الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب زاد المستقنع/كتاب المناسك من زاد المستقنع/كتاب المناسك (13) “باب دخول مكة” فصل: قوله ثم يستلم الحجر

كتاب المناسك (13) “باب دخول مكة” فصل: قوله ثم يستلم الحجر

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب المناسك)
– الدّرس: الثّالث عشر

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، أمَّا بعد؛ قال المصنِّفُ رحمهُ اللهُ تعالى:
[فصل في السَّعي بين الصَّفا والمروةِ، وما يتعلَّقُ بذلك]
(ثمَّ يستلمُ الحَجَرَ)

– الشيخ:
الحمدُ للهِ والصَّلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ. ثبتَ في حديثِ جابرٍ رضي اللهُ عنه أنَّه عليه الصلاةُ والسلامُ لما طافَ، فرغَ من الطوافِ، فأتى المقامَ وصلّى فيه ركعتين، فلمّا صلَّى ركعتين رجعَ للركنِ، للحجرِ الأسودِ فاستلَمَهُ، يعني هذا استلامٌ خاصٌّ، والظاهرُ لي أنَّه لا يُشرعُ مطلقًا لأنَّه ما جاءَ إلَّا في حجِّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، ويُحتملُ أن يكونَ هذا في العمرةِ، لأنَّ الحجَّ والعمرةَ أحكامُهما واحدةٌ، فيرجعُ الحاجُّ أو المعتمرُ ويستلمُ الركنَ ويمضي للسعي بين الصفا والمروةِ.

– القارئ: (ويخرجُ إلى الصفا من بابهِ)
– الشيخ: 
"يخرجُ إلى الصّفا من بابِهِ": هذه هي الحكمةُ، فإذا فرغَ الحاجُّ أو المعتمرُ من طوافِهِ وصلاتِهِ واستلمَ الركنَ يمضي إلى الصّفا من بابِهِ، ويُعرَفُ قديمًا وحديثًا ببابِ الصَّفا، بابٌ يُخرجكَ إلى الصَّفا حتى أنَّك لا تمرُّ بالمسعى. وموضعُهُ بعد التغيراتِ الحديثةِ تلاحظَ أنَّك إذا وقفتَ على الصَّفا وتوجّهتَ لتكبّرَ وتدعو هو ذاكَ الطريقُ، والآنَ الناسُ يسلكونَهُ إذا لم يكن هناك زِحامٌ ويُلقونَ الصَّفا قبلَ أن يدخلوا المسعى، فيخرجُ إلى الصَّفا من بابِهِ لأنَّه أقربُ طريقٍ.
 
– القارئ: (فيرقاهُ حتى يرى البيتَ)
– الشيخ: ي
رقى الصفا ويرتفعُ حتى يرى البيتَ.
– القارئ: (ويُكبرُ ثلاثًا، ويقول ما وردَ)
– الشيخ: "يكبّرُ ثلاثًا، ويقولُ ما وردَ": جاءَ في حديثِ جابرٍ رضي اللهُ عنه أنَّه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لما أتى الصفا تَلَى قولَه تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] وقال: "أبدأُ بما بدأَ اللهُ به"، يعني أبدأُ بالصفا لأنَّ اللهَ بدأَ بها في الذّكرِ، فرقى الصفا واستقبلَ القِبلةَ وكبّرَ، وقال: لا إلهَ إلَّا اللُه وحدَهُ لا شريكَ له، لهُ الملكُ، ولهُ الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٍ، لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ، أنجزَ وعدَهُ، ونصرَ عبدَهُ، وهزمَ الأحزابَ وحدَهُ، فعلَ ذلك ثلاثَ مراتٍ، ويدعو بعدّ كلِّ مرَّةٍ بما تيسّرَ.
– مداخلة: هل الصعودُ على الصفا سنّةٌ؟
– الشيخ: 
نعم.
– مداخلة: ما أدري الأخُ يفهمُ الصفا الآن مرتفعٌ، أم نفسُ الجبلِ الباقي؟
– الشيخ: الصفا تغيّرتْ، فإذا كانت تغيّرت وفيها مرتفعٌ، فأنت ترتفعُ وهذا أقربُ إلى موافقةِ السنّةِ، لأنَّ هذا الذي تصعدُهُ هو مكانُ الصفا.

