الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة محمد/(8) تتمة قوله تعالى {أم حسب الذين في قلوبهم مرض} الآية 29 إلى قوله تعالى {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون} الآية 35
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(8) تتمة قوله تعالى {أم حسب الذين في قلوبهم مرض} الآية 29 إلى قوله تعالى {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون} الآية 35

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة محمَّد

الدَّرس: الثَّامن

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [محمد:29-35]

– الشيخ : إلى هنا بس [يكفي]. سبحانَ اللهِ، سبحانَ اللهِ.

يقولُ تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ} الحُسبانُ هو الظَّنُّ، يعني: أظنَّ {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ}؟ يعني: أن يخرجَ ما في قلوبِهم، ويخرجَ ما في قلوبهم مِن العداوةِ للمؤمنين وما فيها من الاعتقاداتِ الخبيثةِ، تشبهُ قولَه تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} [التوبة:64] فهؤلاءِ، اللهُ تعالى ينبِّهُ إلى كذبِ هذا الحسبانِ وهذا الظَّنِّ، بل سيُخرجُ اللهُ ما انطوَتْ عليه نفوسُهم من النِّيَّات الخبيثات والاعتقاداتِ الباطلةِ ويفضحُهم فضيحةً، {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ}؟

قالَ تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ} لو شاءَ اللهُ لأظهرَ على صفحاتِ وجوهِهم ما يُعرَفُ به ما انطوتْ عليه ضمائرُهم {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} تعرفُهم بعلاماتِهم {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} فذكرَ اللهُ أمرينِ: أحدُهما علَّقَه على المشيئةِ وهو تعريفُهم بسيماهم {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} والأمرُ الثَّاني معرفتُهم بلحنِ القولِ، على فلتاتِ اللِّسان، وهذا كثيرٌ، تتبيَّنُ الخبايا -خبايا النُّفوس- بما تنطقُ به الألسنُ، وهذا معروفٌ لمن تدبَّرَه، المنافقون يظهرون الإيمانَ ويظهرون المودَّةَ للمؤمنين ولكن يظهرُ من لحنِ كلامِهم ما يدلُّ على سوءِ طواياهم، {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} لا يخفى عليه، اللهُ يعلمُ أعمالَ العباد المؤمنين والكفَّار والمنافقين {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}

ثمَّ قالَ تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} "لَنَبْلُوَنَّكُمْ" اللَّامُ هذه لامُ القسمِ أو موطِّئةٌ للقسمِ، إذًا فهوَ خبرٌ مؤكَّدٌ أنَّ اللهَ سيبتلي العبادَ، {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} نبتليكم، الابتلاءُ هو الاختبارُ {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} فبالابتلاءِ تظهرُ حقائقُ الإنسانِ، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (3) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:2-3] فالابتلاءُ يكشفُ حقائقَ الإنسانِ، حتَّى أنَّ الإنسانَ يعرفُ نفسَه بما يقعُ عليه من الابتلاءِ، يعرفُ، اللهُ المستعانُ، {حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} فتظهرُ تظهرُ الأخبارُ أخبارُ البواطنِ والخفايا.

ثمَّ قالَ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} كفرُوا بالله ورسلِه وصدُّوا غيرَهم عن سبيل اللهِ، وهي دينُه، سبيلُ اللهِ هو دينُه الَّذي أرسلَ به رسلَه {وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ} شاقُّوه عادوه وحاربوه وآذوه {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} يحبطُ أعمالَهم الَّتي يظنُّونها نافعةً، يظنُّونها أنَّها تنفعُهم فهي هباءٌ، ويحبطُ أعمالَهم الَّتي يكيدون بها المؤمنين {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:36]

ثمَّ ينصرفُ السِّياقُ إلى خطابِ المؤمنين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} أَطِيعُوا اللَّهَ، وطاعةُ اللهِ ورسولِه هي الاستقامةُ على الحقِّ، فالَّذين آمنُوا، الَّذينَ دخلوا في الإيمان حقيقةً عليهم أن يطيعوا اللهَ ورسولَه في كلِّ ما أمرَ به أو نهى عنه، فعلًا للمأموراتِ وتركًا للمحظورِ.

قالَ اللهُ: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} والأعمال، يعني: المرادُ الأعمالُ الصَّالحةُ، لا تبطلوها، وإبطالُ الأعمالِ له أسبابٌ عدَّةٌ، منها: الرِّياءُ، ومنها: المنُّ والأذى، كما قالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة:264] فتضمَّنَتْ الآيةُ ذكرَ أمرين ممَّا تبطلُ به الأعمالُ، وأعظمُ ما تبطلُ به الأعمالُ: الرِّدَّةُ -نسألُ اللهَ العافيةَ- الرِّدَّةُ عن الإسلام، فمن ارتدَّ عن الإسلام بطلَتْ جميعُ أعمالِه، لكن إنْ تابَ قبلَ الموتِ بقيَت له أعمالُه، فحبوطُ الأعمالِ بالرِّدَّةِ مقيَّدٌ بالموتِ {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:217]

 

 (تفسيرُ السَّعديِّ)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} الآياتَ.

يقولُ تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} مِن شبهةٍ أو شهوةٍ، بحيثُ تخرجُ القلبُ عن حالِ صحَّتِهِ واعتدالِهِ

– الشيخ : مرضُ القلوبِ نوعان: مرضُ شهوةٍ، يعني سببُها الشَّهوةُ كشهوةِ الزِّنى وشهوةِ المحرَّمات، أو شبهةٍ كالشُّكوك الوارداتِ الَّتي تورثُ الشَّكَّ والقلقَ في الإيمان فهما مرضان، ذكرَ اللهُ الأوَّلَ بقوله: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:32]، وذكرَ الثَّاني في مثل قوله: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة:10] وهو المقصودُ هنا، المقصودُ هنا هو مرضُ الشُّبهةِ؛ لأنَّ الحديثَ عن المنافقين.

 

القارئ : {أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ} ما في قلوبِهم مِن أضغانِهم وعداوتِهم للإسلامِ وأهلِهِ؟ هذا ظنٌّ لا يليقُ بحكمةِ اللهِ، فإنَّهُ لا بدَّ أنْ يميزَ الصَّادقَ مِن الكاذبِ، وذلكَ بالابتلاءِ بالمحنِ، الَّتي مَن ثبتَ عليها، ودامَ إيمانُهُ فيها، فهوَ المؤمنُ حقيقةً، ومَن ردَّتْهُ على عقبيهِ فلم يصبرْ عليها، وحينَ أتاهُ الامتحانُ، جزعَ وضعفَ إيمانُهُ، وخرجَ ما في قلبِهِ مِن الضَّغَنِ، وتبيَّنَ نفاقُهُ، هذا مقتضى الحكمةِ الإلهيَّةِ، معَ أنَّهُ تعالى قالَ: {وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ}

أي: بعلاماتِهم الَّتي هيَ كالرَّسمِ في وجوهِهم.

– طالب: كالوسمِ عندي

الشيخ : جيِّدٌ "كالوسمِ" صحيح

القارئ : {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} أي: لا بدَّ أنْ يظهرَ ما في قلوبِهم، ويتبيَّنَ بفلتاتِ ألسنتِهم، فإنَّ الألسنَ مغارفُ القلوبِ، يظهرُ فيها ما في القلوبِ مِن الخيرِ والشَّرِّ

الشيخ : اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، سبحانَ اللهِ، هذا معروفٌ عندَ النَّاسِ يُعرَفُ، الشَّيخُ إذا تحدَّثَ تبيَّنَ من أيِّ النَّاس هو، من أيِّ الطَّوائف؛ لأنَّ اللِّسانَ هوَ المعبِّرُ عمَّا في داخلِ الإنسان، حتَّى ولو أرادَ أنْ يسترَه ما، لابدَّ يتَّضحُ، هؤلاءِ المنافقون يبطنون الكفرَ يبطنون الشَّرَّ لكن يظهرُ نفاقُهم بما ذكرَ اللهُ {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}.

 

القارئ : {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} فيجازيكم عليها.

ثمَّ ذكرَ أعظمَ امتحانٍ يمتحنُ بهِ عبادَهُ، وهوَ الجهادُ في سبيلِ اللهِ، فقالَ: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} أي: نختبرُ إيمانَكم وصبرَكم، {حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} فمَن امتثلَ أمرَ اللهِ وجاهدَ في سبيلِ اللهِ لنصرِ دينِهِ وإعلاءِ كلمتِهِ فهوَ المؤمنُ حقًّا، ومَن تكاسلَ عن ذلكَ، كانَ ذلكَ نقصًا في إيمانِهِ.

