الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة يس/(11) من قوله تعالى {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} الآية 66 إلى قوله تعالى {لينذر من كان حيا} الآية 70

(11) من قوله تعالى {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} الآية 66 إلى قوله تعالى {لينذر من كان حيا} الآية 70

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة  يس

الدَّرس: الحادي عشر

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ بالله من الشيطانِ الرجيمِ:

وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ * وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ * وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ [يس:66-69]

– الشيخ : إلى هنا بس، لا إلهَ إلا الله، الحمدُ للهِ، ثم رجعَ الكلامُ إلى الخبرِ عن هؤلاءِ الكفارِ لأنَّ الله تعالى قادرٌ عليهم وعلى تغييرِ أحوالِهم.

{وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} الذي أعطاهُم الأعينَ والأبصارَ قادرٌ على أن يطمسَ أعيُنَهم، {وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} الطريق، فلا يُبصرون الطريق.

{فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ*وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ}: إذا مُسخوا لم يستطيعوا تقدُّمًا ولا تأخُّرًا، {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ}.

ثم يقولُ تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ} يعني نمدُّ في عمره، {نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ}: يرجعُ إلى ما يُشبه حالَه في صغرِه كقولِه: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [النحل:70]

{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ}: ومن نعمره نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ، {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}: أي الرسولُ الذي يقولون عنه أنًّه شاعرٌ وآخرون يقولون كاهنٌ، ما علَّمناه الشِّعرَ، كلَّ ما يتعلمه الناسُ فهو بقدرِ الله ومشيئتِه، وهذا التعليمُ تعليم الإنسانِ الشعرَ هذا تعليمٌ كونيٌّ، كتعليمِ الناسِ الصناعاتِ والخبراتِ والتجاربِ هذا كلُّه تعليمٌ كونيٌّ، كما تُعلِّمُ الناسُ كلابَ الصيدِ كيفَ تصيدُ، الله تعالى يقول: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة:4] فهذه العلومُ وهذه المُبتكَرات، هذا كلُّه بتعليمِ الله، التعليمُ الكونيُّ بخلقِ الأسبابِ ودلالة العقولِ كلُّها في تدبير الله، لو شاءَ اللهُ لكشفَ للعبادِ العلومَ وهذه الصناعاتِ في الأزمانِ الغابرةِ، لكن لكلِّ شيءٍ قدرٌ وأجلٌ، فهذه الحضارةُ لها أجلٌ ولها وقتُ ابتداءٍ ولها وقتُ انتهاءٍ.

المقصودُ: يقول الله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}: ولا يليقُ بهذا الرسولِ أنْ يكونَ شاعرًا -عليه الصلاة والسلام- لأنَّ الشعراءَ كما قالَ اللهُ عنهم، الشعراءُ الغالبُ عليهم هو ما ذكرَه الله: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ*أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ*وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الشعراء:224-226] فمنَ الشعراءِ من يكونُ مُتَّبعًا لهدى الله ويعملُ شِعرَه فيما ينفعُ، في أمرِ دينٍ أو دنيا، ولهذا من الشعراءِ من يُجاهد في شِعرِه، يُجاهد الكفارَ في شعرِه كحسانٍ -رضي الله عنه- يهجو الكفارَ ويهجو المُشركين.

وما ينبغي له، {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ}: أي القرآنُ الذي جاءَ به ما هو بشعرٍ، هذا الكتابُ الذي جاءَ به قرآنٌ يُذكِّرُ العباد بربِّهم ويُذكِّرهم بما كان وما يكونُ، {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ*لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا: أي حيَّ القلبِ، مثل قولِه: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} [يس:11] {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} ومن حقَّ عليه القولُ كانَ من الهالِكين، {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس:7] في أولِ السورة، في أوَّل السورة، {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ }، وقال هنا: {وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ}.

 

(تفسير السعدي):

– القارئ : بسمِ الله الرحمنِ الرحيم، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبه أجمعين. قالَ الشيخُ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله تعالى- في تفسيرِ قول الله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} الآيات

بأن نُذْهِبَ أبصارَهم، كما طمسْنا على نُطقِهم.

