الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الأحزاب/(3) من قوله تعالى {النبي أولى بالمؤمنين} الآية 6 إلى قوله تعالى {ليسأل الصادقين عن صدقهم} الآية 8

(3) من قوله تعالى {النبي أولى بالمؤمنين} الآية 6 إلى قوله تعالى {ليسأل الصادقين عن صدقهم} الآية 8

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الأحزاب

الدَّرس: الثَّالث

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِنَ الشيطانِ الرجيمِ

النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6) وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا  [الأحزاب:6-8]

– الشيخ : إلى هنا، لا إله إلا الله، اللهم صلِّ وسلِّم، يُخبِرُ -تعالى- في هذه الآيةِ ويَحْكُمُ بما للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِن حَقٍّ على أمتِه، {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، فهو أولى بِهم مِن بعضِهم، مِن أهلِيْهم من آبائِهم من قَرَاباتِهم، هو أولى بهم، ولهذا تَجِدُ محبتَه فوقَ محبةِ الأهل وجميعِ الناس، بلْ فوقَ محبة النَّفسِ، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ، وَوَالِدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، ولـمَّا قالَ عمر: "إنَّكَ لَأَحَبُّ إليَّ إلَّا مِنْ نَفْسِي" قالَ: (لَا يَا عُمَر) فقال: "إِنَّكَ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ نَفْسِي"، قَالَ: (الآنَ يَا عُمَر)، فتجبُ محبةَ الرسولِ.

وقدْ قَرَنَ اللهُ محبتَه بمحبتِه -سبحانه- فقالَ: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة:24]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا)، الله أكبر.

قال تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} يعني: بمنزلةِ الأمَّهاتِ من حيثُ الكرامةِ، وما لَهُنَّ من حُرْمةِ التعظيمِ والكرامةِ، وإلا فَلَسْنَ كالأمهاتِ، وكذلك في حُرمةِ النِّكاحِ، {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [الأحزاب:53]

{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}، قرأً بعضُهم: "وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ"، "وَهُوَ" أَيْ: النَّبيُّ "أبٌ لهمْ".

{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}، ولهذا يُعَبَّرُ عَن زوجاتِ النَّبيِّ بــ "أُمِّ المؤمنين"، فلانةٌ أمُّ المؤمنين، من حيثُ الحُرمة والمنزلة والكرامة، ولا يَثبتُ لهنَّ حكمُ الأمِّ مِن حيثُ النَّسبِ وحكمِ قرابَتِهِنَّ أو الميراثِ.

{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} الأرحامُ: همُ القَرابة، الرِّحِمُ: هو القَرابة، {وَأُولُو الْأَرْحَامِ}، هم القَراباتُ، {بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}، فهناكَ رابطةٌ عامةٌ وأُخوَّةٌ عامَّةٌ أَلَا وهِيَ: أُخُوَّةُ الإيمانِ، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10]، والمؤمنون بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:71] ولكن بينَ الأقاربِ صلةٌ خاصةٌ وهي: صلةُ القَرابة، فيجتمعٌ في القريبِ: الصلةُ العامَّةُ والأُخُوَّةُ العامَّةُ، والأُخُوَّةُ والصِّلَةُ الخاصَّةُ.

{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ، وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا}، فإنه -عليه الصلاة والسلام- آخى -بعدَ الهجرةِ- آخى بينَ المهاجرينَ والأنصار، وصار بينَ المهاجرين والأنصارِ ولايةُ الإخاءِ، وقد نَسَخَ اللهُ ذلكَ بمثلِ قولِه: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}، هذا الحكمُ في كتابِ الله مسطورٌ، ولعلَّ المرادَ آياتُ المواريثِ والله أعلم، {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}

ثم قال: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} اللهُ -تعالى- أخذَ الميثاقَ الـمُؤكَّدَ على هؤلاءِ: {وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} وهؤلاء يُعرفون عندَ أهل العلم بأُولي العَزمِ الخمسةِ: نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ومحمدٌ، أُولوا العَزم، يُفَسِّرونَ به قولَه تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35]

لا إله إلا الله، نعم يا محمد.

