الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة القصص/(12) من قوله تعالى {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا} الآية 71 إلى قوله تعالى {ونزعنا من كل أمة شهيدا} الآية 75
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(12) من قوله تعالى {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا} الآية 71 إلى قوله تعالى {ونزعنا من كل أمة شهيدا} الآية 75

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة القصص

الدَّرس: الثَّاني عشر

***     ***     ***

 

– القارئ : أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ.

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [القصص:71-75].

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : عفا اللهُ عنكَ

– الشيخ : الحمدُ للهِ، أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ، يقولُ سبحانَه ممتنَّاً على العبادِ بنعمتي الليلِ والنهارِ، الليلُ والنهارُ نعمتانِ وآيتانِ، نعمتانِ وآيتانِ، ومن آياتِه الليلُ والنهارُ، وهما من نِعمِ اللهِ، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا}، إنْ جعلَ اللهُ الليلَ دائماً ما في نهار ليل مستمرّ، من يستطيع من إله غير الله من آلهتكم أيُّها المشركون من إلهٌ غير الله يأتيكم بضياء كالشمس؟ وإنَّ الشمسَ ضياءٌ، هو الَّذي جعل، هو الّذي جعلَ الشمسَ ضياءً، {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ}، {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ}.

وهكذا النهارُ، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا} دائماً {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، لا يقدرُ على ذلك أحدٌ من الخلقِ، هو الَّذي خلقَ الشمسَ والقمرَ وسخَّرَهما دائبين.

ثمَّ قالَ سبحانَه: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}، يعني خلقُ اللهِ لليلِ والنهارِ وتقديرُهما وتقليبُهما، يقلبُ اللهُ الليلَ والنهارَ هذا من رحمةِ اللهِ بالعبادِ، {لِتَسْكُنُوا فِيهِ}، يعني في الليلِ، {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}، في النهارِ، {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ}، الضميرُ هنا يعودُ إلى الليلِ، {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}، في النهارِ، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، على تشكرُ اللهَ على نعمِه وخصوصاً هاتين النعمتين، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، سبحانَ الله، هذا رحمةٌ من الله، الليلُ والنهارُ.

ثمَّ قالَ تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}، أي المشركين، {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}، يناديهم موبخاً لهم ومخزياً لهم، {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}، {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا}، {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}، ففي هذا اليومِ يتبيَّنُ للمشركين ضلالُهم وجهلُهم وبطلانُ آلهتهم، ويذهبُ عنهم افتراؤُهم وظنونُهم الفاسدةُ، ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾ [النجم:23].

فلا برهانَ لهم على شركِهم، ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة:111].

 

"تفسير السعدي"

– القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الله تعالى: {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا} الآيات.

هذا امتنان من الله على عباده، يدعوهم به إلى شكره، والقيام بعبوديته وحقه، أنه جعل لهم من رحمته النهار ليبتغوا من فضل الله، وينتشروا لطلب أرزاقهم ومعايشهم في ضيائه، والليل ليهدؤوا فيه ويسكنوا، وتستريح أبدانهم وأنفسهم من تعب التصرف في النهار، فهذا من فضله ورحمته بعباده.

فهل أحد يقدر على شيء من ذلك؟ فإن جعل الله {عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون} مواعظ الله وآياته سماع فهم وقبول وانقياد، ولو جعل {عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون} مواقع العبر، ومواضع الآيات، فتستنير بصائركم، وتسلكوا الطريق المستقيم.

وقال في الليل {أفلا تسمعون} وفي النهار {أفلا تبصرون} لأن سلطان السمع في الليل أبلغ من سلطان البصر، وعكسه النهار. وفي هذه الآيات تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نعم الله عليه، ويستبصر فيها، ويقيمها بحال عدمها، فإنه إذا وازن بين حالة وجودها، وبين حالة عدمها، تنبه عقله لموضع المنة، بخلاف من جرى مع العوائد، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمرا، ولا يزال. وعمي قلبه عن الثناء على الله، بنعمه.

