الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة فصلت/(9) من قوله تعالى {إليه يرد علم الساعة} الآية 47 إلى قوله تعالى {ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم} الآية 54
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(9) من قوله تعالى {إليه يرد علم الساعة} الآية 47 إلى قوله تعالى {ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم} الآية 54

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة فصِّلت

الدَّرس: التَّاسع

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ * وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ * لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ [فصلت:47-54]

الشيخ : لا إله إلا الله، يقول تعالى بعد قوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت:46]، {لَهَا ما كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286]، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:46]

ثم قالَ: {إِلَيْهِ}، إلى الله {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}، فإنَّه لا يَعلمُ متى الساعة -أي: القيامة- لا يَعلمُ متى الساعةُ إلا الله، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} [الأعراف:187]، وقالَ النبيُّ لجبريل لـمَّا سألَه عَن الساعة قال: (مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ).

{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}، في هذا الدَّلالة على كمالِ علمِه وإحاطتِه بالظواهرِ والبواطنِ، والصغيرِ والكبيرِ، {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}، فعلمُه محيطٌ بما تحملُ به الإناثُ، ومحيطٌ بما تضعُ، {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}، وعلمُه محيطٌ بما يَخرجُ مِن الثمراتِ، لا إله إلا الله، هذه الأشياءُ مع كثرتِها وتنوُّعِها علمُ اللهِ محيطٌ بها، {إِلَّا بِعِلْمِهِ}، {مَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} إلا بعلمِهِ، {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى} إلا بعلمِهِ، {وَلَا تَضَعُ} أنثى إِلَّا بِعِلْمِهِ.

فيها الدَّلالةُ على كمالِ عِلْمِهِ سبحانه وتعالى، والآياتُ الدَّالةُ على ذلك كثيرة: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ} [الأنعام:59] {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [آل عمران:129]

قالَ اللهُ: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}، يُنادي المشركينَ توبيخاً لهم: {أَيْنَ شُرَكَائِي}، الذين كنتم تزعمونَ، {قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}، كأنَّ المعنى -والله أعلم- يعني: لا نعلمُ، لا نعلمُ أينَ هُم، وهم في مواقف: تارةً يُنكرونَ أنْ يكونوا قد أشركوا كقولِه أنَّهم يقولون: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:23]، {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا} [غافر:74] فلهم مواقف.

{مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ * وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ}، شركاؤُهم وآلهتُهم ضلُّوا عنهم وذهبُوا، آلهتُهم التي كان يَسْتَنْصِرُونَها ويَنتصرونَ بها ويتعلَّقونَ بها هذه ضلَّتْ عنهم، {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}، يعني: أيقنُوا أنهم ما لهم مَفَرٌّ ولا مَلجأ يلجئونَ إليهِ ويذهبون إليه، {وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} هذا بعضُ مشاهدِ القيامةِ، بعضُ مواقفِ المشركين في ذلك اليوم.

ثمَّ يذكرُ اللهُ شيئاً مِن حالِ الإنسان في هذه الدنيا، شيئاً مِن حال الإنسانِ في هذه الدنيا، منها: أنه لا يَسأمُ مِن سؤالِ الخيرِ والعافيةِ والصحةِ والرزقِ ما يَسأم، {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِن.. اقرأ الآية

القارئ : {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}

الشيخ : {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}، {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}، وهذا المعنى يأتي في القرآنِ كثير، {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} [هود:10،9]، ففي حالِ النَّعْمَاء يكون منه الأشَرُ والبَطَرُ والفرح، وإنْ أصابَه الضّرُّ غلبَ عليهِ اليأسُ والقنوطُ، {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}.

{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}، يعني: أنا أهلٌ له، وأنا أهلٌ لهذا العطاء، {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً}، أيضاً مع هذا الغرورِ بما يحصل لَه مِن الخيرِ يَكفرُ بالبعثِ: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ}، يقول: لو فُرِضَ أنَّ هناك بَعْثٌ ورُجِعْتُ إلى ربي فإن.. {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي} أيش؟

القارئ : {إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}

الشيخ : {إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} يعني: الجنة، فيَدَّعِي لنفسِه أنه مِن أهلِ كرامةِ الله، أولاً: أنه يكفرُ بالبعثِ، الثاني: أنه إنْ قُدِّرَ أنَّ هناكَ بَعْثٌ فله هناكَ الكرامةُ وله الحُسْنَى، {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}، لا إله إلا الله، إلى آخرِ السورةِ.

 

 (تفسيرُ السَّعديّ)

القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعدي رحمه الله تعالى، في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} الآيات:

يَقُولُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ كَمَا آتَيْنَاكَ الْكِتَابَ، فَصَنَعَ بِهِ النَّاسُ مَا صَنَعُوا مَعَكَ، اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَاهْتَدَى وَانْتَفَعَ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَذَّبَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، لَوْلَا حُلْمُهُ وَكَلِمَتُهُ السَّابِقَةُ، بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِمُجَرَّدِ مَا يَتَمَيَّزُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْكَافِرِينَ، بِإِهْلَاكِ الْكَافِرِينَ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ سَبَبَ الْهَلَاكِ قَدْ وَجَبَ وَحَقَّ. {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} أَيْ: قَدْ بَلَغَ بِهِمْ إِلَى الرَّيْبِ الَّذِي يُقْلِقُهُمْ، فَلِذَلِكَ كَذَّبُوهُ وَجَحَدُوهُ.

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا} وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ {فَلِنَفْسِهِ} نَفْعُهُ وَثَوَابُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} ضَرَرُهُ وَعِقَابُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفِي هَذَا حَثٌّ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ وَتَرْكِ الشَّرِّ، وَانْتِفَاعِ الْعَامِلِينَ بِأَعْمَالِهِمُ الْحَسَنَةِ، وَضَرَرِهِمْ بِأَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ، وَأَنَّهُ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} فَيُحَمِّلُ أَحَدًا فَوْقَ سَيِّئَاتِهِمْ.

قال الله تعالى: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآيات:

هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ سَعَةِ عِلْمِهِ تَعَالَى وَاخْتِصَاصِهِ بِالْعِلْمِ الَّذِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ فَقَالَ: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} أَيْ: جَمِيعُ الْخَلْقِ يُرَدُّ عِلْمَهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

الشيخ : "يَرُدُّ" يمكن كذا

القارئ : يَرُدُّ عِلمُها إلى الله تعالى

الشيخ : "عِلْمَهَا، عِلْمَهَا"

القارئ : عِلْمَهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيُقِرُّونَ بِالْعَجْزِ عَنْهُ الرُّسُلُ وَالْمَلَائِكَةُ وَغَيْرُهُمْ.

{وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} أَيْ: وِعَائِهَا الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ، وَهَذَا شَامِلٌ لِثَمَرَاتِ جَمِيعِ الْأَشْجَارِ الَّتِي فِي الْبُلْدَانِ وَالْبَرَارِي، فَلَا تُخْرِجُ ثَمَرَةٌ شَجَرَةٍ مِنَ الْأَشْجَارِ إِلَّا وَهُوَ يَعْلَمُهَا عِلْمًا تَفْصِيلِيًّا.

{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى} مِنْ بَنِي آدَمَ وَغَيْرِهِم -مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانَاتِ- إِلَّا بِعِلْمِهِ

الشيخ : لا إله إلا الله، سبحان الله، لا إله إلا الله، استحضارُ علمِ اللهِ هذا مِن أعظمِ الأسبابِ للاستقامةِ بفعل الواجبات وتَرْكِ المحرَّمات، إذا استشعرَ الإنسانُ عِلْمَ ربِّهِ وأنَّ اللهَ يَعلمُ ما في صدرِه فإنَّه سيَخافُ اللهَ وسيتركُ مِن الأفكارِ ومِن الحركاتِ ما يَسخَطهُ الله، لأنَّه يَشعرُ بأنَّ الله مُطَّلِعٌ على ما في نفسِه مُطَّلِعٌ على حركاتِه، على لَفَظَاتِ اللسانِ ولَحَظَاتِ العيونِ، فعلمُه محيطٌ باللَّفَظَاتِ واللَّحَظَاتِ وكذلك الخطواتِ التي يَخطُوها الإنسان، كلُّ ذلكَ معلومٌ للربِّ تعالى.

 

القارئ : {وَلا تَضَعُ أُنْثَى حَمْلَهَا إِلا بِعِلْمِهِ} فَكَيْفَ سَوَّى الْمُشْرِكُونَ بِهِ تَعَالَى، مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ وَلَا سَمْعَ وَلَا بَصَرَ؟

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}

الشيخ : هذا غاية السَّفَهِ لا شك، تسويةُ المخلوقِ بالخالقِ غايةُ السَّفَهِ والجهلِ، {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل:17] سبحان الله العظيم.

القارئ : {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} أَيِ: الْمُشْرِكِينَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَوْبِيخًا وَإِظْهَارًا لِكَذِبِهِمْ، فَيَقُولُ لَهُمْ: {أَيْنَ شُرَكَائِي} الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ شُرَكَائِي فَعَبَدْتُمُوهُمْ وَجَادَلْتُمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَادَيْتُمُ الرُّسُلَ لِأَجْلِهِمْ؟ {قَالُوا} مَقَرِّينَ بِبُطْلَانِ إِلَهِيَّتِهِمْ، وَشَرِكَتِهِمْ مَعَ اللَّهِ: {آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} أَيْ: أَعْلَمْنَاكَ يَا رَبَّنَا، وَاشْهَدْ عَلَيْنَا أَنَّهُ مَا مِنَّا أَحَدٌ يَشْهَدُ بِصِحَّةِ إِلَهِيَّتِهِمْ وَشَرِكَتِهِمْ، فَكُلُّنَا الْآنَ رَجَعْنَا إِلَى بُطْلَانِ عِبَادَتِهَا، وَتَبَرَّأْنَا مِنْهَا، وَلِهَذَا قَالَ: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، أَيْ: ذَهَبَتْ عَقَائِدُهُمْ وَأَعْمَالُهُمُ الَّتِي أَفْنَوْا فِيهَا أَعْمَارَهُمْ عَلَى عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وَظَنُّوا أَنَّهَا تُفِيدُهُمْ وَتَدْفَعُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ، وَتَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، فَخَابَ سَعْيُهُمْ، وَانْتَقَضَ ظَنُّهُمْ، وَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ شَيْئًا {وَظَنُّوا} أَيْ: أَيْقَنُوا فِي تِلْكَ الْحَالِ {مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} أَيْ: مُنْقِذٍ يُنْقِذُهُمْ، وَلَا مُغِيثٍ وَلَا مَلْجَأٍ، فَهَذِهِ عَاقِبَةُ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ غَيْرَهُ، بَيَّنَهَا اللَّهُ لِعِبَادِهِ، لِيَحْذَرُوا الشِّرْكَ بِهِ.

قال الله تعالى: {لا يَسْأَمُ الإنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} الآيات.

الشيخ : إلى هنا.