الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب زاد المستقنع/كتاب المناسك من زاد المستقنع/كتاب المناسك (9) “باب الفدية” يخير بفدية حلق، وتقليم، وتغطية رأس

كتاب المناسك (9) “باب الفدية” يخير بفدية حلق، وتقليم، وتغطية رأس

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب المناسك)
– الدّرس: التّاسع

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعين، أمَّا بعد؛ قال المصنّفُ رحمهُ اللهُ تعالى:
[بابُ الفديةِ]

– الشيخ:
الفديةُ: "فِعلى" من فدى يفدي، وهو ما يُفعلُ بدلًا عن متروكٍ عن فعلٍ محظورٍ أو تركِ واجبٍ، لكن إنَّما وردَ ذكرُ الفديةِ في فعلِ المحظورِ، ولهذا يفرّقونَ بين تركِ الواجبِ وفعلِ المحظورِ، فيسمّونَ الجبرانَ عن تركِ واجبٍ يسمّونَه دمًا، ويقولون أنَّه دمُ جبرانٍ، وما يفعلُ لفعلِ المحظورٍ يسمونَه فديةً لقولِهِ تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] وجاءَ لفظُ الفديةِ أيضًا في الصيامِ، قال تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] فسمّى بدلَ الصيامِ فديةً، فكلُّ ما يُفعلُ لفعلِ محظورٍ أو لتركِ واجبٍ فإنَّه فديةٌ أي بدلٌ، وهذا البابُ معقودٌ لبيانِ أنواعِ الفديةِ.

– القارئ: (يُخيرُ بفديةِ: حلقٍ، وتقليمٍ، وتغطيةِ رأسٍ، وطيبٍ، بينَ: صيامِ ثلاثةِ أيامٍ، أو إطعامِ ستةِ مساكينَ، لكلِّ مسكينٍ: مُدُّ برٍّ، أو نِصفُ صاعِ تمرٍ، أو شعيرٍ، أو ذبحِ شاةٍ)
– الشيخ: 
يُخيّرُ عن حلقِ رأسٍ أو طيبٍ أو تغطيةِ رأسٍ أو تقليمِ أظفارٍ أو لُبسِ مخيطٍ، والأصلُ أنَّ الفديةَ لحلقِ الرأسِ وهذا منصوصُ بالكتابِ والسنّةِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] وقال عليه الصلاةُ والسلامُ لكعبِ ابن عجرة: "أنسكْ شاةً، أو أطعمْ ستّةَ مساكينَ، أو صُمْ ثلاثةَ أيامٍ".
ويُسمّيها الفقهاءُ فديةَ الأذى، وفديةُ الأذى على التخييرِ بين ثلاثةِ أشياءٍ، وقلنا الأصلُ أنَّها مشروعةٌ لحلقِ الرأسِ، وما سوى حلقِ الرأسِ هو مقيسٌ عليه، ونفسُ هذه المحظوراتِ منها ما هو منصوصٌ كالطيبِ واللبسِ وتغطيةِ الرأسِ، هذه وردَ فيها أدلةٌ خاصةٌ، وأمّا تقليمُ الأظفارِ فهو على القياسِ كما تقدَّمَ، وأمَّا إيجابُ الفديةِ في هذه الأربعةِ فكلّها بالقياسِ، بالقياسِ على حلقِ الرأسِ.
فمن فعلَ محظورًا من هذه المحظوراتِ الخمسةِ فعليه فديةٌ، ويخيّرُ بين الأشياءِ الثلاثةِ وهي: الصيامُ ثلاثةَ أيامٍ، أو إطعامُ ستّةِ مساكينَ لكلِّ مسكينٍ يقولُ المؤلّفُ مُدُّ برٍّ أو نصفُ صاعٍ من غيرِهِ على ما هو مشهورٌ ومقرّرٌ في مذهبِ الحنابلةِ. يعني مُدُّ البرِّ يقومُ مقامَ نصفِ صاعٍ من غيرِهِ، ولكن في الحديثِ الإطلاقُ: "أو أطعمْ ستّةَ مساكينَ لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ" فالأظهرُ أنَّ لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ من البرِّ أو غيرِه لإطلاقِ الحديثِ، فهي على التخييرِ، فأيُّ واحدٍ من هذه الثلاثةِ فعلَها أجزأَهُ بنصِّ القرآنِ والسنّةِ الصحيحةِ.

– القارئ: (وبجزاءِ صيدٍ بينَ: مِثلٍ: إنْ كانَ، أو تقويمِهِ بدَرَاهِمَ يشتري بها طعامً، فيطعمُ كلَّ مسكينٍ مُدًّا، أو يصومُ عنْ كلِّ مدٍّ يومًا)
– الشيخ: 
يعني ويخيّرُ في قتلِ الصيدِ، من قتلَ صيدًا فإنَّه يُخيّرُ بين ذبحِ المثلِ، أو تقويمِ المثلِ بطعامٍ يتصدّقُ به عن كلِّ مسكينٍ مُدًّا، أو يصومُ عن كلِّ مُدٍّ يومًا، وذلك لقولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95] من النَّعَمِ بيانٌ لقولِه جزاءٌ، فالجزاءُ يكونُ من النَّعَمِ: الإبلِ أو البقرِ أو الغنمِ، يعني من بهيمةِ الأنعامِ، يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة:95]
إذًا فجزاءُ الصيدِ على التخييرِ بين ذبحِ المثلِ، أو تقويمِ المثلِ بطعامٍ، أو أن يصومَ عن كلِّ مدٍّ يومًا، فعلى سبيلِ المثالِ يقولون: في الحمامةِ شاةٌ، فهو يخيّرُ بين ذبحِ شاةٍ، أو يُقيّمُ الشاةَ بطعامٍ فيعطيهِ للمساكينَ، لكلِّ مسكينٍ مدٌّ، أو يصومُ عن كلِّ مدٍّ يومًا، وهذا سبحانَ اللهِ عجبٌ، هذه شاةٌ كم قيمتُها، لنَقُل أنَّ قيمتَها خمسمئةِ ريالٍ، يُخيّرُ بين ذبحِ الشاةِ أو تقويمِها بدراهمَ يشتري بها طعامًا من الرزِّ مثلًا، والصاعُ بخمسةِ عشرَ ريال، فتكونُ النتيجةُ أربعمئةٍ وخمسينَ ريالًا، كم يصيرُ فيها من الصاعِ؟ ثلاثون صاعًا، ثلاثونَ صاعًا تُضربُ بخمسةِ عشرَ تساوي أربعمئة وخمسين، كلُّ صاعٍ أربعةُ أمدادٍ، فنضربُ أربعةً فتبلغُ مئةً وعشرينَ، فهو يُخيّرُ بين ذبحِ الشاةِ، أو إطعامٍ بقيمةِ هذه الدراهم وإنفاقِها على المساكينَ لكلِّ مسكينٍ مُد، أو يصومُ عن كلِّ مُدٍّ يومًا. إذًا يُخيّرُ بين ذبحِ شاةٍ، أو إطعامِ مئةٍ وعشرينَ مسكينًا، أو يصومُ مئةً وعشرينَ يومًا، هذا معنى كلامِهِ.
 
– القارئ: (وبما لا مِثْلَ لهُ بينَ: إطعامٍ، وصيامٍ)
– الشيخ: يعني من الصيدِ ما لا مثلَ له كالعصفورِ أو الجرادِ فإنَّه ليس له مثل فماذا نصنعُ؟ يُقيّمُ العصفورُ بدراهمَ، بريالٍ مثلًا، نشتري به مُدًا من طعامٍ، والظاهرُ أنَّه إن لم يساوي المُدّ يَجبرونَ الكسرَ، فهو يُخيّرُ بين الإطعامِ، يُقيّمُ نفسُ الصيدِ لأنَّ هذا ليس له مثل، فالتقويمُ بالطريقةِ الأولى يكونُ للمثلِ، وهنا يكونُ التقويمُ للصيدِ، فيُخيّرُ بين الإطعامِ وبين الصيامِ، وما لا مثل له يكونُ في الغالبِ سهلًا ويسيرًا، أمَّا إذا كان التقويمُ للمثلِ فإنّه يتضاعفُ، لأنَّ المثلَ في الغالبِ تكونُ قيمتُهُ كبيرةً، يعني يكثرُ الطعامُ وبالتالي تطولُ مدّةُ الصيامِ، وهذا مبنيٌّ على بعضِ الآثارِ عن بعضِ السلفِ في تفسيرِ الآيةِ.
– مداخلة:
– الشيخ: 
إذًا الحمدُ للهِ، ويستغفرُ اللهَ ويتوبُ إليه.
– مداخلة: يُطعمُ لكلِّ مسكينٍ مُدًّا إن كان الطعامُ بُرًا، وإلّا فمدّين؟
– الشيخ: على المنهجِ السابقِ، ومعناه أنَّ الشارحَ صرفَ عبارةَ الماتنِ، فالماتنُ أطلقَ، والشارحُ صرفَ كلامَهُ وقصرَ قولَه مُدًّا يعني من بُرٍّ، ومدّين من غيرِهِ.
– مداخلة:
– الشيخ: 
الشارحُ صرفَ كلامَ الماتنِ ليتّفقَ مع المذهبِ المشهورِ في تقديرِ الصدقةِ، وعندي في فديةِ الأذى ذكرتُ لكم السببَ وأنَّ الحديثَ مطلقٌ وأنَّ لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ، وهنا في هذا الموضعِ سنرى بعدَ القراءةِ، يعني. … كيف التخييرُ، التخييرُ بين ذبحِ شاةٍ وصيامِ أربعةِ أشهرٍ.
– مداخلة: … على القولِ الآخرِ شهران؟
– الشيخ: يبقى بم التقديرُ؟ عن كلِّ مدٍّ يوم، يبقى على المذهبِ، يعني الصيامُ يلحقُ بمقدارِ المُدِّ من بُرٍّ أو بنصفِ صاعٍ؟ فهذا محلُّ تردّدٍ، لا ندري ماذا يقولون به.

– القارئ يقرأ من الشرح الممتع:
يُخَيَّرُ بِفِدْيَةِ حَلْقٍ، وَتَقْلِيمٍ، وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ وَطيبٍ وَلُبْسِ مَخِيطٍ بَيْنَ صِيامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إِطعَامِ ستَّةِ مَسَاكِين لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بر، أَوْ نصفُ صَاع تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ ذَبْحِ شاةٍ
– الشيخ: عجيبٌ استعمالُ "الباءِ" هنا، كأنَّ المناسبَ يُخيّرُ "في" فديةِ الأذى بينَ، والشيخُ رحمهُ اللهُ اعتمدَ "الباءَ" والمناسبُ أن نقولَ: "يُخيّرُ في فديةِ الأذى بينَ" لأنّها للظرفيةِ، يعني يخيّرُ في موضوعِ فديةِ الاذى بين كذا وكذا….

– القارئ: قولُه: "وبجزاء صيد بين مِثْلٍ إن كان": أي ويخيّرُ بجزاء، وعلى هذا فالواوُ حرفُ عطفٍ و "بجزاء" معطوفٌ على قولِه "بفدية" بإعادةِ العاملِ، وهو الباءُ، أي: ويخيّرُ بجزاءِ صيدٍ بين مِثْلٍ إن كان، أي: مثلٍ للصيدِ إن كان له مثلٌ، وإن لم يكن له مثلٌ فله حكمٌ آخرُ.
وعلى هذا فنقولُ: الصيدُ نوعان: نوعٌ له مثلٌ من النَّعَمِ؛ فهذا جزاؤُهُ مثله، لقولِ اللهِ ـ تباركَ وتعالى ـ: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95] والمثلُ هذا يذبحُهُ، ويتصدَّقُ به على فقراءِ الحرمِ لقولِهِ تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة:95]
قولُه: "أو تقويمُه بدراهمَ يشترى بها طعامًا فيُطعمُ كلَّ مسكينٍ مدًّا، أو يصومُ عن كلِّ مدٍّ يومًا": (أو) في كلامِ المؤلفِ بمعنى الواو، فمعنى الكلامِ: أنَّه يخيّرُ في جزاءِ الصيدِ بينَ ذبحِ مثلِهِ يتصدَّقُ به على فقراءِ الحرمِ، وتقويمِهِ بدراهمَ… إلخ؛ لقولِهِ تعالى: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة:95] الكفارةُ ما بَيَّنَها اللهُ عزّ وجل.

– الشيخ: ما بيّنها: بمعنى لم يبيّنها، "ما" نافيةٌ لا موصولةٌ، فاللهُ سبحانَهُ وتعالى لم يبيّنها، بل جاءت مُجملةً أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة:95]

