الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة العنكبوت/(5) من قوله تعالى {ولوطا} الآية 28 إلى قوله تعالى {ولقد تركنا منها آية بينة} الآية 35
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(5) من قوله تعالى {ولوطا} الآية 28 إلى قوله تعالى {ولقد تركنا منها آية بينة} الآية 35

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة العنكبوت

الدَّرس: الخامس

***     ***     ***

 

– القارئ : عفا اللهُ عنكَ، أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ

وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [العنكبوت:28-35]

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : عفا اللهُ عنكَ

– الشيخ : لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله، يقولُ تعالى: {وَلُوطًا} يعني: وأرسلْنا لوطاً، أو اذكروا لوطاً، تقدَّمَ أنَّ لوطاً -عليه السلام- كانَ في وقتِ إبراهيمَ وقيلَ: إنَّه ابنُ أخيه وقد آمن بإبراهيمَ واتَّبعَهُ، ولهذا -واللهُ أعلمُ- كثيراً ما يردُ ذكرُ لوطٍ على إثرِ ذكرِ إبراهيمَ،وفي قصَّةِ أضيافِه وفي قصَّةِ بشارتِه، فذكرَ اللهُ قصَّةَ لوطٍ معَ قومه في آياتٍ، في سورٍ، سورة الأعراف وهود، ذكرَ اللهُ إرسالَه إليهم وإرسالَ الرسلِ إليه، وما عقوبتُه تعالى لقومِه.

ولوطاً إذْ قالَ لقومِه إنَّكم لتأتون الفاحشةَ، الفاحشةُ: الفعلةُ النكراءُ، فاحشةٌ شنعاءُ، أعوذ بالله، {مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ} هم الَّذين ابتدعُوا واخترعُوا وبدؤُوا هذهِ الفعلةَ الشنعاءَ إتيان الذكران، إنَّكم لتأتونَ الذكرانَ من العالمين وتذرونَ ما خلقَ لكم ربُّكم مِن أزواجِكم، أتأتونَ الفاحشةَ ما سبقَكم بها من أحدٍ من العالمينَ إنَّكم لتأتونَ الرجالَ وتقطعونَ السبيلَ … إلخ.

وقد سرتْ هذه الفعلةُ في البشريَّةِ وورثَها الظالمون، حتَّى انتهى الأمُر في هذا العصرِ أنْ جعلُوا اللواطَ -إتيان الذكران- جعلوه شريعةً لهم وقانوناً "زواج"، يعني ممكن نقولُ: إنَّ هؤلاء ما سبقَهم ولا قوم لوط، قوم لوط ما اتَّخذوا الذكران زوجات، يفعلون هذا بشهوةٍ لكنَّهم لم يجعلوه نكاحاً وعلاقةً زوجيَّةً، لعنةُ اللهِ عليهم، وهذا القانونُ اعتمدتْه أرقى الدولِ، الَّتي هي أحطُّ الدولِ، أرقاها حضارةً وصناعةً وحضارةً في هذه الدنيا وهي أحطُّ الأممِ أخلاقاً، وش بعد هذا؟! هذه بهيميَّةٌ، انحطاطٌ من مرتبةِ الإنسانيَّةِ إلى البهيميَّة، قبَّحهم اللهُ ولعنَهم، المفروضُ أنَّ الأممَ والحكوماتِ أنْ تقاطعَهم بسببِ هذا القانونِ، لكنَّهم لا يبصرون.

إنكم لتأتون الفاحشةَ ما سبقَكم بها من أحدٍ من العالمين، إنَّكم لتأتونَ الرجالَ، هذا تفسيرٌ، تفسيرٌ لهذه الفاحشةِ، {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ} فقومُ لوطٍ جمعوا بين القبائحِ، إتيانُ الذكران ويقطعونَ السبيلَ، يعني: قطَّاع طريق حراميّة، {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ} في ناديهم يفعلون المنكر، ناديهم مجالسهم واجتماعهم، يفعلون المنكرَ فيما بينهم، هذا مجملٌ ومبهمٌ، {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ}

{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} يعني: الظاهرُ أنَّ لوطاً خوَّفَهم من عذابِ الله، فما كانَ جوابُهم إلَّا أنْ قالوا: ائتنا هات، هات ما عندك، {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فماذا قال؟ فلوطٌ لجأَ إلى ربِّه {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} وقد نصرَه اللهُ، نجَّاه اللهُ وأهلُه إلَّا امرأته ودمَّرَ قومَهُ، وقد بيَّنَ اللهُ عقوبتَهم في آياتٍ كثيرة، {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [النمل:58] سبحان الله.

ثمَّ يأتي الخبرُ بإجمالٍ واختصارٍ، الخبرُ عن ضيفِ إبراهيمَ، وهم رسل ملائكة مرسلون من عند الله، {وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} {وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} جاؤوه بالبشرى وأخبروه ماذا سيُفعَلُ بقومِ لوطٍ، {وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ، مهلكوا، الله يهلك من شاء بفعل يعني الملائكة، الملائكة يفعلون اموراً عظيمة يقدرون عليها بغقدار الله، بإقدار الله، إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا} {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا} لوط نبي من أنبياء الله، {إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} مع الباقين الهالكين.

جاءتْ هذه القصَّةُ باختصارٍ وهي مفصَّلةٌ في سورةِ هود وفي سورةِ الحجر وفي سورة الذاريات، {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ … (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات:24-26] أمَّا هنا جاءت باختصار.

هؤلاء الرسل الَّذين جاؤوا إلى إبراهيمَ وأخبروه وبشَّروه بغلامٍ عليمٍ وأخبرُوه بما سيُفعلُ بقومِ لوطٍ ذهبوا إلى لوط، {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} يعني كما يُقالُ أُحرِجَ، أُحرِجَ بمجيئِهم، يعني فهمهم في الأوَّل لعلَّه كما فهمَه إبراهيمُ يعني ضيف وفهمَهم أنَّهم رجاٌل، جاؤُوا بصورةِ رجالٍ، كما جاءَ جبريلُ إلى مريمَ بشراً سوياً.

{وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} لأنَّ قومَه يتربَّصون إذا سمعوا أنَّ عندَه ناسٌ عنده أضيافٌ جاؤُوا، أعوذُ باللهِ، {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ} [الحجر:67-69] الآية، وجاءَهُ قومُهُ يهرعونَ إليهِ، فهنا سِيءَ بهم وضاقَ بهم ذرعاً فقالَ لهُ الملائكةُ: اطمئنْ، {لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} في الآيةِ الأخرى: {إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ}[هود:81] يعني: فاطمئنْ، علمَ أنَّهم رسٌل مِن اللهِ، لن يصلوا إليهم ولن يبلغوا الأمرَ الَّذي يريدونه، ولوطاً -عليه السلام- يعني يضيقُ بهم، {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} [القمر:37] ضيف سمَّاهم ضيف، {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ}[القمر:37-38]

{وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ} هذه العجوزُ الخبيثةُ، يعني: كانتْ تظهرُ يعني الإسلامَ ولكنَّها خائنةٌ، {فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم:10] خائنةٌ لا في العرضِ، خائنةٌ بالكفرِ، بكفرها وتعاونها مع قومِها الفجرةِ، {إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} وقد حصلَ هذا فأنزلَ اللهُ عليهم حاصباً، {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر:33-34] يعني خذوا القصَّة من سائرِ المواضعِ، نجد القصَّة في كلِّ موضعٍ يذكر فيها ما لم يذكرْ في السورة الأخرى، {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا}[الحجر:74]

{مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} نعم يا محمَّد.

 

 (تفسير السعديّ)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى-، في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ}

– الشيخ : لا بعده بعده، هات القصَّة بس، اللي فات فات، ولوطاً.

– القارئ : نعم، قالَ رحمَهُ اللهُ في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى

– الشيخ : ولوطاً

– القارئ : فما كانَ جوابُ

– الشيخ : بعده

– القارئ : بعدَهُ؟

– الشيخ : ولوطاً قصَّة، بداية القصَّة.

– القارئ : فآمنَ لهُ لوطٌ؟

– الشيخ : بعده ولوطاً

– القارئ : نعم، قالَ رحمَهُ اللهُ في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا} الآيات.

تقدَّمَ أنَّ لوطاً -عليهِ السَّلامُ- آمنَ لإبراهيمَ

– الشيخ : تقدَّمَ في الآيةِ الَّتي قبلَها

– القارئ : وصارَ مِن المهتدينَ بهِ

– الشيخ : يعني بسببه، المهتدين به المهتدين بسببِه.

– القارئ : وقد ذكرُوا أنَّهُ ليسَ مِن ذريَّةِ إبراهيمَ، وإنَّما هوَ ابنُ أخي إبراهيمَ.

فقولُهُ تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} وإنْ كانَ عامَّاً، فلا يناقضُ كونَ لوطٍ نبيَّاً رسولاً وهوَ ليسَ مِن ذريَّتِهِ؛ لأنَّ الآيةَ جِيءَ بها لسياقِ المدحِ والثَّناءِ على الخليلِ، وقد أخبرَ أنَّ لوطاً اهتدى على يديهِ، ومَن اهتدى على يديهِ أكملُ ممَّن اهتدى مِن ذريَّتِهِ بالنِّسبةِ إلى فضيلةِ الهادي، واللهُ أعلمُ.

فأرسلَ اللهُ لوطاً إلى قومِهِ، وكانُوا معَ شركِهم، قد جمعُوا بينَ فعلِ الفاحشةِ في الذُّكورِ، وقطعِ السبيلِ، وفشوِّ المنكراتِ في مجالسِهم، فنصحَهم لوطٌ عن هذه الأمورِ، وبيَّنَ لهم قبائحَها في نفسِها، وما تؤولُ إليهِ مِن العقوبةِ البليغةِ، فلم يرعووا ولم يذكروا. {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}

– الشيخ : هذه سلسلةٌ يعني تتكرَّر، كلُّ أمَّةٍ من أممِ الكفرِ والتكذيبِ يقولون: ائْتِنَا بما تعدُنا، هات هات ما عندك، يعني نوع من الاستخفاف، نوعٌ من الاستخفافِ والتعبيرِ عن التكذيبِ والسخريةِ، ائتِنا بما تعدُنا، {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ} هات، نسألُ اللهَ العافيةَ.

 

– القارئ : {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فأيسَ منهم نبيُّهم، وعلمَ استحقاقَهم العذابَ، وجزعَ مِن شدَّةِ تكذيبِهم لهُ، فدعا عليهم و {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} فاستجابَ اللهُ دعاءَهُ، فأرسلَ الملائكةَ لإهلاكِهم.

فمرُّوا بإبراهيمَ قبلَ ذلكَ، وبشَّرُوهُ بإسحاقَ، ومِن وراءِ إسحاقَ يعقوبُ، ثمَّ سألَهم إبراهيمُ أينَ يريدونَ؟ فأخبرُوهُ أنَّهم يريدونَ إهلاكَ قومِ لوطٍ.

– الشيخ : {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ} {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} [الذاريات:31-33]

– القارئ : فجعلَ يراجعُهم ويقولُ: {إِنَّ فِيهَا لُوطًا} فقالُوا لهُ: {لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} ثمَّ مضَوا حتَّى أتَوا لوطاً، فساءَهُ مجيئُهم، وضاقَ بهم ذرعاً، بحيثُ إنَّهُ لم يعرفْهم، وظنَّ أنَّهم مِن جملةِ الضُّيوفِ أبناءِ السَّبيلِ، فخافَ عليهم مِن قومِهِ، فقالُوا لهُ: {لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ} وأخبرُوهُ أنَّهم رسلُ اللهِ.

{إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ إِنَّا مُنزلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا} أي: عذاباً {مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} فأمرُوهُ أنْ يسريَ بأهلِهِ ليلاً فلمَّا أصبحُوا، قلبَ اللهُ عليهم ديارَهم، فجعلَ عاليَها سافلَها، وأمطرَ عليهم حجارةً مِن سجيلٍ متتابعةً حتَّى أبادَتْهم وأهلكَتْهم، فصارُوا سَمَرًا مِن الأسمارِ، وعبرةً مِن العِبرِ.

{وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي: تركْنا مِن ديارِ قومِ لوطٍ، آثاراً بيِّنةً لقومٍ يعقلونَ العِبرَ بقلوبِهم، [فينتفعونَ بها] كما قالَ تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}

قالَ اللهُ تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} الآيات.

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : أحسنَ اللهُ إليكَ.