 

(تفسيرُ السَّعديّ)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعديّ -رحمَه اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآيات.

يُخبرُ -تعالى- المؤمنينَ، خَبَرًا يعرفونَ بِه حالةَ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- ومرتبتَهُ، فيعاملونَهُ بمقتضى تلكَ الحالةِ فقالَ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} أقربُ ما للإنسانِ، وأولى مَا لَه نفسُهُ، فالرسولُ أولى بِالمؤمِنِ مِن نفسِهِ؛ لأنَّهُ -عليه الصلاة والسلام- بذلَ لهمْ مِنَ النُّصحِ والشفقةِ والرأفةِ ما كانَ بِهِ أرحمَ الخلقِ، وأرأفَهُم، فرسولُ اللهِ أعظمُ الخَلقِ مِنَّةً عليهمْ، مِنْ كلِّ أحدٍ، فإنَّهُ

– الشيخ : يعني: فَحَقُّهُ -عليه الصلاة والسلام- فوقَ حَقِّ الوالدَيْن، فأعظمُ النَّاسِ حَقَّاً على العبدِ هو الرسولُ، أعظمُ الناسِ حَقَّاً على العبدِ هو الرسولُ عليه الصلاة والسلام.

 

– القارئ : فرسولُ اللهِ أعظمُ الخَلقِ مِنَّةً عليهمْ مِنْ كلِّ أحدٍ، فإنَّهُ لمْ يصلْ إليهمْ مثقالُ ذرةً مِنَ الخيرِ، ولا اندفعَ عنهمْ مثقالُ ذرةٍ مِن الشَرِّ، إلا على يديهِ وبسببِهِ.

فلذلكَ وجبَ عليهمْ إذا تعارَضَ مرادُ النَّفسِ، أو مرادُ أحدٍ مِنَ الناسِ، معَ مرادِ الرسولِ، أنْ يُقدَّمَ مرادُ الرسولِ، وأنْ لا يُعَارَضَ قولَ الرسولِ بقولِ أحدٍ كائنًا ما كانَ، وأنْ يَفْدُوهُ بأنفسهم وأموالِهم وأولادِهم، ويُقدِّموا محبتَه على محبةِ الخلقِ كلِّهم، وألا يقولوا حتى يقولَ، ولا يتقدَّموا بينَ يديهِ.

وهوَ -صلى الله عليه وسلم- أبٌ للمؤمنينَ، كما في قراءةِ بعضِ الصحابةِ، يُرَبِّيْهِمْ كمَا يُرَبِّيْ الوالدُ أولادَهُ.

فترتَّبَ على هذهِ الأبوَّةِ، أنْ كانَ نساؤُهُ أمهاتُهمْ، أيْ: في الحُرمةِ والاحترامِ والإكرامِ، لا في الخَلوةِ والـمَحْرَميَّةِ

– الشيخ : لا في الخلوةِ والمحرميةِ ولا في سائرِ أحكامِ الأُمِّ.

– القارئ : وكأنَّ هذا مقدِّمةٌ، لما سيأتي في قصةِ زيدِ بنِ حارثةَ، الذي كانَ يُدْعَى قبلُ: "زيدُ بنُ محمدٍ" حتَّى أنزلَ اللهُ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب:40]

– الشيخ : كلُّ هذه الآياتِ -سبحان الله- فيها تقديمٌ لمضمونِ ما جاء في السورةِ في مسألةِ الأَدعياءِ، ستأتي قصةُ زيدٍ، وزواجُ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- بزينبَ التي كانت تحتَهُ، تحتَ زيدٍ، وكذلكَ ما سيأتي في شأن نساءِ النبي وَمَنْزِلَتِهِنَّ، {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب:32].

 

– القارئ : فقطعَ نسبَهُ، وانتسابَهُ منهُ، فأخبرَ في هذهِ الآيةِ: أنَّ المؤمنينَ كلَّهم أولادٌ للرسولِ، فلا مزيةَ لأحدٍ على أحدٍ وإنْ انقطعَ

– الشيخ : لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، ستاتي الآية: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، يعني: أُبُوَّةُ النَّسَبِ، لكنَّها أُبُوَّةُ الدِّينِ والتربيةِ والإحسانِ، {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، هذا تأكيدٌ لإبطالِ بُنُوَةِ زيدٍ، فزيدٌ ليسَ هو ابنُ محمدٍ كما كان يُدْعَى، بلْ هوَ ابنُ حارثة، وهو حِبُّ النَّبيِّ، هو حبيبٌ للنَّبيِّ -عليه الصلاة والسلام- لكنَّهُ ليسَ ابناً لَه، بلْ هو مَوْلَىً لَه، وكذلكَ ابنُهُ أسامة، هو حِبُّ النَّبيِّ وابنُ حِبِّهِ.

 

– القارئ : وإنِ انقطعَ عَنْ أحدِهم انتسابُ الدعوةِ، فإنَّ النَّسَبَ الإيمانيَّ لمْ ينقطعْ عنْه، فلا يحزنْ ولا يأسفْ.

وترتَّبَ على أنَّ زوجاتِ الرسولِ لا يَحْلُلنَ أمهاتُ المؤمنينَ، أنَّهنَّ لا يَحْلِلنَ لأحدٍ مِن بعدِه، كمَا اللهُ صرَّحَ بذلكَ: {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ}

{وَأُولُو الأَرْحَامِ} أَيِ: الْأَقَارِبُ، قَرُبُوا أَوْ بَعُدُوا {بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} أَيْ : فِي حُكْمِهِ، فَيَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَبَرُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَهُمْ أَوْلَى مِنَ الْحِلْفِ وَالنُّصْرَةِ، وَالْأَدْعِيَاءُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلُ، يَرِثُونَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، دُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ، فَقَطَعَ -تَعَالَى- التَّوَارُثَ بِذَلِكَ وَجَعَلَهُ لِلْأَقَارِبِ؛ لُطْفًا مِنْهُ وَحِكْمَةً، فَإِنَّ الْأَمْرَ لَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْعَادَةِ السَّابِقَةِ، لَحَصَلَ مِنَ الْفَسَادِ وَالشَّرِّ، وَالتَّحَيُّلِ لِحِرْمَانِ الْأَقَارِبِ مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ كَثِيرٌ.

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْأَقَارِبُ مُؤْمِنِينَ مُهَاجِرِينَ أَوْ غَيْرِ مُهَاجِرِينَ، فَإِنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ مُقَدَّمُونَ فِي ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَى وِلَايَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، فِي جَمِيعِ الْوِلَايَاتِ، كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَالْمَالِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

{إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ مَفْرُوضٌ، وَإِنَّمَا هُوَ بِإِرَادَتِكُمْ، إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَتَبَرَّعُوا لَهُمْ تَبَرُّعًا، وَتُعْطُوهُمْ مَعْرُوفًا مِنْكُمْ، {كَانَ ذَلِكَ} الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ {فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} أَيْ: قَدْ سُطِّرَ وَكُتِبَ وَقَدَّرَهُ اللَّهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ نُفُوذِهِ.

قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ} الآيات.

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنَ النَّبِيِّينَ عُمُومًا، وَمِنْ أُولِي الْعَزْمِ -وَهُمْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورُونَ- خُصُوصًا، مِيثَاقَهُمُ الْغَلِيظَ وَعَهْدَهُمُ الثَّقِيلَ الْمُؤَكَّدَ عَلَى الْقِيَامِ بِدِينِ اللَّهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَأَنَّ هَذَا سَبِيلٌ قَدْ مَشَى عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ، حَتَّى خُتِمُوا بِسَيِّدِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ: مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَ النَّاسَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، وَسَيَسْأَلُ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ وَأَتْبَاعَهُمْ، عَنْ هَذَا الْعَهْدِ الْغَلِيظِ هَلْ وَفَوْا فِيهِ، وَصَدَقُوا؟ فَيُثِيبُهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ؟ أَمْ كَفَرُوا، فَيُعَذِّبُهُمُ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ؟ قَالَ -تَعَالَى-: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:23]

قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [الأحزاب:9]

– الشيخ : إلى هنا انتهى.