الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الزمر/(8) من قوله تعالى {ولئن سألتهم من خلق السماوات} الآية 38 إلى قوله تعالى {إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق} الآية 41
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(8) من قوله تعالى {ولئن سألتهم من خلق السماوات} الآية 38 إلى قوله تعالى {إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق} الآية 41

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الزُّمَر

الدَّرس: الثَّامن

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ:

وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ * قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ * إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ[الزمر:38-41]

– الشيخ : إلى هنا، لا إلهَ إلَّا الله، الحمد لله.

يقولُ تعالى لنبيِّهِ: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم} إنْ سألتَ المشركينَ الذينَ اتخذُّوا مِن دونِ اللهِ أندادًا، واتَّخذُوا معبوداتٍ مِن دونِ الله، إنْ {سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} وهذا المعنى في القرآنِ كثيرٌ: {قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [المؤمنون:84-85] {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ}.. إلى قولِه.. {وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ} [يونس:31] فهذا فيهِ دَلالةٌ على أنَّ المشركين مِن العربِ ومِن كثيرٍ مِن الـمُشركين، بلْ عادٌ وثمودُ يُقرُّونَ هذا الإقرارَ، ولهذا أخبرَ اللهُ عنهمْ فيقولُ: {وَلَوْ شَاء اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً} [المؤمنون:24] يُقرُّونَ بوجودِ اللهِ، وبربوبيتِهِ، سبحان الله!

{قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ} هذهِ المعبوداتُ التي تتعلَّقُونَ بها وتدعونَها مِن دونِ الله، {إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} أو أرادِني بخيرٍ ورحمةٍ {أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} هذه المعبوداتُ لا تضرُّ ولا تنفعُ، ولا تَدفعُ ضرًّا، ولا تردُّ رحمةً مِن الله أرادَها بعبدِهِ، {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} [فاطر:2] لا مانعَ لِمَا أعْطَى، ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ.

{هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} قلْ أيُّها النَّبيُّ، وهذا أمرٌ للنبيِّ وأمرٌ لكلِّ عبدٍ، لكلِّ مؤمنٍ {قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} أيْ: كَافِيْنِي، الحَسْبُ بمعنى: الكافي، {حَسْبِيَ اللَّهُ} كافِينِي اللهُ، اللهُ يَكفيني، هو حَسْبِيَ الذي أتوكلُ عليهِ {قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}.

{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} اعمَلُوا وسَتَعْلمُونَ عواقبَ الجميعِ، ستعلمونَ مَن الذي يأتيهِ عذابُ اللهِ مِنَّا ومنكم {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} إذا جاءَ ذلكَ اليومُ انكشفَتْ الحقائقُ تبيَّنَ الـمُـحِقُّ مِن الـمـُبْطِل، والضالُّ مِن المهتدِي {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ} [القمر:26] الله أكبر.

ثمَّ قالَ تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ يا أيُّها النبي {إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ} يعني هدايةً للناسِ وبيانًا للناسِ، أنزلَ اللهُ هذا القرآنَ على محمدٍ؛ لهدايةِ الخلقِ، وتَبْصِيرِ الخلقِ، وإقامةِ الحجةِ على الخلقِ، {إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ} {إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ} هذا الكتابُ جاءَ مُتَضَمِّنًا للحقِّ في أخبارِه وفي شرائعِه، فأخبارُ هذا الكتابِ كلُّها حقٌّ وصِدْقٌ مُطابِقٌ للواقعِ، فأخبارُهُ عَن الماضي وعَن المستقبلِ وعَن..، فَكُلُّهُ أخبارٌ {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام:115] والحقُّ في أحكامِهِ كلُّها خيرٌ وعدلٌ ومصلحةٌ.

{فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ} مَن قَبِلَ هذا الحقَّ وآمَنَ بهذا الكتابِ واتَّبَعَهُ فنفعُ ذلكَ عائدٌ إليه، وكذلكَ مَن يَضِلُّ ويُعرِضُ ويُكذِّبُ ضررُ ذلكَ على نفسِهِ، فاللهُ لا تنفعُهُ طاعةُ المطيعينَ، ولا تضرُّهُ معصيةُ العاصينَ، {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء:7] {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} [فصلت:46] {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286] هذا المعنى يُذكَرُ في القرآنِ كثيرًا.

{فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} أنتَ يا محمَّد لستَ مسؤولًا عنهم، أمرُ الهدايةِ إلى اللهِ فهو تعالى يُضِلُّ مَن يشاءُ ويَهدي مَن يشاءُ، أمَّا أنتَ أيُّها الرسولُ فما عليكَ إلا البلاغُ، وهذا المعنى كثيرٌ في القرآن {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة:119] لا تُسْأَلُ عنهم؛ لأنَّ أمرَهُم إلى اللهِ لا إلى الرسولِ، فهو الذي يُدَبِّرُ أمْرَ العبادِ ويتصرَّفُ في قلوبِهم، وهو الذي يَجْزِيهِم على أعمالِهم، أمَّا النبيُّ فمَا هو إلا مُبَلِّغٌ، رسولٌ، نذيرٌ، بشيرٌ، {فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ}

 

(تفسير السعدي):

– القارئ : أحسنَ اللهُ إليك، بسمِ الله الرحمنِ الرحيم، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبه أجمعين. قالَ الشيخُ عبد الرحمن السَّعدي رحمه الله تعالى في تفسيرِ قول الله تعالى:

{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} الآيات.

{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} أَيْ: أَلَيْسَ مِنْ كَرَمِهِ وَجُودِهِ، وَعِنَايَتِهِ بِعَبْدِهِ، الَّذِي قَامَ بِعُبُودِيَّتِهِ، وَامْتَثَلَ أَمْرَهُ وَاجْتَنَبَ نَهْيَهُ، خُصُوصًا أَكْمَلَ الْخَلْقِ عُبُودِيَّةً لِرَبِّهِ، وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَكْفِيهِ فِي أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ،

– الشيخ : {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر:95] {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ} [الأنفال:64] يعني كافِيك الله، فاللهُ كافٍ عبدَهُ، كافٍ مَن توكَّلَ عليهِ، والنبيُّ خيرُ الـمُتوكِّلينَ على اللهِ، فلَهُ مِن كفايةِ اللهِ أكملَ ما يكونُ.

 

– القارئ : وَيَدْفَعُ عَنْهُ مَنْ نَاوَأَهُ بِسُوءٍ.

{وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ أَنْ تَنَالَكَ بِسُوءٍ، وَهَذَا مِنْ غَيِّهِمْ وَضَلَالِهِمْ.

{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} لِأَنَّهُ تَعَالَى الَّذِي بِيَدِهِ الْهِدَايَةُ وَالْإِضْلَالُ

– الشيخ : اللهمَّ اهدِنا فيمَنْ هديتَ، ينبغي على المسلم، هذا الدعاءُ في سورةِ الفاتحةِ، ينبغي أن نستحضرَهُ ونستشعرَهُ ونشعرَ بضرورتِنَا إليهِ، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ} [الفاتحة:6] {اهْدِنَا} يا الله {اهْدِنَا}: هذا أفضلُ دعاءٍ، وأنفعُ دعاءٍ، وأوجبُ دعاءٍ، دعاءٌ واجبٌ على كلِّ مسلم؛ لأنَّهُ مِن الفاتحةِ، والفاتحةُ ركنُ الصلاة.

 

– القارئ : وَهُوَ الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

{أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ} لَهُ الْعِزَّةُ الْكَامِلَةُ الَّتِي قَهَرَ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ، وَبِعِزَّتِهِ يَكْفِي عَبْدَهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ مَكْرَهُمْ. {ذِي انْتِقَامٍ} مِمَّنْ عَصَاهُ، فَاحْذَرُوا مُوجِبَاتِ نِقْمَتِهِ.

قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ} الآية.

أَيْ: وَلَئِنْ سَأَلْتَ هَؤُلَاءِ الضُّلَالَ الَّذِينَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينِ مِنْ دُونِهِ، وَأَقَمْتَ عَلَيْهِمْ دَلِيلًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَمْ يُثْبِتُوا لِآلِهَتِهِمْ مِنْ خَلْقِهَا شَيْئًا.

{لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} الَّذِي خَلَقَهَا وَحْدَهُ.

{قُلْ} لَهُمْ مُقَرِّرًا عَجْزَ آلِهَتِهِمْ، بَعْدَ مَا بَيَّنْتَ قُدْرَةَ اللَّهِ: {أَفَرَأَيْتُمْ} أَيْ: أَخْبَرُونِي {مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ} أَيِّ ضُرٍّ كَانَ.

{هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} بِإِزَالَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ بِتَخْفِيفِهِ مَنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ؟ {أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ} يُوَصِلُّ إِلَيَّ بِهَا مَنْفَعَةً فِي دِينِي أَوْ دُنْيَايَ. {هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} وَمَانِعَاتُهَا عَنِّي؟ سَيَقُولُونَ: لَا يَكْشِفُونَ الضُّرَّ وَلَا يَمْسِكُونَ الرَّحْمَةَ.

{قُلْ} لَهُمْ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى أَنَّهُ وَحْدَهُ الْمَعْبُودُ، وَأَنَّهُ الْخَالِقُ لِلْمَخْلُوقَاتِ، النَّافِعُ الضَّارُّ وَحْدَهُ، وَأَنَّ غَيْرَهُ عَاجِزٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَنِ الْخَلْقِ وَالنَّفْعِ وَالضُّرِّ، مُسْتَجْلِبًا كِفَايَتَهُ، مُسْتَدْفِعًا مَكْرَهُمْ وَكَيْدَهُمْ: حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} أَيْ: عَلَيْهِ يَعْتَمِدُ الْمُعْتَمِدُونَ فِي جَلْبِ مَصَالِحِهِمْ وَدَفْعِ مُضَارِّهِمْ، فَالَّذِي بِيَدِهِ -وَحْدَهُ- الْكِفَايَةُ هُوَ حَسْبِي، سَيَكْفِينِي كُلَّ مَا أَهَمَّنِي وَمَا لَا أَهْتَمُّ بِهِ.

قال الله تعالى: {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} الآيات.

أَيْ: {قُلْ} لَهُمْ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ: {يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أَيْ: عَلَى حَالَتِكُمُ الَّتِي رَضِيتُمُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ، مِنْ عِبَادَةِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الْعِبَادَةِ شَيْئًا وَلَا لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ.

{إِنِّي عَامِلٌ} عَلَى مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ، مِنْ إِخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ. {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} لِمَنِ الْعَاقِبَةُ

و {مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} فِي الدُّنْيَا. {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ} فِي الْأُخْرَى {عَذَابٌ مُقِيمٌ} لَا يُحَوَّلُ عَنْهُ وَلَا يَزُولُ،

– الشيخ : آمنتُ باللهِ، نسألُ الله العافية، {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ}

– القارئ : وَهَذَا تَهْدِيدٌ عَظِيمٌ لَهُمْ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْعَذَابِ الْمُقِيمِ، وَلَكِنَّ الظُّلْمَ وَالْعِنَادَ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ.

قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ} الآية.

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ الْكِتَابَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْحَقِّ، فِي أَخْبَارِهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، الَّذِي هُوَ مَادَّةُ الْهِدَايَةِ، وَبَلَاغٌ لِمَنْ أَرَادَ الْوُصُولَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى دَارِ كَرَامَتِهِ، وَأَنَّهُ قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى الْعَالَمِينَ.

فَمَنِ اهْتَدَى بِنُورِهِ وَاتَّبَعَ أَوَامِرَهُ فَإِنَّ نَفْعَ ذَلِكَ يَعُودُ إِلَى نَفْسِهِ {وَمَنْ ضَلَّ} بَعْدَمَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى {فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} لَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا.

{وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} تَحْفَظُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ وَتَحَاسِبُهُمْ عَلَيْهَا، وَتَجْبِرُهُمْ عَلَى مَا تَشَاءُ، وَإِنَّمَا أَنْتَ مُبَلِّغٌ تُؤَدِّي إِلَيْهِمْ مَا أُمِرْتَ بِهِ. قال الله..

– الشيخ : إلى هنا يا أخي، لا إله إلا اللهُ الفَعَّالُ لِمَا يُريدُ.