بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة عبس
الدَّرس: الأوَّل
*** *** ***
– القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم
عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ [عبس:1-23]
– الشيخ : إلى هنا
بسم الله الرحمن الرحيم، هذه سورةُ عبس، وهي مكيَّةٌ فيما يظهرُ، وافتُتحت هذه السورة بعتابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم.
{عَبَسَ وَتَوَلَّى} العُبُوسُ: تغيُّرُ الوجه -معروف- لحصولِ ما يكرهُهُ الإنسان، والتولِّي: الإعراض، وذلك أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلَّم- كان حريصًا على هدايةِ الخلق جميعًا، ومِن حرصِه أنه كان حريصًا على هداية كبار قريش وأعيانِهم ورؤسائهم رجاءَ أن يهتدي بهدايتِهم أتباعَهم، وكانوا يطلبون مِن النبي أن يُبْعِدَ عنهم هؤلاءِ المستضعفين كابنِ أُمِّ مكتومٍ الأعمى وفلان وفلان وصُهيب وآخرين مِن الـمُستضعفين، فأمر الله نبيه أن يصبرَ مع أولئك الـمُستضعفين ولا يُبالي بأولئك الـمُشركين والكُبَراء كما في قوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28] وهكذا جاءَ في هذه السورة: فإن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أعرضَ عن ابن أمِّ مكتومٍ الأعمى فعاتبَهُ الله على ذلك بقوله:
{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} ما عليكَ مِن أولئك الكُبَرَاء ألَّا يَهتدوا، {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:52] فلا تَعْبَأْ بهم، ففي هذا وصيةٌ بهذا الأعمى وأمثالِه من المستضعفين، والوصيةُ بعدم الـمُبالاة بالـمُستكبرين، لا تُبالِ بهم، {مَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى}، وهؤلاء المستضعفين عليكَ أن تصبرَ معهم وتُقَرِّبهم وترفقَ بهم فلعلَّهم ينتفعون ويهتدون.
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} هذا القرآن تذكرةٌ لِمَنْ يتذكَّر به، فالشأنُ مَن تذكَّر بِه وقَبِلَهُ فهذا هو الذي يجب أن يُقرَّب ويُحتفَى به ويُعتنى به {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [المدثر:55،54]
{فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} هذه التذكرة في صحفٍ وهي صحفُ الملائكة، الصحفُ التي في أيدي الملائكة، فهذا القرآن مكتوبٌ باللوح المحفوظ ومكتوبٌ في الصحف التي في أيدي الملائكة، ومكتوبٌ في صحف المؤمنين وهي المصاحفُ التي بأيدي المسلمين.
{فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} هم الملائكة {كِرَامٍ بَرَرَةٍ}.
{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} هذا دعاء وفُسِّرَ باللَّعْن، {قُتِلَ الْإِنْسَانُ} يعني: الكافر الذي أنكرَ البعثَ وكفرَ بربِّه {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ} ففي هذا إشارةٌ إلى الدليل على قدرته تعالى على البعث، فالذي أنشأ الإنسان أول مرة من تراب ثم مِن نطفة قادر على أن يُحييه بعدَ موتِهِ وصيرورتِهِ ترابًا أو رُفَاتًا وعظامًا، {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ..}؟
{مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} قيلَ: يسَّرَهُ إلى السبيلِ كقوله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان:3] وقوله: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10] يعني هديناهُ الطريقَ، طريق الخير وطريقَ الشر، يعني بيَّنَّا له الطريقين لِيَسْلُكَ ما هو الخيرُ له منهما، وقالَ بعضهم: يَسَّرَهُ إلى طريقِ خروجِه مِن بطنِ أمه {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} والأولُ هو الأظهر الذي تعضدُهُ وتشهدُ له الآياتُ.
{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} فهذه بدايتُه وهذه نهايتهُ، فأشار إلى البدايةِ وهي خَلْقُهُ مِن نطفةٍ، والنهايةُ أنه أماتَهُ فأقبرَهُ، لما ذكَرَ اللهُ أطوارَ الخلق قال الله بعد ذلك: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون:16،15] فهذه نهايةُ الإنسان الموت ثمَّ القبرُ ثم البعثُ، ثم إلى المصيرِ الأخير الجنة أو النار.
{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} يعني بعثَه، بعد الموت والدَّفْن في الأرض والقبرِ النُّشور، {ثُمَّ إِذَا شَاءَ} سبحانه وتعالى {أَنْشَرَهُ} يعني أحياهُ وبعثَه وأخرجَه.
{كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} هذا الإنسانُ لم يقضِ ما أمرَه الله به ولم يقمْ بحقِّه سبحانه وتعالى.. إلى آخر السورة.
(تفسيرُ السعدي)
– القارئ : أحسنَ الله إليك، بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين. قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعديّ -رحمه الله تعالى-:
تَفْسِيرُ سُورَةِ عَبَسَ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {عَبَسَ وَتَوَلَّى} الآيات.
سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ، أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْمَى يَسْأَلُ النَّبِيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلمَ- وَيَتَعَلَّمُ مِنْهُ.
وَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ، وَكَانَ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرِيصًا عَلَى هِدَايَةِ الْخَلْقِ، فَمَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْغَى إِلَى الْغَنِيِّ، وَصَدَّ عَنِ الْأَعْمَى الْفَقِيرِ؛ رَجَاءً لِهِدَايَةِ ذَلِكَ الْغَنِيِّ، وَطَمَعًا فِي تَزْكِيَتِهِ، فَعَاتَبَهُ الله بِهَذَا الْعِتَابِ اللَّطِيفِ، فَقَالَ: {عَبَسَ} أَيْ: فِي وَجْهِهِ {وَتَوَلَّى} فِي بَدَنِهِ، لِأَجْلِ مَجِيءِ الْأَعْمَى لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْفَائِدَةَ فِي الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ} أَيِ: الْأَعْمَى {يَزَّكَّى} أَيْ: يَتَطَهَّرُ عَنِ الْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ، وَيَتَّصِفُ بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ؟
{أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} أَيْ: يَتَذَكَّرُ مَا يَنْفَعُهُ، فَيَنْتَفِعُ بِتِلْكَ الذِّكْرَى.
وَهَذِهِ فَائِدَةٌ كَبِيرَةٌ، هِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ بِعْثَةِ الرُّسُلِ، وَوَعْظِ الْوُعَّاظِ، وَتَذْكِيرِ الْمُذَكِّرِينَ، فَإِقْبَالُكَ عَلَى مَنْ جَاءَ بِنَفْسِهِ مُفْتَقِرًا لِذَلِكَ مُقْبِلًا، هُوَ الْأَلْيَقُ الْوَاجِبُ، وَأَمَّا تَصَدِّيكَ وَتَعَرُّضُكَ لِلْغَنِيِّ الْمُسْتَغْنِي الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَلَا يَسْتَفْتِي لِعَدَمِ رَغْبَتِهِ فِي الْخَيْرِ، مَعَ تَرْكِكَ مَنْ أَهَمُّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ لَا يَزَّكَّى، فَلَوْ لَمْ يَتَزَكَّ فَلَسْتُ بِمُحَاسَبٍ عَلَى مَا عَمِلَهُ مِنَ الشَّرِّ.
فَدَلَّ هَذَا عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ: أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ، وَلَا مَصْلَحَةٌ مُتَحَقِّقَةٌ لِمَصْلَحَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ" وَأَنَّهُ يَنْبَغِي الْإِقْبَالُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ، الْمُفْتَقِرِ إِلَيْهِ، الْحَرِيصِ عَلَيْهِ أَزِيدُ مِنْ غَيْرِهِ.
قال الله تعال: {كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} الآيات.
يَقُولُ تَعَالَى: {كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} أَيْ: حَقًّا إِنَّ هَذِهِ الْمَوْعِظَةَ تَذْكِرَةٌ مِنَ الله، يُذَكِّرُ بِهَا عِبَادَهُ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَيُبَيِّنُ الرُّشْدَ مِنَ الْغَيِّ، فَإِذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} أَيْ: عَمِلَ بِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29]
ثُمَّ ذَكَرَ مَحَلَّ هَذِهِ التَّذْكِرَةِ وَعِظَمِهَا وَرِفَعِ قَدْرَهَا، فَقَالَ: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٌ} الْقَدَرِ وَالرُّتْبَةِ {مُطَهَّرَةٍ} مِنَ الْآفَاقِ وَعَنْ أَنْ تَنَالَهَا أَيْدِي الشَّيَاطِينِ أَوْ يَسْتَرِقُوهَا، بَلْ هِيَ {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ هُمُ السُّفَرَاءُ بَيْنَ الله وَبَيْنَ عِبَادِهِ، {كِرَامٍ} أَيْ: كَثِيرِي الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، {بَرَرَةٍ} قُلُوبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ.
وَذَلِكَ كُلُّهُ حِفْظٌ مِنَ الله لِكِتَابِهِ، أَنْ جَعَلَ السُّفَرَاءَ فِيهِ إِلَى الرُّسُلِ الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ الْأَقْوِيَاءِ الْأَتْقِيَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِلشَّيَاطِينِ عَلَيْهِ سَبِيلًا، وَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْإِيمَانَ بِهِ وَتَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا أَبَى الْإِنْسَانُ إِلَّا كُفُورًا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} لِنِعْمَةِ الله وَمَا أَشَدَّ مُعَانَدَتَهُ لِلْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ، وَهُوَ مَا هُوَ؟ هُوَ مِنْ أَضْعَفِ الْأَشْيَاءِ، خَلَقَهُ الله مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، ثُمَّ قَدَّرَ خَلْقَهُ، وَسِوَّاهُ بَشَرًا سَوِيًّا، وَأَتْقَنَ قُوَاهُ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ.
{ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} أَيْ: يَسَّرَ لَهُ الْأَسْبَابَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ، وَهُدَاهُ السَّبِيلَ، وَبَيَّنَهُ وَامْتَحَنَهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} أَيْ: أَكْرَمُهُ بِالدَّفْنِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تَكُونُ جِيَفُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} أَيْ: بَعَثَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْجَزَاءِ، فَالله هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِتَدْبِيرِ الْإِنْسَانِ وَتَصْرِيفِهِ بِهَذِهِ التَّصَارِيفِ، لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ مُشَارِكٌ، وَهُوَ -مَعَ هَذَا- لَا يَقُومُ بِمَا أَمَرَهُ الله، وَلَمْ يَقْضِ مَا فَرَضَهُ عَلَيْهِ، بَلْ لَا يَزَالُ مُقَصِّرًا تَحْتَ الطَّلَبِ.
ثُمَّ أَرْشَدَهُ الله إِلَى النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ
– الشيخ : إلى آخره، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله.