بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة التَّغابن
الدَّرس: الثَّالث
*** *** ***
– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ
يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التغابن:9-13]
– الشيخ : إلى هنا.
{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} يعني: اذكروا هذا اليومَ؛ لتستعدُّوا له، يوم {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} في يومِ الجمعِ، وهذا اسمٌ من أسماءِ يومِ القيامةِ، يومُ الجمعِ، ويومُ الحسابِ، ويومُ النُّشورِ، ويومُ الجزاءِ، يومُ الدِّينِ.
{ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} ذلكَ اليومُ هوَ يَوْمُ التَّغَابُنِ يغبنُ النَّاسُ بعضَهم بعضًا، في الأرباحِ الغبنُ هو الغلبةُ في الرِّبحِ، غبنَ بالسِّلعةِ، يَوْمُ التَّغَابُنِ أيُّ غبنٍ يقعُ على المجرمِ الخاسرِ الَّذي خسرَ كلَّ شيءٍ؟ أيُّ غبنٍ؟ ويربحُ المؤمنون أعظمَ ربحٍ، {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر:20]
قالَ اللهُ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} وعدٌ من اللهِ لمن تحقَّقَ بهذين الأصلين الإيمان والعمل والصَّالح هما قوامُ السَّعادةِ، بهما تتحقَّقُ السَّعادةُ.
{يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ} فينجو من العذابِ، إذا كفَّرَ اللهُ سيِّئاتِ العبدِ لم يعذِّبْه، {وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} فوعدَهُ بتكفيرِ السَّيِّئاتِ ودخولِ الجنَّاتِ {يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} هذا هو الفوزُ والظَّفرُ بالمطلوبِ والنَّجاةُ من المرهوبِ، {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران:185]، وكم يعبِّرُ النَّاسُ عن الفوز في أمورٍ تافهةٍ وأمورٍ الرِّبحُ فيها لا يساوي شيئًا، لعلَّ ممَّا يعدُّونه فوزًا هو خسرانٌ.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} هذا هو في ذلك اليوم، هذا شرحٌ، كأنَّهُ تفسيرٌ للتَّغابُنِ، كأنَّ هذه الآياتِ تفسيرٌ للتغابنِ، فذكرَ الرَّابحين وذكرَ بعدَهم الخاسرين {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} فأينَ هؤلاءِ من أولئكَ؟!
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} أيُّ مصيبةٍ تصيبُ في هذه الأرضِ في النُّفوس أو في الأرضِ فذلكَ بقدرِ اللهِ وقد سبقَ به الكتابُ كما قالَ سبحانَهُ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [الحديد:22]، وهنا قالَ: {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} فهي مكتوبةٌ ولا تقعُ إلَّا بمشيئةِ اللهِ وأمرِهِ.
{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} مَن يؤمنْ بأنَّ هذا القدرَ من عندِ اللهِ فيرضى بحكمِه ويسلِّم ويصبر أكرمَهُ اللهُ ومَنَّ عليهِ وجزاهُ بهدايةِ قلبِه، وأيُّ نعمةٍ فوقَ هذه النِّعمة؟ هدايةُ القلبِ، {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
ثمَّ أمرَ سبحانه وتعالى بطاعتِه وطاعةِ رسولِه، قالَ: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} إذا دعا الرَّسولُ وتولَّى وأعرضَ عنه المعرِضون فإنَّ ذلك لا يضرُّ اللهَ شيئًا ولا يضرُّ الرَّسولَ وإنَّما يضرُّ العصاةُ والكافرون أنفسَهم، {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [العنكبوت:18]، الرَّسولُ ليسَ عليهِ هدايةُ الخلقِ، {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:272]، إنَّما الهدايةُ بيدِ اللهِ وبأمرِه.
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} هذا هو أصلُ الدِّينِ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} هذه كلمةُ التَّوحيدِ، {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} فالجملةُ الأولى تتضمَّنُ توحيدَ الإلهيَّةِ، والثَّانيةُ تتضمَّنُ توحيدَ الرُّبوبيَّةِ، تشبهُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، لا معبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، وهوَ الَّذي بيدِهِ أَزِمَّةُ الأمورِ، فيجبُ التَّوكُّلُ عليهِ والاعتمادُ.
(تفسيرُ السَّعديِّ)
– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، الرَّحمنِ الرَّحيمِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} الآياتِ:
يعني: اذكرُوا يومَ الجمعِ الَّذي يجمعُ اللهُ بهِ الأوَّلينَ والآخرينَ، ويقفُهم موقفًا هائلًا عظيمًا، ويُنبِئُهم بما عملُوا، فحينئذٍ يظهرُ الفرقُ والتَّغابُنُ بينَ الخلائقِ، ويرفعُ أقوامًا إلى أعلى علِّيِّينَ، في الغرفِ العالياتِ، والمنازلِ المرتفعاتِ، المشتمِلةِ على جميعِ اللَّذَّاتِ والشَّهواتِ، ويخفضُ أقوامًا إلى أسفلِ سافلينَ، محلِّ الهمِّ والغمِّ، والحزنِ، والعذابِ الشديدِ
– الشيخ : أعوذُ باللهِ
– القارئ : وذلكَ نتيجةُ ما قدَّمُوهُ لأنفسِهم، وأسلفُوهُ أيَّامَ حياتِهم، ولهذا قالَ: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}.
أي: يظهرُ فيهِ التَّغابُنُ والتَّفاوُتُ بينَ الخلائقِ، ويغبنُ المؤمنونَ الفاسقينَ، ويعرفُ المجرمونَ أنَّهم على غيرِ شيءٍ، وأنَّهم هم الخاسرونَ، فكأنَّهُ قيلَ: بأيِّ شيءٍ يحصلُ الفلاحُ والشَّقاءُ والنَّعيمُ والعذابُ؟
فذكرَ تعالى أسبابَ ذلكَ بقولِهِ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} أي: إيمانًا تامًّا، شاملًا لجميعِ ما أمرَ اللهُ بالإيمانِ بهِ، {وَيَعْمَلْ صَالِحًا} مِن الفرائضِ والنَّوافلِ، مِن أداءِ حقوقِ اللهِ وحقوقِ عبادِهِ. {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} فيها ما تشتهيهِ الأنفسُ، وتلذُّ الأعينُ، وتختارُهُ الأرواحُ، وتحنُّ إليهِ القلوبُ، ويكونُ نهايةَ كلِّ مرغوبٍ، {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} أي: كفرُوا بها مِن غيرِ مستنَدٍ شرعيٍّ ولا عقليٍّ، بل جاءَتْهم الأدلَّةُ والبيِّناتُ، فكذَّبُوا بها، وعاندُوا ما دلَّتْ عليهِ.
{أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} لأنَّها جمعَتْ كلَّ بؤسٍ وشدَّةٍ، وشقاءٍ وعذابٍ.
قالَ اللهُ تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ} الآياتِ:
يقولُ تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} وهذا عامٌّ لجميعِ المصائبِ، في النَّفسِ، والمالِ، والولدِ، والأحبابِ، ونحوِهم، فجميعُ ما أصابَ العبادَ، فبقضاءِ اللهِ وقدرِهِ، قد سبقَ بذلكَ علمُ اللهِ، وجرى بهِ قلمُهُ، ونفذَتْ بهِ مشيئتُهُ، واقتضَتْهُ حكمتُهُ، ولكنَّ الشَّأنَ كلَّ الشَّأنِ، هل يقومُ العبدُ بالوظيفةِ الَّتي عليهِ في هذا المقامِ، أم لا يقومُ بها؟ فإنْ قامَ بها، فلهُ الثَّوابُ الجزيلُ، والأجرُ الجميلُ، في الدُّنيا والآخرةِ، فإذا آمنَ أنَّها مِن عندِ اللهِ، فرضيَ بذلكَ، وسلَّمَ لأمرِهِ، هدى اللهُ قلبَهُ، فاطمأنَّ ولم ينزعجْ عندَ المصائبِ، كما يجري ممَّن لم يهدِ اللهُ قلبَهُ، بل يرزقُهُ الثَّباتَ عندَ ورودِها والقيامَ بموجبِ الصَّبرِ، فيحصلُ لهُ بذلكَ ثوابٌ عاجلٌ، معَ ما يدَّخرُ اللهُ لهُ يومَ الجزاءِ مِن الأجرِ العظيمِ كما قالَ تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10]، وعُلِمَ مِن هذا أنَّ مَن لم يؤمنْ باللهِ عندَ ورودِ المصائبِ، بأنْ لم يلحظْ قضاءَ اللهِ وقدرِهِ، بل وقفَ معَ مجرَّدِ الأسبابِ، أنَّهُ يُخذَلُ، ويكلُهُ اللهُ إلى نفسِهِ، وإذا وكلَ العبدَ إلى نفسِهِ، فالنَّفسُ ليسَ عندَها إلَّا الهلعُ والجزعُ الَّذي هوَ عقوبةٌ عاجلةٌ على العبدِ، قبلَ عقوبةِ الآخرةِ، على ما فرَّطَ في واجبِ الصَّبرِ. هذا ما يتعلَّقُ بقولِهِ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} في مقامِ المصائبِ الخاصِّ، وأمَّا ما يتعلَّقُ بها مِن حيثُ العمومِ اللَّفظيِّ، فإنَّ اللهَ أخبرَ أنَّ كلَّ مَن آمنَ أي: الإيمانَ المأمورَ بهِ، وهوَ الإيمانُ باللهِ وملائكتِهِ وكتبِهِ ورسلِهِ واليومِ الآخرِ والقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ، وصدَّقَ إيمانُهُ بما يقتضيهِ الإيمانُ مِن القيامِ بلوازمِهِ وواجباتِهِ، أنَّ هذا السَّببَ الَّذي قامَ بهِ العبدُ أكبرُ سببٍ لهدايةِ اللهِ لهُ في أحوالِهِ وأقوالِهِ، وأفعالِهِ وجميعِ أحوالِهِ وفي علمِهِ وعملِهِ.
وهذا أفضلُ جزاءٍ يعطيهِ اللهُ لأهلِ الإيمانِ، كما قالَ تعالى مخبِرًا أنَّهُ يثبِّتُ المؤمنينَ في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ. وأصلُ الثَّباتِ: ثباتُ القلبِ وصبرُهُ، ويقينُهُ عندَ ورودِ كلِّ فتنةٍ، فقالَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم:27]، فأهلُ الإيمانِ أهدى النَّاسِ قلوبًا، وأثبتُهم عندَ المزعجاتِ والمقلقاتِ، وذلكَ لما معَهم مِن الإيمانِ.
وقولُهُ: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} أي: في امتثالِ أمرِهما، واجتنابِ نهيِهما، فإنَّ طاعةَ اللهِ وطاعةَ رسولِهِ، مدارُ السَّعادةِ، وعنوانُ الفلاحِ، {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} أي: عن طاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِهِ، {فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} أي: يبلغُكم ما أُرسِلَ بهِ إليكم، بلاغًا بيِّنًا واضحًا فتقومُ عليكم بهِ الحجَّةُ، وليسَ بيدِهِ مِن هدايتِكم، ولا مِن حسابِكم مِن شيءٍ، وإنَّما يحاسبُكم على القيامِ بطاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِهِ، أو عدمِ ذلكَ، عالمُ الغيبِ والشَّهادةِ.
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} أي: هوَ المستحِقُّ للعبادةِ والألوهيَّةِ، فكلُّ معبودٍ سواهُ فباطلٌ، {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي: فيلعتمدوا عليهِ في كلِّ أمرٍ نابَهم، وفيما يريدونَ القيامَ بهِ، فإنَّهُ لا يتيسَّرُ أمرٌ مِن الأمورِ إلَّا باللهِ، ولا سبيلَ إلى ذلكَ إلَّا بالاعتمادِ على اللهِ، ولا يتمُّ الاعتمادُ على اللهِ، حتَّى يُحسِنَ العبدُ ظنَّهُ بربِّهِ، ويثقُ بهِ في كفايتِهِ الأمرَ الَّذي يعتمدُ عليهِ بهِ، وبحسبِ إيمانِ العبدِ يكونُ توكُّلُهُ قوَّةً وضعفًا.
انتهى.