الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير جزء عم/سورة النبأ (1) من قوله تعالى {عم يتساءلون} الآية 1 إلى قوله تعالى {وسيرت الجبال فكانت سرابا} الآية 20
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

سورة النبأ (1) من قوله تعالى {عم يتساءلون} الآية 1 إلى قوله تعالى {وسيرت الجبال فكانت سرابا} الآية 20

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة النبأ

الدَّرس: الأوَّل

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ بالله من الشيطانِ الرجيمِ، بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا [النبأ:1-20]

– الشيخ : إلى هنا

الحمد لله هذه سورة النَّبَأ، النَّبَأ الْعَظِيمِ، وهي مكيَّة، افتُتحتْ بهذا الاستفهام: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} عن أيِّ شيءٍ يتساءلُ هؤلاء الكفار، قال الله: {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} قيل: هو القرآن، وقيل: هو البَعْث، وكلٌّ منهما حق، {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} مِن مُصدِّق ومِن مُكذِّب، لا، هذا في الكفار، إذًا كلُّهم مُكذِّبون لكن منهم مَنْ يقول: "هذا سِحر"، ومنهم مَنْ يقول: "كِهَانة"، ومنهم مَنْ يقولُ في الرسول: "أنه شاعرٌ، أو كاهن، أو مجنون"، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ}.

 قال الله: {كَلَّا} هذه كلمة تُفسَّرُ بمعنى الزَّجْر والرَّدْع، وبمعنى حق، حقًّا أنهم سيعلمون، أو أنَّ معناها في هذا السِّياق الزَّجْرُ والرَّدْعُ لهم حيث يُكذِّبون ويَشكُّون {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} ما كذَّبوا فيهِ وشكُّوا فيه، {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ} [القمر:26] {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ}.

ثم ذكَر الله -تعالى- بعض الأدلة على قدرتِهِ وعلى البعثِ مِن خلقِ الأرضِ والجبالِ والسماءِ والأرضِ والشمسِ والقمرِ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} اللهُ خلق الأرض وجعلَها مُمهَّدةً صالحةً للاستقرارِ عليها والعيشِ فيها حتى سمَّاها اللهُ فراشًا ومِهادًا {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} [طه:53] {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا}. 

{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} جعل الله الجبال أوتادًا للأرض أنْ تميدَ بهم.

{وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} خلقَ الله الناس أصنافًا وألوانًا مُختلفةَ الطباعِ والأخلاقِ والألوانِ واللسانِ {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}.

{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} جعلَ الله النوم للعباد سُبَاتًا راحةً يَقطعُ ما حصل لهم مِن العَنَاءِ والمشقَّةِ، فيَستجمُّون ويَستعيدون نشاطَهم وقوتَهم بالنومِ، ولهذا قال -تعالى- في الآية الأخرى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [الروم:23] الله يمتنُّ على عبادِهِ بهذه النعمةِ أن ينامُوا، كيف ينظرُ الإنسانُ إذا أُصيبَ بالأرقِ وصارَ يتقلَّب ويَستدعي النومَ ولا ينامُ، كيف تكون حالُهُ؟ 

{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} لباسٌ يسترُ هذا الوجود، يسترُ الأرض وما عليها بظلامِهِ، فشبَّهَهُ اللهُ باللِّباسِ الذي يَسترُ ما هو عليه مِن الأبدانِ وغيرِها، {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} جعلَ الله النهار مَيدانًا لطلبِ المعائشِ، وفي الآية الأخرى {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} [الفرقان:47] يعني وقتًا للانتشارِ والسَّعي في أرضِ الله.

{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} وهي السَّماواتُ السَّبْعُ، كلُّ ذلك مِن آيات الله، كلُّ هذا تَعْدَادٌ لآياتٍ من آيات الله: الأرض، والجبال، والليل، والنهار، والسماوات، والشمس، {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} وَهْجُ الشمسِ، لها وَهَجٌ ضوءٌ تحصلُ به الحرارةُ.

{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} وهي السُّحُبُ الـمُثْقَلاتِ بالماء {أَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} نُخرجُ بِه حبًا ونباتًا، الحب أنواعُ الحبوبِ وأنواعُ النباتِ، يُنْبِتُ به الجنَّات والبساتين ذاتَ الأشجارِ الـمُلْتَفَّة.

ثم قال تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} يوم الفصلُ هو يوم القيامةِ كما ذُكر في السورة التي قبلها {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات:15،14] {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} [المرسلات:38] فهو اسمٌ مِن أسماءِ القيامة، يومُ الفصل.

{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} يُنفَخُ  في الصُّور فيُبعَثُ الناسُ مِن القبورِ ويتوجَّهون إلى الدَّاعِ، يأتون إلى الدَّاعِ {فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا *  وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} السماءُ تُفَتَّحُ وتنفطرُ بالانشقاقِ والانفطارِ، هذا مِن جنسِ قولِه تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق:1] {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} [المرسلات:9] {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} [التكوير:11] فهذه العوالمُ تتغيَّرُ{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم:48] تتغيَّرُ عَنْ حالِها الآن، وكذلك الجبالُ بعدَ أن كانتْ شامخةً قويةً راسيةً تذهب ُكالصُّوفِ كالعِهْنِ المنفوشِ وتصير كالكَثِيْبِ ككُثْبَانِ الرَّمْلِ، {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل:14] بل تصيرُ سرابًا تذهب وتَضْمَحِلُّ {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا}.

 

(تفسير السعدي)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبه أجمعين. قالَ الشيخُ عبد الرحمن السَّعدي رحمه الله تعالى:

تفسيرُ سورةِ "عَمَّ"، وهِيَ مكيَّةٌ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}.

– الشيخ : هي المكتوبة في المصحف: "النبأ"؟

– القارئ : في المصحف؟! إي ما أدري والله

– الشيخ : كأنَّها تُسمَّى المشهور: "النَّبأ، سورةُ النبأ"، ويُسمِّيها بعض الناسِ بمَطلعها.

– القارئ : أَيْ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَسَاءَلُ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ؟ ثُمَّ بَيَّنَ مَا يَتَسَاءَلُونَ عَنْهُ فَقَالَ: عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} أَيْ: عَنِ الْخَبَرِ الْعَظِيمِ الَّذِي طَالَ فِيهِ نِزَاعُهُمْ، وَانْتَشَرَ فِيهِ خِلَافُهُمْ عَلَى وَجْهِ التَّكْذِيبِ وَالِاسْتِبْعَادِ، وَهُوَ النَّبَأُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الشَّكَّ وَلَا يَدْخُلُهُ الرَّيْبُ، وَلَكِنِ الْمُكَذِّبُونَ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ.

وَلِهَذَا قَالَ: {كَلا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ} أَيْ: سَيَعْلَمُونَ إِذَا نَزَلَ بِهِمِ الْعَذَابُ مَا كَانُوا بِهِ يُكَذِّبُونَ، حِينَ يُدَعُّوْنَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا، وَيُقَالُ لَهُمْ: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطور:14]

ثُمَّ ذَكَرَ -تَعَالَى- النِّعَمَ وَالْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فَقَالَ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا} الآيات:

أَيْ: أَمَا أَنْعَمْنَا عَلَيْكُمْ بِنِعَمٍ جَلِيلَةٍ، فَجَعَلَنَا لَكُمُ الأَرْضَ مِهَادًا أَيْ: مُمَهَّدَةً مُذَلَّلَةً لَكُمْ وَلِمَصَالِحِكُمْ، مِنَ الْحُرُوثِ وَالْمَسَاكِنِ وَالسُّبُلِ.

{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} تَمْسُكُ الْأَرْضَ لِئَلَّا تَضْطَرِبَ بِكُمْ وَتَمِيدَ.

{وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} أَيْ: ذُكُورًا وَإِنَاثًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، لِيَسْكُنَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى الْآخَرِ، فَتَتَكُونُ الْمَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ، وَتَنْشَأُ عَنْهُمَا الذُّرِّيَّةُ، وَفِي ضِمْنِ هَذَا الِامْتِنَانِ بِلَذَّةِ الْمَنْكَحِ.

{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أَيْ: رَاحَةً لَكُمْ، وَقَطْعًا لِأَشْغَالِكُمُ الَّتِي مَتَى تَمَادَتْ بِكُمْ أَضَرَّتْ بِأَبْدَانِكُمْ، فَجَعَلَ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّوْمَ يَغْشَى النَّاسَ لِتَسْكُنَ حَرَكَاتُهُمِ الضَّارَّةُ، وَتَحْصُلُ رَاحَتُهُمُ النَّافِعَةُ.

{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} أَيْ: سَبْعُ سَمَاوَاتٍ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَالصَّلَابَةِ وَالشِّدَّةِ، وَقَدْ أَمْسَكَهَا اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ، وَجَعَلَهَا سَقْفًا لِلْأَرْضِ، فِيهَا عِدَّةُ مَنَافِعَ لَهُمْ، وَلِهَذَا ذَكَرَ مِنْ مَنَافِعِهَا الشَّمْسَ فَقَالَ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} نَبَّهَ بِالسِّرَاجِ عَلَى النِّعْمَةِ بِنُورِهَا الَّذِي صَارَ ضَرُورَةً لِلْخَلْقِ، وَبِالْوَهَّاجِ -وَهِيَ حَرَارَتُهَا- عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْإِنْضَاجِ وَالْمَنَافِعِ.

{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} أَيِ: السَّحَابُ {مَاءً ثَجَّاجًا} أَيْ: كَثِيرًا جِدًّا.

{لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا} مِنْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ وَذَرَّةٍ وَأُرْزٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْكُلُهُ الْآدَمِيُّونَ.

{وَنَبَاتًا} يَشْمَلُ سَائِرَ النَّبَاتِ، الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ قُوتًا لِمَوَاشِيهِمْ.

{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} أَيْ: بَسَاتِينُ مُلْتَفَّةٌ، فِيهَا مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ الْفَوَاكِهِ اللَّذِيذَةِ. فَالَّذِي أَنْعَمَ بِهَذِهِ النِّعَمِ الْجَلِيلَةِ، الَّتِي لَا يُقَدَّرُ قَدْرُهَا، وَلَا يُحْصِي عَدَّهَا، كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِهِ وَتُكَذِّبُونَ مَا أَخْبَرَكُمْ بِهِ مِنَ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ؟! أَمْ كَيْفَ تَسْتَعِينُونَ بِنِعَمِهِ عَلَى مَعَاصِيهِ وَتَجْحَدُونَهَا؟

قال الله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} الآيات.

– الشيخ : صارت العبارة: "لا يُقْدَرُ قدرُها ولا يُحصَى عَدُّها" كأنه ما ذكرَ الفاعل "لا يُقدَرُ قَدْرُها ولا يُحصَى عدُّهَا"

– القارئ : فالذي أنعمَ بهذهِ النِّعَمِ العظيمةِ، التي لا يُقدَرُ قدرَها، ولا يُحصَى عَدُّهَا كيفَ تكفرونَ بِهِ وتُكذِّبونَ ما أخبرَكُم به مِن البعثِ والنشورِ؟! أم كيفَ تستعينونَ بنِعَمِهِ على معاصيهِ وتجحدُونَها؟

قالَ الله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} الآيات.

ذَكَرَ الله تَعَالَى مَا يَكُونُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ الَّذِي يَتَسَاءَلُ عَنْهُ الْمُكَذِّبُونَ، وَيَجْحَدُهُ الْمُعَانِدُونَ، أَنَّهُ يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ مِيقَاتًا لِلْخَلْقِ.

{يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} وَيَجْرِي فِيهِ مِنَ الزَّعَازِعِ وَالْقَلَاقِلِ مَا يَشِيبُ لَهُ الْمَوْلُودُ، وَتَنْزَعِجُ لَهُ الْقُلُوبُ، فَتَسِيرُ الْجِبَالُ، حَتَّى تَكُونَ كَالْهَبَاءِ الْمَبْثُوثِ، وَتَنْشَقُّ السَّمَاءُ حَتَّى تَكُونَ أَبْوَابًا، وَيَفْصِلُ اللَّهُ بَيْنَ الْخَلَائِقِ بِحُكْمِهِ الَّذِي لَا يَجُورُ، وَتُوقَدُ نَارُ جَهَنَّمَ الَّتِي أَرْصَدَهَا اللَّهُ وَأَعَدَّهَا لِلطَّاغِينَ، وَجَعَلَهَا مَثْوًى لَهُمْ وَمَآبًا، وَأَنَّهُمْ يَلْبَثُونَ فِيهَا أَحْقَابًا كَثِيرَةً وَالْحُقُبُ عَلَى مَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: ثَمَانُونَ سَنَةً.

فَإِذَا وَرَدُوهَا {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا} أَيْ: لَا مَا يُبَرِّدُ جُلُودَهُمْ، وَلَا مَا يَدْفَعُ ظَمَأَهُمْ.

{إِلا حَمِيمًا} أَيْ: مَاءً حَارًّا، يَشْوِي وُجُوهَهُمْ،

– الشيخ : نعوذ بالله من النار، إلى هنا، الشيخ دخل في الآيات التي ما وصلنا إليها

– القارئ : {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا}

– الشيخ : {وَلَا شَرَابًا} {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلطَّاغِينَ مَآبًا * لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}، أعوذ بالله من النار .