بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الأحزاب
الدَّرس: التَّاسع
*** *** ***
– القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35]
– الشيخ : إلى هنا بس، لا إله إلا الله.
وردَ في سببِ نزولِ هذه الآية: أنَّ بعضَ النساءِ قُلْنَ: "يا رسولُ اللهِ، ما بالُ الرجالِ يُذكرُون ولا نُذكَرُ؟"
هذا في الغالبِ يعني: في الغالبِ أكثرُ ما يُذكَرُ الرجالُ. {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ} [النور:36-37]، والخطابُ يأتي غالباً بصيغة الجَمع، وإن كانت كثيرٌ من الآيات فيها عمومٌ ولكن لفظها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:104] عامٌّ للرجالِ والنساءِ.
جاء في بعضِ السُّور ذِكْرُ المؤمناتِ، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:71]، لكن مثل يعني مثلاً: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:218] كلُّها صيغٌ هي أخصُّ بالرجال.
فجاءت هذه الآية، نزلَتْ هذه الآيةُ وقد ذَكَرَ اللهُ فيها عشرَ صفاتٍ، ووصفَ بها الرجالَ والنساءَ تفصيلاً، سبحان الله عشر!
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ..} إلى آخر الآية، هذا يقتضي أنَّ كلَّ هذه الصفاتِ كما تَثْبُتُ للرجالِ تَثْبُتُ للنساءِ، فالنساءُ فيهنَّ المسلماتُ المؤمناتُ القانتاتُ الصَّادقاتُ الصَّابراتُ كلها، كلُّ هذه الصفات كما تثبتُ للرجالِ تثبتُ للنِّساءِ والوعدُ للجميعِ، {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ} {لَهُمْ} ضمير يعود للجميع، {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
وهذه الآية لها تَنَاسُبٌ مع الآياتِ السابقةِ فقد كانتِ الآياتُ السابقةُ في شأنِ نساءِ النَّبيِّ خاصَّةً، وإنْ كانَ ما وردَ من الأمرِ والنهيِّ والإرشادِ مختصَّاً بنساءِ الرسولِ فالحكمُ عامٌّ، الحكمُ عامٌّ، {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [الأحزاب:32] هذا عامٌّ، {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] عامٌّ، إلى آخرِ الآية.
والإسلامُ: هو الاستسلامُ للهِ والانقيادُ لحكمِه والدخولُ في دينِه، الدخولُ في دينِ الإسلام، المسلمُ هو مَن دخلَ في الإسلام بالشهادتين، شهادةُ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، والتزمَ إقامَ الصلاة، وإيتاءَ الزكاة.
والإيمانُ: هو الإيمانُ باللهِ وملائكتِه وكتبِه ورسلِه.
كما جاء تفسيرُهُما في حديثِ جبريل عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
{وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}، والإسلامُ -يقولُ العلماءُ-: أخصُّ بالأعمالِ الظاهرةِ، والإيمان أخصُّ بالأحوالِ وأعمالِ واعتقاداتِ القلوب.
{وَالْقَانِتِينَ} القنوتُ هو دوامُ الطاعة، وهو يتضمَّنُ الخضوع، الخضوع لله -سبحانه وتعالى-، وتقدَّمَ: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا} [الأحزاب:31]، وهنا هذا عامٌّ، هذا عامٌّ في المسلمات، في نساءِ المؤمنين عموماً. {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}
{وَالصَّادِقِينَ} الصِّدقُ في القولِ، في العملِ، ويَدخلُ فيه الوفاءُ بالوعدِ والعَهدِ الصادق، {وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ} الرجال والنساء.
