الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة غافر/(11) من قوله تعالى {فوقاه الله سيئات ما مكروا} الآية 45 إلى قوله تعالى {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم} الآية 52

(11) من قوله تعالى {فوقاه الله سيئات ما مكروا} الآية 45 إلى قوله تعالى {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم} الآية 52

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة غافر

الدَّرس: الحادي عشر

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ:

فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ * وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ * إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:45-52]

الشيخ : إلى هنا، سبحان الله!

الحمدُ لله، في ختامِ قصةِ الرجلِ المؤمِن مِن آلِ فرعونَ بعدَ ما دعا قومَهُ ونصحَهُم وأكثرَ مِن ذلك، سَعَوا في الكيدِ لَهُ والـمَكْرِ به، كما هي عادةُ أعداءِ الرسلِ وأعداءِ الدعاةِ إلى الله، ولكن اللهَ كفاهُ شَرَّهُم.

يقول تعالى: {فَوَقَاهُ} وَقَاهُ {اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} يعني: وَقَاهُ اللَّهُ مكرَهُم، سوءَ مَكْرِهِم، {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} أهلكَهُم اللهُ بالغرقِ كما فَصَّلَ اللهُ قصةَ إهلاكِ آلِ فرعونَ في آياتٍ كثيرةٍ: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} حلَّ بهم سوءُ العذابِ وَدَمَّرَهُم اللهُ وأغرقَهُم، أغرقَ اللهُ فرعونَ وجنودَه.

ثمَّ يُخبِرُ سبحانه وتعالى عَن مصيرِ آلِ فرعونَ بعدَ الغَرَقِ ماذا كان؟ إلى النارِ. كما قالَ اللهُ في قومِ نوحٍ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا} [نوح:25] وهكذا صنعَ اللهُ بآلِ فِرعونَ أغرقَهُم ثمَّ إلى النارِ {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} يعني: يُعْرَضُونَ عليها دائماً، متى؟ الآن. وهذا مما يَستدلُّ به أهلُ السُّنةِ والجماعةِ على عذابِ البَرْزَخِ، فالناسُ إذا ماتوا يَصيرونَ إمَّا إلى عذابٍ أو نعيمٍ، ويُقَالُ له: "عذابُ البَرْزَخِ، حياةُ البَرْزَخِ" حياة بَرْزَخِيَّةٌ للشهداءِ وللأنبياءِ {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} يوم القيامة {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} يعني: يُقَالُ للملائكة: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} في نارِ جهنم.

إذاً فذكرَ اللهُ حالَهُم في البَرْزَخِ، وحالَهم يومَ القيامةِ بعدَ البَعْثِ، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}.

ثمَّ يذكرُ اللهُ سبحانه وتعالى شيئاً مِن حالِهم وهم في جهنَّمَ: ومِن ذلكَ أنَّهم يَتَحَاورونَ ويَتَجَادَلُونَ الـمُستَضْعَفُون والـمُستكبِرُون منهم، الـمُستَضْعَفُون: الأتباعُ، والـمُستكبرون: أئمةُ الكفرِ والطغيانِ وفي مُقَدَّمِهِم فرعونُ وهامانُ كما ذُكِرُوا في أولِ السورةِ.

{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا} كلُّهم -الـمُستكبرون، الكبارُ الطغاةُ، أئمةُ الضلالِ والإضلالِ، والأتباعِ- يقولونَ: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} حَكَمَ بينَهم وأصارَ كلاً إلى مصيرِهِ الذي يُنَاسِبُهُ، ولا ريبَ أنَّ الـمُستكبرينَ أشدُّ عذاباً؛ لأنَّهم أكفرُ، ولأنهم أئمةٌ في الكفرِ {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ} [القصص:41]