– الشيخ : اصبرْ بس، يريدُ الشيخ كأنَّه يجعلُه مرتبطًا بقولِه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس:65] فجعل الشيخُ الآيةَ -والله أعلم بالصواب- مُتصلةً، المقصود بها الكفارُ يومَ القيامة، يومَ يختمُ على أفواهِهم فلا يتكلمون، وتنطقُ جوارحُهم -أيديهم وأرجلهم- بما كانوا يكسِبُون، يقول تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ}، وفعلًا أخبر تعالى أنَّهم يعني يُختَم على أعيُنِهم وأبصارِهم وأسماعِهم، ويُحشرُون إلى جهنَّمَ صمٌ بكمٌ عميٌ: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء:97]، لكن هذه الآية المتبادر -شوف ابن كثير- أنَّها خبرٌ عن الكفارِ في الدنيا، أنَّ الله قادرٌ على أن يطمسَ أعينَهم فلا يُبصرون، كقولِه يقول: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} [الأنعام:46]، فالذي أعطَاهم هذه القِوى قادرٌ على أن يسلُبَها، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} نعم،كمِّلْ، كما طمسَ على أفواهِهم.

 

القارئ : {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ} أي: فبادِرُوا إليه، لأنَّه الطريقُ إلى الوصولِ إلى الجنةِ

الشيخ : الآية عندكم أيش؟ فَاسْتَبِقُوا؟ يا أخي اترك الصراط، استَبَقوا ولّا استَبِقُوا؟

– طالب: استَبَقوا

الشيخ : شلون؟! تقرأ على غير بصيرةٍ؟! أيش؟ استبِقوا؟ فاستَبِقوا؟ وعندَك؟

– طالب: استَبَقوا الصراط

الشيخ : شوفها راجع راجع فيها قراءة؟ فيها قراءةٌ "فاستَبِقوا"؟ عندك مكتوب "فاستبِقوا"؟

– طالب: نعم

الشيخ : من أين تقرأ؟ من أي مُصحف؟

– طالب: من التفسير

الشيخ : تفسير أيش؟

– طالب: تفسيرُ السعدي

الشيخ : أي ما لك ما عندك تميز، مثل ما عند محمد، لا ما يصلحُ. أمَّا في المصحف: {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ} فعل ماضي، استَبَقوا، استبقوا فعل ماضي، واستبِقوا فعل أمر، {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ}.

القارئ : أي: فبادِرُوا

الشيخ : شوف شوف "تفسيرَ ابن كثير" أنتَ يا أبو أيوب، "تفسير ابن كثير".

القارئ : أي: فبادِرُوا إليه، لأنَّه الطريقُ إلى الوصولِ إلى الجنةِ، {فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} وقد طُمِسَت أبصارُهم.

الشيخ : أيش؟ {فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} وقد طُمِسَت أبصارُهم؟

القارئ : نعم.

الشيخ : فاستبِقوا فاستبِقوا الصراط.

القارئ : {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} أي: لأذهبنا حركتهم {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا} إلى الأمام {وَلا يَرْجِعُونَ} إلى ورائهم ليبعُدُوا عن النار

الشيخ : والله الكلامُ فيه إشكالات،ٌ كلامُ الشيخِ فيه إشكالاتٌ، نشوف.

القارئ : والمعنى، هذا يفيد هنا، يقول

الشيخ : من هو؟

– القارئ : أقول هنا من المتابعين من البث يقول: فاستبِقوا: -وأولًا- فعلٌ ماضٍ

الشيخ : وش هو؟ لا لا اقرأها زين، أنت

القارئ : نعم، فاستبِقوا

الشيخ : لا

القارئ : فاستبَقوا

الشيخ : إي

القارئ : فعل ماضٍ وهي قراءةُ الجمهور، وقُرِئَ على الأمر وهي قراءة عيسى بن عمر على صيغة الأمر

الشيخ : أي هذه قراءة والله أعلم أنَّها

القارئ : أي فيُقالُ لهم اسْتَبِقوا، وفي هذا تهديدٌ لهم. الشوكاني.

