الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة سبأ/(6) من قوله تعالى {قل من يرزقكم من السماوات} الآية 24 إلى قوله تعالى {وما أرسلناك إلا كافة للناس} الآية 28
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(6) من قوله تعالى {قل من يرزقكم من السماوات} الآية 24 إلى قوله تعالى {وما أرسلناك إلا كافة للناس} الآية 28

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة سبأ

الدَّرس: السَّادس

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [سبأ24-28]

– الشيخ : إلى هنا بس، لا حول ولا قوَّةَ إلَّا بالله، يأمرُ اللهُ نبيَّه أن يقولَ للكفَّارِ والمشركين: {مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وفي هذا توبيخٌ لهم؛ لأنَّهم يقرُّون بأنَّ الله هو الَّذي يرزقُهم {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت:63] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:25] {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} اللهُ هو الَّذي يرزقُكم من السموات والأرض، وهو الَّذي ينزلُ الغيثَ ويخرجُ النباتَ، يخرجُ به من الثمراتِ.

{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ولا شكَّ أنَّ الرسولَ ومن معَهم على الهدى ومخالفوهم في ضلالٍ مبينٍ، يعني لابدَّ أن يكونَ أحدُهم، ومن الممتنعِ عقلاً وشرعاً أن يكونَ المشركون على الهدى وهم يعبدون غيرَ الله {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}

{قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} كلٌّ مسؤولٌ عن عملِه وكسبِه {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164] {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة:134] {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [يونس:41] {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ} [الأنعام:52] {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ}

{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} سيجمعُ اللهُ العبادَ الأوَّلين والآخرين ويفصلُ بينهم، ويبيِّنُ لهم ما كانوا فيه يختلفون، ويعلمُ الَّذين كفرُوا أنَّهم كانوا كاذبين {يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ} {هوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} يفصلُ بينَ العبادِ وينصرُ الحقَّ وأهلَه، ويبطلُ الباطلَ وهو العليُّ الكبيرُ.

{قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} {أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ} يعني: جعلْتُموهم، جعلتوهم أو جعلتموهم شركاءَ للهِ، فما هؤلاء الشُّركاءُ؟ أصنامٌ أو أحجارٌ أو أشجارٌ {كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

ثمَّ قالَ تعالى لنبيِّه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} وفي هذا دلالةٌ على عمومِ رسالة النبيِّ، رسالةُ محمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- عامَّةٌ لجميعِ الناسِ {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} يعني: إلَّا للناس كافة بشيراً لمن آمنَ به واتَّبعَهُ، ونذيراً لمن كذَّبَهُ وأعرضَ عنه {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} نعم يا محمَّد.

 

(تفسيرُ السَّعديُّ)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآياتَ:

يأمرُ تعالى، نبيَّهُ محمَّداً -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، أنْ يقولَ لمن أشركَ باللهِ ويسألَهُ عن صحَّةِ شركِهِ: {مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ}

– طالب: في عندي "عن حجَّة شركه"

– الشيخ : نعم؛ عن حجَّة شركه

– القارئ : اللي عندي "ويسألَهُ عن صحَّةِ شركِهِ"

– الشيخ : يمكن قريب من بعضها

– القارئ : {مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} فإنَّهم لا بدَّ أنْ يقرُّوا أنَّهُ اللهُ

– الشيخ : أنَّه اللهُ كما جاءَ في الآيات الأخرى المصرِّحة بذلك {ليقولُنَّ الله} في مواضعَ

– القارئ : ولئنْ لم يقرُّوا فـ {قُلِ اللَّهُ} فإنَّكَ لا تجدُ مَن يدفعُ هذا القولَ، فإذا تبيَّنَ أنَّ اللهَ وحدَهُ الَّذي يرزقُكم مِن السَّمواتِ والأرضِ، وينزلُ لكم المطرَ، وينبتُ لكم النَّباتَ، ويفجِّرُ لكم الأنهارَ، ويطلعُ لكم مِن ثمارِ الأشجارِ، وجعلَ لكم الحيواناتِ جميعَها، لنفعِكم ورزقِكم، فلِمَ تعبدونَ معَهُ مَن لا يرزقُكم شيئاً، ولا يفيدُكم نفعاً؟

وقولُهُ: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي: إحدى الطَّائفتَينِ منَّا ومنكم، على الهدى، مستعليةً عليهِ، أو في ضلالٍ بيِّنٍ، منغمرةً

– الشيخ : مستعليةً، سبحان الله، لعلى هدىً

– القارئ : أو في ضلالٍ مبينٍ، منغمرةً فيهِ، وهذا الكلامُ يقولُهُ مَن تبيَّنَ لهُ الحقُّ، واتَّضحَ لهُ الصَّوابُ، وجزمَ بالحقِّ الَّذي هوَ عليهِ، وبطلانِ ما عليهِ خصمُهُ.