ثم يُخبِرُ تعالى عَن بعضِ أقوالِ أهلِ النارِ، مِن هؤلاءِ المذكورين -مِن آل فرعون- ومِن غيرهم، أو الـمُرَاد هم، {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ} يقولُ أهلُ النارِ لخزنةِ جهنَّم -الملائكة الـمُوكَّلين بالنارِ وتعذيبِ أهلِها وتعذيبِ مَن فيها، وَقَانَا اللهُ وإيَّاكم، وَقَانَا اللهُ وإيَّاكم، نعوذُ بالله-: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ} يطلبونَ مِن الملائكةِ الخَزَنَةِ أنْ يَدْعُوا رَبَّهُم أن يُخَفِّفْ عنهم يومَاً، يوم، وهم تارةً يَطْلُبُونَ التخفيفَ، وتارةً يَطْلُبُونَ الإخراجَ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:77] تارةً يَطْلُبُونَ الإخراجَ، وتارةً يَطْلُبُونَ الموتَ، وتارةً يَطْلُبُونَ التخفيفَ، وكلُّ ذلكَ غيرُ حاصلٍ، كلُّ هذا قد نَفَاهُ اللهُ {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر:48] {وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167] {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا} [فاطر:36]

يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ..} يكونُ الرَّدُ بالتوبيخِ: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا} يعني: ادْعُوا أنتم، {وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} دُعَاؤُهُم ذاهبٌ لا يُستجَابُ لَهم {ادْعُوا رَبَّكُمْ}، {وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}.

ثمَّ قالَ سبحانه وتعالى بعدَ هذا كلِّهِ، بعدَ الخبرِ عَن مؤمنِ آلِ فِرعونَ، وعَن خبرِهِ، عَن مصيرِ آلِ فِرعونَ في البَرْزَخِ ويومَ القيامةِ، يُخبِرُ تعالى أنَّ سُنَّتَهُ نصرُ أوليائِهِ، نصرُ أنبيائِهِ ورسلِهِ وأتباعِهِ: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}.

 

(تفسيرُ السعدي): 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين. قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعديُّ رحمَهُ اللهُ تعالى في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:

{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} أَيْ: وَقَى اللَّهُ الْقَوِيُّ الرَّحِيمُ، ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمُؤْمِنَ الْمُوَفَّقَ، عُقُوبَاتِ مَا مَكَرَ فِرْعَوْنُ وَآلُهُ لَهُ، مِنْ إِرَادَةِ إِهْلَاكِهِ وَإِتْلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ بَادَأَهُمْ بِمَا يَكْرَهُونَ، وَأَظْهَرَ لَهُمُ الْمُوَافَقَةَ التَّامَّةَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ

الشيخ : يعني -معناه كما تقدَّمَ-: كانَ يكتمُ إيمانَهُ، ولكن بالأخير أعْلَنَ إيمانَهُ وأعلنَ الدعوةَ والنصيحةَ، وحينئذٍ فلا بدَّ أنْ يَكيدوا لَهُ ويمكرُوا بِه، ولكنَّ اللهَ كفاهُ.

 

القارئ : وَدَعَاهُمْ إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مُوسَى، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَحْتَمِلُونَهُ وَهُمُ الَّذِينَ لَهُمُ الْقُدْرَةُ إِذْ ذَاكَ، وَقَدْ أَغْضَبَهُمْ وَاشْتَدَّ حَنْقَهُمْ عَلَيْهِ، فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَحَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ كَيْدِهِمْ وَمَكْرِهِمْ، وَانْقَلَبَ كَيْدُهُمْ وَمَكْرُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} أَغْرَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ عَنْ آخِرِهِمْ.

وَفِي الْبَرْزَخِ: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فَهَذِهِ الْعُقُوبَاتُ الشَّنِيعَةُ الَّتِي تَحِلُّ بِالْمُكَذِّبِينَ لِرُسُلِ اللَّهِ، الْمُعَانِدِينَ لِأَمْرِهِ.

قال الله تعالى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} الآيات.

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ تَخَاصُمِ أَهْلِ النَّارِ وَعِتَابِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَاسْتِغَاثَتِهِمْ بِخَزَنَةِ النَّارِ، وَعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} يَحْتَجُّ التَّابِعُونَ بِإِغْوَاءِ الْمَتْبُوعِينَ، وَيَتَبَرَّأُ الْمَتْبُوعُونَ مِنَ التَّابِعِينَ، {فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ} أَيِ: الْأَتْبَاعُ لِلْقَادَةِ {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} عَلَى الْحَقِّ مِن القادةِ الذينَ دَعَوْهُمْ إِلَى مَا اسْتَكْبَرُوا لِأَجْلِهِ. {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} أَنْتُمْ أَغْوَيْتُمُونَا وَأَضْلَلْتُمُونَا وَزَيَّنْتُمْ لَنَا الشِّرْكَ وَالشَّرَّ، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} أَيْ: وَلَوْ قَلِيلًا.

{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} مُبَيِّنِينَ لِعَجْزِهِمْ وَنُفُوذِ الْحُكْمِ الْإِلَهِيِّ فِي الْجَمِيعِ: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} وَجَعَلَ لِكُلٍّ قِسْطَهُ مِنَ الْعَذَابِ، فَلَا يُزَادُ فِي ذَلِكَ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ، وَلَا يُغَيَّرُ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَكِيمُ.

{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ} مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَالضُّعَفَاءِ {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} لَعَلَّهُ تَحْصُلُ بَعْضُ الرَّاحَةِ.

{قَالُوا} لَهُمْ مُوَبِّخِينَ وَمُبَيِّنِينَ أَنَّ شَفَاعَتَهُمْ لَا تَنْفَعُهُمْ، وَدُعَاءَهُمْ لَا يُفِيدُهُمْ شَيْئًا: {أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الَّتِي تَبَيَّنْتُمْ بِهَا الْحَقَّ وَالصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، وَمَا يُقْرِّبُ مِنَ اللَّهِ وَمَا يُبْعِدُ مِنْهُ؟

{قَالُوا بَلَى} قَدْ جَاءُونَا بِالْبَيِّنَاتِ، وَقَامَتْ عَلَيْنَا حُجَّةُ اللَّهِ الْبَالِغَةُ فَظَلَمْنَا وَعَانَدْنَا الْحَقَّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ. {قَالُوا} أَيِ: الْخَزَنَةُ لِأَهْلِ النَّارِ، مُتَبَرِّئِينَ مِنَ الدُّعَاءِ لَهُمْ وَالشَّفَاعَةِ: {فَادْعُوا} أَنْتُمْ وَلَكِنْ هَذَا الدُّعَاءُ هَلْ يُغْنِي شَيْئًا أَمْ لَا؟

قَالَ تَعَالَى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} أَيْ: بَاطِلٌ لَاغٍ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ مُحْبِطٌ لِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ صَادٌّ لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ.

قَالَ الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} الآيات.

لَمَّا ذَكَرَ عُقُوبَةَ آلِ فِرْعَوْنَ فِي الدُّنْيَا، وَالْبَرْزَخِ، وَيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ حَالَةَ أَهْلِ النَّارِ الْفَظِيعَةَ، الَّذِينَ نَابَذُوا رُسُلَهُ وَحَارَبُوهُمْ، قَالَ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أَيْ: بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ وَالنَّصْرِ، {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} فِي الْآخِرَةِ بِالْحُكْمِ لَهُمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ بِالثَّوَابِ، وَلِمَنْ حَارَبَهُمْ بِشِدَّةِ الْعِقَابِ.

{يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} حِينَ يَعْتَذِرُونَ {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} أَيِ: الدَّارُ السَّيِّئَةُ الَّتِي تَسُوءُ نَازِلِيهَا. قالَ اللهُ..

الشيخ : إلى هنا، أعوذُ باللهِ مِن مَقْتِ اللهِ، أعوذُ باللهِ مِن مَقْتِ اللهِ.