قالَ اللهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الآيةَ.

هذا وعيدٌ شديدٌ لمَن جمعَ أنواعَ الشَّرِّ كلِّها، مِن الكفرِ باللهِ، وصدِّ الخلقِ عن سبيلِ اللهِ الَّذي نصبَهُ موصلًا إليهِ.

{وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} أي: عاندُوهُ وخالفُوهُ عن عمدٍ وعنادٍ، لا عن جهلٍ وغيٍّ وضلالٍ، فإنَّهم {لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} فلا ينقصُ بهِ ملكُهُ.

{وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} أي: مساعيَهم الَّتي بذلُوها في نصرِ الباطلِ، بألَّا تثمرَ لهم إلَّا الخيبةَ والخُسرانَ، وأعمالُهم الَّتي يرجونَ بها الثَّوابَ، لا تُقبَلُ لعدمِ وجودِ شرطِها.

قالَ اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} الآيةَ:

يأمرُ تعالى المؤمنينَ بأمرٍ بهِ تتمُّ أمورُهم، وتحصلُ سعادتُهم الدِّينيَّةِ والدُّنيويَّةِ

الشيخ : وهو مصداقُ الإيمانِ، طاعةُ اللهِ ورسولِه هي مصداقُ الإيمانِ، [….] إيمانٌ بلا طاعةٍ!

القارئ : وهوَ: طاعتُهُ وطاعةُ رسولِهِ في أصولِ الدِّينِ وفروعِهِ، والطَّاعةُ هيَ امتثالُ الأمرِ، واجتنابُ النَّهيِ على الوجهِ المأمورِ بهِ بالإخلاصِ وتمامِ المتابعةِ.

وقولُهُ: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} يشملُ النَّهيَ عن إبطالِها بعدَ عملِها، بما يفسدُها

الشيخ : كالمنِّ والأذى.

القارئ : مِنْ مَنٍّ بها وإعجابٍ، وفخرٍ وسمعةٍ، ومِن عملٍ بالمعاصي الَّتي تضمحلُّ معَها الأعمالُ، ويُحبَطُ أجرُها، ويشملُ النَّهيُ عن إفسادِها حالَ وقوعِها بقطعِها، أو الإتيانِ بمفسدٍ مِن مفسداتِها.

فمبطلاتُ الصَّلاةِ والصِّيامِ والحجِّ ونحوِها، كلُّها داخلةٌ في هذا

الشيخ : الفرائضُ نعم لا يجوزُ تعمُّدُ إبطالِها، لا يجوزُ قطعُ الفريضةِ، لكن النَّافلة أمرُها أوسعُ، صومُ الفريضةِ لا يجوزُ قطعُه، لكن صيامُ التَّطوُّع يجوزُ الإنسان أنْ يقطعَه والأولى ألَّا يفعلَ.

– طالب: وإذا فعلَ هذا يبطلُ؟

الشيخ : إلا يبطل، بس [لكن] نقول: "حرامٌ عليك"؟ "حرامٌ عليكَ إنَّك تفطر اليوم؟"

القارئ : ونحوِها، كلُّها داخلةٌ في هذا، ومنهيٌّ عنها، ويستدلُّ الفقهاءُ بهذهِ الآيةِ على تحريمِ قطعِ الفرضِ، وكراهةِ قطعِ النَّفلِ

الشيخ : على تحريم

القارئ : تحريمِ قطعِ الفرضِ

الشيخ : هذا ما فيه شكٌّ، الفريضة

القارئ : وكراهةِ قطعِ النَّفلِ

الشيخ : كراهة يعني ينبغي أنْ تُتمَّ النَّافلةَ

القارئ : مِن غيرِ موجبٍ لذلكَ، وإذا كانَ اللهُ قد نهى عن إبطالِ الأعمالِ، فهوَ أمرَ بإصلاحِها، وإكمالِها وإتمامِها

الشيخ : فيه [هناك] من النَّوافل وهو تطوُّع مثل الحجِّ لا يمكن، قد أمرَ اللهُ بإتمام الحجِّ والعمرةِ فمن دخلَ في الحجِّ والعمرةِ وجبَ عليه المضي، وكلامُ الفقهاءِ معروفٌ في هذا.

القارئ : والإتيانِ بها، على الوجهِ الَّذي تصلحُ بهِ علمًا وعملًا.

قالَ اللهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}

الشيخ : حسبُك إلى هنا.