الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة النجم/(2) من قوله تعالى {أفرأيتم اللات والعزى} الآية 19 إلى قوله تعالى {ذلك مبلغهم من العلم} الآية 30

(2) من قوله تعالى {أفرأيتم اللات والعزى} الآية 19 إلى قوله تعالى {ذلك مبلغهم من العلم} الآية 30

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة  النَّجم

الدَّرس: الثَّاني

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ

أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (25) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى [النجم:19-30]

– الشيخ : إلى هنا.

الحمدُ للهِ، ينكرُ اللهُ تعالى على المشركين ما اتَّخذوه من آلهةٍ من دونه، وأشهرُ أصنامِ المشركين -مشركي العربِ- أشهرُها اللَّاتُ والعُزَّى ومناةُ، فاللَّاتُ صنمٌ في الطَّائف، والعُزَّى سَمُرَات شجرات في وادي نخلةٍ، ومناةُ صنمٌ كذلك في قديدٍ في طريقِ المدينةِ يُحرِمُ منهُ أهلُ المدينةِ، الأوسُ والخزرجُ، فهذه ثلاثٌ، {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} وقد اشتقَّوا لهذهِ الآلهةِ أسماءً من…، اشتقَّوها من أسماءِ اللهِ، قالوا: اللَّاتُ من الإله، والعُزَّى من العزيزِ، ومناةُ من المنَّانِ، فجمعُوا بينَ الشِّركِ والإلحادِ في أسماءِ اللهِ وصفاتِه، وكذلكَ في إلاهيَّتِه، ومن مقولاتِ المشركين الشَّنعاء أنَّهم يقولون: "الملائكةُ بناتُ اللهِ"، وهذا ذكرَهُ اللهُ في القرآنِ كثيرًا، {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ} [الصافات:149-150]، ما هو إلَّا الافتراءُ والظَّنُّ الكاذبُ والوحي الشَّيطانيُّ.

{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} ومن سفاهتِهم أنَّ البناتَ عندَهم مكروهاتٌ وناقصاتٌ ومعَ ذلكَ لمَّا نسبوا الولدَ للهِ نسبُوا له الصِّنفَ الأدنى عندَهم، وهذا فسادٌ في العقولِ معَ الفسادِ في الدِّينِ، {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}

{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} هذهِ المعبوداتُ ما هي إلَّا أسماءٌ سمَّيْتُموها، وإلَّا فليسَتْ آلهةً، بل هي مخلوقاتٌ وجماداتٌ أو أحياءٌ، هي مخلوقةٌ، والمخلوقُ لا يكونُ إلهًا، {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} ليسَ لهم فيها حجَّةٌ من اللهِ، ليسَ لهم عليها برهانٌ، فأقوالُهم مبناها الظَّنُّ الكاذبُ واتِّباعُ الهوى، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} فهذانِ هما مصدرا ضلالِهم: الظَّنُّ الكاذبُ في علومهم، واتِّباعُ الهوى في أعمالِهم، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ}.

{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} جَاءَهُمْ الْهُدَى بإرسالِ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومنذُ أهبطَ اللهُ آدمَ وقد وعدَه بأنْ يُنزِلَ عليهم الهدى، {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه:123]، وما زالَتِ الرُّسلُ تأتي بهدى اللهِ، وتبلِّغُ النَّاسَ وتدعوهم إلى عبادتِه وحدَه لا شريكَ له، من نوحٍ -عليه السَّلامُ- إلى خاتمِهم محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى}

{أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى} ليسَ للإنسانِ ما يتمنَّى، ليسَ كلُّ ما يتمنَّاهُ الإنسانُ يُؤتَاه ويُعطَاهُ، {أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} الدُّنيا والآخرةُ كلُّها للهِ ملكُه وهو المتصرِّفُ فيها، يعطي ويمنعُ ما شاءَ، من شاءَ ما شاءَ، هو المتصرِّفُ في الوجودِ السَّموات والأرض وفي الدُّنيا والآخرةِ، {وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى} [الليل:13]، {وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى} وهنا يقولُ: {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى}.

ثمَّ يخبرُ تعالى أنَّ في السَّموات ملائكةٌ كثيرون، ولكنْ شَفَاعَتُهُمْ لا تُغني عن أحدٍ شيئًا، إلَّا من أذنَ له الرَّحمنُ ورضيَ له قولًا، {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ} "كم" هذه تفيدُ الكثرةَ، {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} يعني: عمَّن يشفعون لهُ، من تشفعُ له الملائكةُ، {لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}.

ثمَّ من اعتقاداتِ المشركين الباطلةِ أنَّهم يكفرون بالمعادِ، يكفرون بالآخرةِ {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} الظَّنُّ الَّذي لا برهانَ له ولا مستندَ لا يُغني من الحقِّ شيئًا ولا يدلُّ على حقٍّ، بل يُورِدُ متَّبعَهُ، يوردُهُ مواردَ الضَّلالِ والجهلِ والهلاكِ، وإنَّ الظَّنَّ لا يُغني من الحقِّ شيئًا.

 

(تفسيرُ السَّعديِّ)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ ناصرٍ السَّعديُّ –رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى:

{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} الآياتِ:

{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} مِن الجنَّةِ والنَّارِ، وغيرِ ذلكَ مِن الأمورِ الَّتي رآها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةَ أُسرِيَ بهِ.

قالَ اللهُ تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} الآياتِ:

لمَّا ذكرَ تعالى ما جاءَ بهِ محمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن الهدى ودينِ الحقِّ، والأمرِ بعبادةِ اللهِ وتوحيدِهِ، ذكرَ بطلانَ ما عليهِ المشركونَ مِن عبادةِ مَن ليسَ لهُ مِن أوصافِ الكمالِ شيءٌ، ولا تنفعُ ولا تضرُّ، وإنَّما هيَ أسماءُ فارغةٌ عن المعنى، سمَّاها المشركونَ هم وآباؤُهم الجُهَّالُ الضُّلَّالُ، ابتدعُوا لها مِن الأسماءِ الباطلةِ الَّتي لا تستحقُّها، فخدعُوا بها أنفسَهم وغيرَهم مِن الضُّلَّالِ

– الشيخ : سمَّوها آلهةً وليس لها من صفاتِ الإلهيَّةِ شيءٌ، إذًا تسميتُهم لها إلهٌ، ما هو إلَّا اسمٌ لا يفيدُ ولا يدلُّ على شيءٍ من المعنى، فما هي إلَّا أسماءٌ، أسماءٌ ألفاظٌ لا تدلُّ على معانٍ، {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}.

 

– القارئ : فالآلهةُ الَّتي بهذهِ الحالِ، لا تستحقُّ مثقالَ ذرَّةٍ مِن العبادةِ، وهذهِ الأندادُ الَّتي سمَّوها بهذهِ الأسماءِ، زعمُوا أنَّها مشتقَّةٌ مِن أوصافٍ هيَ متَّصفةٌ بها، فسمَّوا "اللَّاتَ" مِن "الإلهِ" المستحقِّ للعبادةِ، و"العُزَّى" مِن "العزيزِ" و "مَناةَ" مِن "المنَّانِ" إلحادًا في أسماءِ اللهِ وتجرِّيًا على الشِّركِ بهِ، وهذهِ أسماءُ متجرِّدةٌ مِن المعاني، فكلُّ مَن لهُ أدنى مُسكةٍ مِن عقلٍ، يعلمُ بطلانَ هذهِ الأوصافِ فيها.

{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى} أي: أتجعلونَ للهِ البناتَ بزعمِكم، ولكم البنونَ؟

{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: ظالمةٌ جائرةٌ، وأيُّ ظلمٍ أعظمُ مِن قسمةٍ تقتضي تفضيلَ العبدِ المخلوقِ على الخالقِ؟ تعالى عن قولِهم علوًّا كبيرًا.

وقولُهُ: {إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} أي: مِن حجَّةٍ وبرهانٍ على صحَّةِ مذهبِكم، وكلُّ أمرٍ ما أنزلَ اللهُ بهِ مِن سلطانٍ، فهوَ باطلٌ فاسدٌ، لا يُتَّخذُ دينًا، وهم -في أنفسِهم- ليسُوا بمتَّبعينَ لبرهانٍ يتيقَّنونَ بهِ ما ذهبُوا إليهِ، وإنَّما دلَّهم على قولِهم، الظَّنُّ الفاسدُ، والجهلُ الكاسدُ، وما تهواهُ أنفسُهم مِن الشِّركِ والبِدعِ الموافقةِ لأهويتِهم، والحالُ أنَّهُ لا موجبَ لهم يقتضي اتِّباعَهم للظَّنِّ، مِن فقدِ العلمِ والهدى، ولهذا قالَ تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} أي: الَّذي يرشدُهم في بابِ التَّوحيدِ والنُّبوَّةِ، وجميعُ المطالبِ الَّتي يحتاجُ إليها العبادُ، فكلُّها قد بيَّنَها اللهُ أكملَ بيانٍ وأوضحَهُ، وأدلَّهُ على المقصودِ، وأقامَ عليهِ مِن الأدلَّةِ والبراهينِ ما يوجبُ لهم ولغيرِهم اتِّباعَهُ، فلم يبقَ لأحدٍ عذرٌ ولا حجَّةٌ مِن بعدِ البيانِ والبرهانِ، وإذا كانَ ما هم عليهِ غايتُهُ اتِّباعُ الظَّنِّ، ونهايتُهُ الشَّقاءُ الأبديُّ والعذابُ السَّرمديُّ، فالبقاءُ على هذهِ الحالِ مِن أسفهِ السَّفهِ وأظلمِ الظُّلمِ، ومعَ ذلكَ يتمنَّونَ الأماني، ويغترُّونَ بأنفسِهم.

ولهذا أنكرَ تعالى على مَن زعمَ أنَّهُ يحصلُ لهُ ما تمنَّى وهوَ كاذبٌ في ذلكَ، فقالَ: {أَمْ لِلإنْسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأولَى} فيعطي منهما مَن يشاءُ، ويمنعُ مَن يشاءُ، فليسَ الأمرُ تابعًا لأمانيهم، ولا موافقًا لأهوائِهم.

قالَ اللهُ تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ} الآيةَ:

يقولُ تعالى منكِرًا على مَن عبدَ غيرَهُ مِن الملائكةِ وغيرِهم، وزعمَ أنَّها تنفعُهُ وتشفعُ لهُ عندَ اللهِ يومَ القيامةِ: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ} مِن الملائكةِ المقرَّبينَ، وكرامِ الملائكةِ، {لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} أي: لا تفيدُ مَن دعاها وتعلَّقَ بها ورجاها، {إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} أي: لا بدَّ مِن اجتماعِ الشَّرطَينِ: إذنِهِ تعالى في الشَّفاعةِ، ورضاهُ عن المشفوعِ لهُ. ومِن المعلومِ المتقرِّرِ، أنَّهُ لا يُقبَلُ مِن العملِ إلَّا ما كانَ خالصًا لوجهِ اللهِ، موافقًا فيهِ صاحبُهُ الشَّريعةَ، فالمشركونَ إذًا لا نصيبَ لهم مِن شفاعةِ الشَّافعينَ، وقد سدُّوا على أنفسِهم رحمةَ أرحمِ الرَّاحمينَ.

{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} الآياتِ

– الشيخ : إلى هنا.

– طالب: أحسنَ اللهُ إليكم، يقولُ رحمَه اللهُ: {لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} أي: لا تفيدُ مَن دعاها وتعلَّقَ بها ورجاها

– الشيخ : أيش فيه؟

– طالب: المعنى في دعاءِ الملائكةِ، دعاء المشركين للملائكةِ

– الشيخ : المشركون بالملائكةِ يدعونهم ويعبدونهم، فهؤلاءِ الملائكةُ لا تغني عن عابديها شيئًا، ولا تشفعُ لها، ولو شفعَتْ لم تُغنِ شيئًا، {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر:18]، {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ:23]، فالملائكةُ لا ينفعون عابديهم، بل هم يبغضون عابديهم، يبغضونهم، واللهُ تعالى يقولُ للملائكةِ يومَ القيامةِ، لما قالَ تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ} [سبأ:40-41]، {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سبأ:40-41]، فيُنكرونَ عبادتَهم ويتبرَّؤون منهم.