– القارئ: (ثم ينزلُ ماشيًا إلى العلمِ الأولِ، ثم يسعى شديدًا إلى الآخرِ ثم يمشي)
– الشيخ: جاءَ في حديثِ جابرٍ لما دعا، نزلَ من الصَّفا، حتى إذا انصبّتْ قدماهُ يعني في الوادي، كان السَّاعي يدركُ هذا بطبيعةِ الأرضِ، كان يمشي حتى إذا صارَ على حافّةِ الوادي، كان يقطعُ الصفا تمامًا، يقطعُ وادي الأبطح، ينزلُ ويقطعُ ويشقُّ مكةَ نصفينِ، شمالًا وجنوبًا، قال جابرٌ: "فلمّا انصبّت قدماهُ سعى شديدًا": وهذا من جنسِ الخَبَبِ هناك في الطوافِ، "حتى إذا صعِدتا": أي صعدتْ قدماهُ، لأنَّ هذا معروفًا وهو أنَّكَ إذا جئتَ وادي من طرفِهِ فإنَّكَ تنحدرُ إلى وسطِهِ ثمَّ في الجانبِ الثاني تصعدُ شيئًا فشيئًا، فهكذا كان السعيُ. وقد جُعِلَ لهذا الموضعِ علمينِ، يقولُ: يمشي إلى العلمينِ يمشي إلى العلمِ، ثمَّ إذا وصلَ العلمَ الأوَّلَ سعى شديدًا إلى العلمِ الآخرِ، والعلمُ بمعنى علامةٍ، والآن هو معلّمٌ بالأخضرِ، وهذا من فعلِ ولاةِ الأمورِ قديمًا وحديثًا، ولعلَّ وضعَ هذا العلمِ ناتجٌ عن تغيّرٍ أو من بابِ إرشادِ الجهّالِ الذين لا يعرفونَ، ولا سيّما الآنَ الناسُ أحوجُ إلى معرفةِ العلمينِ لأنَّ المسعى الآنَ مستوٍ ليسَ فيه انحدارٌ ولا صعودٌ، فموضعُ الوادي هو ما بين العلمينِ.
– مداخلة: ابنُ عثيمينَ يقولُ: يسعى سعيًا شديدًا بقدرِ ما يستطيعُ؟
– الشيخ: 
وردَ في بعضِ الرواياتِ أنَّه لسعيهِ كان يلتفُّ عليه إزارُهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، لكن ليسَ بطريقةِ القفزِ، ولكن بسرعةٍ.
 
– القارئ: (ويرقى المروةَ، ويقولُ ما قالَه على الصفا)
– الشيخ: 
نعم، يكبّرُ ويهلّلُ، ويدعو ثلاثَ مرّاتٍ، وكلُّ هذا عندَ أهلِ العلمِ سنّةٌ، والفرضُ هو المشيُ من الصفا إلى المروةِ، ومن المروةِ إلى الصفا، وكلُّ الصفاتِ الأخرى من المكمّلاتِ، لكنَّ المهمَّ هو الطوافُ، قال تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]
ومن سارَ من الصفا إلى المروةِ، ومن المروةِ إلى الصفا فقد طافَ بهما. ويختلفُ مفهومُ الطوافِ بين الصفا والمروةِ عن مفهومِ الطوافِ بالبيتِ، فالطوافُ بالبيتِ فيه استدارةٌ أي: دورانٌ، وأمَّا الصفا والمروة فليسَ فيها دورانٌ، فيها تردُّدٌ، ومعروفٌ عندَ أهلِ اللغةِ أنَّ التردّدَ في الشيءِ أو حوله يُسمَّى طوافًا.

– القارئ: (ثم ينزلُ فيمشي في موضعِ مشيهِ، ويسعى في موضعِ سعيه إلى الصفا)
– الشيخ: يعني يطوفُ الشوطَ الثاني كالأوّلِ في صفتِهِ، يمشي في موضعِ المشي، فيمشي في الأوّلِ من الصفا إلى أن ينحدرَ في الوادي فيسعى، ثمَّ إذا صعدَ مشى، وإذا عكسَ هكذا، فيمشي في موضعِ مشيه، ويسعى في موضعِ سعيه، وهنا الآن جرى العرفُ على أنَّه يُسمّى سعيًا، يعني المشيُ ما بين الصفا والمروةِ اسمُهُ سعيٌ في اصطلاحِ الفقهاءِ، ويُسمّى الطوافُ بين الصفا والمروةِ، وإذا حقّقنا وجدنا إطلاقَ السعي على الطوافِ بين الصفا والمروةِ فيه شيءٌ ممّا يُسمّى بالمجازِ، من إطلاقِ البعضِ على الكلِّ، ولو مشى الإنسانُ في موضعِ السعي وسعى في موضعِ المشي قلنا صحَّ طوافُهُ وسعيُهُ، ولكن خالفَ السنّةَ، وخالفَ الأفضلَ.
 
– القارئ: (يفعلُ ذلك سبعًا، ذهابُه سعيةٌ، ورجوعُه سعيةٌ)
– الشيخ: يفعلُ ذلك سبعَ مراتٍ، يذهبُ من الصفا إلى المروةِ، ومن المروةِ إلى الصفا سبعًا، ذهابُهُ من الصفا إلى المروةِ سعيةٌ أو طوفةٌ، ورجوعُهُ من المروةِ إلى الصفا سعيةٌ، حتى يتمَّ له سبعًا، وضابطُ ذلك أنَّه يبدأ بالصفا وينتهي بالمروةِ، وغلّطَ العلماءُ من قال أنَّ الذهابَ والإيابَ يعتبرُ مرَّةً، وقالوا: أنَّ الدليلَ على أنَّ الذهابَ سعيةٌ والرجوعَ سعيةٌ أنَّه عليه الصلاةُ والسلامُ بدأَ بالصفا وانتهى بالمروةِ، فلو كانَ الأمرُ كما يقولُ هذا الغالطُ أين سينتهي؟ سينتهي بالصفا، لكنَّ الثابتَ أنَّه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بدأَ بالصفا وانتهى بالمروةِ، فعلم أنَّ الذهابَ طوفةٌ والرجوعَ طوفةٌ.

– القارئ: (فإنْ بدأَ بالمروةِ: سقطَ الشوطُ الأولُ)
– الشيخ: 
إنْ غلطَ الإنسانُ وبدأَ بالمروةِ ووصلَ إلى الصفا، وكمّلَ السعيَ على هذه الحالةِ سقطَ الشوطُ الأولُ، فكم سيتمُّ له إذا بدأَ بالمروةِ وانتهى بالمروةِ يصيرُ طافَ ثمانيةً فيسقطُ الشوطُ الأولُ، فإن بدأَ بالمروةِ سقطَ الشوطُ الأولُ.
– مداخلة: متى ينتهي الشوطُ هل إذا …؟
– الشيخ: كان الفقهاءُ يحدّدونَ ويقولونَ: حتى تكون عَقِبيكَ على حدِّ الجبلِ يومَ كان جبلًا، يعني ليسَ معناهُ أنَّك إذا وقفتَ لِتَسعه يجبُ أنَّك تصيرُ على حدِّ الجبلِ، فالواجبُ هو السعيُ فيما دونَ الجبلِ، فالجبلُ رُقيّه سنّةٌ، الصعودُ إلى الصفا أو المروةِ سنّةٌ، والآن سؤالُكَ أنَّه أصبحَ مبلّطًا، أنا عندي المسؤولين ربَّما راعوا هذا، فعندي أنَّ حدَّ السعي الواجبِ هو مسارُ العربياتِ، فأنت إذا سعيتَ من بدايةِ العربياتِ إلى نهايتِهِ فقد أكملتَ السعيَ، ويظهرُ أنَّ المسؤولينَ قد راعوا هذا.
– مداخلة: وهذا هو الذي نصَّ عليه الشيخُ ابنُ عثيمينَ رحمهُ اللهُ في الممتعِ، قال:

الجوابُ: الذي يجبُ استيعابُهُ: حدُّهُ حدُّ الممرّ الذي جُعلَ ممرًا للعرباتِ، وأمَّا ما بعدَ مكانِ الممرّ فإنَّه من المستحبِّ، وليسَ من الواجبِ.
– الشيخ: الحمدُ للهِ وهذا واضحٌ.
– مداخلة: وهذا التقييدُ يعني وما زادَ على ذلك فسنّةٌ، والنبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سعى ورقى، يعني هل للمصلحةِ، من أجلِ الزحامِ؟
– الشيخ: لا شكَّ أنَّ هذا مُراعى، فمسألةُ الصعودِ فيه مصلحةٌ محسوسةٌ، لو وقفَ الناسُ كلُّهم على خطٍّ واحدٍ لعظمتِ المشكلةُ، لكن نقولُ: هذا تقديرٌ للواجبِ، يعني الواجبُ هو الطوافُ بين الصفا والمروةِ، فمن سعى من حدِّ الجبلِ مثلًا، ومن حدِّ المروةِ من تحتٍ، فقد طافَ بين الصفا والمروةِ، وسعى بين الصفا والمروةِ، ولهذه لما صارتِ المشكلةُ وجاءَ موضوعُ المسعى الجديدِ يعني كان النّظرُ في عرضِ الجبلِ، فما كان موازيًا للجبلينِ من هنا وهنا فهو مسعى، لأنَّ السعيَ بينها منوطٌ بالصفا والمروةِ، فما خرجَ عن عرضِ الجبلِ فليسَ بمسعى، وصارَ الخلافُ بين المشايخِ وصارَ التوجُّهُ إلى التوسعةِ فنفذَ الأمرُ، ولعلّكم تعلمونَ أو سمعتم أنا لا أرى السعيَ فيه أبدًا، حتى أنّي في إحدى السنواتِ كانوا يشتغلونَ في المسعى الجديدِ لتكميلِ العملِ وكان ذاك مفتوحًا وجئتُ إلى مكةَ ولم أعتمرْ.
– مداخلة: يعني المسارُ الثاني تعتبرُهُ خارجَ النّطاقِ؟
– الشيخ: ن
عم، والمسارُ يكونُ بالذي يلي المسجدَ، وأنا لا أطوفُ إلَّا فيه فقط.
– مداخلة: ومسارُ العربياتِ، أحسنَ اللهُ إليك؟
– الشيخ: مسارُ العربياتِ كذلك، الذي يذهبُ للمروةِ هذا خارجٌ، والذي يلي المسجدَ هذا هو الصحيحُ فيما نعلمُ.
– مداخلة:
– الشيخ: 
عفا اللهُ عن الجميعِ، وغفرَ لنا ولهم، لكن هناك جانبٌ وهو إن سألَنا سائلٌ: أنا سعيتُ بالقديم [بالجديد]ِ؟ لا نقولُ له شيئًا، لأنَّه من أُفتيَ بفتوةٍ فإثمُهُ على من أفتى، وهم معذورونَ بالتقليدِ، لهذا نحنُ لا نعارضُ أحدًا ولا ننكرُ على من سعى فيه، لكن من يسألُنا نقولُ له: لا تسعى.
 
– القارئ: (ويُسنُّ فيه: الطهارة، والسِّتَارةُ، والموالاةُ)
– الشيخ: 
تُسنُّ فيه الطهارةُ لأنَّه عبادةٌ، والطهارةُ مشروعةٌ لذكرِ اللهِ، والسِّتارةُ: أي سترُ العورةِ، فلو فرضَ أنَّه يطوفُ وعورتُه مكشوفةٌ فإنَّ سعيَهُ صحيحٌ، والموالاةُ بين الأشواطِ يعني لا تفرّقُها بأن تطوفَ شوطين وتذهبَ للبيتِ، لكن أن تطوفَ شوطًا وشوطين وتليّن في مكانِكَ يعني فصلٌ يسيرٌ فلا يضرُّ، لكنَّ السنّةَ هي الموالاةُ، عندهم حتى ولو كان الفصلُ طويلًا فإنَّه يصحُّ، بخلافِ الطوافِ فعندهم الموالاةُ شرطٌ لأنَّه هذا كلّه من منطلقِ أنَّه صلاةٌ، وعلى كلِّ حالٍ نقولُ: النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سعى وطافَ متصلًا فلا ينبغي التهاونُ في هذا لأنَّها عبادةٌ واحدةٌ فلا تفرّقُ، اللهمَّ إلَّا من عذرٍ، فإن كان لعذرٍ فإنَّنا نرجو أنَّه كما قالوا.

– القارئ: هناكَ تعليقٌ للشيخِ البليهي على مسألةِ الموالاةِ:
والموالاةُ: أي بين الطوافِ والسعي، لفعلِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وبه قال الشيخُ تقيُّ الدِّينِ، وأكثرُ العلماءِ، وأمَّا الموالاةُ بين أشواطِ السعي فشرطٌ لصحّتِهِ على الصحيحِ من المذهبِ كالطّوافِ.
قال: فائدةٌ: شروطُ صحّةِ السعي ثمانيةٌ: النيّةُ، والإسلامُ، والعقلُ، والمشيُ مع القدرةِ، والموالاةُ، وتكميلُ السبعِ، وكونُه ولو بعدَ طوافٍ مسنونٍ كطوافِ القدومِ، واستيعابُ ما بين الصفا والمروةِ.
– الشيخ: 
يعني سايرَ صاحبَ الرَّوضِ، هذا تصرفُ صاحبِ الرّوضِ، وإلّا فالعبارةُ مصروفةٌ إلى السعي، وهذا غلطٌ، نحن نتكلّمُ عن المسعى وأنَّه تُسنُّ فيه الطهارةُ والسِّتارةُ والموالاةُ، ثمَّ نقولُ: يريدُ الموالاةَ؛ يعني بين الطوافِ والسعي، فهذا ليسَ له وجهٌ، واللهُ أعلمُ الذي يظهرُ أنَّ المشيَ ليسَ بشرطٍ، والرسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- طافَ راكبًا فكيفَ بالسعي، وسعى راكبًا في بعضِ سعيه.
– مداخلة: ومسألةُ الموالاةِ في السعي؟
– الشيخ: 
هذا الذي فيه نظرٌ، ويظهرُ أنَّه واجبٌ إلَّا من عذرٍ.
 
القارئُ يقرأُ من الشرحِ الممتعِ:
قولُه: "والموالاةُ": أي يُسنُّ أن تكونَ الأشواطُ متواليةً، وليسَ ذلك بشرطٍ، فلو سعى الشوطَ الأوَّلَ في أوَّلِ النهارِ، وأتمَّ في آخرِ النهارِ فسعيُهُ صحيحٌ، لكنَّه خلافُ السنةِ، ولو سعى الشوطَ الأولَ في الساعةِ الواحدةِ، والثاني في الساعةِ الثانيةِ، والثالثَ في الساعةِ الثالثةِ، والرابعَ في الساعةِ الرابعةِ، والخامسَ في الساعةِ الخامسةِ، والسادسَ في الساعةِ السادسةِ، والسابعَ في الساعةِ السابعةِ، لكانَ سعيُهُ صحيحًا؛ لأنَّ الموالاةَ سنَّةٌ، لكنَّ المذهبَ أنَّ الموالاةَ فيه شرطٌ كالطوافِ، ومن ثمَّ صرفَ الشارحُ في الروضِ عبارةَ الماتنِ إلى هذا المعنى فقال: "تُسنُّ الموالاةُ بينَه وبينَ الطوافِ"، وهذا صرفٌ للعبارةِ عن ظاهِرِها، وإنَّما صرفَها الشارحُ عن ظاهِرِها من أجلِ أن تطابقَ المذهبَ، لأنَّ صاحبَ المتنِ اشترطَ في خطبةِ الكتابِ: أنَّه على قولٍ واحدٍ وهو الراجحُ في مذهبِ أحمدَ، والراجحُ في مذهبِ أحمدَ أنَّ الموالاةَ في السعي شرطٌ، كما أنَّ الموالاةَ في الطوافِ شرطٌ، وهذا القولُ أصحُّ.
ويدلُّ لهذا القولِ: أولًا: أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سعى سعيًا متواليًا، وقال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "خذوا عنّي مناسِكَكُم". ثانيًا: أنَّ السعيَ عبادةٌ واحدةٌ فاشتُرطَ فيه الموالاةُ كالصلاةِ والطوافِ. ثالثًا: أنَّ الإنسانَ لو فرَّقَ السعيَ كما سبقَ لم يقلْ أحدٌ: إنَّه سعى سبعةَ أشواطٍ لتفريقِ السَّعي، لكن لو فُرِضَ أنَّ الإنسانَ اشتدَّ عليه الزحامُ فخرجَ ليتنفَّسَ، أو احتاجَ إلى بولٍ أو غائطٍ فخرجَ يقضي حاجَتَهُ ثمَّ رجعَ، فهنا نقولُ: لا حرجَ؛ لعمومِ قولِهِ تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، ولأنَّه رويتْ آثارٌ عن السلفِ في هذا؛ ولأنَّ الموالاةَ هنا فاتتْ للضّرورةِ، وهو حينَ ذهابِهِ قلبُهُ معلَّقٌ بالسعي، ففي هذه الحال لو قيلَ بسقوطِ الموالاةِ لكانَ له وجهٌ.

– الشيخ: 
يعني نخرجُ بهذا أنَّ الموالاةَ واجبةٌ أو شرطٌ، لكن يُعذرُ فيها الإنسانُ بالقدرِ الضروريّ من الفصلِ، أمَّا الفصلُ الطويلُ فكما قال الشيخُ: يُخرجُ العبادةَ عن هيئتِها.
– مداخلة: إذا كان في رمضانَ وحضرتْ صلاةُ التراويحِ فهل يعتبرُ هذا فصلٌ طويلٌ؟
– الشيخ: 
امضي في سعيكَ.

– القارئ: (ثمَّ إنْ كانَ متمتعًا لا هديَ معهُ: قَصَّرَ من شعرِه، وتحلَّلَ، وإلا: حلَّ إذا حجَّ)
– الشيخ: 
إن كان متمتّعًا، والمتمتّعُ هو من أهلَّ بعمرةٍ ثمَّ فرغَ منها ثمَّ أهلَّ بالحجِّ من عامِهِ، يقولُ: من كان متمتّعًا وقد طافَ وسعى ولم يكن معه هديٌ فإنَّه يقصّرُ ويحلُّ، ويصيرُ حلالًا، كما أمرَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الصحابةَ بذلك فحلّوا، فالمقصودُ أنَّه يصيرُ حلالًا ويفرغُ من عمرتِهِ حتى يأتي أوانُ الحجِّ، وإن كان معه هديٌ فإنَّه لا يحلُّ إلَّا بعدَ الحجّ حتى ينحرَ هديه.
يقول: "قصَّرَ": ولم يقلْ حلقَ أو قصّرَ، لأنَّ المتمتّعَ الذي سيحجُّ، السنّةُ في حقِّهِ التقصيرُ، يوفّرُ شعرَهُ للحلقِ في الحجِّ، وهذا هو الذي أمرَ به النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الصحابةَ أن يجعلوها عمرةً، من لم يَسُقِ الهديَ فليطفْ بالبيتِ وبين الصفا والمروةِ، ثمَّ ليقصّرْ وليحلّلْ، فأمرهم بالتقصيرِ وهذه حالةٌ استثنائيةٌ، فالحلقُ أفضلُ إلَّا في هذهِ الحالةِ. 

– القارئ: (والمتمتعُ إذا شرعَ في الطوافِ: قطعَ التلبيةَ)
– الشيخ: رجعَ إلى موضوعِ التلبيةِ، المتمتّعُ إذا وصلَ إلى الحجرِ الأسودِ شرعَ في الطوافِ، والتلبيةُ هي الإجابةُ: لبّيكَ اللهمَّ لبَّيكَ، ومن وصلَ إلى بيتِ الدَّاعي انتهى من التعبيرِ عن الإجابةِ، فهم استنبطوا هذا، لكن لا أدري يعني في هذا نصٌّ أنَّ الرّسولَ كان يلبّي حتّى وصلَ إلى الحجرِ أو حتى شرعَ في الطوافِ بخلافِ الحجِّ فإنَّه صحَّ عنه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لم يزل يلبّي حتّى رمى الجمرةَ، هناك جاءت السنّةُ صريحةً في أنَّه عليه الصلاةُ والسلامُ كان يُلبّي حتى رمى الجمرةَ، أمَّا في مَقدمِهِ يعني العمرةُ أو في الحجُّ فلا أذكرُ أنَّه وردَ في قطعِ التلبيةِ شيءٌ.

– القارئ: يقولُ الشيخُ البليهي.
قولُه "قطعَ التلبيةَ": لقولِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: "يلبّي المعتمرُ حتى يستلمَ الحجرَ" رواهُ أبو داودَ والترمذيُّ والنسائيُّ وابنُ الجارود.
– الشيخ: 
عظيمٌ، هذا مهمٌّ، لكن ما هي درجةُ الحديثِ؟
– مداخلة: يقولُ: صحَّحهُ الترمذيُّ، وقال البيهقيُّ: رفعُهُ خطأٌ، وكان ابنُ أبي ليلى كثيرَ الوهمِ وخاصةً إذا روى عن عطاء فيُخطئُ.
– الشيخ: 
يكفينا ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما.
– مداخلة: الشيخُ شعيبُ الأرناؤوطُ حسّنَ …
– الشيخ: المقصودُ إلى الحجرِ الأسودِ، وأثرُ ابنُ عباسٍ هذا يكفي ولو كان موقوفًا.
– مداخلة: بالنسبةِ للتقصيرِ للمتمتّعِ، حتى ولو طالت المدّةُ، يعني جاءَ المتمتّعُ …
– الشيخ: ما يخالف، يكفي، يُقصّرُ.
– مداخلة: هناك ناسٌ تحملُ معها مقصّاتٍ في آخرِ السعي، فهل يصحُّ، ونقولُ: ما زالَ مُحرمًا؟
– الشيخ: 
هذا غلطٌ، إن كان هناك فتاوى فنقولُ أنَّهم معذورونَ بالتقليدِ، ولكن نحن ننهاهم ونقولُ لهم: احلقوا الشعرَ كلَّه، والجّهالُ لديهم أخطاءٌ كثيرةٌ، ولعلَّ اللهَ يغفرُ لهم، وإن سألوا وأُفتوا فتبعةُ خطأهم على من أفتاهم، وإن قصَّروا وتساهلوا فهم مؤاخذونَ بالتفريطِ فيما يجبُ عليهم.
– مداخلة: هل يفتي أحدٌ بهذا أحسنَ اللهُ إليكم، يعني للرجالِ يعني يأخذُ قيدَ الأُنملةِ؟
– الشيخ: 
المشكلةُ ليست في قدرِ الأُنملةِ، المشكلةُ أنَّه يُقصّرُ من الجوانبِ يعني قليلًا من هنا وقليلًا من هنا فإنَّه لا يعتبرُ مقصّرًا، لكنَّ الصوابَ أن يُقصّرَ من جملةِ رأسِهِ كلِّهِ أو أغلبِهِ، لكن تعلمونَ تأويلاتِ العلماءِ واجتهاداتِهم، مثل ما اختلفوا في مسألةِ مسحِ الرأسِ.

– القارئُ يقرأُ من المغني:
[فَصْل الْمُوَالَاةَ غَيْر شَرْط فِي السَّعْي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ]
– الشيخ: 
هكذا العبارةُ: غير شرط؟
– القارئ: نعم.
– الشيخ: هذا تصريحٌ.
القارئُ:
(2493) فَصْلٌ: فَأَمَّا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْمُوَالَاةَ غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ فِيهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ كَانَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَقِيَهُ فَإِذَا هُوَ يَعْرِفُهُ، يَقِفُ، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَيُسَائِلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمْرُ الصَّفَا سَهْلٌ، إنَّمَا كَانَ يُكْرَهُ الْوُقُوفُ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، فَأَمَّا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ الْقَاضِي: تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ فِيهِ، قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ. وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّهُ نُسُكٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ تُشْتَرَطْ لَهُ الْمُوَالَاة، كَالرَّمْيِ وَالْحِلَاقِ. وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ، أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، امْرَأَةَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، سَعَتْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَضَتْ طَوَافَهَا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَانَتْ ضَخْمَةً. وَكَانَ عَطَاءٌ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَسْتَرِيحَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ، وَهُوَ صَلَاةٌ تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ وَالسِّتَارَةُ، فَاشْتُرِطَتْ لَهُ الْمُوَالَاةُ، بِخِلَافِ السَّعْيِ.
– الشيخ: 
اللهُ سبحانَهُ وتعالى يقولُ: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] فمُقتضى هذا أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سعى متواليًا، فالتفريقُ العارضُ والجزئيُّ أمرُهُ أسهلُ، أمَّا التفريقُ الكبيرُ فلا ينبغي.
– مداخلة: التخفيفُ الذي عند الحلّاقينَ يُعتبرُ تقصيرًا؟
– الشيخ: ما دامَ أنَّ أغلبَ الشعرِ قد مشى عليه فإنَّه تقصيرٌ والحمدُ للهِ.
– مداخلة: في حاشيةِ ابنِ قاسمٍ قال:
وتواترَ عن حبرِ الأمّةِ عبدِ اللهِ ابنِ عباسٍ أنَّه قال: ما طافَ بالبيتِ حاجٌّ ولا غيرُ حاجٍّ إلَّا حلَّ، أمرُ رسولِ اللهِ، فإنَّه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لمّا أتمَّ سعيَهُ، أمرَ كلَّ من لا هديَ معه… 
– الشيخ: 
هذا رأيٌ معروفٌ، يُروى عن ابنِ عباسٍ أنَّ المفردَ والقارنَ متى طافَ وسعى فقد حلَّ شاءَ أم أبى، وأخذَ بذلك ابنُ القيمِ، ولهذا نقولُ: ما حكمُ فسخِ الحجِّ إلى العمرةِ من المفردِ مثلًا؟ هناك ثلاثةُ أقوالٍ، أحدُها أنَّها حرامٌ وهو المشهورُ عندَ كثيرٍ من أهلِ العلمِ، والقولُ الثاني: أنَّ الفسخَ واجبٌ وهذا مقتضى الأثرِ الذي ترويه أنت، والثالثُ: أنَّه مُستحبٌّ وهو اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ، ولا شكَّ أنَّ هذا قولٌ وسطٌ وحسنٌ وفيه توسُّطٌ بين أهلِ العلمِ.
– مداخلة: … أهل مكةَ وخرجَ خارجَ مكةَ مثلًا قبلَ أشهرِ الحجّ، ثمَّ رجعَ بعدَ أن دخلت أشهرُ الحجِّ وهو ناوٍ للحجِّ، ما هو الواجبُ عليه، وإذا أهلَّ من الميقاتِ هل يجعلُها حجًا أم عمرةً، يعني يكونُ متمتّعًا في هذه الحالةِ مثلًا؟
– الشيخ: "ممن أرادَ الحجَّ أو العمرةَ" الحديثُ … يُهلُّ من الميقاتِ لقولِهِ تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196] يعني هو في سعةٍ، إن شاءَ جعلَها عمرةً وصارَ متمتّعًا وإن لم يكن عليه هديٌ وذلك للآيةِ: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196]
 




 
الأسئلة:
س1: هل يُسنُّ للإنسانِ إذا جاءَ للصفا أن يقولَ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] وكذلك إذا وقفَ عند المقامِ أن يقولَ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]؟
ج: إن تذكّرَ ذلك فحسنٌ، حتى يستشعرَ أنَّه يأتمرُ بأمرِ اللهِ، ويقتدي برسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، ويقولُها عندَ البدايةِ. والنبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قالَها لينبّهَ على أمرٍ وهو أنَّه يبدأُ بما بدأَ اللهُ به، وقد أخذَ العلماءُ من ذلك أنَّ الإنسانَ يبدأُ بالصفا، وذلك من الآيةِ ومن هديهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، وكذلك وقوفُهُ عندَ المقامِ فهي من جنسٍ واحدٍ، فإن تذكَّرَ الآيةَ فلا بأسَ، لكن لا أقولُ أنَّها سنّةٌ، بل أقولُ إن تذكّرَها فحسنٌ، يكونُ مقتديًا برسولِ اللهِ وممتثلًا لأمرِ اللهِ.
…………………………………….
س2: ما حدُّ تقصيرِ شعرِ النّساءِ في العمرةِ؟
ج: قال العلماءُ: قدرَ أنمُلةٍ.
…………………………………….
س3: في السابقِ كان المسعى قيدَ انحدارٍ، وبعدها تمَّ رَدْمَهُ فتساوى، والسؤالُ أليسَ بعدَ الدَّفنِ قصرتِ المسافةُ، وكان الأولى رصفَهُ بانحدارٍ كما هو سابقًا؟
ج: خلص … ولسنا بمستشارين فيه، والمقصودُ الآنَ أنَّه مسوًّا وليسَ فيه انحدارٌ، فيُستعاضُ عنه بالسعي بين العلمينِ، فيسعى الإنسانُ من العلمِ إلى العلمِ، وهذا ذكرَهُ العلماءُ قبلَ أن يتمَّ رصفَهُ وتسويَتَهُ، فالظاهرُ أنَّه كان ما يزالُ فيه انحدارٌ، قلت لكم أنَّنَا أدركنا هذا، وكان الوادي جاريًا ويقطعُ السعيَ على الناسِ.
…………………………………….
س4: هل قصُّ الشعرِ على رقمِ واحدٍ أو اثنينِ يُعتبرُ من الحلقِ؟
ج: لا، أنا دائمًا أقولُ بحيثُ لا يبقى شعرٌ يعني "صفر"، والواحدُ يمكنُ، لكنَّ الأكملَ تمامًا أن يكونَ صفرًا.
…………………………………….
س5: هل يصحُّ من يفتي بالمحظوراتِ بعليكَ دمٌ، ولم يخيّر السائلَ بين الصيامِ والإطعامِ؟
ج: هذا غلطٌ، وما أظنُّ أنَّ من أهلِ العلمِ الذين يُستفتَونَ يقولوا: عيكَ دمٌ بإطلاقٍ، بأن يسألَ مثلًا بأنَّ رجلًا غطّى رأسَهُ فيقالٌ له: عليك دمٌ، وإذا سُمعَ مثلُ هذا يمكن أن يُنبّه ويُذكّرَ فيمكنُ أنَّه توهَّمَ بأن فعلَ المحظورَ كتركِ الواجبِ.
…………………………………….
س6: كنت أسعى في المسعى القديمِ، ولكن في السنينِ الأخيرةِ لشدّةِ الزحامِ سعيتُ في المسعى الجديدِ ما هو الحكمُ؟
ج: شأنُكَ شأنُ الذين يَسعونَ في المسعى الجديدِ، إن كنت مقلّدًا لمن يرى السعيَ في المسعى الجديدِ، وإن كنتَ في الأصلِ تابعٌ للذين أفتوا بعدمِ الجوازِ فسعيُكَ غيرُ صحيحٍ فتصيرُ كأنَّكَ متساهلٌ ومفرّطٌ، لكن يظهرُ أنَّك تشعرُ بأنَّ الأمرَ ليسَ إلى درجةِ عدمِ الصحّةِ، لأنَّكَ لو كنتَ تعتقدُ أنَّ السعيَ فيه غيرُ صحيحٍ ما سعيتَ، واللهُ يعفو عنّا وعنكم، ويمكنُ أن نقولَ: أنَّك في الأولِ مقلّدٌ للذين منعوا، وفي الثاني مقلّدٌ للذين رخّصوا، وينبغي على الإنسانِ ألّا يتقلّبَ ويتنقّلَ بين المختلفينَ بالفتوى، يعني تبعًا لرغبتِهِ وهواهُ، وينبغي عليه أن يتحرّى الصحيحَ والصوابَ دائمًا.
…………………………………….
س7: هل يصحُّ أن يقالَ عن القرآنِ الكريمِ أنَّه دليلٌ عقليٌّ أو معجزةٌ عقليّةٌ؟
ج: إتيان الرسولِ بهذا القرآنِ المعجزِ هو دليلٌ عقليٌّ: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة:23] هذا تعجيزٌ وتحدٍّ، فهو من هذه الحيثيّةِ دليلٌ عقليٌّ، وأمَّا الاستدلالُ بآياتِهِ فهي أدلّةٌ شرعيّةٌ، وهي ترشدُ إلى الأدلّةِ العقليةِ، فعلى سبيلِ المثالِ قولُهُ سبحانَهُ وتعالى: قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [التغابن:7] دليلٌ على البعثِ، وهو دليلٌ سمعيٌّ وليسَ عقليًا، وقولُه تعالى: اَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق:15] وهذا دليلٌ عقليٌّ على البعثِ.
…………………………………….
س8: بعضُ المصلّينَ حالَ السجودِ يرفعُ قدمَهُ على الأخرى، هل يصحُّ سجودُهُ؟
ج: إذا تعمّدَ وهو يعلمُ وجوبَ السجودِ على سبعةِ أعضاءٍ لا يصحُّ سجودُهُ.
…………………………………….
س9: ما حكمُ نقلِ المديونيةِ البنكيّةِ من بنكٍ إلى بنكٍ سواءٌ بفائدةٍ أو بدونِ فائدةٍ؟
ج: كأنَّها تحويلٌ، ونحتاجُ إلى فهمِ معنى نقلِ المديونيّةِ، يعني عليك دينٌ لهذا البنكِ فتنقُلَهُ إلى بنكٍ آخرَ، إن كان بفائدةٍ فهو ربا، وإن كان بغيرِ فائدةٍ فأرجو أنَّ الأمرَ واسعٌ.
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله