الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة القصص/(9) من قوله تعالى {ولقد وصلنا لهم القول} الآية 51 إلى قوله تعالى {إنك لا تهدي من أحببت} الآية 56
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(9) من قوله تعالى {ولقد وصلنا لهم القول} الآية 51 إلى قوله تعالى {إنك لا تهدي من أحببت} الآية 56

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة القصص

الدَّرس: التَّاسع

***     ***     ***

 

– القارئ : أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ

وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [القصص:51-56]

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : عفا اللهُ عنكَ

– الشيخ : سبحان الله وبحمده، سبحان الله.

الحمد لله، يقول تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} وَصَّلْنَا للناس أو وَصَّلْنَا لهؤلاء من المشركين وغيرهم كأهل الكتاب {وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} يعني قولَ الله، يُطلَقُ القولُ على القرآنِ، {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} [المؤمنون:68]، {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر:18]، {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}

{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُون} أهلُ الكتاب منهم من يؤمِن، من آمَنَ بالقرآن، والذين كانوا من قبل كانوا يؤمنون، يقرؤون صفةَ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فكانوا يؤمنون به قبلَ مجيئِهِ، ومنهم من آمن به كذلك بعد بعثتِهِ -صلى الله عليه وسلم- {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُون}

{وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ… إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا}

هؤلاء الذين آمنوا بِكُتُبِ الله السابقةِ كالتوراةِ والإنجيلِ، يعني الكِتَابيُّ الذي آمنَ بنبيِّهِ وكتابِهِ ثمَّ آمَنَ بمحمد -صلى الله عليه وسلم- له الأجرُ مرَّتين، وقد صحَّ بذلك الحديثُ، {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا}

{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ}، {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، يَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ، يَدْفعونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ، يُشْبِهُ قولَهُ -صلى الله عليه وسلم-: "وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا" وقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34]

يقول تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} فَوَصَفَهُم بالإيمانِ، وحُسْنِ العملِ، وبالإنفاقِ، وبحسنِ المعاملةِ، {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ} اللغوُّ: الباطلُ الذي لا خيرَ فيه من قولٍ أو فعلٍ، كلُّهُ لَغْوٌّ {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان:72]، لا يَلتفتُونَ إليه، كلُّ عملٍ باطلٍ، وَأَبْطَلُ الباطلِ أعمالُ المشركين، ومن الباطلِ الغِناء، الغِناءُ فَسَّرَ بعضُ السَّلفِ اللغوَّ والزُّورَ بالغِناءِ.

{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا} لأهلِهِ {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} هذا نوعٌ من البَراءِة، نحن بريئون من أعمالكم وأنتمْ بريئون، {لَنَا أَعْمَالُنَا} الـمَرضيَّةُ لله، أعمالنا الصالحة، أعمالنا التي يحبُّها الله {وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} التي ارتضيتوها لأنفسكم واختَرْتُمُوهَا وآثَرْتُمُوهَا.

{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} يُسَلِّمُونَ على هؤلاء تعبيراً عن الـمُسَالَمَةِ، كما قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}[الفرقان:63]، يعني يقولون قولاً سليماً من النهي عن المنكر ودفع السَّيئة بالحسنةِ كما تقدَّم.

{لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} نحن لا نبتغي -يعني- صحبةَ الجاهلين، ولا نرضى بأعمالِ الجاهلين، لهم أعمالٌ {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}

ثم قال سبحانه وتعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} أيَّها النَّبي، لا {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}، لا تقدرُ على من تحبُّ هدايتَهُ خصوصاً من قرابتِكَ، كعمِّهِ أبي طالب، ذُكِر أنَّ هذه الآية نزلتْ في شأنِهِ؛ لأنَّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعني اجتهدَ في دعوة عَمِّهِ وحرص كثيراً على هدايته ولكن سَبَقَ القَدَرُ وسَبَقَتْ كلمةُ الله.

{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} الله هو الذي يقدر على هدايةِ القلوب، وهذه هي الهداية الخاصَّة التي معناها التوفيقُ لقَبولِ الحقِّ، هذه الهداية لا يقدِرُ عليها إلا الله، لا الرسول ولا غيره من الدُّعاة إلى الله.

{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} هو أعلم بمن هو أهلٌ لفضله فَيَمُنُّ به، قال الله في أوليائِهِ: {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء:70]، {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}

أما هدايةُ الدعوةِ والبيانِ والنُّصحِ والإرشاد فهذا مقدورٌ للرسول وهذا هو، وإنما أُرسِل الرسولُ لدعوةِ الخلقِ ودَلَالَتِهِم، للدَّلالة والبيانِ والنُّصحِ والإرشاد، وهكذا أتباعُهُ، كما قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108]، نعم يا محمد.

 

(تفسيرُ السَّعديّ)

– القارئ : أحسنَ اللهُ إليك، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} أي: تابعناهُ وواصلناهُ، وأنزلناهُ شيئاً فشيئاً.

– الشيخ : لا إله إلا الله، يعني من إيصالِ الشيءِ إلى الغيرِ، {وَصَّلْنَا لَهُمُ} التفعيل والتضعيفُ يقول: يدلُّ على التعددِ وعلى الكثرة، لو كان لقد أوصلنا، أوصلنا فقط لم تدلَّ على الكثرة.

 

– القارئ : وأنزلناهُ شيئاً فشيئاً رحمةً بهمْ ولطفاً {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} حينَ تتكررُ عليهمْ آياتُهُ، وتَنْزِلُ عليهمْ بيناتُهُ وقتَ الحاجةِ إليها، فصارَ نزولُهُ مُتَفَرِّقَاً رحمةً بهمْ، فلِمَ اعترضوا.

– الشيخ : لا إله إلا الله، {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ} {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ} [الإسراء:106]، {نَزَّلْنَاهُ} تدلُّ على يعني التفريق، تنزيل شيئاً فشيئاً، بخلافِ أنزلناهُ، ولهذا يَذكرُ الله القرآن يصفُهُ، يُخبر عنه بالإنزالِ والتنزيلِ، وأمَّا الكتبُ السابقةُ فيصِفُها ويخبرُ عنها بالإنزالِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} القرآن، {وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء:136]، ففرَّقَ بينَ الكتابَيْنِ بالإنزالِ والتنزيلِ.

 

– القارئ : فصارَ نزولُهُ متفرِّقَاً رحمةً بهمْ، فلِمَ اعترضوا بما هوَ مِنْ مصالِحِهِمْ؟

فصلٌ: في ذِكرِ بعضِ الفوائدِ والعِبَرِ في هذهِ القِصَّةِ العجيبةِ.

– الشيخ : الشيخ كأنه سيذكرُ لنا فوائد، كأنها قصة موسى، القصةُ العجيبةُ، وكأنه يريد يذكر فوائدَ لقصةِ موسى الطويلة التي هي من أول السورة، وهذه عادةُ الشيخ يذكر فوائد كما ذكر فوائد قصة موسى، أعني يوسف قصة يوسف.

– القارئ : فمِنْها أنَّ آياتِ اللهِ تعالى وعِبَرَهُ وأيامَهُ في الأممِ السابقةِ، إنَّما يستفيدُ بها ويستنيرُ المؤمنونُ، فعلى حسبِ إيمانِ العبدِ تكونُ عِبْرَتُهُ، وأنَّ اللهَ تعالى إنَّما يسوقُ القَصَصَ لأجلِهِم، وأمَّا.

– الشيخ : هذا يأخذه من أول السورة، شوف لاحظ اربط الفوائد {نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ … لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [القصص:3]، {طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ … لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [القصص:3،2،1]، نعم، {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}، نعم.

– القارئ : وأمًّا غيرُهُم، فلا يَعْبَأُ اللهُ بهمْ، وليسَ لهمْ منها نورٌ وهدى.

– الشيخ : لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، الآياتُ تُتْلى على العبادِ وعلى النَّاسِ فيصيرونَ فريقَيْنِ:

فمنهم من يُعْرِضُ عن آياتِ اللهِ {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا}[لقمان:7]

والفريق الآخر ينتفعُ بها، وهؤلاء همُ المؤمنون.

إذاً المقصودُ بهذه الآياتِ وتلاوتِهَا همُ الذين يؤمنون بها، وإيمانُهم هو ثمرة، إيمانُهم هو ثمرةٌ لإقبالهم على القرآن، وثمرةٌ لإقبالهم، وثمرةٌ لتدبُّرهم القرآنَ، وتعقُّلهم، أمَّا الـمُعْرضون فإنَّهم يُحْرَمُونَ من ذلك.

 

– القارئ : ومنها: أنَّ اللهَ تعالى إذا أرادَ أمراً هيَّأَ أسبابَهُ، وأتَى.

– الشيخ : هذه الفائدة مأخوذةٌ من قصة موسى عليه السلام في، فيما أوحى الله إلى أمِّهِ لِتُرْضِعَهُ وتُلْقِيَهُ في البحر، والتقاط آل فرعون له، فإذا أرادَ اللهُ أمراً هَيَّأَ أسبابَهُ، فلمَّا أراد الله أن يصطفيَ موسى -عليه السلام- للرسالةِ، يعني جَرَتْ هذه الأحداث من، مما ذكره الله في أول السورة: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى}[القصص:7]، إلى قوله: {فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ}[القصص:8]،  إلى قوله: {قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}[القصص:9]،  إلى قوله: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ}[القصص:13]، نعم، إذا أرادَ اللهُ أمراً هَيَّأَ أسبابَهُ.

– القارئ : وأتى بها شيئاً فشيئاً بالتدريجِ، لا دفعةً واحدةً. ومنها:

– الشيخ : لا إله إلا الله، يمكن أن يُستشَهدُ لهذا بأنَّ الله، مثلاً الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما أرادَ الله اصطفاءَهُ لأعظمِ رسالةٍ، يعني نشأَ في هذا البيت الشريف، فَنَسَبُهُ هو أفضلُ أنساب العرب، نَسَبُ قريشٍ، ومن أفضل بيتٍ في قريش، ونشأَ كريمَ الأخلاقِ غايَةً في الأمانةِ والصِدقِ والوفاءِ والإحسانِ، فهذا إعداد، إعدادٌ للأمرِ العظيمِ الذي يعني يُرادُ به وله عليه الصلاة والسلام.

 

– القارئ : ومنها: أنَّ الأمةَ المُسْتَضْعَفَةَ، ولو بَلَغَتْ في الضَّعْفِ ما بَلَغَتْ، لا ينبغي لها أنْ يستوليَ عليها الكسلُ عن طلبِ حَقِّها، ولا الإِيَاسَ من ارتِقَائِهَا [تقطع في الصوت]

– الشيخ : تدبيرٌ إلهيٌ، لما [تقطع في الصوت] عتى وطغى… اخرجْ بهم، اخرجْ بهم ليلاً أن {أَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، وَاتْرُكِ الْبَحْرَ}[الدخان:24،23]… فيعني رتبوا الأمورَ فخرجوا ليلاً، فَتَبِعَهُمْ فرعونُ إلى آخر… فَفَلَقَ اللهُ لهمً البحرَ وسلكُوهُ…

– القارئ : إلى أعلى الأمورِ خصوصاً إذا كانوا مظلومينَ، كما اسْتَنَقَذَ اللهُ أمَّةَ بني إسرائيلَ -الأمةَ الضعيفةَ- منِ أُسَرِ فرعونَ وملئِهِ، ومَكَّنَهُمْ في الأرضِ، ومَلَّكَهُمْ بِلادَهُمْ.

ومنها: أنَّ الأمَّةَ ما دامتْ [تقطُّع في الصوت والكلام المظلل لم يقرأه القارئ]

– الشيخ : {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص:10]

– القارئ :… ذليلةً مقهورةً لا تأخذُ حقَّهَا ولا تتكلمُ بهِ، لا يقومُ لها أمرُ دينِهَا ولا دنياها ولا يكونُ لها إمامة فيه.

ومنها: لطفُ اللهِ بأمِّ موسى، وتهوينِهِ عليها المصيبةَ بالبشارةِ، بأنَّ اللهَ سيَرُدُّ إليها ابنَها، ويجعلُهُ مِنَ المرسلينَ.

ومنها: أنَّ اللهَ يُقَدِّرُ على عبدِهِ بعضَ المشاقِّ؛ لِيُنِيْلَهُ سروراً أعظمَ من ذلكَ، أو يدفعَ عنه شرَّاً أكثرَ منه، كما قَدَّرَ على أمِّ موسى ذلكَ الحزنَ الشديدَ والهمَّ البليغَ الذي هوَ وسيلةٌ إلى أنْ يَصِلَ إليها ابنُهَا على وجهٍ تطمئنُ بهِ نفسُهَا، وتقرُّ بهِ عينُهَا، وتزدادُ به غِبْطةً وسروراً.

ومنها: أنَّ الخوفَ الطبيعيَّ مِنَ الخَلْقِ لا يُنافي الإيمانَ ولا يُزِيلُهُ، كما جرى لأمِّ موسى ولموسى من تلكَ المخاوفَ.

ومنها: أنَّ الإيمانَ يزيدُ وينقصُ، وأنَّ مِنْ أعظمِ ما يزيدُ بهِ الإيمانُ ويتمُّ بِهِ اليقينُ الصبرُ عندَ المُزْعِجَاتِ، والتثبيتُ مِنَ اللهِ، عندَ المُقْلِقَاتِ، كما قال تعالى. {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص:10] أي: ليزدادَ [تقطع في الصوت]، إيمانُهَا بذلكَ ويطمئنَّ قلبُهَا.

ومنها: أنَّ مِنْ أعظمِ نِعَمِ اللهِ على عبدِهِ، وأعظمِ معونةٍ للعبدِ على أمورِهِ، تثبيتُ اللهِ إيَّاهُ، وربطُ جَأْشِهِ وقلبِهِ عندَ المخاوفِ، وعندَ الأمورِ المُذهلَةِ، فإنَّهُ بذلكَ يتمكنُ من القولِ الصوابِ، والفعلِ الصوابِ، بخلافِ من استمرَّ قلقُهُ ورَوْعُهُ وانزعاجُهُ.

– الشيخ : كما قال الله في أهل الكهف: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا} قاموا مُتَحَدِّيْنَ لقومهم المشركين {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الكهف:15،14].

 

– القارئ : فإنَّهُ يُضِيعُ فكرُهُ، ويذهلُ عقلُهُ، فلا ينتفعُ بنفسِهِ في تلكَ الحالِ.

ومنها: أنَّ العبدَ -ولو عرفَ أنَّ القضاءَ والقَدَرَ ووعدَ اللهِ نافذٌ لا بدَّ منه- فإنَّهُ لا يُهمِلُ فعلَ الأسبابِ التي  أُمِرَ بها، ولا يكونُ ذلكَ منافياً لإيمانِهِ بخبرِ اللهِ، فإنَّ اللهَ.

– الشيخ : قف على هذا، فوائده متتابعة سيذكر الشيخ، فوائد لهذه القصة، قف على هذا بس.

– القارئ : أحسن الله إليك.