الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة يس/(12) من قوله تعالى {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا} الآية 71 إلى قوله تعالى {فلا يحزنك قولهم} الآية 76

(12) من قوله تعالى {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا} الآية 71 إلى قوله تعالى {فلا يحزنك قولهم} الآية 76

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة  يس

الدَّرس: الثَّاني عشر

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ:

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ * فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ [يس:71-76]

– الشيخ : إلى هنا، لا إلهَ إلا اللهُ، يُوبِّخُ الله الكفارَ المُشركين على غفلتِهم عن آياتِ الله، التي يرونَها بأبصارِهم ويعلمونَها، وآياتُ اللهِ كثيرةٌ: ومنها ما خلقَه الله لعبادِه من الأنعامِ من الإبل والبقرِ والغنمِ.

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} يعني مما عمِلْنا، لا يُؤخَذُ من هذه الآيةِ أنَّ اللهَ خلقَ الأنعامَ بيدَيه، بل هذا من نوعِ: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [آل عمران:182] لأنَّ من أساليبِ العربِ، ومن لغة العربِ إسنادُ الفعلِ إلى اليدِ أو اليدَين، "ذلك بما قدَّمَت يداك" {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} فبما كسبَت أيديكم، وليسَ المُراد ما فعلُوه بالأيدي، بل المرادُ ما فعلُوه مُطلقاً، ففرقٌ بين هذهِ الآية وبين قولِه في آدم: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] آدمُ خلقَه الله بيدَيه -سبحانه وتعالى- كيف شاءَ، أما بهيمةُ الأنعامِ فخلقَها كما خلقَ غيرَها، بقدرتِه ومشيئتِه -سبحانه وتعالى-.

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا}، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا}، نعم.

– القارئ : {فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}

– الشيخ : {فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}: يملكونها ويتصرَّفُون فيها، {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل:5]، {فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}: يعني هي من جملةِ الأموالِ، بهيمةُ الأنعامِ نوعٌ من أنواعِ الأموالِ.

{فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ*وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ}: ذلَّلَ الله هذه الحيواناتِ وجعلَها تنقادُ، ومن ذلكَ الإبلُ على ضخامتِها وعلى شراستِها، الإبلُ فيها شراسةٌ ومع ذلك اللهُ ذلَّلها للناسِ، يقودون الجملَ الضخمَ القويَّ يقودُه الصَّبيُّ، يقودُه مُذلَّلًا، الله أكبر.

{وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ}: منها مراكب ومنها مأكول، أما الغنمُ فهي مأكولةٌ، وأمَّا الإبل فترُكَبُ وتُؤكَلُ، يرُكَبُ ظهرُها، ويؤُكَلُ لحمها، ويُشرَبُ درُّها، سبحان الله!

{فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ*وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ، وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ} منافعُ أخرى غيرَ الركوبِ وغير الأكلِ، يمكن من ذلكَ أنواعُ المنافعِ التي ينتفعُ بها من جلودِها، {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} [النحل:80]، وفي الآية الأخرى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ*وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل:5-6]

{وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ*وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ}: سبحان الله! سبحان الله! الناسُ يعلمون ذلك ويُشاهدونَه ويُباشِرونه، يُباشرون هذه المنافعَ ومع ذلك يغفلونَ عن المُنعمِ الذي خلقَها وتفضَّلَ بها ويسَّرها، سبحان الله! أفلا يشكرون! ومن كفْرِهم بالله أنْ جعلوا معه آلهةً أخرى.

{وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ*وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً}: اتَّخذُوا من دون اللهِ آلهةً يعبدُونها من الأصنامِ، إنَّه لأعجبُ العجبِ، من أعجبِ العجبِ أن يتَخذَ الناسُ -أو يتَّخذَ الإنسان- معبوداً يخضعُ له ويذلُّ له ويُعظِّمُه وهو جمادٌ، أصنامٌ منحوتةٌ أو حجارةٌ.

الحمدُ لله الذي هدَانا للإسلامِ، الحمدُ لله، ابراهيم -عليه السلام- دعا ربَّه أنْ يُجنِّبَه عبادةَ الأصنامِ، هذا يدلُّ على الخوفِ من الشِّركِ. لا يأمنُ الإنسانُ على نفسِه، سبحان الله!

{لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ*لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} هذه الآلهةُ التي يعبدُونها من دونِ الله، لا يستطيعونَ لهم نصراً، بل هي مُحتاجَةٌ إلى عابدِيها، هي محتاجةٌ إلى عابديها يحمُونها وينصرونها، {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: نفسُ العابدين لتلك الأصنامِ هم جندٌ لهذه الأصنامِ، يحمُونها ويُدافعون عنها، مثل: لمَّا ابراهيم -عليه السلام- كسَّرَ الأصنامَ، جاؤوا ينتصرون، {ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الجَحِيم} [الصافات: 97]: جاؤوا ينتصرون لآلهتِهم: {مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ*قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ*قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} [الأنبياء:59-61] وراحوا يُجادلُونه، إذاً فهم حماةٌ لهذه الآلهة، آلهتُهم لا تنفعُهم، بل هي فقيرةٌ إليهم، هي فقيرةٌ إليهم. سبحان الله!

{لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: قالَ الله: {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ}: لا يحزُنْك أيُّها النبيُّ ما يقولُونه لك من الطَّعنِ فيك، كقولهم مثلاً أنَّه "شاعر" وأنَّه "كاهنٌ" وأنَّه "ساحر أو مجنون"، لا يحزُنْك هذا ولا تُبالِ بهم، فمثلُ هؤلاءِ ليس عندهم العقولُ التي تُوجب لهم اعتباراً ولأقوالهم اعتباراً.

{فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}: اللهُ يعلم ما يسرُّونه وما يُعلنونَه، فهم يُظهرُون التكذيبَ، وهم يُقرُّون به في الباطنِ، كفرُهم كفرُ جُحودٍ، فإنَّه –تعالى- يقولُ: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام:33].

 

(تفسيرُ السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمن السعدي -رحمَه الله تعالى- في تفسيرِ قولِ الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ} الآيات:

يأْمُرُ تَعَالَى الْعِبَادَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا سَخَّرَ لَهُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ وَذَلَّلَهَا، وَجَعَلَهُمْ مَالِكِينَ لَهَا، مُطَاوَعَةً لَهُمْ فِي كُلِّ أَمْرٍ يُرِيدُونَهُ مِنْهَا، وَأَنَّهُ جَعَلَ لَهُمْ فِيهَا مَنَافِعَ كَثِيرَةً مِنْ حَمْلِهِمْ وَحَمْلِ أَثْقَالِهِمْ وَمَحَامِلِهِمْ وَأَمْتِعَتِهِمْ مِنْ مَحَلٍّ إِلَى مَحَلٍّ، وَمِنْ أَكْلِهِمْ مِنْهَا، وَفِيهَا دِفْءٌ، وَمِنْ أَوْبَارِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ

– الشيخ : فصَّلَ اللهُ النِّعمَ الحاصلة من هذه الأنعامِ في سورة "النحل"، وتُسمى سورةَ "النِّعمِ"، من أوَّلها إلى آخرِها وهي في شأنِ النِّعَمِ، ففي مطلعِها: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ*وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ*وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل:5-7].

 

– القارئ : وَفِيهَا زِينَةٌ وَجَمَالٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ الْمُشَاهَدَةِ مِنْهَا. أَفَلا يَشْكُرُونَ اللَّهَ –تَعَالَى- الَّذِي أَنْعَمَ بِهَذِهِ النِّعَمِ، وَيُخْلِصُونَ لَهُ الْعِبَادَةَ وَلَا يَتَمَتَّعُونَ بِهَا تَمَتُّعًا خَالِيًا مِنَ الْعِبْرَةِ وَالْفِكْرَةِ؟!

قال الله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ} الآيات:

هَذَا بَيَانٌ لِبُطْلَانِ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ، الَّتِي اتَّخَذُوهَا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَجَوْا نَصْرَهَا وَشَفْعَهَا، فَإِنَّهَا فِي غَايَةِ الْعَجْزِ {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}: فَإِذَا كَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ، فَكَيْفَ يَنْصُرُونَهُمْ؟ وَالنَّصْرُ لَهُ شَرْطَانِ: الِاسْتِطَاعَةُ وَالْقُدْرَةُ فَإِذَا اسْتَطَاعَ، يَبْقَى: هَلْ يُرِيدُ نُصْرَةَ مَنْ عَبَدَهُ أَمْ لَا؟ فَنَفْيُ الِاسْتِطَاعَةِ، يَنْفِي الْأَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا.

{وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} أَيْ: مُحْضَرُونَ هُمْ وَهُمْ فِي الْعَذَابِ، وَمُتَبَرِّئٌ

– الشيخ : لا. بس، سبحان الله! {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ*لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: الشيخ مشى على أنَّ مُحضَرُون كأنَّه يعني مُحضَرون في العذابِ معهم، {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء:98]، {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ *و َجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:94-98]، {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فِيهَا} [الشعراء:90-94]، يعني العابِدُون والمعبودون.

الشيخ مشى على أنَّ "مُحضرون": يعني مُحضَرون معهم في العذاب، الظاهرُ أنَّ الآيةَ فيها تفسيرٌ آخر، لا إلهَ إلا الله، {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: يعني نفسُ العابدون جندٌ لهذه المعبودَات، حاضرونَ لنُصرَتها والدفاعِ عنها، فهي فقيرةٌ لهم لا تستطيعُ نصرَهم ولا نصرَ أنفسهم، وهؤلاء العابدون جندٌ حاضرون لنصرةِ معبوداتِهم.

أبو أيوب شوف الآية في هذه السورةِ في تفسيرِ "ابن كثير".

 

– القارئ : وَمُتَبَرِّئٌ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، أَفَلَا تَبَرَّءُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ عِبَادَةِ هَؤُلَاءِ، وَأَخْلَصُوا الْعِبَادَةَ لِلَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَالنَّفْعُ وَالضُّرُّ، وَالْعَطَاءُ وَالْمَنْعُ، وَهُوَ الْوَلِيُّ النَّصِيرُ؟!

– الشيخ : أعدْ، أعد قولَه: {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} أعِدْ شوي.

– القارئ : {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} أَيْ: مُحْضَرُونَ هُمْ وَهُمْ فِي الْعَذَابِ، وَمُتَبَرِّئٌ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، أَفَلَا تَبَرَّءُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ عِبَادَةِ هَؤُلَاءِ، وَأَخْلَصُوا الْعِبَادَةَ لِلَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَالنَّفْعُ وَالضُّرُّ، وَالْعَطَاءُ وَالْمَنْعُ، وَهُوَ الْوَلِيُّ النَّصِيرُ؟!

قالَ اللهُ تعالى: {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُم} الآية:

أَيْ: {فَلَا يَحْزُنْكَ} يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ قَوْلُ الْمُكَذِّبِينَ، وَالْمُرَادُ بِالْقَوْلِ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، كُلُّ قَوْلٍ يَقْدَحُونَ فِيهِ فِي الرَّسُولِ، أَوْ فِيمَا جَاءَ بِهِ.

أَيْ: فَلَا تَشْغَلْ قَلْبَكَ بِالْحُزْنِ عَلَيْهِمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ، فَنُجَازِيهِمْ عَلَى حَسَبِ عِلْمِنَا بِهِمْ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُمْ لَا يَضُرُّكَ شَيْئًا.

قالَ اللهُ تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ}

– الشيخ : إلى هنا

– القارئ : أحسنَ الله إليك

– الشيخ : نعم يا أبو أيوب. أيش؟

– طالب: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} أَيْ: لَا تَقْدِرُ الْآلِهَةُ عَلَى نَصْرِ عَابِدِيهَا، بَلْ هِيَ أَضْعَفُ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلُّ وَأَذَلُّ وَأَحْقَرُ وَأَدْخَرُ، بَلْ لَا تَقْدِرُ عَلَى الِانْتِصَارِ لِأَنْفُسِهَا، وَلَا الِانْتِقَامِ مِمَّنْ أَرَادَهَا بِسُوءٍ؛ لِأَنَّهَا جَمَادٌ لَا تَسْمَعُ وَلَا تَعْقِلُ.

– الشيخ : أعوذُ باللهِ، الحمدُ لله، الله المُستعان، الحمدُ لله.

هؤلاءِ الذين يعبدونَ الأصنام والجماداتِ ليسَ هم إلَّا يعبدون الأمواتَ، أيش الفرقُ بين الميتِ والجماد من جهةِ انتفاع ِالعابد؟ فالذي يعبدُ الصَّنمَ، والذي يعبدُ الميتَ سواءٌ.

– طالب: {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: عِنْدَ الْحِسَابِ

– الشيخ : {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: قَالَ مُجَاهِدٌ: عِنْدَ الْحِسَابِ

– طالب: يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ مَحْشُورَةٌ مَجْمُوعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مُحْضَرَةٌ عِنْدَ حِسَابِ عَابِدِيهَا؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي خِزْيهم، وَأَدُلَّ عَلَيْهِمْ فِي إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} يَعْنِي: الْآلِهَةَ، {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}، وَالْمُشْرِكُونَ يَغْضَبُونَ لِلْآلِهَةِ فِي الدُّنْيَا وَهِيَ لَا تَسُوقُ إِلَيْهِمْ خَيْرًا، وَلَا تَدْفَعُ عَنْهُمْ سُوءًا، إِنَّمَا هِيَ أَصْنَامٌ.

– الشيخ : هذا القولُ الثاني قولُ قتادة، ولعلَّه أظهر.

– طالب: وَهَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

الشيخ : وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. يعني العابدون جندٌ حاضرون مُحضرون لنُصرةِ آلهتِهم، مُستعدُّون للدفاعِ عنها، وهم يغضبون إذا تُعرِّض لآلهتهم بسوءٍ بكيدٍ كما فعلَ ابراهيم بالأصنام. انتهى.

يعني هذا القولُ قولُ قتادةَ والحسنَ واختيارُ ابنُ جريرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.

في شيء..

– طالب: وَقَوْلُهُ: {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ}

– الشيخ : لا لا خلاص، المهمُّ الجملةُ الأولى هي. سبحانَ الله سبحان الله سبحان الله.