– القارئ: ولكن يقالُ: إنّ البدلَ له حكمُ المبدلِ، فتكونُ الكفارةُ تساوي المثلَ أو الصيدَ، والقرآنُ ليس فيه إفصاحٌ بهذا ولا هذا؛ ولذلك اختلفَ العلماءُ، هل الذي يقومُ الصيدُ أو المثلُ؟ المذهبُ: أنَّ الذي يقومُ المثلُ؛ لأنَّه هو الواجبُ في الكفارةِ أصلًا، فإذا كان هو الواجبُ أصلًا فالواجبُ قيمتُه، فَيُقَوَّمُ المثلُ بدراهمَ يشتري بها طعامًا، ويطعمُ كلَّ مسكينٍ مُدًّا، وهو الراجحُ وهو أقربُ إلى قواعدِ الشرعِ أنَّ الذي يقوّمُ المثلُ سواءٌ قلَّتْ قيمتُهُ عن الصيدِ أو زادتْ. وقيلَ: إنَّ الذي يقوِّمُ الصيدُ؛ لأنَّه لما عدلَ عن المثلِ صارَ كالصيدِ الذي لا مثلَ له، والصيدُ الذي لا مثلَ له، جزاؤُه قيمتُه.
وقولُه: "أو تقويمُهُ بدراهمَ يشترى بها طعامًا": هذا على سبيلِ المثالِ، وليسَ على سبيلِ التعيينِ، فله أن يقومَهُ بدراهمَ، ثمّ يخرجُ من الطعامِ الذي عنده ما يساوي هذه الدّراهمَ، مثالُ ذلك: الحمامةُ، مثلُها شاة، فالشاةُ جزاءُ الحمامةِ؛ لقولِه تعالى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95] والمشابهةُ بينهما في شربِ الماءِ، فالشاةُ تعبُّ الماءَ عبَّا، والحمامةُ تعُبُّه عبًّا كمصِّ الصبيّ للثدي، والدجاجةُ إذا ملأتْ منقارها رفعتْ رأسَها لينزلَ الماءُ، لكنَّ الحمامةَ إذا وضعتْ منقارها في الماءِ لا ترفعُ رأسَها حتى تروى، وكذلك الشاةُ.
فهذا رجلٌ محرمٌ قتلَ حمامةً، نقول: أنتَ بالخيارِ اذبحْ شاةً وتصدّقْ بها على فقراءِ الحرمِ، أو قوِّمِ الشاةَ بدراهمَ، وأخرجْ بدلَ الدراهمِ طعامًا، ولا تخرجِ الدراهمَ؛ لأنَّه قال: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ، فإذا قدَّرنا الشاةَ بمائتي ريالٍ، وقدرنا الطعامَ كلَّ صاعٍ بريال، فتكونُ مائتي صاعٍ يساوي ثمانمائة مدٍّ، فنقولُ: إن شئت أخرجِ الطعامَ، وإن شئت اعدلْ عن الطعامِ وصمْ ثمانمائة يومٍ؛ لأنَّه عن كلِّ مدٍّ يومًا فسيختارُ إمّا الشاةَ، وإمّا الإطعامَ؛ لأنَّ الصيامَ سيكونُ شاقًا، لكن ـ الحمدُ للهِ ـ الأمرُ واسعٌ؛ لأنَّه على التخييرِ. ومن الذي يُقدرُ المثلَ؟ الجوابُ: قال اللهُ تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة:95] {يحكم به}: أي بالمثلِ ذوا عدلٍ منكم، فالواحدُ لا يكفي فلا بدَّ من اثنين، وسيأتينا ـ إن شاءَ اللهُ ـ في البابِ الذي يليه أنَّ ما قضت به الصحابةُ ـ رضي اللهُ عنهم ـ وجبَ الرجوعُ إليه، وما لم تقضِ به الصحابةُ يقضي به رجلان.
قولُه: "وبما لا مثلَ له بين إطعامٍ وصيامٍ": وهذا هو النوعُ الثاني فيخيّرُ بما لا مثل له بين شيئين: الإطعامُ، أو الصيامُ، وتسقطُ المماثلةُ، فإمّا أن يشتريَ بقيمتِهِ طعامًا يطعمَهُ الفقراءَ، وإمَّا أن يصومَ عن إطعامِ كلِّ مسكينٍ يومًا، مثالُه: الجرادُ صيدٌ لا مثلَ له، فإذا قتلَ المحرمُ جرادًا فعليه: إمّا قيمتُهُ يشتري بها طعامًا يطعمُ كلَّ مسكينٍ مدًا، وإمّا أن يصومَ عن كلِّ مدٍّ يومًا.

– مداخلة: لكن سبقَ للشيخِ الترجيحُ بين المُدِّ ونصفِ الصاعِ في فديةِ الاذى، يقولُ الشيخُ محمّدٌ رحمهُ اللهُ: والمؤلّفُ هنا فرَّقَ بين البرِّ وغيرِ البرِّ، فالبر مُد، وغير البرِّ نصفُ صاعٍ، والمُدُّ ربعُ الصاعِ؛ لأنَّ صاعَ النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أربعةُ أمدادٍ، نصفُهُ مدَّانِ، ففرقَ المؤلّفُ ـ رحمهُ اللهُ ـ بين البرِّ وغيرِه، وفي بابِ الفطرةِ لم يفرّقِ المؤلفُ بين البرِّ وغيرِهِ، ففي بابِ الفطرةِ صاعٌ من برٍّ، أو صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ، أو غيرُ ذلك مما يُخْرجُ منه، فالفقهاءُ ـ رحمهم اللهُ تعالى ـ يفرقونَ بين البرِّ وغيرِه في جميعِ الكفاراتِ والفديةِ، إلّا في صدقةِ الفطرِ.
ولهذا قرَّرَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ ـ رحمهُ اللهُ ـ قاعدةً، وقال: إنَّ البرَّ على النصفِ من غيرِه، ففي الفطرةِ نصفُ صاعٍ عند شيخِ الإسلامِ، ولكنَّ مذهبنا في الفطرةِ مذهبُ أبي سعيدٍ الخدري ـ رضي اللهُ عنه ـ: "فإنَّه لما قدمَ معاويةُ ـ رضي اللهُ عنه ـ المدينةَ، وقال: أرى مدًّا من هذه يساوي مدين من الشعيرِ، قال أبو سعيد: أمّا أنا فلا أزالُ أخرجُهُ كما كنتُ أخرجُهُ على عهدِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-" ونحن نقولُ كما قال أبو سعيدٍ ـ رضي الله عنه ـ.
وكذلك مذهبُنا هنا ألَّا فرقَ بين البرِّ وغيرِه؛ لأنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال لكعبِ بن عجرة ـ رضي اللهُ عنه ـ: "أطعمْ ستةَ مساكين لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ".
– الشيخ: هذا قولٌ حاسمٌ، فلا مقالةَ لأحدٍ مع قولِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فالواجبُ هو إخراجُ نصفُ صاعٍ.
 
– القارئ: فعيَّن المقدارَ، وأطلقَ النوعَ، فظاهرُ الحديثِ أنَّ الفديةَ نصفُ صاعٍ لكلِّ مسكينٍ، سواءٌ من البرِّ أو من غيرِهِ؛ ولهذا جميعُ ما وردَ فيه إطعامُ مساكينَ يجوزُ أن تغديهم أو تعشّيهم، إلّا هذا الموضعَ فلا بدَّ أن تطعمهم طعامًا يملكونَه، ومقدارُهُ نصفُ صاعٍ لكلِّ مسكينٍ.
– الشيخ: 
كصدقةِ الفطرِ، فصدقةُ الفطرِ لا يجزئُ فيها الإطعامُ الجاهزُ مثلًا، بل لا بدَّ من التمليكِ، وهكذا هنا لورودِ النصِّ بالتقديرِ، في الفطرةِ صاعٌ، وفي فديةِ الأذى نصفُ صاعٍ، والشيخُ رحمهُ اللهُ كأنَّ في بحثِهِ هنا شيءٌ من الاختصارِ، لأنَّه لم يعرّجْ على التدليلِ، أو الدليل على التخييرِ بين ذبحِ المثلِ وشراءِ الطعامِ والتصدّقِ به، أو صيامِ البدلِ لعددِ الأمدادِ، أو لعددِ نصفِ الصاعِ، فذكرَ اجتهادَهُ هنا وأنَّه مشى على ما مشى عليه المؤلّفُ إلّا في مسألةِ المُدّ فإنّه يرى أنّه يشترى به طعامًا مثلًا، أو يخرجُ صاعًا بقدرِ هذه الدّراهمِ التي هي قيمةُ المثلِ، أو يصومُ عن كلِّ نصفِ صاعٍ يومًا.
ففي المثالِ الذي ذكرَ يقولُ: الشاةُ قيمتُها مائتي ريالٍ، ونقولُ: قيمةُ نصفِ الصاعِ بدرهمين، فنقولُ: يجبُ عليه صيامُ مئةِ يومٍ فقط، فعلى قولِ الشيخِ واجتهادِهِ: يصومُ عن كلِّ نصفِ صاعٍ يومًا، وعلى ما ذكرَ الماتنُ عن كلِّ مُدٍّ يومًا، فيتضاعفُ الصيامُ، وعلى رأي الشيخِ يكونُ الصيامُ على النصفِ، لكن نبقى في الترجيحِ بين ما يُقوّمُ أهو المثلُ أم الصيدِ؟ الشيخُ مشى على ما مشى عليه المؤلّفُ، والمسألةُ تحتاجُ إلى مزيدِ بحثٍ لمعرفةِ الراجحِ في هذا المقامِ، أعني ما الذي يُقوّمُ هل هو المثلُ أم الصيدُ، واللهُ تعالى كما قال الشيخُ أطلقَ: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ [المائدة:95] هنا مطلقةٌ لا ندري، الآيةُ فيها إجمالٌ، فلقائلٍ أن يقولَ: أنَّه مُخيّرٌ بين جزاءِ الصيدِ وهو ذبحُ المثلِ، أو يطعمُ عددًا من المساكينِ، لأنَّ اللهَ يقول: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ [المائدة:95] فالمسألةُ تحتاجُ إلى مزيدِ بحثٍ ومراجعةٍ.
 
– القارئ: (وأما دمُ متعةٍ، وقرانٍ: فيجبُ الهديُ)
– الشيخ: 
دمُ المتعةِ والقرانِ فيها الهديُ، يعني ليس فيها التخييرُ، قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] أي عليه ما استيسرَ من الهدي. إذًا: عيّنَ الهديَ إلّا لمن لم يجدْ، قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة:196] فيتعيّنُ الهديُ، إلّا إذا لم يجدْ فإنَّه يعدلُ إلى الصيامِ.

– القارئ: (فإنْ عَدِمَهُ: فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ، والافضلُ كونُ آخرِها يومُ عرفةَ، وسبعةٍ إذا رجعَ إلى أهلِه)
– الشيخ: 
إن عَدِمَ الهدي إمّا بعدمِ وجودِه يعني في السوقِ، أو لعدمِ قدرتِهِ على الثمنِ، فقولُه تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شاملٌ للحالتين، وقولُه تعالى: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ متى تكونُ؟ يقولُ المؤلفُ: الأفضلُ أن يكونَ أوّلُها اليومُ السابعُ، فيحرمُ بالحجّ اليومَ السابعِ ويصومُ يعني السابعَ والثامنَ والتاسعَ، يعني يصومُ وهو متلبّسٌ بالحجِّ، فإن فاتتْ صامَ أيامَ التشريقِ. ومن أهلِ العلمِ من يقولُ: بل ثلاثةُ الأيامِ يصومُها متى أحرمَ بالعمرةِ متمتّعًا فإنّه الآنَ قد دخلَ في النُّسُكِ، يقولُ المؤلفُ: والأفضلُ أن يصومَها قبلَ يومِ النّحرِ، ويكونُ آخرُها يومُ عرفةَ.

– القارئُ يقرأُ من الشرحِ الممتعِ:
قولُه: "والأفضلُ كونُ آخرِها يومُ عرفة": أي فيصومُ اليومِ السابعِ، والثامنِ، والتاسعِ، ليكونَ آخرُها يومَ عرفةَ، قالوا: وفي هذه الحالِ ينبغي أن يحرمَ بالحجِّ في اليومِ السابعِ، فيحرمُ اليومَ السابعَ، ليكونَ صومُهُ الأيامَ الثلاثةِ في نفسِ الحجِّ، وفي هذا نظرٌ من جهتين: من جهةِ تقديمِ الإحرامِ بالحجِّ، ومن جهةِ كون آخرها يوم عرفةَ. أمَّا الأوّلُ: فإنَّ تقديمَ إحرامِ الحجِّ على اليومِ الثامنِ خلافُ هدي النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، والذي يظهرُ من حالِ الصحابةِ ـ رضي اللهُ عنهم ـ الذين تمتّعوا أنّهم فقراءُ؛ لأنّهم لم يسوقوا الهديَ، وإلَّا لساقوا الهديَ كما ساقَه الأغنياءُ، وإذا كانوا فقراءَ ففرضُهم الصيامُ، ونحن يغلبُ على ظنّنا أنَّ الصحابةَ الذين حلّوا لم يحرموا إلَّا من اليومِ الثامنِ، فكيفَ نقولُ أحرمَ في اليومِ السابعِ؟ 
– الشيخ: 
هذا ظاهرٌ، لكنَّ الكلامَ في توقيتِ الصيامِ متى عند الشيخِ؟
– القارئ: 
– الشيخ: بعضُهم يقولُ: من حين يُحرمُ بالعمرةِ، وبعضُهم يقولُ: من حين يتحلَّلُ، يعني إذا تحلَّلَ فإنَّه يصومُ، وهذا داخلٌ فيما قبلَه والحمدُ للهِ.
– مداخلة: … ويجوزُ أن يصومَها متتابعةً أو متفرقةً.
– الشيخ: 
لإطلاقِ القرآنِ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة:196]
 
– القارئ: (والمحصَرُ إذا لم يجدْ هديًا: صام عشرةً ثم حلَّ)
– الشيخ: المحصرُ: هو من يُصَدُّ عن الوصولِ إلى البيتِ، إمَّا عدو، أو على الخلافِ في المُحصرِ، إمَّا عدوٌ أو عائقٌ آخرُ من مرضٍ أو حادثٍ كما يحصلُ كثيرًا، فالمحصرُ كما قال اللهُ تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] فيجبُ عليه الدمُ، فإن عَدِمَهُ؛ يقولُ المؤلفُ: صامَ عشرةَ أيامٍ، والقرآنُ ليسَ فيه ذكرُ الصيامِ، ودمُ التمتّعِ ودمُ الإحصارِ ليسَ فيه خيارٌ، لكنَّ دمَ التمتّعِ له بدلٌ عند الإعدامِ وهو صيامُ عشرةِ أيامٍ، أمَّا دمُ الإحصارِ فلم يُذكرْ له بدلٌ في القرآنِ، لكنَّ الفقهاءَ قاسوا دمَ الإحصارِ على دمِ التمتّعِ، وفي هذا القياسِ نظرٌ واللهُ تعالى أعلمُ.

– القارئ: هناك كلامٌ للشيخِ البليهي في مسألةِ الإحصارِ.
قولُه: "والمحصرُ إذا لم يجدْ هديًا": لقولِه تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] ولقولِ عبدِ اللهِ ابنِ عمرَ: "أليسَ حسبكم سنّةُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إن حُبِسَ أحدُكُم عن الحجِّ طافَ بالبيتِ وبالصّفا والمروةِ ثمَّ يحلُّ من كلِّ شيءٍ، حتى يحجَّ عامًا قابلًا فيهدي أو يصومُ إن لم يجدِ هديًا" رواهُ البخاري والنسائي والترمذي.
– مداخلة: 
ابنُ عثيمين يقولُ في الممتعِ:
وعلى هذا نقولُ: المحصرُ يلزمُهُ الهديّ إن قدرَ، وإلّا فلا شيءَ عليه. وقال أيضًا: وقاسوهُ على المتمتّعِ، لكنَّ هذا القياسَ قياسٌ مع الفارقِ، ومخالفٌ لظاهرِ النصِّ.
– الشيخ: جاءت في آيةٍ واحدةٍ، فدمُ الإحصارِ لم يذكرِ اللهُ له بدلًا، ودمُ التمتّعِ ذكرَ له بدلًا، فهذا القياسُ فيه مخالفةٌ ظاهرةٌ للنصِّ، فالصحيحُ أنَّه إذا وُجدَ الهديُ وإلَّا فكغيرِه من الواجباتِ التي تسقطُ بالعجزِ، وهذا هو الصحيحُ إن شاءَ اللهُ.
– مداخلة:
– الشيخ: هذا هو المعروفُ، المعروفُ أنَّه إذا لم يشترطْ: "حجّي واشترطي".

 