الشيخ : لا لا قراءة الجمهور هي المُعتمَدَة، -هذا قارئ- أقول: القراءةُ التي تخالفُ قراءةَ الجمهورِ هذه ما ينبغي الاعتناءُ بها.

القارئ : وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ عِقَابِهِمْ.

وَفِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ، مَا ثَمَّ إِلَّا النَّارُ قَدْ بَرَزَتْ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَجَاةٌ إِلَّا بِالْعُبُورِ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهَذَا لَا يَسْتَطِيعُهُ إِلَّا أَهْلُ الْإِيمَانِ، الَّذِينَ يَمْشُونَ فِي نُورِهِمْ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ، فَلَيْسَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ فِي النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنْ شَاءَ طَمَسَ أَعْيُنَهُمْ وَأَبْقَى حَرَكَتَهُمْ، فَلَمْ يَهْتَدُوا إِلَى الصِّرَاطِ لَوِ اسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَبَادَرُوهُ، وَإِنْ شَاءَ أَذْهَبَ حَرَاكَهُمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا التَّقَدُّمَ وَلَا التَّأَخُّرَ.

الْمَقْصُودُ: أَنَّهُمْ لَا يَعْبُرُونَهُ، فَلَا تَحْصُلُ لَهُمُ النَّجَاةُ.

وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ

الشيخ : الشيخ جعلَ هذا كلَّه في يومِ القيامة، وهذا فيه نظرٌ -والله أعلمُ- نشوف، جعلَه كلَّه مُتعلِّقٌ بالمُجرمين، الذين قِيل لهم: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} إلى قوله، {اليوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} إلى آخره.

 

القارئ : يَقُولُ تَعَالَى: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ مِنْ بَنِي آدَمَ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَيْ: يَعُودُ إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي ابْتَدَأَ مِنْهَا حَالَةَ الضَّعْفِ، ضَعْفِ الْعَقْلِ، وَضَعْفِ الْقُوَّةِ. أَفَلا يَعْقِلُونَ أَنَّ الْآدَمِيَّ نَاقِصٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَيَتَدَارَكُونَ قُوَّتَهُمْ وَعُقُولَهُمْ

الشيخ : ولا في تعليقات على شيء من هذا؟

– القارئ : لا

الشيخ : سبحان الله! المُحقِّقينَ ما لهم، مُجرَّد إِخراج.

– القارئ : فَيَسْتَعْمِلُونَهَا فِي طَاعَةِ رَبِّهِمْ؟

قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} الآيات

يُنَزِّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

الشيخ : ما هو بِـ "يُنبِّه"؟

القارئ : لا لا؛ يُنزِّهُ

يُنَزِّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَّا رَمَاهُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَنَّهُ شَاعِرٌ، وَأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ شِعْرٌ فَقَالَ: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} أَنْ يَكُونَ شَاعِرًا، أَيْ: هَذَا مِنْ جِنْسِ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ شَاعِرًا، لِأَنَّهُ رَشِيدٌ مُهْتَدٍ، وَالشُّعَرَاءُ غَاوُونَ، يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَسَمَ جَمِيعَ الشُّبَهِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الضَّالُّونَ عَلَى رَسُولِهِ، فَحَسَمَ أَنْ يَكُونَ يَكْتُبُ أَوْ يَقْرَأُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَا عَلَّمَهُ الشِّعْرُ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ.

{إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} أَيْ: مَا هَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ إِلَّا ذِكْرٌ يَتَذَكَّرُ بِهِ أُولُو الْأَلْبَابِ، جَمِيعَ الْمَطَالِبِ الدِّينِيَّةِ، فَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهَا أَتَمَّ اشْتِمَالٍ، وَهُوَ يُذَكِّرُ الْعُقُولَ، مَا رَكَّزَ اللَّهُ فِي فِطَرِهَا مِنَ الْأَمْرِ بِكُلِّ حَسَنٍ، وَالنَّهْيِ عَنْ كُلِّ قَبِيحٍ.

{وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} أَيْ: مُبِينٌ لِمَا يُطْلَبُ بَيَانُهُ. وَلِهَذَا حَذَفَ الْمَعْمُولَ، لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ مُبِينٌ لِجَمِيعِ الْحَقِّ، بِأَدِلَّتِهِ التَّفْصِيلِيَّةِ وَالْإِجْمَالِيَّةِ، وَالْبَاطِلِ وَأَدِلَّةِ بُطْلَانِهِ، أَنْزَلَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ عَلَى رَسُولِهِ.

{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} أَيْ: حَيَّ الْقَلْبِ وَاعِيَهُ، فَهُوَ الَّذِي يَزْكُو عَلَى هَذَا الْقُرْآنِ، وَهُوَ الَّذِي يَزْدَادُ مِنَ الْعِلْمِ مِنْهُ وَالْعَمَلِ، وَيَكُونُ الْقُرْآنُ لِقَلْبِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَطَرِ لِلْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ الزَّاكِيَةِ.

{وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} لِأَنَّهُمْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ حُجَّةُ اللَّهِ، وَانْقَطَعَ احْتِجَاجُهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ أَدْنَى عُذْرٍ وَشُبْهَةٍ يُدْلُونَ بِهَا. انتهى.

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ}

الشيخ : طيِّبْ شوف ابن عاشور على هذه الآية: ولو نشاء..، وش عندك يا أبو أيوب؟ ابن كثير؟ أي اقرأ اقرأ، ارفعْ صوتك.

القارئ : قوله: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ}

الشيخ : إلى آخر الآية.

القارئ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي تَفْسِيرِهَا: يَقُولُ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَضْلَلْنَاهُمْ عَنِ الْهُدَى، فَكَيْفَ يَهْتَدُونَ؟

الشيخ : وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ

القارئ : وَقَالَ مُرَّةُ: أَعْمَيْنَاهُمْ: وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَطَمَسَ عَلَى أَعْيُنِهِمْ فجعلهم عميًا يتردَّدُون. وقال السدِّي: لو شئنا أَعْمَيْنَا أَبْصَارَهُمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو صَالِحٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ} يَعْنِي الطَّرِيقَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَعْنِي بِالصِّرَاطِ هَاهُنَا الْحَقَّ.

 {فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} وَقَدْ طَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: فَأَنَّى يُبْصِرُونَ لا يبصرون الحق.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: فَأَنَّى يُبْصِرُونَ لا يبصرون الحق.

وقوله: وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ؛ قَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَهْلَكْنَاهُمْ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي لَغَيَّرْنَا خَلْقَهُمْ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: لَجَعَلْنَاهُمْ حِجَارَةً.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وقتادة: لأقْعدَهم على أرجُلِهم، ولهذا قالَ تعالى: {فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا} أَيْ إِلَى أَمَامٍ، {وَلا يَرْجِعُونَ}: إِلَى وَرَاءٍ بَلْ يَلْزَمُونَ حَالًا وَاحِدًا لَا يتقدَّمونَ ولا يتأخَّرُون.

الشيخ : أيش بعده؟

القارئ : {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ}

الشيخ : لا إلهَ إلا الله، لا إله إلا الله، لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، شوف ابن جريرٍ عندَك دوّر، نعم يا محمد. أيش عندك؟

القارئ : ابن عاشور

الشيخ : إي.

القارئ : يقولُ رحمه الله: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا}

الشيخ : إلى آخره

القارئ : قال: عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ}

الشيخ : أوه وين، وين عطفًا على قوله: {وَيَقُولُونَ} سبحان الله! عجائب، أي عطفًا على قوله: {وَيَقُولُونَ}

– القارئ : وَمَوْقِعُ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِنَ الَّتِي قَبْلَهُمَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ إِلْجَاءَهُمْ إلى الاعترافِ بالشِّرْكِ

الشيخ : {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ * أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشيطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [يس:59-61].

