بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الصَّافات
الدَّرس: الثَّاني عشر
*** *** ***
– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ [الصافات:123-132]
– الشيخ : أحسنْتَ، الحمدُ للهِ، هذه قصَّةُ نبيِّ الله إل ياسين، أو إلياس، وهي القصَّةُ الرابعةُ في هذه السورةِ، {وَإِنَّ إِلْيَاسَ} إلياسُ نبيٌّ ورسولٌ، {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ} يدعوهم إلى تقوى اللهِ بتركِ الشِّركِ، {أَلَا تَتَّقُونَ} ثمَّ ينكرُ: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} بعلٌ اسمُ صنمٍ، الصنمُ الَّذي يدعونَه، {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ} هذا اسمُه في النحوِ بدلٌ، {اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} فأنكرَ عليهم الشركَ، دعاهم إلى التوحيدِ ونهاهم عن الشركِ.
{فَكَذَّبُوهُ} لم يستجيبوا له كغيرِهم من غالبِ الأممِ، قوم نوح وهود وصالح، {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} سيُحضَرون في العذاب، إلَّا من أخلصَ لله بعبادتِهِ وحدَه لا شريكَ له، {فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}
قالَ اللهُ: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ، فيقال له: الإلياس اختصاره وإل ياسين، إل ياسين، وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ، فنقول: عليه السلام، إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، هذا من جنس ما تقدم في نوح وإبراهيم وموسى وهارون، أثنى الله عليهم وأخبر أنه ترك لهم في الناس لسان صدق ثناءً عليهم وسلاماً عليهم.
{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} وإل ياسين لم تُذكَرْ قصَّتُه إلَّا في هذا الموضعِ، لم تُذكَرْ قصَّةُ إلياس مع قومِه إلَّا في هذه السورةِ في هذه الآياتِ القليلةِ، وقد ذُكِرَ اسمُه في موضعٍ آخرَ: وإسماعيل وإلياس، في سورة الأنعام، {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنعام:85]
(تفسيرُ السَّعديِّ)
– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} الآياتَ:
يمدحُ تعالى عبدَهُ ورسولَهُ إلياس -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- بالنُّبوَّةِ والرِّسالةِ، والدَّعوةِ إلى اللهِ، وأنَّهُ أمرَ قومَهُ بالتَّقوى، وعبادةِ اللهِ وحدَهُ، ونهاهم عن عبادتِهم، صنماً لهم يُقالُ لهُ "بعلُ" وتركِهم عبادةَ اللهِ، الَّذي خلقَ الخلقَ، وأحسنَ خلقَهم، وربَّاهم فأحسنَ تربيتَهم، وأدرَّ عليهم النِّعمَ الظَّاهرةَ والباطنةَ، وأنَّكم كيفَ تركْتُم عبادةَ مَن هذا شأنُهُ، إلى عبادةِ صنمٍ، لا يضرُّ، ولا ينفعُ، ولا يخلقُ، ولا يرزقُ، بل لا يأكلُ ولا يتكلَّمُ؟ " وهل هذا إلَّا مِن أعظمِ الضَّلالِ والسَّفهِ والغيِّ؟
{فَكَذَّبُوهُ} فيما دعاهم إليهِ، فلم ينقادوا لهُ، قالَ اللهُ متوعِّداً لهم: {فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} أي: يومَ القيامةِ في العذابِ، ولم يذكرْ لهم عقوبةً دنيويَّةً.
– الشيخ : اللهُ أعلمُ، يعني مسكوتٌ عنهم، الله أكبرُ.
– القارئ : {إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} أي: الَّذينَ أخلصَهم اللهُ، ومنَّ عليهم باتِّباعِ نبيِّهم، فإنَّهم غيرُ محضرينَ في العذابِ، وإنَّما لهم مِن اللهِ جزيلَ الثَّوابِ.
{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ} أي: على إلياسَ {فِي الآخِرِينَ} ثناءً حسناً.
{سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} أي: تحيةٌ مِن اللهِ، ومِن عبادِهِ عليهِ.
{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} فأثنى اللهُ عليهِ كما أثنى على إخوانِهِ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم أجمعينَ
– الشيخ : أحسنْتَ