الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب الفرقان بين الحق والباطل/(10) ترتيب أهل الأهواء على أقسام “قوله وذلك أن أصل أهل السنة”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(10) ترتيب أهل الأهواء على أقسام “قوله وذلك أن أصل أهل السنة”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الفُرقان بينَ الحقِّ والباطلِ) لابن تيميّة
الدّرس العاشر

***    ***    ***    ***

– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ وسلّمَ وباركَ على نبيِّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين، اللهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا يا ربَّ العالمين، وللمسلمين، قَالَ رحمهُ اللهُ تعالى:
وَذَلِكَ أَنَّ أَصلَ أَهلِ السُّنَّةِ أَنّ الإِيمَانَ يَتَفَاضَلُ مِن وَجهَينِ: مِن جِهَةِ الرَّبِّ وَمِن جِهَةِ فِعلِ العَبدِ..
– الشيخ:
من جهة؟
– القارئ: أَمرِ الرَّبِّ
– الشيخ: أمرِ الرّب
– القارئ: نعم
– الشيخ: يعني بما يُنزِلُهُ من الشَّرائعِ والآياتِ. كُلَّما نزلَ شيءٌ من القرآنِ زادَ المُؤمَنُ بهِ، فيزدادُ المؤمنون إيماناً بزيادةِ ما يُؤمنون به. كلَّما شَرَعَ شرائعَ زادَ أيضاً كذلكَ. هذا معنى قوله: من جِهةِ الرّبِّ، ومن جهةِ فِعلِ العبدِ: بما يكونُ في قلبِه وما يعتقدُهُ وما يعملُ به. فالإيمانُ يتفاضلُ من جهةِ أمرِ الرَّبِّ ومن جهةِ فِعلِ العبدِ.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، قال رحمهُ الله:
أَمَّا الأَوَّلُ: فَإِنَّهُ لَيسَ الإِيمَانُ الَّذِي أُمِرَ بِهِ شَخصٌ مِن المُؤمِنِينَ هُوَ الإِيمَانُ الَّذِي أُمِرَ بِهِ كُلُّ شَخصٍ؛ فَإِنَّ المُسلِمِينَ فِي أَوَّلِ الأَمرِ كَانُوا مَأمُورِينَ بِمِقدَارٍ مِن الإِيمَانِ ثُمَّ بَعدَ ذَلِكَ أُمِرُوا بِغَيرِ ذَلِكَ، وَأُمِرُوا بِتَركِ مَا كَانُوا مَأمُورِينَ بِهِ كَالقِبلَةِ، فَكَانَ مِن الإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الأَمرِ: الإِيمَانُ بِوُجُوبِ استِقبَالِ بَيتِ المَقدِسِ، ثُمَّ صَارَ مِن الإِيمَانِ: تَحرِيمُ استِقبَالِهِ وَوُجُوبُ استِقبَالِ الكَعبَةِ، فَقَد تَنَوَّعَ الإِيمَانُ فِي الشَّرِيعَةِ الوَاحِدَةِ. وأَيضًا فَمَن وَجَبَ عَلَيهِ الحَجُّ وَالزَّكَاةُ أَو الجِهَادُ يَجِبُ عَلَيهِ مِن الإِيمَانِ أَن يَعلَمَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَيُؤمِنَ بِأَنَّ اللَّهَ أَوجَبَ عَلَيهِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيرِهِ إلَّا مُجمَلًا، وَهَذَا يَجِبُ عَلَيهِ فِيهِ الإِيمَانُ المُفَصَّلُ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ..

– الشيخ: يعني يجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يُؤمنَ بوجوبِ الزَّكاةِ إجمالًا، لكن ما يجبُ عليه؛ على كلِّ أحدٍ أن يعرفَ نُصُبَ الزّكاةِ، والأموالَ التي تجبُ فيها الزّكاةُ، ومن يستحقُّ الزّكاةَ، لكن من كان عندَهُ مالٌ فإنَّه يجبُ عليه أن يعلمَ فرائضَ اللهِ في الزّكاةِ، أن يعلمَ، يسألَ، يتعلَّمَ، يعني المال الذي تجبُ فيه الزّكاةُ، والمِقدارُ الواجبُ ولمن يُصرَفُ، فيجبُ على الثّاني من عِلمِ التَّفصيلِ ما لا يجبُ على الأوَّل، وقُل مثلَ ذلك في سائرِ الفرائضِ؛ الأصلُ أنَّه يجبُ الإيمانُ بها إجمالاً على كلِّ أحدٍ، لكن من توقَّفَ قِيامُه بدينِهِ على شيءٍ من عِلمِ التَّفصيلِ وجبَ أن يعلمَ من تفاصيلِ أحكامِ هذهِ العبادةِ ما يُقيمُ به دِينَه، فلا يتَحقَّقُ أداءُ الزّكاةِ إلا بمعرفةِ الضَّروريِّ من أحكَامِها.
 
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، قال رحمهُ الله:
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَوَّلَ مَا يُسلِمُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيهِ الإِقرَارُ المُجمَلُ، ثُمَّ إذَا جَاءَ وَقتُ الصَّلَاةِ كَانَ عَلَيهِ أَن يُؤمِنَ بِوُجُوبِهَا وَيُؤَدِّيَهَا، فَلَم يتساوَ النَّاسُ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ مِن الإِيمَانِ، وَهَذَا مِن أُصُولِ غَلَطِ المُرجِئَةِ؛ فَإِنَّهُم ظَنُّوا أَنَّهُ شَيءٌ وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ يَستَوِي فِيهِ جَمِيعُ المُكَلَّفِينَ فَقَالُوا: إيمَانُ المَلَائِكَةِ وَالأَنبِيَاءِ وَأَفسَقِ النَّاسِ سَوَاءٌ..
– الشيخ:
أعوذُ باللهِ، غلطٌ قبيحٌ، إيمانُهم سواء، لا، هذا لا يَصِحُّ، لا في الأعمالِ الظَّاهرةِ، ولا في الأعمالِ الباطِنةِ، ولا في أصلِ الإيمانِ، حتى أصلُ الإيمانِ الذي، هم يقولون الإيمانُ هو التَّصدِيقُ. هل التَّصديقُ واحدٌ؟ مرتبةٌ واحدةٌ؟ لا، يتفاضَلُ النّاسُ في التَّصديقِ، ويتفاضلُ التَّصديقُ بأسبابٍ مُتعدِّدةٍ، منها يعني تعدُّدُ طُرُقِ العلمِ، وهذا أمرٌ معلومٌ، فالشَّيءُ الذي، الخبرُ الذي يأتيكَ من طريقِ عدلٍ صادقٍ ثقةٍ تُصدِّقُهُ، فالصِّدق يكونُ صدقاً وتُصدِّق به، لكن إذا تعدَّدت الطُّرقُ وتواترَ الخبرُ كان عند المُخبَر أو السَّامع، كان عندهُ من اليقِينِ والتَّصدِيقِ ما ليسَ في الخَبرِ الأوَّلِ، هذا ظاهرٌ سبحانَ اللهِ، فدعوى أنَّ الإيمانَ واحدٌ فيه غلطٌ فاحشٌ مخالفٌ للنظرِ والعقلِ والشَّرعِ.
 
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، قال رحمهُ الله:
كَمَا أَنَّهُ إذَا تَلَفَّظَ الفَاسِقُ بِالشَّهَادَتَينِ أَو قَرَأَ فَاتِحَةَ الكِتَابِ كَانَ لَفظُهُ كَلَفظِ غَيرِهِ مِن النَّاسِ. فَيُقَالُ لَهُم: قَد تَبَيَّنَ..

– الشيخ: هي شُبهةٌ يعني، شبهة كأنِّي
– القارئ: أي نعم
فَيُقَالُ لَهُم: قَد تَبَيَّنَ أَنَّ الإِيمَانَ الَّذِي أَوجَبَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ يَتَنَوَّعُ وَيَتَفَاضَلُ وَيَتَبَايَنُونَ فِيهِ تَبَايُنًا عَظِيمًا؛ فَيَجِبُ عَلَى المَلَائِكَةِ مِن الإِيمَانِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى البشر، وَيَجِبُ عَلَى الأَنبِيَاءِ مِن الإِيمَانِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيرِهِم، وَيَجِبُ عَلَى العُلَمَاءِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيرِهِم، وَيَجِبُ عَلَى الأُمَرَاءِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيرِهِم، وَلَيسَ المُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيهِم مِن العَمَلِ فَقَط؛ بَل مِن التَّصدِيقِ وَالإِقرَارِ.
فَإِنَّ النَّاسَ وَإِن كَانَ يَجِبُ عَلَيهِم الإِقرَارُ المُجمَلُ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، فَأَكثَرُهُم لَا يَعرِفُونَ تَفصِيلَ كُلِّ مَا أَخبَرَ بِهِ، وَمَا لَم يَعلَمُوهُ كَيفَ يُؤمَرُونَ بِالإِقرَارِ بِهِ مُفَصَّلًا؟! وَمَا لَم يُؤمَر بِهِ العَبدُ مِن الأَعمَالِ لَا يَجِبُ عَلَيهِ مَعرِفَتُهُ وَمَعرِفَةُ الأَمرِ بِهِ، فَمَن أُمِرَ بِحَجِّ وَجَبَ عَلَيهِ مَعرِفَةُ مَا أُمِرَ بِهِ مِن أَعمَالِ الحَجِّ وَالإِيمَانُ بِهَا، فَيَجِبُ عَلَيهِ مِن الإِيمَانِ وَالعَمَلِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيرِهِ، وَكَذَلِكَ مَن أُمِرَ بِالزَّكَاةِ يَجِبُ عَلَيهِ مَعرِفَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِن الزَّكَاةِ وَمِن الإِيمَانِ بِذَلِكَ وَالعَمَلِ بِهِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيرِهِ، فَيَجِبُ عَلَيهِ مِن العِلمِ وَالإِيمَانِ وَالعَمَلِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيرِهِ إذَا جَعَلَ العِلمَ وَالعَمَلَ لَيسَا مِن الإِيمَانِ، وَإِن جَعَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الإِيمَانِ كَانَ أَبلَغَ، فَبِكُلِّ حَالٍ قَد وَجَبَ عَلَيهِ مِن الإِيمَانِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيرِهِ.
وَلِهَذَا كَانَ مِن النَّاسِ مَن قَد يُؤمِنُ بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مُجمَلًا فَإِذَا جَاءَت أُمُورٌ أُخرَى لَم يُؤمِن بِهَا فَيَصِيرُ مُنَافِقًا؛ مِثلَ طَائِفَةٍ نَافَقَت لَمَّا حُوِّلَت القِبلَةُ إلَى الكَعبَةِ، وَطَائِفَة نَافَقَت لِمَا انهَزَمَ المُسلِمُونَ يَومَ أُحُدٍ وَنَحوَ ذَلِكَ. وَلِهَذَا وَصَفَ اللَّهُ المُنَافِقِينَ فِي القُرآنِ بِأَنَّهُم آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا، كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ المُنَافِقِينَ، وَذُكِرَ مِثلُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ البَقَرَةِ فَقَالَ: مَثَلُهُم كَمَثَلِ الَّذِي استَوقَدَ نَارًا [البقرة:17]
– الشيخ:
في سورة المنافقين: ذَلِكَ بِأَنَّهُم آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِم فَهُم لَايَفقَهُونَ [المنافقون:3]
 
– القارئ: أحسنَ الله إليك، ومِثلُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ البَقَرَةِ فَقَالَ: مَثَلُهُم كَمَثَلِ الَّذِي استَوقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حَولَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِم وَتَرَكَهُم فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبصِرُونَ*صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ فَهُم لَا يَرجِعُونَ [البقرة:17-18]، وَقَالَ طَائِفَةٌ مِن السَّلَفِ: عَرَفُوا ثُمَّ أَنكَرُوا وَأَبصَرُوا ثُمَّ عَمُوا. ومِن هَؤُلَاءِ مَن كَانَ يُؤمِنُ أَوَّلًا إيمَانًا مُجمَلًا ثُمَّ يأتي أُمُورٌ لَا يُؤمِنُ بِهَا فَيُنَافِقُ فِي البَاطِنِ، وَمَا يُمكِنُهُ إظهَارُ الرِّدَّةِ بَل يَتَكَلَّمُ بِالنِّفَاقِ مَعَ خَاصَّتِهِ، وَهَذَا كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَنهُم فِي الجِهَادِ فَقَالَ: فَإِذَا أُنزِلَت سُورَةٌ مُحكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا القِتَالُ  رَأَيتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيكَ نَظَرَ المَغشِيِّ عَلَيهِ مِنَ المَوتِ  فَأَولَى لَهُم*طَاعَةٌ وَقَولٌ مَعرُوفٌ  فَإِذَا عَزَمَ الأَمرُ فَلَو صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيرًا لَهُم [محمد:20-21]
وبِالجُملَةِ فَلَا يُمكِنُ المُنَازَعَةُ أَنَّ الإِيمَانَ الَّذِي أَوجَبَهُ اللَّهُ يَتَبَايَنُ فِيهِ أَحوَالُ النَّاسِ وَيَتَفَاضَلُونَ فِي إيمَانِهِم وَدِينِهِم بِحَسَبِ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي النِّسَاءِ:
(نَاقِصَاتُ عَقلٍ وَدِينٍ)، وَقَالَ فِي نُقصَانِ دِينِهِنَّ: (أنَّهُنَّ إذَا حَاضَت لَا تَصُومُ وَلَا تُصَلِّي)، وَهَذَا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَلَيسَ هَذَا النَّقصُ دِينًا لَهَا تُعَاقَبُ عَلَيهِ، لَكِن هُوَ نَقصٌ حَيثُ لَم تُؤمَرُ بِالعِبَادَةِ فِي هَذَا الحَالِ وَالرَّجُلُ كَامِلٌ حَيثُ أُمِرَ بِالعِبَادَةِ فِي كُلِّ حال، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَن أُمِرَ بِطَاعَةِ يَفعَلُهَا كَانَ أَفضَلَ مِمَّن لَم يُؤمَر بِهَا.
– الشيخ: لا إلهَ إلّا الله، معلومٌ أنّ هذا في شأنِ النّساء؛ جنس النّساءِ، يعني أليس في النِّساءِ من لا تحيضُ؟ أيلحَقُها هذا الوصفُ؟ تكونُ ناقصةٌ؟ لا غيرُ ناقصةٍ، ومنها، فالمُعادَلةُ أو المُوازَنةُ بين جِنسِ النساءِ وجِنسِ الرّجال، وإلَّا باعتبار الأفرادِ والأعيانِ قد لا يثبتُ لبعضِ النِّساءِ هذا النَّقصُ؛ هذا النَّقصُ المُتعلِّقُ بجِبلَّتِها؛ الذي هو نقصُ الدِّينِ.
أمّا مِن ناحيةِ نقصِ العقلِ الذي بسببِهِ كانت شهادتُها على النِّصفِ من شهادة الرجل فهذا شامِلٌ لجميعِ النِّساء، ما في، لأنّ مسألةَ العقلِ ليسَ لها ضَابطٌ بيِّنٌ حتى يُقال هذه عاقلةٌ وكذا وكذا، لا، فحُكمُ شهادتِها أنَّها على النِّصف هذا شامِلٌ لا استثناءَ فيه، أمّا بالنّسبةِ للحَيضِ؛ الحيضُ واضِحٌ بيِّنٌ، المرأةُ التي يعني قدَّرَ اللهُ أنَّها لا تكونُ، لا تَحِيضُ هذه سَلِمت من ذلك النَّقصِ وصارت مأمُورةً بالصّلاةِ في جميعِ حالاتِها.
 
– القارئ: قال رحمهُ الله:
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَن أُمِرَ بِطَاعَةِ يَفعَلُهَا كَانَ أَفضَلَ مِمَّن لَم يُؤمَر بِهَا وَإِن لَم يَكُن عَاصِيًا، فَهَذَا أَفضَلُ دِينًا وَإِيمَانًا، وَهَذَا المَفضُولُ لَيسَ بِمُعَاقَبٍ وَمَذمُومٍ.

– الشيخ: أي، لأنَّ القُصورَ والنَّقصَ اللي عنده، ليسَ من قِبَلِه، ما منه شيء، هكذا خُلِق، وهذا المعنى، هذا النَّقصُ اللااختياري سببُهُ ليس اختياريا لأنّه يقعُ لكثيرٍ في أشياء، في جوانبَ من النِّساءِ ومن الرِّجالِ.
– القارئ: أحسنَ الله إليك، فَهَذِهِ زِيَادَةٌ كَزِيَادَةِ الإِيمَانِ بِالتَّطَوُّعَاتِ؛ لَكِنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ بِوَاجِبٍ فِي حَقِّ شَخصٍ وَلَيسَ بِوَاجِبِ فِي حَقِّ شَخصٍ غَيرِهِ، فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَو تَرَكَهَا بِهَذَا لَا يَستَحِقُّ العِقَابَ بِتَركِهَا، وَذَاكَ لَا يَستَحِقُّ العِقَابَ بِتَركِهَا، وَلَكِنَّ إيمَانَ ذَلِكَ أَكمَلُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (أَكمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا)، فَهَذَا يُبَيِّنُ تَفَاضُلَ الإِيمَانِ فِي نَفسِ الأَمرِ بِهِ، وَفِي نَفسِ الأَخبَارِ الَّتِي يَجِبُ التَّصدِيقُ بِهَا.
والنَّوعُ الثَّانِي: هُوَ تَفَاضُلُ النَّاسِ فِي الإِتيَانِ بِهِ مَعَ استِوَائِهِم فِي الوَاجِبِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُظَنُّ أَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَكِلَاهُمَا مَحَلُّ النِّزَاعِ. وَهَذَا أَيضًا يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ، فَلَيسَ إيمَانُ السَّارِقِ وَالزَّانِي وَالشَّارِبِ كَإِيمَانِ غَيرِهِم، وَلَا إيمَانُ مَن أَدَّى الوَاجِبَاتِ

– الشيخ: ولهذا قال: (لا يزنِي الزَّاني حين يزني) – الشيخ ذكرَ هذه الأمثلة لوُرودِ الحديثِ (لا يزني الزّاني حين يزنِي وهو مُؤمِنٌ ولا يسرقُ السَّارقُ حين يَسرق)، وذكرَ الأمثلةَ للنصِّ عليها في الحديثِ، وأنَّ إيمانَ الزَّاني ليس كإيمانِ العفيفِ، والسَّارقُ إيمانُه ليس كإيمانِ الأمينِ.
– القارئ: أحسنَ الله إليك، قال:
وَلَا إيمَانُ مَن أَدَّى الوَاجِبَاتِ كَإِيمَانِ مَن أَخَلَّ بِبَعضِهَا، كَمَا أَنَّهُ لَيسَ دِينُ هَذَا وَبِرُّهُ وَتَقوَاهُ مِثلَ دِينِ هَذَا وَبِرِّهِ وَتَقوَاهُ؛ بَل هَذَا أَفضَلُ دِينًا وَبِرًّا وَتَقوَى، فَهُوَ كَذَلِكَ أَفضَلُ إيمَانًا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:
(أَكمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا).
وَقَد يَجتَمِعُ فِي العَبدِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(أَربَعٌ..
– الشيخ: قف على هذا، الشيخ يواصل، سبحان الله.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة