الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الزمر/(5) من قوله تعالى {أفمن حق عليه كلمة العذاب} الآية 19 إلى قوله تعالى {أفمن شرح الله صدره للإسلام} الآية 22

(5) من قوله تعالى {أفمن حق عليه كلمة العذاب} الآية 19 إلى قوله تعالى {أفمن شرح الله صدره للإسلام} الآية 22

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الزُّمَر

الدَّرس: الخامس

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الزمر:19-22]

– الشيخ : إلى هنا، أحسنتَ، إلى هنا، لا إله إلا الله، سبحانَ اللهِ العظيمِ.

يقولُ سبحانَهُ وتعالى مُبيِّنًا للتَّبَايُنِ بينَ السُّعداءِ والأشقياءِ {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر:20] يقول تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر:18،17] هذه حالُ السُّعداءِ {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس:64] {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ}

هل يَستوي هؤلاءِ ومَنْ حقَّ عليهِم العذابُ؟ {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} يعني: أنتَ يا أيُّها الرسولُ لا تملكُ هدايةَ أحدٍ، ولا تملكُ إنقاذَ أحدٍ مِن النارِ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:56]

{أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} الرسولُ لا يملكُ أنْ يهديَ أحداً، ولا يملكُ أنْ يُنقذَ أحداً مِن الذين استَوجَبُوا -والعياذ بالله- الخلودَ في النارِ.

{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} في الجنَّاتِ في غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ {مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ} {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} مساكنُ، لهم مساكنُ، غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ في قصورٍ، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}

{وَعْدَ اللَّهِ} هذا وعدُ اللهِ للمتقينَ واللهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، ولهذا يَدعو العابدونَ الذاكرونَ المُتفكرونَ يقولون: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران:194] {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}، لا إله إلا الله، سبحان الله.

وبعدَ هذا البيان لحالِ السعداءِ والأشقياءِ في جزاءهم، يُنبه الله سبحانه وتعالى إلى نِعمِه وآياتِهِ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ} هذا الماءُ الذي يُنزِلُهُ اللهُ هو نعمةٌ مِن اللهِ على العبادِ: {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} وهو في نفسِ الوقتِ دَالٌّ على قدرتِهِ سبحانَهُ ورحمته، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} أشجارٌ ونباتاتٌ وثمارٌ مختلفًا ألوانُها، وهذا أيضاً يتضمَّنُ الدَّلالةَ على كمالِ قدرتِهِ وحكمتِهِ ورحمتِهِ سبحانه وتعالى.

{ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} يَيْبَس، تَيْبَسُ الأشجارُ، وتَذْبُلُ، وتَصفَرُّ بعدَ النُّضْرةِ والخُضْرَةِ، بعدَ النُّضْرةِ والخُضْرَةِ تَيْبَسُ وتصيرُ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ} اللهُ {حُطَامًا} {ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا}

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} أولي الألبابِ الذين يتفكَّرونَ، ينظرونَ إلى هذه الموجوداتِ بعقولٍ مُتفكِّرةٍ، لا ينظرون إليها نظرَ البهائمِ، أو نظرَ الفُرجةِ فقط، لا، انظرْ إلى آياتِ اللهِ، {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} [الروم:50]، انظرْ إليهَا نظرَ تفكُّرٍ واستدلالٍ ومعرفةٍ، لا نظرَ غَفْلةٍ، يقولُ اللهُ في الكفارِ: {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف:105] لا تفكيرَ ولا استدلالَ، نظرَ البهائمِ، وينظرونَ إليها للمُتعةِ، يتمتَّعونَ بالفُرْجةِ.

والـمُتفكِّرُ إذا فكَّرَ سبَّحَ بحمدِ ربِّهِ ونزَّهَهُ عَن كلِّ نقصٍ، كما أخبرَ اللهُ: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:191]

ثمَّ أيضًا يذكرُ سبحانه وتعالى التبايُنَ بينَ حالَ الـمُنتفعينَ بهُدَى اللهِ، الـمـُتفكرينَ في آياتِ اللهِ، الذينَ شرحَ اللهُ صدورَهم بنورِ الإيمانِ ونورِ العلمِ الصحيحِ {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} {فَهُوَ عَلَى نُورٍ} على بصيرةٍ، وعلى هدىً.

{فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} إذاً هذهِ موازنةٌ بينَ مَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وصيَّرهُ على نورٍ، وبينَ الذينَ كفروا باللهِ وبآياتِ اللهِ فقَسَتْ قلوبُهُم.

{فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} هؤلاءِ في ضلالٍ مبينٍ، والأولون في هدىً على نورٍ وبصيرةٍ، فهذه حالُ الناسِ في هذه الحياةِ، يعني: الناسُ في هذهِ الدنيا مِن حيثُ الإيمانُ والكفرُ والاستقامةُ والزَّيْغُ والانحرافُ، مثَّلَهُم اللهُ بالحيِّ والميتِ والأعمَى والبصيرِ.

{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} يعني: أَيَسْتَوي هذا ومَنْ قَسَا قلبُهُ عَنْ ربِّهِ، وأعرضَ عَنْ ذكرِ اللهِ، ولمْ يتفكَّرْ في آياتِنَا؟ {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} لا حول ولا قوة إلا بالله.

 

(تفسيرُ السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمن السَّعدي -رحمَه الله تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:

{أفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ} الآيات

– الشيخ : أعوذُ بالله

– القارئ : أَيْ: أَفَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى غَيِّهِ وَعِنَادِهِ وَكُفْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا حِيلَةَ لَكَ فِي هِدَايَتِهِ، وَلَا تَقْدِرُ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ لَا مَحَالَةَ.