أي: قد شرحْنا مِن الأدلَّةِ الواضحةِ عندَنا وعندَكم، ما بهِ يُعلَمُ علماً يقينيَّاً لا شكَّ فيهِ، مَن المحقُّ منَّا، ومَن المبطلُ، ومَن المهتدي ومِن الضَّالُّ؟ حتَّى إنَّهُ يصيرُ التَّعيينُ بعدَ ذلكَ، لا فائدةَ فيهِ، فإنَّكَ إذا وازنْتَ بينَ مَن يدعو إلى عبادةِ الخالقِ، لسائرِ المخلوقاتِ المتصرِّفِ فيها، بجميعِ أنواعِ التَّصرُّفاتِ، المسدي جميعَ النِّعمِ، الَّذي رزقَهم وأوصلَ إليهم كلَّ نعمةٍ، ودفعَ عنهم كلَّ نقمةٍ، الَّذي لهُ الحمدُ كلُّهُ، والملكُ كلُّهُ، وكلُّ أحدٍ مِن الملائكةِ فما دونَهم، خاضعونَ لهيبتِهِ، متذلِّلونَ لعظمتِهِ، وكلُّ الشُّفعاءِ تخافُهُ، لا يشفعُ أحدٌ منهم عندَهُ إلَّا بإذنِهِ العليِّ الكبيرِ، في ذاتِهِ، وأوصافِهِ، وأفعالِهِ، الَّذي لهُ كلُّ كمالٍ، وكلُّ جلالٍّ، وكلُّ جمالٍ، وكلُّ حمدٍ وثناءٍ ومجدٍ، يدعو إلى التَّقرُّبِ لمن هذا شأنُهُ، وإخلاصِ العملِ لهُ، وينهى عن عبادةِ مَن سواهُ، وبينَ من يتقرَّبُ إلى أوثانٍ، وأصنامٍ، وقبورٍ، لا تخلقُ، ولا ترزقُ، ولا تملكُ لأنفسِها، ولا لمَن عبدَها، نفعاً ولا ضرَّاً، ولا موتاً ولا حياةً، ولا نشوراً، بل هيَ جماداتٌ، لا تعقلُ، ولا تسمعُ

– الشيخ : أعوذُ باللهِ

– القارئ : دعاءَ عابديها، ولو سمعَتْهُ ما استجابَتْ لهم، ويومَ القيامةِ

– الشيخ : نسألُ الله العافيةَ، نسأل الله العافيةَ، إنَّه الجهلُ الفاضحُ والسفهُ العظيمُ، سبحان الله، جماداتٌ تماثيلٌ أحجارٌ أشجارٌ، تُدعَى من دون الله وتُقصَدُ وتُعبَدُ، إنَّه لضلالٌ مبينٌ أي ضلال، أي ضلال، سبحان الله العظيم! أينَ العقولُ؟ لا إله إلَّا الله، الحمدُ للهِ الَّذي هدانا للإسلامِ، سبحان الله العظيم، على العبدِ أن يسألَ ربَّه الثباتَ، يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ…، هم ناسٌ عندهم عقولٌ يدركون بها لأمورِ دنياهم ويعقلون بها ما يقالُ لهم، لكن أعوذُ باللهِ التعصُّب للأسلاف، قول أحدهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف:23].

 

– القارئ : ويومَ القيامةِ يكفرونَ بشركِهم، ويتبرَّؤون منهم، ويتلاعنونَ بينَهم، ليسَ لهم قسطٌ مِن الملكِ، ولا شركةٌ فيهِ، ولا إعانةٌ فيهِ، ولا لهم شفاعةٌ يستقلُّون بها دونَ اللهِ، فهوَ يدعو مَنْ هذا وصفُهُ، ويتقرَّبُ إليهِ مهما أمكنَهُ، ويعادي مَن أخلصَ الدِّينَ للهِ، ويحاربُهُ، ويكذِّبُ رسلَ اللهِ، الَّذينَ جاؤُوا بالإخلاصِ للهِ وحدَهُ، تبيَّنَ لكَ أيُّ الفريقَينِ، المهتدي مِن الضَّالِّ، والشَّقيُّ مِن السَّعيدِ؟ ولم يحتجْ إلى أنْ يعيِّنَ لَكَ ذلكَ، لأنَّ وصفَ الحالِ

– الشيخ : "فلم يحتجْ" ولا "تحتجْ" تاء؟

– القارئ : لا، "يحتجْ" بالياء

– الشيخ : من يبيِّن له ولا يبيِّن لك؟

– القارئ : ولم يحتجْ إلى أنْ يعيِّنَ لكَ

– الشيخ : "ولم تحتجْ" كأنَّها أحسنُ، ولم تحتجْ، اقرأْ كذا

– القارئ : ولم تحتجْ إلى أنْ يعيِّنَ لكَ ذلكَ، لأنَّ وصفَ الحالِ، أوضحُ مِن لسانِ المقالِ.

