الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الملك/(2) من قوله تعالى {ولقد زينا السماء الدنيا} الآية 5 إلى قوله تعالى {فاعترفوا بذنبهم} الآية 11

(2) من قوله تعالى {ولقد زينا السماء الدنيا} الآية 5 إلى قوله تعالى {فاعترفوا بذنبهم} الآية 11

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الملك

الدَّرس: الثَّاني

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشِّيطانِ الرجيمِ:

وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ * وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك:5-10]

– الشيخ : أعوذ بالله، إلى هنا، نسأل الله العافية، أعوذ بالله.

يُخبِرُ تعالى عن بعضِ آياتِه الكونيَّة السَّماويَّة، فبعدما ذكرَ أنه خلقَ سبعَ سماواتٍ طِباقًا، ذكر أنه زيَّنَ السماءَ الدُّنيا بزينةٍ وهي النجومُ وسمَّاها مصابيحَ؛ لأنَّها مضيئةٌ تثقبُ ظلامَ الليل: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} فذكرَ الله حِكمتَيْنِ في خلقِ هذه النُّجوم: زينةٌ للسماءِ، ورجومٌ للشياطين، اللهُ يذكر هذا في مواضع {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ} [الحجر:16-18] النجومُ فيها أمورٌ كذلك زينةٌ للسماءِ ورجومٌ للشياطين وعلاماتٌ يُهتدى بها {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل:16] {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام:97] فهذه ثلاثُ حِكَمٍ، وهي في نفسِ الوقتِ آياتٌ دالَّةٌ على قدرةِ مَنْ خلقَها وعلى حكمتِه ورحمتِه -سبحانه وتعالى-.

يقولُ تعالى في الشياطينِ: {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} أعدَّ اللهُ للشياطين عذابَ السَّعير، عذابُ جهنم.

{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} وأعدَّ اللهُ للذين كفروا بربِّهم كذلك عذابَ جهنم {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} بئسَ المصيرِ جهنَّم.

ثم يخبرُ تعالى عن حالِ الكافرين في دخولِ النَّارِ، وأنَّهم يُلْقُونَ فيها إلقاءً ويُطرَحونَ طَرحًا {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [فصلت:40] {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ} فجهنَّمُ -والعياذ بالله- تتطلَّعُ لأهلِها للكفارِ تتطلَّعُ إليهم {إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان:12] وفيها غَيظٌ على الكافرينَ سبحان الله! أعوذ بالله.

{سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} "تَمَيَّزُ" تتقطَّعُ مِنَ الْغَيْظِ والحَنَقِ على الكافرين

ويقول تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} خَزَنَةُ النارِ الملائكةُ الموكَّلونَ بالنَّارِ يَسألون الكفارَ كلمَّا يُلقَى فيها فوجٌ يسألونَه {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} استفهامٌ توبيخٌ لهم {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} فيُخبَرُون عن ما كان منهم في الدنيا معَ النذر التي جاءتْهم فإنَّهم كذَّبوهم وقالوا: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} يقولونَ للرسلِ: أنتم في ضلالِ كبيرٍ.

وقالَ أصحابُ النارِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} لكن لم نَسمعْ ولمْ نعقِلْ، لم نستعملْ عقولَنا ولم نَستجبْ لدعوةِ الرُّسل، فلم يَعملوا بموجَبِ العقلِ ولا مُوجَب النقلِ فلا عقلَ ولا نقلَ {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} قال الله: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا} أي: بُعْدًا {فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} وفي ذكر هذه الآياتِ وحالِ جهنَّم وحالِ الكافرين وإلقائِهم فيها أبلغُ واعظٍ وأبلغُ تحذيرٍ لِمَنْ بلغتْهُ هذه الآيات، فنسألُ الله أن يـَمُنَّ علينا بالثباتِ على دينِه -دينَ الإسلام- ونسألُهُ -تعالى- أن يثبتَنا وإيَّاكم على دينِه وأن يعصمَنا مِن كيدِ الشيطانِ إنَّه سميعُ الدعاء، نعوذ بالله مِن الشيطان، نعوذ بالله مِن الشيطان الرجيم.

 

(تفسيرُ السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين. قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعديّ -رحمه الله تعالى-:

ثم صرَّح بذكرِ حُسنِهَا فقال: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} الآيات.

أَيْ: وَلَقَدْ جَمَّلْنَا {السَّمَاءَ الدُّنْيَا} الَّتِي تَرَوْنَهَا وَتَلِيكُمْ، {بِمَصَابِيحَ} وَهِيَ: النُّجُومُ، عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي النُّورِ وَالضِّيَاءِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا مَا فِيهَا مِنَ النُّجُومِ لَكَانَتْ سَقْفًا مُظْلِمًا، لَا حُسْنَ فِيهِ وَلَا جَمَالَ.

– الشيخ : تأمَّلُوا النجومَ إذا خرجتُمْ إلى البَرِّ في الليالي المظلمةِ كيف ترونَ النُّجومَ وهِيَ تتلألأُ في السماءِ؟ أنواع وأشكالٌ سبحان الله العظيم! يعني تجدون هذه الحقيقةَ حقيقة الزينةِ، كيف لو لم تكنْ فيها هذه النجومُ لكان ظلامًا دامسًا لا حُسْنَ فيهِ، أمَّا الليالي الـمُقمرَة فلا يظهرُ فيها أثرُ النُّجومِ الكثيرةِ؛ لأنَّ القمرَ ضوؤُهُ أو نورُهُ يَغلبُ؛ لأنَّه منتشرٌ على الأرض، وكذلك في نظرِ الناظرين، لكن إذا كانَتْ الليالي المظلمة مثلَ أول الشهر وآخر الشهر إذا كان في أثناءِ الليل تجدُ النجومَ كيفَ تتلألأُ، أمرُها عجيب!

 

– القارئ : وَلَكِنْ جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ النُّجُومَ زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَجَمَالًا وَنُورًا وَهِدَايَةً يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَلَا يُنَافِي إِخْبَارُهُ أَنَّهُ زَيَّنَ السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ، أَنْ يَكُونَ كَثِيرٌ مِنَ النُّجُومِ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، فَإِنَّ السَّمَاوَاتَ شَفَّافَةٌ، وَبِذَلِكَ تَحْصُلُ الزِّينَةُ لِلسَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْكَوَاكِبُ فِيهَا، {وَجَعَلْنَاهَا} أَيِ: الْمَصَابِيحُ {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} الَّذِينَ يُرِيدُونَ اسْتِرَاقَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَجَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ النُّجُومَ، حِرَاسَةً لِلسَّمَاءِ

– الشيخ : الشيخ يُنَبِّهُ على شيءٍ وهو أنَّ اللهَ أخبر بأنَّه زيَّنَ السماءَ الدنيا بالمصابيحِ ولا يلزمُ مِن ذلك أن تكونَ هذه النجوم أنَّها في السماءِ الدنيا بل قد تكونُ في السَّماء الثانيةِ أو الثالثةِ أو الرابعة أو السابعةِ أيضًا، ولهذا يقولُ المفسِّرونَ: إنَّ القمرَ في السَّماءِ الدنيا، والشمسُ في السماءِ الرابعةِ، ويستدلُّونَ على ذلك بالكسوفِ، فكسوفُ الشمس يكون بِحَيْلُولَةِ ظِلِّ القمرِ فيَحجبُ الشمسَ؛ لأنَّه دونَها، كذا يقولون والله أعلم. فيقولُ الشيخُ: أنَّ كونَها زينةً للسَّماء لا يُنافي أن تكونَ كثيرٌ منها في السَّماءِ السابعة أيضًا لأنَّها تشاهَدُ وإن كانَتْ..، وهي زينةٌ للسماءِ الدنيا.

 

– القارئ : فَجَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ النُّجُومَ حِرَاسَةً لِلسَّمَاءِ عَنْ تَلَقُّفِ الشَّيَاطِينَ أَخْبَارَ الْأَرْضِ، فَهَذِهِ الشُّهُبُ الَّتِي تُرْمَى مِنَ النُّجُومِ، أَعَدَّهَا اللَّهُ فِي الدُّنْيَا لِلشَّيَاطِينِ، {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ} فِي الْآخِرَةِ {عَذَابَ السَّعِيرِ} لِأَنَّهُمْ تَمَرَّدُوا عَلَى اللَّهِ، وَأَضَلُّوا عِبَادَهُ، وَلِهَذَا كَانَ أَتْبَاعُهُمْ مِنَ الْكَفَّارِ مِثْلَهُمْ، قَدْ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ، فَلِهَذَا قَالَ: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الَّذِي يُهَانُ أَهْلُهَا غَايَةَ الْهَوَانِ.

{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} عَلَى وَجْهِ الْإِهَانَةِ وَالذُّلِّ {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} أَيْ: صَوْتًا عَالِيًا فَظِيعًا، وَهِيَ تَفُورُ.

{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} أَيْ: تَكَادُ -عَلَى اجْتِمَاعِهَا- أَنْ يُفَارِقَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَتَقَطَّعَ مِنْ شِدَّةِ غَيْظِهَا عَلَى الْكُفَّارِ، فَمَا ظَنُّكَ مَا تَفْعَلُ بِهِمْ، إِذَا حَصَلُوا فِيهَا؟!

ثُمَّ ذَكَرَ تَوْبِيخَ الْخَزَنَةِ لِأَهْلِهَا فَقَالَ: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}؟ أَيْ: حَالُكُمْ هَذَا وَاسْتِحْقَاقُكُمُ النَّارِ، كَأَنَّكُمْ لَمْ تُخْبَرُوا عَنْهَا، وَلَمْ تُحَذِّرْكُمُ النُّذُرُ مِنْهَا.

{قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} فَجَمَعُوا بَيْنَ تَكْذِيبِهِمِ الْخَاصِّ، وَالتَّكْذِيبِ الْعَامِّ بِكُلِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَمْ يَكْفِهِمْ ذَلِكَ، حَتَّى أَعْلَنُوا بِضَلَالِ الرُّسُلِ الْمُنْذِرِينَ وَهُمُ الْهُدَاةُ الْمُهْتَدُونَ، وَلَمْ يَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ الضَّلَالِ، بَلْ جَعَلُوا ضَلَالَهُمْ، ضَلَالًا كَبِيرًا، فَأَيُّ عِنَادٍ وَتَكَبُّرٍ وَظُلْمٍ يُشْبِهُ هَذَا؟

{وَقَالُوا} مُعْتَرِفِينَ بِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلْهُدَى وَالرَّشَادِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} فَنَفَوْا عَنْ أَنْفُسِهِمْ طُرُقَ الْهُدَى، وَهِيَ السَّمْعُ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَجَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَالْعَقْلُ الَّذِي يَنْفَعُ صَاحِبَهُ، وَيُوقِفُهُ عَلَى حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ وَإِيثَارِ الْخَيْرِ وَالِانْزِجَارِ عَنْ كُلِّ مَا عَاقِبَتُهُ ذَمِيمَةٌ، فَلَا سَمْعَ لَهُمْ وَلَا عَقْلَ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَهْلِ الْيَقِينِ وَالْعِرْفَانِ، وَأَرْبَابِ الصِّدْقِ وَالْإِيمَانِ، فَإِنَّهُمْ أَيَّدُوا إِيمَانَهُمْ بِالْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ، فَسَمِعُوا مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَجَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً وَعَمَلًا.

وَالْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ: الْمُعَرِّفَةُ لِلْهُدَى مِنَ الضَّلَالِ، وَالْحُسْنِ مِنَ الْقَبِيحِ، وَالْخَيْرِ مِنَ الشَّرِّ، وَهُمْ -فِي الْإِيمَانِ- بِحَسَبِ مَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهِ مِنَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ، فَسُبْحَانَ مَنْ يَخْتَصُّ بِفَضْلِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَيَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَيَخْذُلُ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْخَيْرِ.

قَالَ تَعَالَى عَنْ هَؤُلَاءِ الدَّاخِلِينَ لِلنَّارِ، الْمُعْتَرِفِينَ بِظُلْمِهِمْ وَعِنَادِهِمْ: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ} أَيْ: بُعْدًا لَهُمْ وَخَسَارَةً وَشَقَاءً.

فَمَا أَشْقَاهُمْ وَأَرْدَاهُمْ، حَيْثُ فَاتَهُمْ ثَوَابُ اللَّهِ، وَكَانُوا مُلَازِمِينَ لِلسَّعِيرِ، الَّتِي تَسْتَعِرُ فِي أَبْدَانِهِمْ، وَتَطَّلِعُ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ! انتهى

– الشيخ : أحسنت .