لَكِنِ الغِنَى كلَّ الغِنَى

– طالب: عندي: الغَبْن

– الشيخ : تمام الغَبْن الغَبْن، خلاص

– القارئ : عندي في الحاشية: الأصلُ الْغُبْنُ، والـمُثبَت يقتضيهِ السِّياقُ.

– الشيخ : اقرأْ أشوف

– القارئ : يقول: لَكِنَّ الغِنَى كلَّ الغِنَى، وَالْفَوْزَ كُلَّ الْفَوْزِ، لِلْمُتَّقِينَ

– الشيخ : نعم، امشِ على، كأنَّها الغِنَى، وهي ما هي، وَالْفَوْزَ كُلَّ الْفَوْزَ.

– القارئ : لَكِنَّ الغِنَى كلَّ الغِنَى، وَالْفَوْزَ كُلَّ الْفَوْزِ، لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ وَأَنْوَاعِ النَّعِيمِ، مَا لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ.

{لَهُمْ غُرَفٌ} أَيْ: مَنَازِلُ عَالِيَةٌ مُزَخْرَفَةٌ مِنْ حُسْنِهَا وَبَهَائِهَا وَصَفَائِهَا أَنَّهُ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مَنْ ظَاهِرِهَا، وَمَنْ عُلُوِّهَا وَارْتِفَاعِهَا أَنَّهَا تُرَى كَمَا يُرَى الْكَوْكَبُ الْغَابِرُ فِي الْأُفُقِ الشَّرْقِيِّ أَوِ الْغَرْبِيِّ، وَلِهَذَا قَالَ: {مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ} أَيْ: بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ {مَبْنِيَّةٌ} بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَمِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ.

{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} الْمُتَدَفِّقَةُ، التي تَسْقِي لِلْبَسَاتِينِ الزَّاهِرَةِ وَالْأَشْجَارِ الطَّاهِرَةِ، فَتُغِلُّ

– الشيخ : ما أدري، كأنَّ الظاهرة، الظاهرةُ، وَالْأَشْجَارِ الظَّاهِرَةِ

– القارئ : وَالْأَشْجَارِ الظَّاهِرَةِ، فَتُغِلُّ أَنْوَاعَ الثِّمَارِ اللَّذِيذَةِ، وَالْفَاكِهَةِ النَّضِيجَةِ.

{وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} وَقَدْ وَعَدَ الْمُتَّقِينَ هَذَا الثَّوَابَ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْوَفَاءِ بِهِ، فَلْيُوفُوا بِخِصَالِ التَّقْوَى؛ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ.

– الشيخ : لا إله إلا الله، يا رب..

– القارئ : قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً..} الآية

يُذَكِّرُ تَعَالَى أُولِي الْأَلْبَابِ مَا أَنْزَلَهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ الْمَاءِ، وَأَنَّهُ سَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ، أَيْ: أَوْدَعَهُ فِيهَا يَنْبُوعًا يُسْتَخْرَجُ بِسُهُولَةٍ وَيُسْرٍ، {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} مِنْ بُرٍّ وَذُرَةٍ وَشَعِيرٍ وَأُرْزٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. {ثُمَّ يَهِيجُ} عِنْدَ اسْتِكْمَالِهِ أَوْ عِنْدَ حُدُوثِ آفَةٍ فِيهِ {فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} مُتَكَسِّرًا {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ} يَذْكُرُونَ بِهَا عِنَايَةَ رَبِّهِمْ وَرَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ، حَيْثُ يَسَّرَ لَهُمْ هَذَا الْمَاءَ وَخَزَّنَهُ بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ تَبَعًا لِمَصَالِحِهِمْ.

وَيَذْكُرُونَ بِهِ كَمَالَ قُدْرَتِهِ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى، كَمَا أَحْيَا الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَيَذْكُرُونَ بِهِ أَنَّ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ نَوَّهْتَ بِذِكْرِهِمْ، وَهَدَيْتَهُمْ بِمَا أَعْطَيْتَهُمْ مِنَ الْعُقُولِ، وَأَرَيْتَهُمْ مِنْ أَسْرَارِ كِتَابِكَ وَبَدِيعِ آيَاتِكَ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ غَيْرُهُمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.

قال الله تعالى: {أفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ..} الآية:

أَيْ: أَفَيَسْتَوِي مَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ، فَاتَّسَعَ لِتَلَقِّي أَحْكَامِ اللَّهِ وَالْعَمَلِ بِهَا، مُنْشَرِحًا قَرِيرَ الْعَيْنِ، عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} كَمَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} أَيْ: لَا تَلِينُ لِكِتَابِهِ، وَلَا تَتَذَكَّرُ آيَاتِهِ، وَلَا تَطْمَئِنُّ بِذِكْرِهِ، بَلْ هِيَ مُعْرِضَةٌ عَنْ رَبِّهَا مُلْتَفِتَةٌ إِلَى غَيْرِهِ، فَهَؤُلَاءِ لَهُمُ الْوَيْلُ الشَّدِيدُ وَالشَّرُّ الْكَبِيرُ.

{أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وَأَيُّ ضَلَالٍ أَعْظَمُ مِنْ ضَلَالِ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ وَلِيِّهِ؟ وَمِنْ كُلِّ السَّعَادَةِ فِي الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ، وَقَسَا قَلْبُهُ عَنْ ذِكْرِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى كُلِّ مَا يَضُرُّهُ؟

قال الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا} الآية

– الشيخ : إلى هنا، لا إله إلا الله، سبحان الله، سبحان الله، لا حول ولا قوة إلا بالله.