{قُلْ} لهم {لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} أي: كلٌّ منَّا ومنكم، لهُ عملُهُ أنتم {لا تُسْأَلُونَ} عن إجرامِنا وذنوبِنا لو أذنبْنا، ونحنُ لا نُسأَلُ عن أعمالِكم، فليكنْ المقصودُ منَّا ومنكم طلبُ الحقائقِ وسلوكُ طريقِ الإنصافِ، ودعَوا ما كنَّا نعملُ، ولا يكنْ مانعاً لكم مِن اتِّباعِ الحقِّ، فإنَّ أحكامَ الدُّنيا تجري على الظَّواهرِ، ويُتَّبَعُ فيها الحقُّ، ويُجتنَبُ الباطلُ، وأمَّا الأعمالُ فلها دارٌ أخرى، يحكمُ فيها أحكمُ الحاكمينَ، ويفصلُ بينَ المختصمينَ، أعدلُ العادلينَ.

ولهذا قالَ: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا} أي: يحكمُ بينَنا حكماً، يتبيَّنُ بهِ الصَّادقُ مِن الكاذبِ، والمستحقُّ للثَّوابِ، مِن المستحقِّ للعقابِ، وهوَ خيرُ الفاتحينَ.

{قُلْ} لهم يا أيُّها الرَّسولُ، ومَن نابَ منابَكَ: {أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ} أي: أينَ هم؟ وأينَ السَّبيلُ إلى معرفتِهم؟ وهل هم في الأرضِ، أم في السَّماءِ؟ فإنَّ عالمَ الغيبِ والشَّهادةِ قد أخبرَنا أنَّهُ ليسَ في الوجودِ لهُ شريكٌ

– الشيخ : لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله، يعني يقول: {أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ} يعني: شركاء مشاركون لله في الملك والتدبير، هؤلاء لا وجودَ لهم، لكن في شركاء ومزعومون كذباً، وهؤلاء الَّذين يُعبَدون من دون اللهِ، فلو قلْنا: هل في الوجودِ إلهٌ غيرُ اللهِ؟ نقولُ: نعم معبوداتٌ من دون اللهِ بالباطلِ موجودون، أو معبودون، هؤلاء معبودون، آلهةٌ آلهةٌ، لكنَّها معبودةٌ بالباطل، أمَّا إلهُ حقٍّ معبودٌ بحقٍّ فليس إلَّا الله، إلَّا واحد، وهذا معنى لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله، يعني: لا معبودَ بحقٍّ، لا يوجدُ معبودٌ بحقٍّ، لا يوجدُ معبودٌ بحقٍّ إلَّا الله، إلَّا واحد، أمَّا كلُّ المعبوداتِ فهي معبودةٌ بالباطلِ {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج:62]

هكذا نقولُ في الشركاء، شركاءٌ مشاركون للهِ في الملكِ والتدبير أو الإلهيَّة هؤلاء لا وجودَ لهم في السموات والأرض {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس:18] لكن آلهةٌ مزعومةٌ أو شركاءٌ مزعومون كذباً وافتراءً فهؤلاء كثيرون، كثيرةٌ الآلهةُ الباطلةُ، الآلهةُ الباطلةُ والشركاءُ المزعومون كثيرون.

 

– القارئ : {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ} الآيةَ {وَمَا يَتَّبِعُ

– الشيخ : هو اللي يقولُ "الآية"؟

– القارئ : نعم

– الشيخ : المناسبُ إتمامُ الآيةِ لأنَّه.. نعم بعده

– القارئ : {وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ}

وكذلكَ خواصُ خلقِهِ مِن الأنبياءِ والمرسلينَ، لا يعلمونَ لهُ شريكاً، فيا أيُّها المشركونَ أروني الَّذينَ ألحقْتُم بزعمِكم الباطلِ باللهِ {شُرَكَاء}

وهذا السُّؤالُ لا يمكنُهم الإجابةُ عنهُ، ولهذا قالَ: {كَلا} أي: ليسَ للهِ شريكٌ، ولا ندٌّ، ولا ضدٌّ. {بَلْ هُوَ اللَّهُ} الَّذي لا يستحقُّ التَّألُّهَ والتَّعبُّدَ، إلَّا هوَ {الْعَزِيزُ} الَّذي قهرَ كلَّ شيءٍ فكلُّ ما سواهُ، فهوَ مقهورٌ مسخَّرٌ مدبَّرٌ. {الْحَكِيمُ} الَّذي أتقنَ ما خلقَهُ، وأحسنَ ما شرعَهُ، ولو لم يكنْ في حكمتِهِ في شرعِهِ إلَّا أنَّهُ أمرَ بتوحيدِهِ، وإخلاصِ الدِّينِ لهُ، وأحبَّ ذلكَ، وجعلَهُ طريقاً للنَّجاةِ، ونهى عن الشِّركِ بهِ، واتِّخاذِ الأندادِ مِن دونِهِ، وجعلَ ذلكَ طريقاً للشَّقاءِ والهلاكِ، لكفى بذلكَ برهاناً على كمالِ حكمتِهِ، كيفَ وجميعُ ما أمرَ بهِ ونهى عنهُ، مشتملٌ على الحكمةِ؟ انتهى.

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ}

– الشيخ : لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله.