يتوسل إلى الله بضعفه وما مسَّهُ من الضُّر{أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[الأنبياء:83] {إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}.

وهو في هذه الساعة – لا ندري طالتْ أو قصرتْ الله أعلم – جاءتْهُ إحدى، جاءته إحدى الفتاتين المرأتين {تَمْشِي} يعني لم تكن راكبة، وتأتي لا بجُرأة على مخاطبة موسى ومجيء، لا، جاءت {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} لكنها تحمل رسالة وبلَّغتْهَا بأقصرِ عبارة {قَالَتْ إِنَّ أَبِي} إذاً أبوها قد جاء له ذكر من قبل {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} إذاً موسى عنده علم من قَبل أن لهاتين المرأتين أب، فهي تقول: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ} الله أكبر هذا أول الفتح، وأول النصر، وأول، الله أكبر، {يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} {أَجْرَ} يعني مكافأة وإلا لم تعقِدَا معه عقدَ إجارة، المرأتان لم تعقِدَا معه عقدَ إجارة بكم؟ وكذا لا، هو عمل، العمل لله لكن هذه مكافأة، شكر على الجيل.

{لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ} كيف مشى مع المرأة؟ كيف الطريق؟ كلُّ هذا لا، لم يتُعرَّض له، المهمُّ أنه وصل إلى هذا الرجل.

بعض الناس يقول: إنه شعيب – عليه السلام -، نبي الله شعيب، والصحيح أنَّهُ رجلٌ صالحٌ ليس هو بشعيب، قال العلماء: أن بينَ شعيبٍ وموسى يعني أزمانٌ متطاولة، فليس هو بشعيب، {وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ} لا بدَّ أنه قصَّ ما جرى له في مصر وكذا وكذا وكذا، وأنه خرج خائفاً، وأنه خائفٌ من فرعون وقومه، {قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ} نَجَوْتَ الآن عندي {نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

بقي أمر عظيم، عظيم، وهو يعني يُوثِّقُ صلةَ موسى بهذا الرجل الصالح {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} ما دام أنَّهم في حاجة إلى من يَرعى غنمَهُمَا ويسقي غنمَهُمَا ويسقي لهما الماء {اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} يقول المفسرون: إنهم، إنهما عَلِمَا قوتَه بما فعل من سقي، من السقي لهما، وأمانتَه من حيث أنه لم يتعرَّضْ لهما بسوء عليه السلام {الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.

فبادر ورأى أن أمثل ما يكون أن يُزوِّجَهُ إحدى الفتاتين {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} يعني خَطَبَهُ، هذه خِطبة، هو خطب لبنته، صاحبُ مَدين خطبَ موسى لبنته، وفرضَ المهر، المهر كم؟ كم المهر؟ المهرُ أنه يعمل عنده مدَّة ثمانِ سنين أو عشرِ سنين.

قصةٌ جميلةٌ وطريفةٌ سبحان الله، {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} اللي أنتَ عرفتَهما {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} تكون أجيراً عندي {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} الحِجَج: السنين، الحجج هي السنين {ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} يعني العقد على ثماني، وسنتانِ نافلةٌ تبرُّعٌ من موسى إنْ فَعَل {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ}، {تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ} يعني الآن هذا هو، الموافقة على العقد، وافق يعني على عقد نكاحٍ وعقد إجارةٍ، جمع بين عقدين: عقد نكاح وعقد إجارة.

فالمهرُ يكون تارةً يعني مال، يعني عين من نقود أو عُروض، وتارةً يكون منفعة، مثل ما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زوَّجَ المرأة بتعليمِهَا القرآن.

{قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ} يعني أنا على هذا الأساس، يعني إن شئتُ ثمانٍ وإن شئت عشر هذا ما […..] ولكن قد قدَّمَ له صاحبُهُ الصالح قدَّمَ له قال له: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} لكن تأكيداً للأمر قال: {فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}.

سبحان الله، نسمع كلام الشيخ عبد الرحمن -رحمه الله-، نعم.

 

(تفسير السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ – رحمَهُ اللهُ تعالى -:

وشاعَ الخبرُ بما جرى من موسى في هاتينِ القضيتينِ.