– الشيخ : يعني ينبغي للإنسان يعني قدامه هاتان الآيتان يتكرران، يتكرران صباحا ومساء وفي سائر الساعات، ينبغي على الإنسان أن يكون واعيا لا يكون حاله حال -نعوذ بالله- الكفار، الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يعتبرون بآيات الله وهم عن آياته وهم عن آيات الله، وهم عن آياته غافلون، عن آيات الله غافلون لا يتدبرون ولا يتفكرون، هذه آيات نصبها الله لقوم يتفكرون، سبحان الله.

بينما الليل الدامس يأتي الفجر ويفلق ظلام الليل، يفلقه ينفجر، اسمه الفجر، لا إله إلا الله، اسمه الفجر، يتدبر الإنسان، وطلوع الفجر نعمة، يطلع الفجر ثم يستنير ثم ينبسط الضياء فيمكن للناس أن يتحركوا وأن ينتشروا في الأرض، وسائر المخلوقات حتى الدواب فطرها الله على التحرك والانتشار بالنهار والاكتنان والسكون في الليل، هذه فطرة.

لا إله إلا الله، ثم تغيب الشمس، انظر ذهب الليل، ذهب النهار وأقبل الليل، وهما يتعاقبان و، الليل يطلب النهار والنهار يطلب الليل، يولج الليل في النهار، كثيرا ما يعني لفت أنظار العباد إلى هاتين النعمتين كثير في القرآن، بأساليب مختلفة.

 

– القارئ : وفي هذه الآيات، تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نعم الله عليه، ويستبصر فيها، ويقيسها بحال عدمها، فإنه إذا وازن بين حالة وجودها، وبين حالة عدمها، تنبه عقله لموضع المنة، بخلاف من جرى مع العوائد، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمرا، ولا يزال. وعمي قلبه عن الثناء على الله، بنعمه، ورؤية افتقاره إليها في كل وقت، فإن هذا لا يحدث له فكرة شكر ولا ذكر.

قال الله تعالى: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي} الآيات.

أي: ويوم ينادي الله المشركين به، العادلين به غيره، الذين يزعمون أن له شركاء، يستحقون أن يعبدوا، وينفعون ويضرون، فإذا كان يوم القيامة، أراد الله أن يظهر جراءتهم وكذبهم في زعمهم وتكذيبهم لأنفسهم فـ {يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون} أي: بزعمهم، لا بنفس الأمر، كما قال: {وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن}.

وإذا حضروا هم وإياهم، نزع الله {من كل أمة} من الأمم الكاذبة {شهيدا} يشهد على ما جرى في الدنيا، من شركهم واعتقادهم، وهؤلاء بمنزلة المنتخبين.

أي: انتخبنا من رؤسائنا المكذبين من يتصدى للخصومة عنهم، والمجادلة عن إخوانهم، وهم على طريق واحد، فإذا برزوا للمحاكمة {فقلنا هاتوا برهانكم} حجتكم ودليلكم على صحة شرككم، هل أمرناكم بذلك؟ هل أمرتكم رسلي؟ هل وجدتم ذلك في شيء من كتبي؟ هل فيهم أحد.

– الشيخ : لا إله إلا الله، آمنت بالله ورسله، نعم.

– القارئ : هل فيهم أحد يستحق شيئا من الإلهية؟ هل ينفعونكم، أو يدفعون عنكم من عذاب الله أو يغنون عنكم؟ فليفعلوا إذا إن كان فيهم أهلية وليروكم إن كان لهم قدرة، {فعلموا} حينئذ بطلان قولهم وفساده، و {أن الحق لله} تعالى، قد توجهت عليهم الخصومة، وانقطعت حجتهم، وأفلجت حجة الله، {وضل عنهم ما كانوا يفترون} من الكذب والإفك، واضمحل وتلاشى وعدم، وعلموا أن الله قد عدل فيهم، حيث لم يضع العقوبة إلا بمن استحقها واستهلها.

– الشيخ : استأهل لها، استأهل لها يمكن، استأهل يعني صار أهلا، استأهل، استحقها واستأهل لها، نعم. انتهى؟

– القارئ : نعم.

– الشيخ : حسبك، اقرأ ابن كثير على الآية الأخيرة هذه، {ونزعنا من كل أمة}

– القارئ : قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: {ونزعنا من كل أمة شهيدا}. قال مجاهد: يعني رسولا، فقلنا هاتوا برهانكم أي على صحة ما ادعيتموه.

– الشيخ : رسولا، شهيدا رسولا؟

– القارئ : نعم

– الشيخ : {ونزعنا من كل أمة شهيدا}، رسولا، كأنه يردها إلى معنى قوله: ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا﴾ [النساء:41].

{وجئنا بك على هؤلاء}، سبحان الله، نعم يمكن في قول آخر، نعم بعده، رسولا.

– القارئ : فقلنا هاتوا برهانكم أي على صحة ما ادعيتموه من أن لله شركاء فعلموا أن الحق لله أي لا إله غيره، أي فلم ينطقوا ولم يحيروا جوابا وضل عنهم ما كانوا يفترون

– الشيخ : حار يحير، أو حار يحور.

– القارئ : أي ذهبوا فلم ينفعوهم

انتهى.

– الشيخ : سبحان الله، سبحان الله سبحان الله، {ونزعنا من كل أمة شهيدا}، و {كيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد}، ﴿ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء﴾ [النحل:89].

سبحان الله العظيم، هذا الذي ذكره ابن كثير كأنه هو الذي تشهد له الآيات، المراد شهادة الرسل عليهم، كل رسول يشهد على أمته بأنه بلغهم، وتشهد له هذه الأمة، الآية صريحة، {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}، فعلم أنهم الرسل، جاء هذا في آية: {ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء}، إلى آخر الآية. طيب هات بعض الفوائد نأخذها.

إي إي من السعدي خلاص، فوائد ومنها ومنها

– القارئ : الآيات السابقة

الشيخ : سبحان الله وبحمده، لا إله إلا الله

– القارئ : نعم يقول رحمه الله

ومنها: أن الله من رحمته بعبده الضعيف الذي يريد إكرامه، أن يريه من آياته و، نعم هذه قرأناها، التي بعدها. ومنها: أن قتل الكافر الذي له عهد بعقد أو عرف، لا يجوز، فإن موسى عليه السلام عد قتله القبطي الكافر ذنبا، واستغفر الله منه.

ومنها: أن الذي يقتل النفوس بغير حق يعد من الجبارين الذين يفسدون في الأرض.

ومنها: أن من قتل النفوس بغير حق، وزعم أنه يريد الإصلاح في الأرض، وتهييب أهل المعاصي، فإنه كاذب في ذلك، وهو مفسد كما حكى الله قول القبطي {إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين} على وجه التقرير له، لا الإنكار.

ومنها: أن إخبار الرجل غيره بما قيل فيه.

ومنها: أن إخبار الرجل غيره بما قيل فيه، على وجه التحذير له من شر يقع فيه، لا يكون ذلك نميمة -بل قد يكون واجبا- كما أخبر ذلك الرجل لموسى، ناصحا له ومحذرا.

– الشيخ : هذا هو الواجب، الواجب على المسلم إذا سمع اطلع على تدبير ضد معصوم ضد مسلم فإنه يناصحه ويذكره ويحذره، ليتخذ الأسباب أسباب السلامة، هذا هو موجب العقل والفطرة والشرع، ﴿إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج﴾ [القصص:20]

أرشده إلى الطريق، طريق النجاة والسلامة، اخرج لأن الإقامة حينئذ فيها خطر على حياتك، {يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين}، هذه نصيحة، هكذا ينبغي للمسلم مع إخوانه أن يكون نصيرا للحق ونصيرا للمظلوم أن ينصر المظلوم، ومن نصر المظلوم أن تدله على يعني تحذره مما يريد به الظالم، ويرشده إلى الطريق، طريق السلامة.

 

– القارئ : ومنها: أنه إذا خاف القتل والتلف في الإقامة، فإنه لا يلقي بيده إلى التهلكة، ولا يستسلم لذلك، بل يذهب عنه، كما فعل موسى.

ومنها: أنه عند تزاحم المفسدتين، إذا كان لابد من ارتكاب إحداهما أنه يرتكب الأخف منهما والأسلم، كما أن موسى، لما دار الأمر بين بقائه في مصر ولكنه يقتل، أو يذهب إلى بعض البلدان البعيدة، التي لا يعرف الطريق إليها، وليس معه دليل يدله غير ربه، ولكن هذه الحالة أرجى للسلامة من الأولى، فتبعها موسى.

– الشيخ : يعني يريد الشيخ أن موسى -عليه السلام- توجه من غير معرفة للطريق، بس مشي على وجهه، ولكن الله هداه، ولجأ إلى ربه، ﴿ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل﴾ [القصص:22].

سبحان الله العظيم، والشيخ يقول: أن هذا مخاطرة فيه خطر، لكن هذا أهون، أهون من أنه يبقى فيظفر به عدوه، هذا ترجى فيه السلامة، أما الأول لا، ما ترجى فيه السلامة، هلاك محقق.

فإذا تعارضت أو تعارضت مفسدتان فإنه يعني تحتمل وتقدم الأيسر والأخف منهما، هذه قاعدة شرعية عقلية، وهي احتمال أحد المفسدتين، إذا كان لابد، هذه أو هذه، فيأخذ الإنسان يعني الأهون والأقل فسادا والأقل خطرا.

 

– القارئ : ومنها: أن الناظر في العلم عند الحاجة إلى التكلم فيه، إذا لم يترجح عنده أحد القولين، فإنه يستهدي ربه، ويسأله أن يهديه الصواب من القولين، بعد أن يقصد بقلبه الحق ويبحث عنه، فإن الله لا يخيب من هذه حاله.

– الشيخ : اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق نعم، دعاء النبي اهدنا لما اختلف فيه.

– القارئ : كما خرج موسى تلقاء مدين فقال: {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل}.

ومنها: أن الرحمة بالخلق، والإحسان على من يعرف ومن لا يعرف، من أخلاق الأنبياء، وأن.

– الشيخ : الله أكبر، الإحسان إلى الخلق الإحسان، بل الإحسان إلى البهائم، كما جاء في قصة البغي التي سقت الكلب، فالإحسان محمود، وصاحبه مشكور ومأجور، فالله يحب المحسنين إلى عباده، ولا يرتبط هذا فلا ينبغي أن يرتبط بالمعارف لا، السلام سلم على من تعرف ومن لا تعرف، وابذل الخير على لمن تعرف ومن لا تعرف، وهذا موجب الإخلاص، من يعمل لله لا يفرق، الله المستعان.

– القارئ : وأن من الإحسان سقي الماشية الماء، وإعانة العاجز.

– الشيخ : سقي الماشية الماء، فسقا لهما سقا لهما، سقا لهما ماشيتهما، لا إله إلا الله، لا شك أن سقي الماشية الماء إحسان، "في كل كبد رطبة أجر"، ومن كان تحت يده شيء من البهائم يجب عليه أن يقوم بما يلزم لها من نفقة، من علف من ماء، وإذا فرط في ذلك يكون آثما.

 

– القارئ : ومنها استحباب الدعاء بتبيين الحال وشرحها، ولو كان الله عالما بها، لأنه تعالى يحب تضرع عبده وإظهار ذله ومسكنته، كما قال موسى: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}.

– الشيخ : إلى هنا بس [فقط]

– القارئ : أحسن الله إليك

– الشيخ : موسى -عليه السلام- توسل إلى الله بحاله، يا رب أنا فقير إليك يا رب، هو يعلم الله يعلم أنك فقير لكن هو يتوسل، يتوسل بالحال التي وفيها، إني لما أنزلت إلي، فيه اعتراف بفقره إلى ربه، واعتراف بغنى ربه وكرمه، نعم إلى هنا.