الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الصافات/(13) من قوله تعالى {وإن لوطا لمن المرسلين} الآية 133 إلى قوله تعالى {فآمنوا فمتعناهم إلى حين} الآية 148
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(13) من قوله تعالى {وإن لوطا لمن المرسلين} الآية 133 إلى قوله تعالى {فآمنوا فمتعناهم إلى حين} الآية 148

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الصَّافات

الدَّرس: الثَّالث عشر

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ *فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ [الصافات: 133-148]

– الشيخ : إلى هنا اشتملَتْ هذه الآياتُ على قصةِ لوطٍ وقصة يونس، وكلاهُما مِن رسلِ اللهِ، {وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} وقصةُ لوطٍ ذُكرت هنا على سبيلِ الإجمالِ والإشارةِ ولكنَّها ذُكرِتْ في مواضعَ من القرآنِ، مواضع ذُكرت مُفصَّلَةً في سور عديدة، وأمَّا يونسُ فلم تُذكَر قصتُه معَ قومِه مُفصّلةً أكثر ما ذُكر هو ما وردَ في هذه الآيات، وأُشيرَ إلى قصتِه في سورة يونس وذُكر اسمُه في سورٍ أخرى كسورةِ الأنعامِ.

لوط ويونس عليهما السلام، يقول تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} وقومُهم الذين فعلوا أو يفعلون ما لمْ يسبقْهم عليه أحدٌ من العالمين، {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا} [الأعراف:80] وهو فِعل الفاحشةِ النَّكْراءِ {إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ} لما حقَّ العذابُ على قومِه جاءت رسلُ الله إلى لوطٍ وأخبروهُ ما اللهُ صانعٌ في قومِه، وأمروه أنَّ موعدَهم الصبحُ وأمروهُ بأن يَسري بأهلِه بقِطْعِ مِن الليلِ {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر:65] فنجَّاهُ اللهُ وأهلَه، خرجوا من البلدةِ إلى حيثُ شاء الله، ولكنَّ امرأتَه هي … خبيثةٌ كافرةٌ ولعلَّها تُظهِرُ الإسلامَ وتُظهِرُ الإيمانَ بلوطٍ عليه السلام لكنَّها معَ قومِها

{إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} فإنها هَلَكَتْ معَ الهالكين {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} هذا كلُّ ما ذُكرَ في هذه السورةِ أنَّ لوطاً رسولُ مِن رسلِ اللهِ، وأنَّ الله نجَّاه وأهلَه وأهْلَكَ امرأتَه.

ثمَّ توجَّهَ الكلامُ إلى قريشٍ ومَنْ معَهم في رحلتِهم إلى الشامِ

{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ} يعني على بلادهم والمكان الذي أهلكهم الله فيه تمرون عليهم مصبحين وبالليل يعني تمرون في المساء والصباح {لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} فتأخذونَ العِبرة وتحذرونَ عذاب الله

ثم قال تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} وذكر من شأنه أنَّه ركِبَ في سفينة مشحونةٍ بالناسِ {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ*فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} يعني وُضِعَت القرعة أيُّهم يُخفِّفُّ السفينةَ ويُلقي بنفسِه أو يُلقى، فكان هوَ، وقعَ السهمُ عليهِ، يُقالُ في التفسيرِ مِن كلامِ المفسرينِ: أنه فُعِلَتْ القرعةُ غيرَ مرةٍ ويقعُ السَّهمُ على نبيِّ اللهِ يونسَ فألقى بنفسِه في البحرِ {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ} فَالْتَقَمَهُ وبلعَه وصارَ في بطنِه، ومُقتضى العادةِ والطبيعةِ أنْ يموتَ ويهلكَ في بطنِه لأنَّ بطنَ الحيوانِ فيه قوةٌ الإنضاجِ والإهلانِ مثل ما يأكل الحيوان الطعام فيستهلكُهُ ويُتْلِفُهُ ويُحرقُه {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}

فلمَّا كانَ في هذه الظلماتِ: ظلمةِ بطنِ الحوتِ وظلمةِ البحرِ، في الظلماتِ {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:87] وقال هنا:{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} اللهُ أمرَ الحوتَ فَقَذَفَهُ، كما ابتلعَهُ قَذَفَهُ فإذا هوَ خارج البحرِ، لا إله إلا الله، سبحان الله!، وهذا فيه دَلالةٌ على أنَّ كلَّ الوجودِ في قبضةِ اللهِ وتحتَ أمرِه وسلطانِه.