– الشيخ : شاع الخبر، وش الدليل على أنه شاعَ الخبر؟ الدليل أنهم صاروا يأتمرونَ به، الآن عُلِم، عَلِمَ الملأ بما جرى، هذا.

– القارئ : حتى تراودَ ملأُ فرعونَ وفرعونُ على قتلِهِ، وتشاوروا على ذلكَ.

وقيَّضَ اللهُ ذلكَ الرجلَ الناصحَ، وبادرَهُم إلى الإخبارِ لموسى بما اجتمعَ عليهِ رَأْيُ مَلَئِهِمْ، فقال: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} أي: ركضاً على قدميهِ مِن نصحِهِ لموسى، وخوفِهِ أنْ يُوقِعُوا بهِ، قبلَ أنْ يشعرَ، فـ {قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُون} أي: يتشاورونَ فيكَ {لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ} عنِ المدينةِ {إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} فامتثلَ نصحَهُ.

{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} أنْ يُوقَعَ بهِ القتلُ.

– الشيخ : {خَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} نعم.

– القارئ : أنْ يُوقَعَ بهِ القتلُ، ودعا اللهَ و {قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} فإنَّهُ قدْ تابَ مِن ذنبِهِ وفَعَلَهُ غضباً مِن غيرِ قصدٍ منهُ للقتلِ، فَتَوعُّدُهُمْ لَهُ ظلمٌ منهمْ وجراءةٌ.

{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} أي: قاصداً بوجهِهِ مَدينَ، وهوَ جنوبي فلسطين، حيثُ لا مُلْكَ لفرعونَ، {قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}.

– الشيخ : يعني مُلْكُ فرعون وسلطانه في مصر بس، ما له سلطان على مناطقِ الشَّام.

– القارئ : {قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي: وسطَ الطريقِ المختصَرِ، الموصلِ إليها بسهولةٍ ورفقٍ، فهداهُ اللهُ سواءَ السبيلِ، فَوَصَلَ إلى مَدين.

{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} مواشيَهم، وكانوا أهلَ ماشيةٍ كثيرةٍ {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ} أي: دونَ تلكَ الأمَّةِ {امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ} غنمَهُما عنْ حِيَاضِ الناسِ؛ لعجزِهِمَا عنْ مزاحمةِ الرجالِ وبُخْلِهِمْ، وعدمِ مروءتِهِم عن السَّقيِّ لهما.

– الشيخ : اللي يُؤخَذ من هذا إن أولئكَ الرجال كانوا يعني عندَهم لؤم، لم يَلتفتوا لهاتين المرأتين ويَرعوا ضعفَهُما ويعينوهما، سبحان الله! ليسعدَ به نبيُّ الله موسى.

 

– القارئ : {قَالَ} لهما موسى {مَا خَطْبُكُمَا} أي: ما شأنكُمَا بهذهِ الحالةِ، {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} أي: قدْ جرتِ العادةُ أنَّهُ لا يحصلُ لنا سقيٌ حتى يُصدِرَ الرعاءُ مواشيَهُم، فإذا خلا لنَا الجوُّ سقَينا، {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} أي: لا قوةَ له على السَّقي، فليسَ فينا قوةٌ.

– الشيخ : خلا لنا الجو، تعبيرٌ، هذا ما، يعني إذا خلا لهما المكان، هذا هو المناسب في العبارة.

– القارئ : فليسَ فينا قوةٌ نقتدرُ بها، ولا لنا رجالٌ يزاحمونَ الرعاءَ.

فرقَّ لهما موسى -عليه السلام- ورحمِهُمَا {فَسَقَى لَهُمَا} غيرَ طالبٍ منهما الأجرَ، ولا لهُ قصدٌ غيرَ وجهِ اللهِ تعالى، فلمَّا سقى لهما، وكانَ ذلكَ وقتَ شدةِ حرٍّ، وسطَ النهارِ، بدليلِ قولِهِ: {ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} مستريحاً لتلكَ الظِلالِ بعدَ التعبِ.

{فَقَالَ} في تلكَ الحالةِ -مُسترزقاً ربَّهُ-: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} أي: إني مفتقرٌ للخيرِ الذي تسوقُهُ إليَّ وتُيَسرُهُ لي. وهذا سؤالٌ منه بحالِهِ.

– الشيخ : سؤالٌ منه بحالِهِ، يعني التوسل تارةً يكون بكذا وكذا بأسماء الله وصفاته، يا أرحم الراحمين، يا حيُّ يا قيوم، وتارةً يَتوسلُ العبدُ بحالِهِ.

 

– القارئ : والسؤالُ بالحالِ أبلغُ من السؤالِ بلسانِ المَقالِ، فلمْ يَزلْ في هذهِ الحالةِ داعياً.

– الشيخ : لا، هو سأل، هو سأل، هو سأل بلسان المقال وتوسَّلَ بالحال، يعني اللي يسأل بالحال ما يتكلم بس يسكت.

– القارئ : فلمْ يَزلْ في هذهِ الحالةِ داعياً ربِّهِ مُتَمَلِّقَاً.

وأمَّا المرأتانِ، فذهبتَا إلى أبيهِمَا، وأخبرتَاه بما جرى.

فأرسلَ أبوهُمَا إحداهُمَا إلى موسى، فجاءتْهُ {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} وهذا يدلُّ على كرمِ عنصرِهَا، وخُلُقِهَا الحَسَن، فإنَّ الحياءَ من الأخلاقِ الفاضلةِ، وخصوصاً في النساء.

– الشيخ : الله أكبر، أما الآن فالحياءُ مُحارَبٌ، وحياء المرأة من الرجال عيبٌ، عيب الآن في مفهوم الحضارة الحديثة، ولهذا تُربـَّى النساء على مزاحمة الرجال، ومخالطة الرجال، وربَّما مصارعة الرجال، ومسابقة الرجال، الآن الحضارة قائمةٌ على هدمِ هذا الخلق خلق الحياء، وقد تحققَ لهم كثيرٌ من ذلك في ديار الإسلام، نسأل الله السلامةَ والعافية.

ومن هذا المنطلَقِ يعني جاءت الوثيقةُ الملعونةُ، الوثيقةُ الملعونة أتعرفونها؟ الوثيقة الملعونة المعاهدَة الملعونة، إنها ما تُسمَّى بــ (السيداو)، التي مضمونها يعني فرضُ تسوية المرأة بالرجل في جميع الأمور، في الحقوق والواجبات، وأنَّ التمييز – تمييزَ الرجل عن المرأة في أيِّ أمرٍ – هذا مخالفٌ للقانون الدولي، وهذا مناقِضٌ لشرعِ اللهِ وللفطرةِ، مناقضٌ للعقلِ والفطرة والشريعة شريعةَ الإسلام، دينُ الإسلام جاء بالتمييز والفرق بين المرأة والرجل، فكما فرَّقَ اللهُ بين المرأة والرجل في الخَلق والتكوين، في الخِلْقَة والتكوين، فرَّقَ بينهما في الشريعة، ففرَّقَ الله بين المرأة والرجل شرعاً وقدراً.

وهؤلاء الكفرة الملاعين الملاحدة البهائِم، هؤلاء يعني قد مُسِخَتْ فِطَرُهُم، وصاروا يعني يرون تسوية المرأة بالرجل، وهم لا يسوّون فيما يتعلَّقُ بشهواتهم، لا.

ولكن الشرَّ الـمُسْتَطير أنْ يطيعهم المسلمون ويستجيبون لدعوتهم.

الشاهد على تعليق كلام الشيخ رحمه الله أنَّ هذا يدلُّ على طِيب هذه الفتاة {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}.

وهكذا كانت النساء في هذه البلاد، كانت النساء من خُلُقُهنَّ وطَبعهنَّ الحياء، هذا هو الأصل فيهن، ولكن لما فُتِح باب التعليم الذي يَجعل البنات يَخرجن كلَّ صباح، يَخرجن كلَّ صباح، ويمشين على جَنَبَاتِ الطريق، على الأرصفة تمشي، ويُزاحمن المارَّةَ ويزاحمن العمالَ هكذا كان الأمر، ثمَّ بعد ذلك ما يتلوه، يعني جاءت فكرة يعني الدراسة المختلِطة، الآن في أكثر البلاد العربية الدراسة مختلِطة، مختلِطة، هي نتيجة احتلال الكفار لبلاد المسلمين، هم الذين زرعوا فيهم هذه الأخلاق، مَسَخُوا أخلاقَ المسلمين، مختلِطة شباب وشابات يدرسون على مقاعد واحدة، ويلتقون في مختلف أماكن الجامعات والمدارس.

وقد دبَّ إلينا هذا الداء وإن كان بلادنا أسلمُ البلاد الإسلامية في هذا الشأن، ولكن الداء قد دبَّ إليها وهو، والشرُّ يزداد، نسأل الله العافية.

{تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} عيب، ليش تمشي على استحياء؟ موسى رجال مثلنا، أيش فيه؟ هكذا يقول الفكر المعاصر.

 

– القارئ :  فإنَّ الحياءَ من الأخلاقِ الفاضلةِ، وخصوصاً في النساء، ويدلُّ على أنَّ موسى عليه السلام، لمْ يكنْ فيما فعلَهُ من السَّقي لهما بمنزلةِ الأجيرِ والخادمِ الذي لا يُستحيى منْهُ عادةً، وإنَّما هو عزيزُ النفسِ، رأتْ مِنْ حُسْنِ خُلُقِهِ ومكارمِ أخلاقِهِ ما أوجبَ لها الحياءَ منه، فـ {قَالَتْ} له: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}.

– الشيخ : لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله.

– القارئ : أي: لا لِيَمُنَّ عليكَ، بلْ أنتَ الذي اِبْتَدَأْتَنَا بالإحسانِ، وإنما قصدُهُ أنْ يكافئَكَ على إحسانِكَ، فأجابَها موسى.

{فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ} مِن ابتداءِ السَّببِ الموجبِ لِهربِهِ، إلى أنْ وصلَ إليهِ {قَالَ} لَهُ مُسَكِّنَاً رَوْعَهُ جابِراً قلبَهُ: {لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي: لِيَذْهَبْ خوفُكَ ورَوعُكَ، فإنَّ اللهَ نجَّاكَ منهم حيثُ وصلتَ إلى هذا المَحلِّ الذي ليسَ لهمْ عليهِ سلطانٌ.

{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا} أي: إحدى ابنتيهِ {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} أي: اجعلْهُ أجيراً عندَكَ، يَرعى الغنمَ ويسقيها، {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ} أي: إنَّ موسى أولى مَنِ استُؤْجِرَ، فإنَّهُ جمعَ القوةَ والأمانةَ، وخيرُ أجيرٍ استُؤْجِرَ مَن جَمَعَهَما، أي: القوةُ والقدرةُ على ما استُؤْجِرَ عليه، والأمانةُ فيه بعدمِ الخيانةِ، وهذانِ الوصفانِ ينبغي اعتبارُهُمَا في كلِّ مَن يَتولى للإنسانِ عملاً بإجارةٍ أو غيرها.

– الشيخ : أو في الولاياتِ العامةِ، شيخ الإسلام في "السياسة الشرعية" بنى كتابه على هذا التأصيل، وهو اعتبار القوة والأمانة في الولايات كلِّها.

 

– القارئ : فإنَّ الخَلَلَ لا يكونُ إلا بِفَقْدِهِمَا أو فَقْدِ إحداهِمِا، وأما اجتماعِهِمِا فإنَّ العمل يتمُّ ويكملُ، وإنَّما قالتْ ذلكَ؛ لأنَّها شاهدتْ من قوةِ موسى عندَ السَّقي لهما ونشاطِهِ ما عرفتْ بهِ قوتَهُ، وشاهدتْ من أمانتِهِ وديانتِهِ وأنَّهُ رحِمَهما في حالةٍ لا يَرجي نفعَهما، وإنَّما قصدُهُ بذلكَ وجهُ الله تعالى

– الشيخ : انتهى؟

– القارئ : {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ..

– الشيخ : أي هي بقية القصة، كمّل

– القارئ : نعم، {قَالَ} صاحب مدين لموسى {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} أي تصيرَ أجيراً عندي {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} أي: ثماني سنين. {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} تبرعٌ منكَ، لا شيءٍ واجبٍ عليكَ. {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} فأُحَتِّمَ عشرَ السنين، أو ما أريدُ أنْ أستأجرَكَ لأُكَلِّفَكَ أعمالاً شاقةً، وإنَّما استأجرُكَ لعملٍ سهلٍ يسيرٍ لا مشقةَ فيه {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ}.

– الشيخ : لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، يعني عمل يسير سهل رعي الغنم، وجاء في الحديث: "ما مِنْ نَبِيٍّ إلا رَعَى الغَنَمَ".

– القارئ : {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} فرغَّبَهُ في سهولةِ العمل وفي حسنِ المعاملة، وهذا يدلُّ على أنَّ الرجلَ الصالح ينبغي لهُ أنْ يُحسِّنَ خُلُقَهُ مهما أمكنَهُ، وأنَّ الذي يُطلَبُ منه أبلغُ مِن غيره.

{قَالَ} موسى عليه السلام – مجيباً له فيما طلبَهُ منه -: {ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ} أي: هذا الشرطُ، الذي أنتَ ذكرتَ رضيتُ به، وقد تمَّ فيما بيني وبينكَ. {أَيَّمَا الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ} سواءً قضيتُ الثماني الواجبةَ، أمْ تبرعتُ بالزائدِ عليها {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} حافظٌ يراقبُنَا، ويعلمُ ما تعاقدْنَا عليه.

وهذا الرجل -أبو المرأتين صاحبُ مدين- ليسَ بشعيبٍ النبيّ المعروف كما اشتُهِرَ عندَ كثيرٍ من النَّاسِ، فإنَّ هذا قولٌ لمْ يدلَّ عليه دليلٌ، وغايةُ ما يكونُ أنَّ شعيباَّ عليه السلام قد كانتْ بلدُهُ مَدين، وهذه القضيةُ جرتْ في مَدين فأينَ الملازمةُ بين الأمرين؟

وأيضاً فإنَّهُ غيرُ معلومٍ أنَّ موسى أدركَ زمانَ شعيب فكيفَ بشخصِهِ؟

ولو كانَ ذلكَ الرجلُ شعيباً، لذَكَرَهُ الله تعالى ولسمَّتْهُ المرأتان.

وأيضاً فإنَّ شعيباً عليه الصلاة والسلام قدْ أهلكَ اللهُ قومَهُ بتكذيبِهِم إيَّاهُ ولمْ يبقَ إلا مَنْ آمَنَ بهِ وقدْ أعاذَ الله المؤمنينَ به أنْ يَرضوا لبنتي نبيِّهِم بمنعِهِما عن الماءِ وصدِّ ماشيتهما حتى يأتيَهُما رجلٌ غريبٌ فيحسنَ إليهما ويَسقي ماشيتَهُما، وما كانَ.

– الشيخ : كل هذا ما هو، أقول: ما هو بواضح، أهمُّ شيء يعني فارقُ الزمن، هذا هو أهمُّ ما يُذكر للدَّلالة على أن الرجل ليس هو النبي، نعم بعده.

 

– القارئ : وما كانَ شعيب ليَرضى أنْ يَرعى موسى عندَهُ ويكون خادماً لَهُ وهو أفضلُ منهُ وأعلى درجةً.

– الشيخ : ما، ما بعد صارَ أفضل منه، ما بعد صار أفضل منه، موسى ما بعد صار أفضل منه، في، يعني على فرض أنه كانَ شعيب، على فرضِ أنه شعيب فموسى ما بعد، موسى الآن رجلٌ عادي، ما هو بنبي ولا شيء، رجلٌ صار عليه يعني حادث في بلده في مصر، فهربَ وجاءَ، وألقاهُ القدرُ إلى بيتِ هذا الرجلِ الصالحِ، نعم بعده.

– القارئ : إلا أن يقالَ: هذا قبلَ نبوةِ موسى

– الشيخ : هذا هو الجواب الصح، نعم.

– القارئ : فلا منافاةَ وعلى كلِّ حالٍ لا يُعتمَدُ على أنَّهُ شعيبٌ النَّبي بغيرِ نقلٍ صحيحٍ عنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- والله أعلم.

– الشيخ : والله أعلم، انتهى؟

– القارئ : أي، فلمَّا قضى مُوسى الأجل

– الشيخ : خلاص هذا موقفٌ صحيحٌ، تمام، نعم.