{وَالصَّابِرِينَ} هذا ثناءٌ، ثناءٌ مِن الله على أهلِ هذه الصفات، ووعدٌ، خُتمتِ الآيةُ بالوعدِ، {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، {وَالصَّابِرِينَ} يَشمَلُ أنواعَ الصبرِ الثلاثة، على أقدارِ اللهِ … في المصائِبِ، وعلى طاعةِ اللهِ، وعن معاصي الله، {الصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ}
{وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ} كذلك الخشوعُ معناه العامُّ: السُّكونُ، السُّكون، وهو يتضمَّنُ الخضوعَ لله، ولا سيَّما في الصلاة، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2]، {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ} {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ}، فأولى ما يدخلُ في {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ} الْخَاشِعِينَ في صلاتِهم؛ لأنَّ الله أثنى على المؤمنينَ بذلك. {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}
{وَالْمُتَصَدِّقِينَ}، الصَّدقات، النَّفقات، النَّفقات، هذا أظهرُ ما يكون، وإنْ كان لفظُ الصدقةِ قد يتناولُ كلَّ الأقوالِ والأفعالِ الصالحة، صدقات، الأمرُ بالمعروفِ صدقةٌ والنَّهيُ عن المنكر صدقةٌ، والكَلِمة كذلك، وكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ، وتهليلةٌ صدقةٌ، إلى آخرِهِ كما جاء في الحديث، {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ}
{وَالصَّائِمِينَ} فكأنَّ هذا الترتيب شَملَ -سبحان الله- شملَ الإشارةَ إلى أركانِ الإسلام: الصلاةُ والزكاةُ والصيامُ، كما شَمِلَ اللفظَ الأول الإسلام: الشهادتين، فتضمَّنَتْ هذه الصفاتُ تضمَّنَتْ دعائمَ الإسلام، مباني الإسلام، الشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصِّيام.
فأولى ما يدخلُ في المتصدقين الذين يُؤتونَ الزكاة، كما قال -تعالى-: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون:1-4]
وأولى ما يدخلُ في الصائمين والصَّائمات: صيام رمضان.
ثم قال تعالى: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ}، فأثنى عليهم بالإيمانِ والإسلامِ وهذا يتضمَّن الاعتقاداتِ الصحيحة والأعمال الصالحة، ونَصَّ على الصدقة والصِّدقِ والصبرِ، معاني فيها تداخل.
{وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ} مِن الزنا، يُفسِّرُها قولُه: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون:6، المعارج:30]
{وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ} {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}، والحافظاتِ فُرُوجَهُنَّ إلا على أزواجِهنَّ، المرأة إنما تَحِلُّ لزوجِها أو سيدِها إذا كانت أَمَةً، بس، المرأة، أمَّا مملوكها فلا تَحِلُّ له، لا تَحِلُّ لمملوكِها، فقولُه -تعالى-: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}، قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} هذا خاصٌّ بالرجال بإجماعِ المسلمين، {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ}
وختمَ هذه الصفات بذكرِ اللهِ الذي هو المقصودُ في كلِّ العبادات، إنما شرعَ الله جميعَ العباداتِ؛ لإقامةِ ذِكرِه، مِن صلاةٍ وصدقةٍ وصيامٍ، لذكرِهِ -سبحانه- {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}
وقد أَمَرَ اللهُ في هذه السورةِ نفسِها أَمَرَ المؤمنين كما سيأتي بذكرِ الله كثيراً، وتقدم أيضاً قولُه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]
وذِكْرُه يكون بالقلبِ، وباللسانِ، وبالأفعالِ المشروعةِ بالجوارح، ولكن عند الإطلاقِ أكثرُ ما يُرادُ الذِّكرُ باللسانِ معَ مواطأةِ القلبِ، (لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبَاً مِنْ ذِكْرِ اللهِ)
{وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}، الجزاء: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.
(تفسير السَّعديّ)
– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعديّ -رحمَه الله تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} الآيات
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى ثَوَابَ زَوْجَاتِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِقَابَهُنَّ لَوْ قُدِّرَ عَدَمُ الِامْتِثَالِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ النِّسَاءِ، ذَكَرَ بَقِيَّةَ النِّسَاءِ غَيْرِهِنَّ.
وَلَمَّا كَانَ حُكْمُهُنَّ وَالرِّجَالِ وَاحِدًا، جَعَلَ الْحُكْمُ مُشْتَرِكًا، فقالَ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}
– الشيخ : يعني هذا في الجملةِ وإلا فهناكَ أحكامٌ تختصُّ بالرجالِ، وأحكامٌ تختصُّ بالنساءِ، وجَعَلَ للرجال منزلةً، {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34]، {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228]، وهكذا، لكن في الجملةِ الرجالُ والنساءُ مشتركونَ في الواجباتِ وفي تحريمِ المحرَّمات.
– القارئ : وَهَذَا فِي الشَّرَائِعِ الظَّاهِرَةِ، إِذَا كَانُوا قَائِمِينَ بِهَا، {وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} وَهَذَا فِي الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ، مِنْ عَقَائِدِ الْقَلْبِ وَأَعْمَالِهِ.
{وَالْقَانِتِينَ} أَيِ: الْمُطِيعِينَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ {وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ} فِي مَقَالِهِمْ وَفِعَالِهِمْ {وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ} عَلَى الشَّدَائِدِ وَالْمَصَائِبِ {وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ} فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ، خُصُوصًا فِي عِبَادَاتِهِمْ، وَلَا سِيِّمَا فِي صَلَوَاتِهِمْ، {وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ} فَرْضًا وَنَفْلًا {وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} شَمِلَ ذَلِكَ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ. {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ} عَنِ الزِّنَا وَمُقَدِّمَاتِهِ، {وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا} أَيْ: فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ، خُصُوصًا فِي أَوْقَاتِ الْأَوْرَادِ الْمُقَيَّدَةِ، كَالصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ
– الشيخ : لا إله إلا الله.. الذَّكْرُ نوعان: ذِكْرٌ مطلقٌ، وذِكْرٌ مقيَّدٌ.
وهكذا العبادات، الصلاة فيها صلاةٌ مطلقةٌ وصلاةٌ مقيدةٌ، التَّطوُّعات، فالذِّكْرُ مشروعٌ في أيِّ وقتٍ، تُسبِّحُ، تُهلِّلُ، تُكَبِّرُ، تتفكرُ في آياتِ اللهِ، في كلِّ وقتٍ بدونِ تحديدِ وقتٍ، ولا تحديدِ عددٍ، ولا تحديدِ صيغةٍ معينةٍ، لكن ألفاظُ الذِّكرِ معروفةٌ: "سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللهُ أكبرُ، سبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيم، لا إله إلا إله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد"، فهذا مشروعٌ في أيِّ وقتٍ تقولُهُ فهو خيرٌ.
وفيها الذِّكْرُ المقيَّدُ، كالذِّكْرُ في الصلاة، التكبيرُ في الصلاة هذا مُقيَّدٌ في الصلاة، والذِّكْرُ المشروعُ مثلاً في الصباحِ والمساءِ، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه:130]، {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم:17]، كلُّ وقتِ أذكارٍ مشروعة مثلاً في الحجِّ هذه مُقيَّدة.
أما الـمُطلَق يعني كما يقال: مفتوحٌ، دائماً، دائماً، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:41].
– القارئ : {وَالذَّاكِرَاتِ}
{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ} أي: لِهَؤُلَاءِ الْمَوْصُوفِينَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ، وَالْمَنَاقِبِ الْجَلِيلَةِ، الَّتِي هِيَ مَا بَيْنَ اعْتِقَادَاتٍ، وَأَعْمَالِ قُلُوبٍ، وَأَعْمَالِ جَوَارِحَ، وَأَقْوَالِ لِسَانٍ، وَنَفْعٍ مُتَعَدٍّ وَقَاصِرٍ، وَمَا بَيْنَ أَفْعَالِ الْخَيْرِ، وَتَرْكِ الشَّرِّ، الَّذِي مَنْ قَامَ بِهِنَّ، فَقَدْ قَامَ بِالدِّينِ كُلِّهِ، ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ، فَجَازَاهُمْ عَلَى عَمَلِهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ لِذُنُوبِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ.
{وَأَجْرًا عَظِيمًا} لَا يُقَدَّرُ قَدْرُهُ، إِلَّا الَّذِي أَعْطَاهُ، مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ.
– الشيخ : الله أكبر، نسألُ الله أنْ يجعلَنا منهم، اللهمَّ اسْلُكْ بنا سبيلَ المؤمنين المفلِحِين القانِتين الصَّادقين الصَّابرين، لا إله إلا إله، الحمدُ للهِ الذي هدانا للإسلام وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، نسأل الله أن يثبِّتَنَا وإيَّاكم على هذا الدينِ، {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].