الرئيسية/شروحات الكتب/فتح الرحيم الملك العلام/علم العقائد/(40) هذه النعوت العظيمة التي أخبر بها عن الله لا يمكن التعبير عن اثار معرفتها في قلوب العارفين

(40) هذه النعوت العظيمة التي أخبر بها عن الله لا يمكن التعبير عن اثار معرفتها في قلوب العارفين

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلاَّمِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ)
للشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصرالسّعدي
الدَّرس الأربعون

***    ***    ***    ***

 

– القارئ : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، اللَّهمَّ اغفرْ لشيخِنا وللحاضرينَ والمستمعينَ. قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ ناصرٍ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى وأسكنَهُ فسيحَ جنانِهِ- في كتابِهِ: "فَتحُ الرَّحيمِ الملكِ العَلَّامِ في عِلمِ العقَائِدِ وَالتَّوحيْدِ وَالأخْلاَقِ وَالأحكامِ المُستنَبَطةِ مِن القرآنِ" قالَ رحمَهُ اللهُ تعالى:

خامسًا: هذهِ النُّعوتُ العظيمةُ الَّتي أُخبِرَ بها عن اللهِ، لا يمكنُ التَّعبيرُ عن آثارِ معرفتِها في قلوبِ العارفينَ بها مِن التَّعظيمِ والإجلالِ الَّذي ليسَ لهُ نظيرٌ، ومِن الودِّ والسُّرورِ والابتهاجِ الَّذي لذَّاتُ الدُّنيا بالنِّسبةِ إليهِ أقلُّ مِن قطرةٍ بالنِّسبةِ إلى البحرِ، وهم خلقٌ لا يُحصي عددَهم إلَّا الَّذي خلقَهم، وهم عِلْيَةُ الخلقِ، وخلاصةُ الوجودِ، وأكملُ النَّاسِ أخلاقًا وآدابًا، وأرجحُهم عقولاً وأصوبُهم، إلَّا وقد اتَّفقُوا على هذا الأمرِ العظيمِ ليسَ اتِّفاقًا علميًّا فحسبُ، بل هوَ اتِّفاقٌ اعتقاديٌّ علميٌّ يقينيٌّ وجدانيٌّ ضروريٌّ.

فهذا الاتِّفاقُ الَّذي ليسَ لهُ نظيرٌ، وهوَ مِن آثارِ ما أخبرَ بهِ النَّبيُّ محمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ربِّهِ مِن الكمالاتِ مِن أعظمِ البراهينِ على صدقِ رسالتِهِ، وصحَّةِ ما جاءَ بهِ مِن التَّوحيدِ الخالصِ.

فإنْ قلْتَ: قد يتَّفقُ طوائفُ مِن الخلقِ على بعضِ الأمورِ الَّتي ليسَتْ بحقٍّ ويكثرونَ جدًّا، وقد اتَّفقَ العقلاءُ على أنَّ ذلكَ ليسَ دليلاً على صوابِهم إنْ لم يكنْ لهم بذلكَ برهانٌ.

فالجوابُ: إنَّ الأمرَ كذلكَ، ولكنْ ما ذكرْنا مِن اتِّفاقِ أهلِ المعرفةِ باللهِ لا يشبهُهُ شيءٌ مِن تواطُؤِ الطَّوائفِ واتِّفاقِها، كما ذكرْنا أنَّهُ مبنيٌّ على العلمِ اليقينيِّ والبرهانِ الوجدانيِّ، والآثارِ الجليلةِ الَّتي لا يمكنُ أنْ تقعَ خطأً، أو عن غيرِ بصيرةٍ، وهم بهذا الوصفِ الَّذي ذكرْنا. ولهذا قالَ تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18] فذِكرُ شهادةِ أولي البصائرِ مِن الأنبياءِ والعلماءِ الرَّبَّانيِّينَ على التَّوحيدِ، وأنَّها مِن أعظمِ البراهينِ عليهِ.

وكذلكَ أخبرَ عن الملائكةِ والجنَّةِ والنَّارِ، وتفاصيلِ ذلكَ بأمورٍ يُعلَمُ أنَّهُ لا يمكنُ أنْ يأتيَ بها إلى نبيٍّ مرسَلٍ، مُوحىً إليهِ مِن اللهِ بذلكَ. فمعارفُ الخلقِ وعلومُهم تقصرُ غايةَ القصورِ عن بيانِ بعضِ ذلكَ ولكنَّها رحمةُ اللهِ وهدايتُهُ لعبادِهِ بعثَها على يدِ خاتمِ الرُّسلِ وأكملِهم رسالةً، وحظُّهم مِن هذهِ الرَّحمةِ بحسبِ نصيبِهم مِن هذهِ الهدايةِ.

وأمَّا الغيوبُ الحاضرةُ والمستقبَلةُ الدَّالُ كلُّ واحدٍ منها على صدقِهِ وحقيَّةِ ما جاءَ بهِ، فكيفَ بجميعِها، فكيفَ إذا انضمَّتْ إلى براهينِ رسالتِهِ الَّتي لا تُحصَى أجناسُها، فضلاً عن أفرادِها.

فمِن ذلكَ ما في القرآنِ مِن وعدِهِ لرسولِهِ محمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنْ يتمَّ اللهُ أمرَهُ وينصرَهُ، ويعليَ دينَهُ ويظهرَهُ على الدِّينِ كلِّهِ، ويخذلَ أعداءَهُ ويجعلَهم مغلوبينَ مقهورينَ أذلِّينَ.

وهذا كثيرٌ جدًّا مثلُ قولِهِ تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:9]، وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8]، وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً [الفتح:3]، وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه [الأنفال:39]، قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:12]، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ [الأنفال:36]، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} [الأنفال:64]، إلى غيرِ ذلكَ مِن الآياتِ الَّتي أخبرَ بها هذهِ الأمورَ العظيمةَ والأوعادَ الصَّادقةَ الَّتي وقعَتْ طِبقَ ما أخبرَ اللهُ بهِ، فازدادَ بذلكَ المؤمنونَ إيمانًا. ولهذا يذكرُ تعالى نعمتَهُ في قولِهِ تذكيرًا لعبادِهِ المؤمنينَ: وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الأنفال:26]

وكذلكَ قولُهُ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الأنفال:70] وقد فعلَ ذلكَ.

وقولُهُ لرسولِهِ والمؤمنينَ: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ الآيةَ [الفتح:20]، وقد فعلَ.

وأخبرَ أنَّ صلحَ الحديبيةِ فتحٌ مبينٌ، معَ ما فيهِ مِن تلكَ الشُّروطِ الَّتي كرهَها أكثرُ المؤمنينَ، ثمَّ تبيَّنَ لكلِّ أحدٍ بعدَ ذلكَ أنَّهُ فتحٌ مبينٌ، فيهِ مِن المصالحِ للإسلامِ والمسلمينَ ما لا يمكنُ إحصاؤُهُ.

ومِن ذلكَ قولُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ [التوبة:28 ] الآيةَ، وقد وقعَ ذلكَ كلُّهُ.

وإخبارُهُ أنَّهُ سيتوبُ على كثيرٍ مِن أئمَّةِ الكفرِ، وينصرُ عبادَهُ عليهم كقولِهِ: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ [التوبة:14-15]، وقولِهِ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [آل عمران:128]، وقولِهِ: عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الممتحنة:7] وقد فعلَ ذلكَ.

وقولِهِ تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ [البقرة:142] وقد قالُوا ذلكَ.

وقولِهِ: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ [البقرة:137]، وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67]، أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36]، وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30]، إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق:15-17]، وقد أوقعَ بهم مصداقَ ذلكَ مِن الأخذاتِ ما أوقعَ.

وقولِهِ: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى [الضحى:4] أي: كلُّ حالةٍ متأخِّرةٍ مِن أحوالِكَ خيرٌ لكَ مِن سابقتِها، ومَن تتبَّعَ سيرتَهُ وأحوالَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجدَ ذلكَ عيانًا، كلُّ وقتٍ خيرٌ ممَّا قبلَهُ في العزِّ والتَّمكينِ وإقامةِ الدِّينِ، إلى أنْ قالَ لهُ في آخرِ حياتِهِ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3]

وقالَ تعالى: الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ [الروم:1-4] وقد وقعَ ذلكَ كما أخبرَ.

وقالَ تعالى: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ [الشعراء:227]، وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:42] وهذا وعيدٌ بأنَّ عواقبَهم ستكونُ وخيمةً فوقعَ طِبقَ ما أخبرَ.

وقولُهُ: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ [القلم:5-6] وقد أبصرَ كلُّ أحدٍ أنَّهُ هم المفتونونَ.

وقولُهُ: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح:5-6]، سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً [الطلاق:7]، وقد يسَّرَ اللهُ الأمورَ بعدَ عسرِها، ووسَّعَها بعدَ ضيقِها وشدَّتِها.

وقولُهُ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً [النور:55] الآياتِ، وقد فعلَ ولهُ الحمدُ، وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ[الأنبياء:105]

وقالَ تعالى: قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ [الفتح:16] وقد دُعوا لذلكَ في وقتِ أبي بكرٍ وعمرَ والخلفاءِ والملوكِ الصَّالحينَ.

وقولُهُ: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر:51]، وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39]

وقولُهُ: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح:27] الآيةَ.

وقولُهُ: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ [الفتح:15] الآيةَ. في الأصلِ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ [الفتح:11] الآيةَ، والصَّوابُ المثبَتُ، والشَّاهدُ مِن الآيةِ هوَ قولُهُ تعالى: كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ [الفتح:15]، حيثُ إنَّ فيها ذكرَ وعدِ اللهِ السَّابقِ لنبيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأنْ تكونَ غنائمُ خيبرَ خاصَّةً بمَن شهدَ معَهُ الحديبيةَ.

وقولُهُ: سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ [التوبة:95] وقد قالُوا ما ذكرَ اللهُ أنَّهم سيقولونَهُ.

– الشيخ : إلى هنا، إلى هنا، المقصودُ أنَّ الشَّيخَ ساقَ هذه الآياتِ كلَّها لتضمُّنها أخبارًا مستقبليَّةً، وأنَّ القرآنَ قد تضمَّنَ أخبارًا عن أمورٍ مستقبلةٍ فوقعَتْ كما أخبرَ سبحانه وتعالى وهذا من دلائلِ نبوَّةِ مَن جاءَ به بهذا القرآنِ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ [هود:49]، فاللهُ يخبرُ عن أمورٍ ماضيةٍ وعن أمورٍ مستقبلةٍ، وكلُّها غيبٌ، تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ [هود:49]، ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف:102]، فمن براهينِ صدقِ القرآنِ وصدقِ ما جاءَ به ما اشتملَ عليه من غيوبٍ من أخبارٍ مستقبليَّةٍ ثمَّ وقعَتْ كما جاءتْ في الآياتِ، كلُّ ما ذكرَه الشَّيخُ هو شواهدُ لهذا المعنى.

 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة