الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الشورى/(3) من قوله تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} الآية 13 إلى قوله تعالى {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} الآية 16

(3) من قوله تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} الآية 13 إلى قوله تعالى {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} الآية 16

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الشُّورى

الدَّرس: الثَّالث

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ * وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ * فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ * وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ [الشورى:13-16]

الشيخ : إلى هنا. لا إله إلا الله.

يقول سبحانه وتعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} اللهُ شَرَعَ للعبادِ ما وَصَّى بِهِ نُوحًا، أولُ الرسلِ: نوحٌ عليه السلام {مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} إذاً شرعَ اللهُ للعباد ما أوحاهُ إلى نوح، وما أوحى به إلى محمَّد، {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} هؤلاء خمسة مِن الرسلِ يُعرَفونَ بأنَّهم: "أُولوا العزم": نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، عليهم الصلاة والسلام.

والله شرع للعباد ما جاءَ به هؤلاء، ودعوةُ الرُّسلِ كلّهم مِن أولِهم إلى آخرِهم دعوةٌ واحدةٌ وهِي الدعوةُ إلى الإسلام، إلى عبادةِ الله وحدَه لا شريك له.

يقول تعالى مُبيِّناً ما شرعَه لهؤلاء الأنبياء: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} هذه وصيةُ اللهِ لنوحٍ وإبراهيم وموسى وعيسى وما أوحاهُ إلى محمد، {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} أَقِيمُوا دينَ الله بالعملِ بِهِ والدعوةِ إليه، {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}.

{كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} المشركون يَعظُمُ عليهِم ويشقُّ عليهم ويَنفِرون إذا دُعوا إلى التوحيد {كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} يُفسِّرُها مثلَ قوله: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الزمر:45] وقوله: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات:35] {كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} أنتم تدعونَهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وهم لا يريدونَ ذلك، لهم آلهةٌ ولهذا قالوا {أجعل الآلهة إلهاً واحداً} [ص:5] كَبُرَ عليهم يعني: عَظُمَ في نفوسِهم وكرَهوهُ، كرَهوهُ، كرهوا ما تدعوهم إليه {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}.

{اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} هو يفعل ما يشاءُ، يختارُ مَن يشاء مِن العباد ويخصُّهُ بالنُّبوة والرسالة، ويختار مَن يشاء فيخصُّه بالرسالة، ويختارُ من يشاء فيخصُّه بالهداية، يُضِلُّ مَن يشاء، {يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} والإنابةُ إلى اللهِ بالتوبةِ إليه وبِلزومِ طاعتِهِ سببٌ لمزيدِ الهداية {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17]

ثم قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} ما تفرَّقَتِ الأممُ الماضيةُ كأهلِ الكتاب ما تفرَّقوا وصاروا شِيَعاً إلا بعدما جاءَهم الكتاب، {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} يعني: تفرُّقُهم هو مِن بَغي بعضِهم على بعضٍ، يعني: ليسَ حالُهم مجرَّدُ اختلافٍ، لا، تفرُّقٌ وبَغيٌ، تفرُّقٌ واختلافٌ شديدٌ وبغيٌ، {إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}.

{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ} لولا ما سَبقَ مِن القَدَرِ السَّابقِ المكتوبِ في أُمِّ الكتابِ لَقُضِيَ بينَهم، {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ}.

{وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} فهُم مُختلفِون متفرِّقون ويَبغِي بعضُهم على بعضٍ، وكذلك لمْ يكونوا على يقينٍ مِن أمرِهم بل هم في شكٍّ {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُم وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ}.

 قال الله مُخاطباً نبيه: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ} ادعُ إلى توحيدِ اللهِ، ادعُ إلى عبادةِ الله وحدَه لا شريكَ له، {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} استقِمْ أيُّها الرسول على أمرِ اللهِ بالدَّعوةِ إليه والقيامِ بطاعتِه والقيامِ بعبوديتِهِ، {فَلِذَلِكَ فَادْعُ} ادعُ إلى إقامةِ دينِ الله وحَذِّرْ مِن التفرُّق، {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ} أهواءَ أولئك المختلفين الضالِّين {وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ} يعني: مِن الكتبِ الماضية {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ} أهواءَ المختلفين الشَّاكِّين.

{وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ} يعني: مِن جميعِ الكتبِ، مثلَ قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة:285] فالرسولُ مأمورٌ بالإيمان بالرسلِ الماضين مأمورٌ بالإيمان بالرسلِ الماضين وبالكتبِ الـمُنَزَّلَةِ: {وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ}.

{وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} يُخبر، الله نبيَّه أن يُخبر بأنه مأمورٌ بالعدلِ في الحكمِ بالعدلِ في الحكمِ بينَ الـمُختلِفين، {وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}.

{اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} {اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} ربُّنا واحدٌ، ودينُنا واحدٌ، دينُ الرسلِ كلّهم مِن أولهم إلى آخرِهم واحد وهو دينُ الإسلامِ، وإلهُنا وإلهُكم واحدٌ، {اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} كلٌّ لَه عملُهُ وكلٌّ مسؤولٌ عن نفسِهِ، لا يُسألُ عَن غيرِ عملِهِ، {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة:134] {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} الله يجمعُ بين الأُمم ويُحاسبهم ويَجزيهم على أعمالِهم.

قالَ الله: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ} يعني: يُجادِلُونَ في اللهِ، {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} هؤلاء الجاحدونَ الشاكونَ الذين يُجادِلون في ربِّ العالمينَ ويُخاصِمون، حُجَّتُهُم باطلةٌ ومردودةٌ {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [الأنعام:149] للهِ الحجةُ البالغةُ، وحجةُ الظالمين والكافرين باطلةٌ داحضةٌ {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}.

 

(تفسير السعدي):

القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قال اللهُ تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعديّ رحمَه اللهُ تعالى:

هَذِهِ أَكْبَرُ مِنَّةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ، أَنْ شَرَعَ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ خَيْرَ الْأَدْيَانِ وَأَفْضَلَهَا وَأَزْكَاهَا وَأَطْهَرَهَا: دِينَ الْإِسْلَامِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ للمُصْطَفَيْنَ الْمُخْتَارِينَ مِن عبادِهِ

الشيخ : مِن الرسلِ الخمسةِ، يعني يريدُ الخمسةُ أُولي العَزم، ودينُ الرسلِ واحدٌ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون:52،51] {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ} [الأنبياء:25] لكن الله خَصَّ هؤلاء الرسلِ؛ لفضلِهم، فهو يخبرُنا أنَّه شرعَ لعبادِه ما جاءَ به هؤلاءِ الخاصُّونَ مِن الرسلِ.

 

القارئ : بَلْ شَرَعَهُ اللَّهُ لِخِيَارِ الْخِيَارِ، وَصَفْوَةِ الصَّفْوَةِ، وَهُمْ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَعْلَى الْخَلْقِ دَرَجَةً، وَأَكْمَلُهُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَالدِّينُ الَّذِي شَرَعَهُ

الشيخ : ذكرَهم اللهُ في سورتين: في هذه السورةِ، وفي سورة الأحزابِ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [الأحزاب:7]

 

القارئ : فَالدِّينُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لَهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِأَحْوَالِهِمْ مُوَافِقًا لِكَمَالِهِمْ، بَلْ إِنَّمَا كَمَّلَهَمُ اللَّهُ وَاصْطَفَاهُمْ؛ بِسَبَبِ قِيَامِهِمْ بِهِ، فَلَوْلَا الدِّينُ الْإِسْلَامِيُّ مَا ارْتَفَعَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ، فَهُوَ رُوحُ السَّعَادَةِ وَقُطْبُ رَحَى الْكَمَالِ، وَهُوَ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكِتَابُ الْكَرِيمُ وَدَعَا إِلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ.

وَلِهَذَا قَالَ: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} أَيْ: أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِيمُوا جَمِيعَ شَرَائِعِ الدِّينِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، تُقِيمُونَهُ بِأَنْفُسِكُمْ، وَتَجْتَهِدُونَ فِي إِقَامَتِهِ عَلَى غَيْرِكُمْ، وَتُعَاوِنُونَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تُعَاوِنُونَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} أَيْ: لِيَحْصُلَ مِنْكُمُ الِاتِّفَاقُ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ، وَاحْرِصُوا عَلَى أَنْ لَا تُفَرِّقَكُمُ الْمَسَائِلُ وَتُحَزِّبَكُمْ أَحْزَابًا، وَتَكُونُونَ شِيَعًا يُعَادِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا مَعَ اتِّفَاقِكُمْ عَلَى أَصْلِ دِينِكُمْ.

وَمِنْ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الدِّينِ وَعَدَمِ التَّفَرُّقِ فِيهِ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ مِنَ الِاجْتِمَاعَاتِ الْعَامَّةِ: كَاجْتِمَاعِ الْحَجِّ، وَالْأَعْيَادِ، وَالْجَمْعِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالْجِهَادِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي لَا تَتِمُّ وَلَا تَكْمُلُ إِلَّا بِالِاجْتِمَاعِ لَهَا وَعَدَمِ التَّفَرُّقِ.

{كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} أَيْ: شَقَّ عَلَيْهِمْ غَايَةَ الْمَشَقَّةِ، حَيْثُ دَعَوْتُهُمْ إِلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، كَمَا قَالَ عَنْهُمْ: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر:45] وَقَوْلُهُمْ: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5]

{اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ} أَيْ: يَخْتَارُ مِنْ خَلِيقَتِهِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِاجْتِبَاءِ لِرِسَالَتِهِ وَوِلَايَتِهِ، وَمِنْهُ أَنِ اجْتَبَى هَذِهِ الْأُمَّةَ وَفَضَّلَهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَاخْتَارَ لَهَا أَفْضَلَ الْأَدْيَانِ وَخَيْرَهَا.

{وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} هَذَا السَّبَبُ الَّذِي مِنَ الْعَبْدِ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى هِدَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ إِنَابَتُهُ لِرَبِّهِ وَانْجِذَابُ دَوَاعِي قَلْبِهِ إِلَيْهِ، وَكَوْنُهُ قَاصِدًا وَجْهَهُ فَحُسْنُ مَقْصِدِ الْعَبْدِ مَعَ اجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ الْهِدَايَةِ مِنْ أَسْبَابِ التَّيْسِيرِ لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} [المائدة:16]

وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَنَّ اللَّهَ {يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} مَعَ قَوْلِهِ: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان:15] مَعَ الْعِلْمِ بِأَحْوَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأنَّ شِدَّةِ إِنَابَتِهِمْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ حُجَّةٌ، خُصُوصًا الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

قال الله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} الآيات.

لَمَّا أَمَرَ تَعَالَى بِاجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى دِينِهِمْ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفَرُّقِ، أَخْبَرَهُمْ

أَنَّكُمْ لَا تَغْتَرُّوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَمْ يَتَفَرَّقُوا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ الْمُوجِبَ لِلِاجْتِمَاعِ، فَفَعَلُوا ضِدَّ مَا يَأْمُرُ بِهِ كِتَابُهُمْ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بَغْيًا وَعُدْوَانًا مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ تَبَاغَضُوا وَتَحَاسَدُوا وَحَصَلَتْ بَيْنَهُمُ الْمُشَاحَنَةُ وَالْعَدَاوَةُ فَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ، فَاحْذَرُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنْ تَكُونُوا مَثَلَهُمْ.

{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} أَيْ: بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ الْقَاضِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} وَلَكِنَّ حِكْمَتَهُ وَحُلْمَهُ اقْتَضَى تَأْخِيرَ ذَلِكَ عَنْهُمْ.

{وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ} مِنْ بَعْدِهِمْ أَيِ: الَّذِينَ وَرِثُوهُمْ وَصَارُوا خَلَفًا لَهُمْ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إِلَى الْعِلْمِ مِنْهُمْ {لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} أَيْ: لَفِي اشْتِبَاهٍ كَثِيرٍ يُوقِعُ فِي الِاخْتِلَافِ حَيْثُ اخْتَلَفَ سَلَفُهُمْ بَغْيًا وَعِنَادًا، فَإِنَّ خَلْفَهُمُ اخْتَلَفُوا شَكًّا وَارْتِيَابًا، وَالْجَمِيعُ مُشْتَرِكُونَ فِي الِاخْتِلَافِ الْمَذْمُومِ.

{فَلِذَلِكَ فَادْعُ} أَيْ: فَلِلدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ كَتَبَهُ وَأَرْسَلَ رُسُلَهُ، فَادْعُ إِلَيْهِ أُمَّتَكَ وَحُضَّهُمْ عَلَيْهِ وَجَاهِدْ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَقْبَلْهُ، {وَاسْتَقِمْ} بِنَفْسِكَ {كَمَا أُمِرْتَ} أَي: اسْتِقَامَةً مُوَافِقَةً لِأَمْرِ اللَّهِ، لَا تَفْرِيطَ وَلَا إِفْرَاطَ، بَلِ امْتِثَالًا لِأَوَامِرِ اللَّهِ وَاجْتِنَابًا لِنَوَاهِيهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ بِتَكْمِيلِ نَفْسِهِ بِلُزُومِ الِاسْتِقَامَةِ، وَبِتَكْمِيلِ غَيْرِهِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى ذَلِكَ.

وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَمْرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ لِأُمَّتِهِ إِذَا لَمْ يَرِدْ تَخْصِيصٌ لَهُ.

{وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} أَيْ: أَهْوَاءَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنِ الدِّينِ مِنَ الْكَفَرَةِ وَالْمُنَافِقِينَ، إِمَّا بِاتِّبَاعِهِمْ عَلَى بَعْضِ دِينِهِمْ، أَوْ بِتَرْكِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، أَوْ بِتَرْكِ الِاسْتِقَامَةِ، فَإِنَّكَ إِنِ {اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:145]، وَلَمْ يَقُلْ: "وَلَا تَتَّبِعْ دِينَهُمْ" لِأَنَّ حَقِيقَةَ دِينِهِمُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لَهُمْ، هُوَ دِينُ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ، بَلِ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَاتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا.

{وَقُلْ} لَهُمْ عِنْدَ جِدَالِهِمْ وَمُنَاظَرَتِهِمْ: {آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} أَيْ: لِتَكُنْ مُنَاظَرَتُكَ لَهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ، الدَّالِّ عَلَى شَرَفِ الْإِسْلَامِ وَجَلَالَتِهِ وَهَيْمَنَتِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، وَأَنَّ الدِّينَ الَّذِي يَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَفِي هَذَا إِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ إِنْ نَاظَرُوا مُنَاظَرَةً مَبْنِيَّةً عَلَى الْإِيمَانِ بِبَعْضِ الْكُتُبِ أَوْ بِبَعْضِ الرُّسُلِ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَا يَسْلَمُ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكُتَّابَ الَّذِي يَدْعُونَ إِلَيْهِ، وَالرَّسُولَ الَّذِي يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ، مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا بِهَذَا الْقُرْآنِ وَبِمَنْ جَاءَ بِهِ، فَكِتَابُنَا وَرَسُولُنَا لَمْ يَأْمُرْنَا إِلَّا بِالْإِيمَانِ بِمُوسَى وَعِيسَى وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا وَصَدَّقَ بِهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا مُصَدِّقَةٌ لَهُ وَمُقِرَّةٌ بِصِحَّتِهِ.

وَأَمَّا مُجَرَّدُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَمُوسَى وَعِيسَى الَّذِينَ لَمْ يُوصَفُوا لَنَا وَلَمْ يُوَافِقُوا لِكِتَابِنَا فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالْإِيمَانِ بِهِمْ.

وَقَوْلُهُ: {وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} أَيْ: فِي الْحُكْمِ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ، فَلَا تَمْنَعُنِي عَدَاوَتُكُمْ وَبُغْضُكُمْ -يَا أَهْلَ الْكِتَابِ- مِنَ الْعَدْلِ بَيْنَكُمْ، وَمِنَ الْعَدْلِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ أَهْلِ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ: أَنْ يَقْبَلَ مَا مَعَهُمْ مِنَ الْحَقِّ، وَيَرُدَّ مَا مَعَهُمْ مِنَ الْبَاطِلِ.

{اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} أَيْ: هُوَ رَبُّ الْجَمِيعِ، لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا. {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ {لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} أَيْ: بَعْدَ مَا تَبَيَّنَتِ الْحَقَائِقُ وَاتَّضَحَ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْهُدَى مِنَ الضَّلَالِ لَمْ يَبْقَ لِلْجِدَالِ وَالْمُنَازَعَةِ مَحَلٌّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْجِدَالِ إِنَّمَا هُوَ بَيَانُ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ؛ لِيَهْتَدِيَ الرَّاشِدُ، وَلِتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَى الْغَاوِي، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذَا أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَا يُجَادَلونَ، كَيْفَ وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت:46]؟ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا ذَكَرْنَا.

{اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَجْزِي كُلًّا بِعَمَلِهِ وَيَتَبَيَّنُ حِينَئِذٍ الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ.

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ} الآية.

وَهَذَا تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ: {لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} فَأَخْبَرَ هُنَا أَنَّ {الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ} بِالْحُجَجِ الْبَاطِلَةِ، وَالشُّبَهِ الْمُتَنَاقِضَةِ {مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} أَيْ: مِنْ بَعْدِ مَا اسْتَجَابَ لِلَّهِ أُولُو الْأَلْبَابِ وَالْعُقُولِ، لَمَّا بَيَّنَ لَهُمْ مِنَ الْآيَاتِ الْقَاطِعَةِ، وَالْبَرَاهِينِ السَّاطِعَةِ، فَهَؤُلَاءِ الْمُجَادِلُونَ لِلْحَقِّ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ} أَيْ: بَاطِلَةٌ مَدْفُوعَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى رَدِّ الْحَقِّ، وَكُلُّ مَا خَالَفَ الْحَقَّ فَهُوَ بَاطِلٌ.

{وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ} لِعِصْيَانِهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْ حُجَجِ اللَّهِ وَبَيِّنَاتِهِ وَتَكْذِيبِهَا.

{وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} هُوَ أَثَرُ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَهَذِهِ عُقُوبَةُ كُلِّ مُجَادِلٍ لِلْحَقِّ بِالْبَاطِلِ.

انتهى.

الشيخ : الله المستعان.