اللهُ أمرَ الحوتَ فألقى يونسَ عليه السلام {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} سَقِيمٌ مِن أَثَرِ إقامتِه في بطنِ الحوتِ {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} يقول المفسرون: أنه خرجَ وجسمُه في غايةٍ مِن الضعفِ والرِّقةِ وأدنى شيء يُؤذيهِ قالَ الله: {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} قالَ المفسرونَ: أنها شجرة الدُّبَّاءِ، أَنْبَتَ الله عليهِ هذه الشجرةَ؛ لتكونَ ظلالاً ووَاقِيةً مِن الـمُؤذيات بإذنِ الله {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ}

فلمَّا تماثلَ وصَحَّ وحسُنَتْ حالُه أرسلَه الله إلى قومِه الذين فارقَهم وهو غضبانٌ مُغْضَبَاً، أرسلَه اللهُ مرةً أخرى إلى قومِه، والله يُخبرُنا أنَّ عددَهم مائةَ ألفٍ أو أكثرَ أو يزيدون {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ} يعني إلى قومه وعددهم مِائَةِ أَلْفٍ {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} الله أكبر، الله أكبر.

 

(تفسيرُ السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمن بن ناصر السعدي -رحمَه الله تعالى-:

{وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} الآيات.

وهذا ثناءٌ مِنْهُ تعالى على عبدِهِ ورسولِهِ لوطٍ بالنبوةِ والرسالةِ، ودعوتِه إلى الله قومَهُ، ونهيهِم عَن الشِّركِ، وفِعْلِ الفاحشةِ.

فلمَّا لم يَنْتَهُوا، نَجَّاهُ الله وأهلَهُ أجمعين، فَسَرَوا ليلاً فَنَجَوا.

– الشيخ : الشِّركُ لمْ يكنْ صريحاً في قصةِ النِّهي عَن الشِّركِ، الآياتُ في القصةِ التي سُمِّيتْ في القرآنِ الكريم كلُّها فيها الإنكارِ الشديدِ عليهم في فِعلِ الفاحشةِ {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ} [الأعراف:80]  {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} [النمل:54] {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ} إنكاراتٌ، وذمَّهُم وجهَّلَهم وصفَهُم بالفِسْقِ والجهلِ والإسرافِ والعدوانِ لكن يمكن أنْ يدخلَ نهيُهم عَن الشِّركِ في قولِه: {فَاتَّقُوا الله وَأَطِيعُونِ} في سورة الشعراء {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا الله وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:162-164]

 

– القارئ : {إِلا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} أيْ: الباقينَ المُعذَّبِين، وهي زوجةُ لوطٍ لمْ تكنْ على دينِهِ.

{ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ} بأنْ قَلَبْنَا عليهِم ديارَهُم {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} حتى هَمَدُوا وخَمَدُوا.

{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ} أي: على ديارِ قومِ لوطٍ {مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ} أيْ: في هذهِ الأوقاتِ يكثرُ ترددُكُم إليها ومرورُكم بها، فلمْ تقبلِ الشَّكَّ والـمِرْية {أَفَلا تَعْقِلُونَ} الآياتِ والعِبَرَ، وتَنْزَجِرُونَ عَمَّا يُوجِبُ الهلاكَ؟

قالَ اللهُ تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} الآيات.

وهذا ثناءٌ منه -تعالى- على عبدِهِ ورسولِهِ يونسُ بنُ مَتَّى، كمَا أثنى على إخوانِهِ المرسلينَ بالنبوةِ والرسالةِ والدعوةِ إلى الله، وذكرَ -تعالى- عنه أنه عاقبَهُ عقوبةً دنيويةً، أنجاهُ منها بسببِ إيمانِه وأعمالِه الصالحةِ، فقال: {إِذْ أَبَقَ}

أيْ: مِنْ ربِّهِ مُغَاضِبَاً لَهُ، ظَانَّاً أنه لا يَقْدِرُ عليهِ، ويَحْبِسُهُ في بطنِ الحوتِ، ولمْ يذكرِ الله ما غاضبَ عليهِ، ولا ذَنْبَهُ الذي ارتكبَهُ؛ لعدمِ فائدتنَا بذكرِهِ، وإنَّما فائدتُنا بما ذُكِّرنَا عنه أنَّه أذنَبَ، وعاقبَهَ الله معَ كونِهِ مِن الرسلِ الكرامِ، وأنه نَجَّاهُ بعدَ ذلكَ، وأزالَ عنه الـمَلَامَ، وقَيَّضَ لَهُ ما هو سببُ صلاحِهِ.

فلمَّا أَبَقَ لَجَأَ {إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} بالرُّكَّابِ والأمتعةِ فلمَّا ركبَ معَ غيرِه، والفلكُ شَاحِنٌ، ثَقُلَتِ السفينةُ، فاحتاجوا إلى إلقاءِ بعضِ الرُّكبانِ، وكأنَّهم لمْ يجدُوا لأحدٍ مَزِيَّةً في ذلكَ، فاقْتَرَعُوا ..

– الشيخ : يعني كلُّهم، ما فرق بينَهم، هذا معنى كلامِ الشيخِ: أنَّهم لما أرادُوا أنْ ينزلَ واحدٌ ما في فرق كلُّهم، فاحتاجُوا إلى القُرعةِ وهذه القصةُ مِن أدلةِ استخدامِ القُرعةِ في الأشياءِ الـمُتَسَاويَةِ في الأحكامِ التي يُرَادُ تخصيصُ بعضِهم.

 

– القارئ : فاقْتَرَعُوا على أنَّ مَنْ قرعَ وغُلِبَ، أُلْقِيَ في البحرِ عَدْلًا مِن أهلِ السفينةِ، وإذا أرادَ اللهُ أمرًا هيَّأَ أسبابَهُ.

فلمَّا اقْترعُوا أصابَتِ القرعةُ يونسَ {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} أيْ: الـمَغْلوبِينَ.

فأُلقِيَ في البحرِ {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ} وقتَ التقامِه {مُلِيمٌ} أيْ: فاعلٌ ما يُلامُ عليهِ، وهوَ مُغَاضبَتُهُ لربِّهِ.

{فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} أيْ: في وقتِهِ السابقِ بكثرةِ عبادتِهِ لِرَبِّهِ، وتسبيحِهِ، وتحميدِهِ، وفي بطنِ الحوتِ حيثُ قالَ: {لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87]

{لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي: لكانَتْ مقبرتُهُ، ولكن بسببِ تسبيحِهِ وعبادتِهِ للهِ، نجَّاه اللهُ تعالى، وكذلكَ يُنْجِي اللهُ المؤمنينَ عندَ وقوعِهم في الشدائدِ.

{فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} بأنْ قذفَهُ الحوتُ مِن بطنِهِ بالعراءِ، وهي الأرضُ الخاليةُ العاريةُ مِن كلِّ أحدٍ، بلْ ربَّما كانَتْ عاريةً مِن الأشجارِ والظِّلالِ.

{وَهُوَ سَقِيمٌ} أيْ: قدْ سَقِمَ ومَرِضَ؛ بسببِ حَبْسِهِ في بطنِ الحوتِ، حتى صارَ مثلَ الفرخِ الـمَمْعُوطِ مِن البيضةِ.

{وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} تُظِلُّهُ بِظِلِّهَا الظليلِ؛ لأنَّها بادرةٌ باردةُ الظِّلَالِ، ولا يسقطُ عليها ذُبَابٌ، وهذا مِنْ لُطْفِهِ بِهِ، وَبِرِّهِ.

ثمَّ لَطفَ بِه لُطفًا آخرَ، وامْتَنَّ عليه مِنَّةً عُظمى، وهو أنَّه أرسلَهُ {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ} مِن الناسِ {أَوْ يَزِيدُونَ} عنها، والمعنى أنَّهم إنْ لم يزيدُوا لمْ ينقصُوا، فدعاهُم إلى اللهِ تعالى.

{فَآمَنُوا} فصارُوا في موازينِهِ؛ لأنَّهُ الدَّاعي لهمْ.

{فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} بأنْ صرفَ اللهُ عنهم العذابَ بعدما انعقدَتْ أسبابُهُ، قالَ تعالى: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}

– الشيخ : إلى هنا

– طالب: يا شيخ، قوله: {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، أليسَ هذا دليلٌ على أنَّ الحوتَ عمرُهُ طويلٌ هكذا {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}؟

– الشيخ : الله أعلم.