– القارئ : إِلَى الِاعْتِرَافِ بِالشِّرْكِ بَعْدَ إِنْكَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَانَ ذَلِكَ

الشيخ : بعدَ إنكارِه؟

– القارئ : نعم

الشيخ : أي، بعد إنكارِه: بعد -يعني- إنكارِهم له، بعد إنكارهم، بعد إنكارِهم للشِّركِ.

– القارئ : كَانَ ذَلِكَ مُثِيرًا لِأَنْ يَهْجِسَ فِي نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ

الشيخ : يهجِس؟

– القارئ : نعم

الشيخ : أيْ، يهجسَ في قلوبِ المؤمنين.

القارئ : فِي نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَمَنَّوْا لَوْ سَلَكَ اللَّهُ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ هَذَا الْإِلْجَاءِ فَأَلْجَأَهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَإِلَى تَصْدِيقِ رَسُولِهِ وَاتِّبَاعِ دِينِهِ، فَأَفَادَ اللَّهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَتْ إِرَادَتُهُ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا لَفَعَلَ، إِيمَاءً إِلَى أَنَّ إِرَادَتَهُ –تَعَالَى- تُجْرِي تَعَلُقَاتِهِا عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ -تَعَالَى- وَحَكْمَتِهِ، فَهُوَ قَدْ جَعَلَ نِظَامَ الدُّنْيَا جَارِيًا عَلَى حُصُولِ الْأَشْيَاءِ عَنْ أَسْبَابِهَا الَّتِي وَكَّلَ اللَّهُ إِلَيْهَا إِنْتَاجَ مُسَبَّبَاتِهَا وَأَثَارِهَا وَتَوَلُّدَاتِهَا حَتَّى إِذَا بُدِّلَ هَذَا الْعَالَمُ بِعَالَمِ الْحَقِيقَةِ أَجْرَى الْأُمُورَ كُلَّهَا عَلَى الْمَهْيَعِ الْحَقِّ الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ فِي مَجَارِي الْعَقْلِ وَالْحِكْمَةِ. وَالْمَعْنَى إِنَّا أَلْجَأْنَاهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ فِي الْآخِرَةِ بِأَنَّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا شِرْكٌ وَبَاطِلٌ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فِي الدُّنْيَا لِيَرْتَدِعُوا وَيَرْجِعُوا عَنْ كُفْرِهِمْ وَسُوءِ إِنْكَارِهِمْ.

وَلَمَّا كَانَتْ "لَوْ" تَقْتَضِي امْتِنَاعًا لِامْتِنَاعٍ فَهِيَ تَقْتَضِي مَعْنَى: لَكِنَّا لَمْ نَشَأْ ذَلِكَ فَتَرَكْنَاهُمْ عَلَى شَأْنِهِمُ اسْتِدْرَاجًا وَتَمْيِيزًا بَيْنَ الْخَبِيثِ وَالطَّيِّبِ.

فَهَذَا كَلَامٌ مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَمُرَادٌ مِنْهُ تَبْصِرَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْشَادُهُمْ إِلَى الصَّبْرِ عَلَى مَا يُلَاقُونَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يَأْتِيَ نَصْرُ اللَّهِ.

فَالطَّمْسُ وَالْمَسْخُ الْمُعَلَّقَانِ عَلَى الشَّرْطِ الِامْتِنَاعِيِّ طَمْسٌ وَمَسْخٌ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْآخِرَةِ.

وَالطَّمْسُ: مَسْخُ شَوَاهِدِ الْعَيْنِ بِإِزَالَةِ سَوَادِهَا وَبَيَاضِهَا

الشيخ : أي سهل، أقول: مفهومٌ طمسُ العينِ أنَّها تفسدُ، تفسدُ العين، إما بنشوءِ حائلٍ عليها مثل اللي يُعرِّفونَه الناس بالبياضِ، بياضٌ يُغطي على العينِ فلا يُبصرُ الإنسانُ، هذا هو، هذا طمسُ -أو إفساد- القوةِ الباصرة في العينِ كلها، المهم أنه يُعميهم، لو شاءَ لأعمَاهم، لأعمَاهم كيف شاء، ببياضٍ ينشأُ على السوادِ ولا بفساد إنسانِ العين، ها؟ كمّل.

القارئ : أَوِ اخْتِلَاطِهِمَا وَهُوَ الْعَمَى أَوِ الْعَوَرُ، وَيُقَالُ

الشيخ : لا العورُ المعروفُ العورُ يكونُ في واحدةٍ، أما إذا طُمست العينان فهذا العمى.

– القارئ : وَيُقَالُ: طَرِيقٌ مَطْمُوسَةٌ

الشيخ : لا بعده. اتركه، لغويات

– القارئ : وَحَرْفُ الِاسْتِعْلَاءِ

الشيخ : وين؟ لطمسنا على أعينهم، يعني لم يقل: لو نشاء لطمسْنا أعيُنَهم، طيب وحرفُ الاستعلاءِ ها؟

– القارئ : لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِ الطَّمْسِ وَإِلَّا فَإِنَّ "طَمَسَ"

الشيخ : يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ

– القارئ : يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ.

وَالِاسْتِبَاقُ: افْتِعَالٌ مِنَ السَّبْقِ وَالِافْتِعَالُ دَالٌّ عَلَى التَّكَلُّفِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْفِعْلِ أَيْ فَبَادَرُوا.

وَالصِّرَاطُ: الطَّرِيقُ الَّذِي يُمْشَى فِيهِ، وَتَعْدِيَةُ فِعْلِ الِاسْتِبَاقِ إِلَيْهِ عَلَى حَذْفِ إِلَى

الشيخ : على حذفِ، فاستبَقوا أو فاستبِقوا الصراط، ما يُخالف ها؟

– القارئ : بِطَرِيقَةِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ. قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ مِنْ شَوَاهِدِ الْكِتَابِ

الشيخ : من شواهد "الكتاب"، يعني كتابَ سيبَوِيه لعله

– القارئ : تَمُرُّونَ الدِّيَارَ ولم تعرُجوا

الشيخ : لا ما تصير، تَمُرُّونَ الدِّيَارَ وَلَمْ تَعُوجُوا، عندكم شيء؟ ها؟

– طالب: "تعرُجوا" يا شيخ

الشيخ : اسمع بس، عجيب!

– القارئ : أرادَ

الشيخ : يقول أيش؟

– القارئ : تمرُّونَ الدِّيارَ

الشيخ : ولم تَعوجوا؟

– القارئ : نعم، أرادَ تمرُّونَ على الديارِ

الشيخ : تمام

القارئ : أو على تضمينِ اسْتَبَقُوا مَعْنَى ابْتَدَرُوا، أَيِ ابْتَدَرُوا الصِّرَاطَ مُتَسَابِقِينَ، أَيْ مُسْرِعِينَ لِمَا دَهَمَهُمْ رَجَاءَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا فَلَمْ يُبْصِرُوا الطَّرِيقَ.

وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} فِي سُورَةِ "يُوسُفَ".  

وَ"أَنَّى" اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى "كَيْفَ" وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ

الشيخ : لا، {فَأنَّى يُبْصِرُونَ} بمعنى: كيفَ يُبصرون مع الطَّمسِ.

القارئ : وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِنْكَارِ، أَيْ لَا يُبْصِرُونَ وَقَدْ طُمِسَتْ أَعْيُنُهُمْ، أَيْ لَوْ شِئْنَا لِعَجَّلْنَا لَهُمْ عُقُوبَةً فِي الدُّنْيَا يَرْتَدِعُونَ بِهَا فيُقْلِعُوا عَنْ إِشْرَاكِهِمْ.

وَالْمَسْخُ: تَصْيِيرُ جِسْمِ الْإِنْسَانِ فِي صُورَةِ جِسْمٍ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ

الشيخ : نعم، حجرٌ ولَّا حيوانٌ ولَّا خنزير ولَّا قرد.

القارئ : وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة:35] فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ بِبَقِيَّةِ مَسْخٍ.

الشيخ : الأشياءُ الموجودةُ لا يُقال أنَّ هذا ممسوخٌ، القرودُ الموجودة لا، هذهِ قرودٌ، حيوانٌ: نوعٌ من الحيوان، إلا اليهوديَّ الخنزيرَ والقردَ اللي يقول أنَّ أصلَ الإنسان قردٌ وتطوَّرَ وصارَ بهالشكل، هو قردٌ خنزيرٌ خبيثٌ، يُسمُّونها "نظرية داروين"، راجَت عند الجهلةِ من المسلمين، وهي نظريةٌ كُفريَّةٌ، من يقولُ: أنَّ أصلَ الإنسانِ قردٌ كافرٌ، لأنَّ الله بيَّنَ لنا أنَّ أصلَ الإنسان آدمُ مخلوقٌ من ترابٍ، ما هو أصلُه قردٌ، قبّحَ اللهُ اليهود والنصارى وعمومَ الكافرين.

القارئ : وَالْمَكَانَةُ: تَأْنِيثُ الْمَكَانِ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْبُقْعَةِ كَمَا قَالُوا: مُقَامٌ وَمُقَامَةٌ، وَدَارٌ وَدَارَةٌ، أَيْ لَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَا الْكَافِرِينَ فِي الدُّنْيَا فِي مَكَانِهِمُ الَّذِي أَظْهَرُوا فِيهِ التَّكْذِيبَ بِالرُّسُلِ فَمَا اسْتَطَاعُوا انْصِرَافًا إِلَى مَا خَرَجُوا إِلَيْهِ وَلَا رُجُوعًا إِلَى مَا أَتَوْا مِنْهُ، بَلْ لَزِمُوا مَكَانَهُمْ لِزَوَالِ الْعَقْلِ الْإِنْسَانِيِّ مِنْهُمْ بِسَبَبِ الْمَسْخِ.

وَكَانَ مُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ أَنْ يُقَالَ: وَلَا رُجُوعًا، وَلَكِنْ عَدَلَ

الشيخ : أيش؟ ولا رجوعًا؟

– القارئ : نعم

الشيخ : أي مقابل مُضيًّا، مُضيًّا ولا رجوعًا

القارئ : وَكَانَ مُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ أَنْ يُقَالَ: وَلَا رُجُوعًا، وَلَكِنْ عَدَلَ إِلَى {وَلَا يَرْجِعُونَ} لِرِعَايَةِ الْفَاصِلَةِ فَجُعِلَ قَوْلُهُ: {وَلَا يَرْجِعُونَ} عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ مَا اسْتَطَاعُوا وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى "مُضِيًّا" لِأَنَّ فِعْلَ اسْتَطَاعَ لَا يَنْصِبُ الْجُمَلَ. وَالتَّقْدِيرُ: فَمَا مَضَوْا وَلَا رَجَعُوا، فَجَعَلْنَا لَهُمُ الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ عذاب الْآخِرَةِ وَأَرَحْنَا مِنْهُمُ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرَكْنَاهُمْ عِبْرَةً وَمَوْعِظَةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ.

قال الله تعالى: {ومنْ نُعَمِّرهُ}

الشيخ : إلى آخرِه، ولا ذكرَ قراءة أخرى في {فاستبَقوا} ما ذكرَ شيئًا؟

– القارئ : لا

الشيخ : يعني له عنايةٌ بالقراءات، عجايب!

القارئ : المنتقى

الشيخ خلِّ قراءة ابن جرير بعدين، نعم، تجاوزْتَ، تكفيْكَ القراءةُ ما شاء الله.