الأسئلة:
س1: ما الدليلُ أنَّ في الحمامةِ شاةٌ؟
ج: هذا بناءً على ما رُويَ عن السلفِ، لأنَّ اللهَ تعالى يقول: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة:95]
فالحمامةُ ممّا حُكمَ به، والأصلُ في تعيّنِ الحمامةِ هو الأثرُ عن السلفِ الصالحِ.
……………………………………
س2: ما هو الضابطُ في المشابهةِ، كيفَ تكونُ الحمامةُ لها مثل وهي الشاةُ، والعصفورُ لا مثلَ له؟
ج: الحمامةُ مثلُ الشاةِ في طريقةِ شربِ الماءِ، قالوا لأنَّ الحمامةَ تعبُّ الماءَ وتشفطُهُ ولا تأخُذُهُ قطراتٍ، والشاةُ هكذا.
……………………………………
س3: حجَّ أحدهُم وارتكبَ محظورًا يُوجبُ فديةَ أذى فاشترى طعامًا من المطعمِ لستّةِ مساكينَ، فما عليه؟
ج: لا، هذه المسألةُ مرّت ونبّه عليها الشيخُ محمد، وأنَّه لا بدَّ أن يشتريَ طعامًا ويملّكُهُ للمساكين، فلا يكفي تقديمُهُ طعامًا جاهزًا، بل لا بدَّ من التمليكِ.
……………………………………
س4: هل يُجزئُ الصكُّ في موضوعِ الفديةِ؟
ج: نرجو أنَّه يجزئُ، لأنَّ المعنى أنَّ الشخصَ الذي عليه الواجبُ يوكّلُ الشركةَ المتعهّدةَ بذبحِ الذبائحِ من هدايا وفديةٍ، فالشركةُ وكيلةٌ فيجزئُ إن شاءَ اللهُ.
……………………………………
س5: هل يجوزُ صيامُ يومِ عرفةَ إذا لم يقدرْ على الفديةِ؟
ج: يجوزُ، لكنَّ الأفضلَ أن يصومَ قبلَ اليومِ السابعِ.
……………………………………
س6: هل يجوزُ للمرأةِ أن تلبسَ النّقابَ بالمقلوبِ؟
ج: هذا احتيالٌ، لا يجوزُ أن تلبسَهُ بالمقلوبِ.
……………………………………
س7: صليتُ مع إمامٍ يجمعُ العشاءَ مع المغربِ بسببِ المطرِ، وليس المطرُ بالذي يُوجبُ الجمعَ، فخشيتُ مخالفةَ الإمامِ والجماعةِ، فهل فِعلي صحيحٌ، أم عليَّ إعادةُ العشاءِ رغمَ مُضيِّ أسبوعٍ على ذلك؟
ج: إن أعدتَّ فهو أحوطُ، لأنَّكَ جمعتَ وأنتَ غيرُ مقتنعٍ بالعذرِ، بل جمعتَ تبعًا لهم.
……………………………………
س8: أُقيمتِ الصلاةُ بوجودِ عشرينَ مصلّيًا، فتقدّمَ أحدُهم وقال أنا سأقصرُ، وأنتم أكملوا، فأكملَ كلُّ هذا العدد، فهل يجوزُ مثل هذا العملِ؟
ج: يجوزُ ولا حرجَ، إذا كان الذي قدّموهُ أحقَّ بالإمامةِ فالحمدُ للهِ، أمَّا إذا كانوا جميعُهم سواءً يُقدَّمُ واحدٌ من اللذين يقصرون.
……………………………………
س9: حديثُ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "لا صلاةَ بعدَ الفجرِ حتى تطلعَ الشمسُ، ولا صلاةَ بعدَ العصرِ حتى تغربَ الشمسُ" وحديث: "إذا دخلَ أحدُكم المسجدَ فلا يجلسْ حتى يصلّي ركعتين"
ج: هذه محلُّ خلافٍ بين أهلِ العلمِ، كثيرٌ من أهلِ العلمِ يقولُ: لا يصلّي أبدًا، أيَّ صلاةٍ، اللهمّ إلَّا قضاءَ الفرائضِ، ومن أهلِ العلمِ من يقولُ: أنَّ معنى النهي ألَّا يبتدئَ الصلاةَ ولا يتحرّى الصلاةَ في هذه الأوقاتِ، أمّا إذا كانت الصلاةُ لها سببٌ فيجوزُ كتحيّةِ المسجدِ، أو قضاءِ راتبةٍ، وهذا هو الأظهرُ وهو الرَّاجحُ إن شاءَ اللهُ، يعني جوازُ ذواتِ الأسبابِ ومنها ركعتا الطوافِ، وقد جاءَ فيها حديثٌ: "يا بني عبدِ منافٍ لا تمنعوا أحدًا طافَ بهذا البيتِ وصلّى أيَّ ساعةٍ شاءَ من ليلٍ أو نهارٍ".
……………………………………
س10: من قرأَ أذكارَ المساءِ قبلَ المغربِ، فهل يقرأُ سورةَ الإخلاصِ والمعوّذتين بعدَ المغربِ مرَّةً او ثلاثَ مرّاتٍ؟
ج: يقرأُها ثلاثَ مرَّاتٍ كما جاءَ في السنّةِ.
……………………………………
س11: إني أتوبُ ثمَّ أعودُ إلى ما تبتُ منه، فأُصبتُ بالإحباطِ، ولربما شعرتُ في بعضِ الأوقاتِ أنّي لا أستطيعُ التوبةَ، فهل من دواءٍ لدائي؟
ج: قاومْ هذا التفكيرَ، بل اثبُتْ وتُبْ ولا تيأسْ ولا تقنطْ، وأنت مستطيعٌ للتوبةِ بحولِ اللهِ وقوّتِه، استعنْ باللهِ ولا تعجزْ، وقُلْ: أعنّي على نفسي وعلى الشيطانِ، ومهما حصلَ منكَ التردّدُ فلا تيأس ولا تستسلمْ بل قاوم واستعن باللهِ، ودُمْ على المجاهدةِ.
……………………………………
س12: الناظرُ إلى حالِ غالبِ طلبةِ العلمِ يجدُ التكاسلَ في التحصيلِ والتهاونَ في حضورِ دروسِ أهلِ العلمِ فهل من كلمةٍ توجيهيّةٍ؟
ج: ينبغي لكلِّ مسلمٍ أن يحرصَ على طلبِ العلمِ الشرعيّ الذي يُقيمُ به دينَه، ويصيرُ به على بصيرةٍ، وينفعُ به غيرَه، ولا سيّما من ينتسبُ إلى طلبِ العلمِ ينبغي أن يحقّقَ هذا الانتسابَ بالجدِّ والاجتهادِ ولا يكونُ كغيرِه من سائرِ الناسِ في الفتورِ وعدمِ الحضورِ لمجالسِ العلمِ، وعلى المسلمِ أن يُحققَ إسلامَهُ بالمحافظةِ على الصلواتِ والتزوّدِ من الطاعاتِ، وعلى طالبِ العلمِ أن يحقّقَ هويّتَه وانتسابَه بالجدِّ والاجتهادِ.         
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله