بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الفُرقان بينَ الحقِّ والباطلِ) لابن تيميّة
الدّرس الثّالث عشر
*** *** *** ***
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ وسلّمَ وباركَ على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين، اللهمّ اغفر لنا ولشيخِنا وللمسلمينَ يا ربَّ العالمين، قال شيخُ الإسلامِ رحمهُ اللهُ تعالى:
فَصلٌ: وَكُلُّ مَن خَالَفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلّى اللهُ عليه وسلّم لَم يَكُن عِندَهُ عِلمٌ بِذَلِكَ وَلَا عَدلٌ؛ بَل لَا يَكُونُ عِندَهُ إلَّا جَهلٌ وَظُلمٌ وَظَنٌّ، قال الله تعالى: وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ وَلَقَد جَاءَهُم مِن رَبِّهِمُ الهُدَى [النجم:23]
– الشيخ: ايش؟
– القارئ: وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ
– الشيخ: لا لا إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا.. تُصبح
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم
– الشيخ: ما فيها ما؟
– القارئ: كأنّها يا شيخ نصَّصها، نزَّلها..
– الشيخ: ايش؟
– القارئ: أقول نزَّلها كما في الرّسمِ العُثماني وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُ على طول
– الشيخ: المُعلِّق ما قالَ أيَّ شيء، المُحقِّق؟
– القارئ: لا يا شيخ
– الشيخ: تُكتب {إن يتَّبِعُونَ}
– القارئ: إن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ وَلَقَد جَاءَهُم مِن رَبِّهِمُ الهُدَى [النجم:23] وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا أَخبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ حُقٌّ بَاطِنًا وَظَاهِرًا؛ فَلَا يُمكِنُ أَن يُتَصَوَّرَ أَن يَكُونَ الحَقُّ فِي نَقِيضِهِ؛ وَحِينَئِذٍ فَمَن اعتَقَدَ نَقِيضَهُ كَانَ اعتِقَادُهُ بَاطِلًا.
– الشيخ: اللهُ أكبر هذا، تأصيلٌ عظيمٌ هذا، لابُدَّ يستقرَّ في نفسِك. كلُّ ما خالفَ ما جاءَ به الرسولُ فهو باطلٌ، كلُّ ما خالفَ، بإطلاق؛ لأنّ الرّسولَ جاءَ بالحقِّ، وكلُّ ما جاءّ به الرّسولُ من الاعتقاداتِ ومن الأخلاقِ ومن العباداتِ ومن الأحكامِ فكلّها حقٌّ من عندِ اللهِ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ، إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ، إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرا وَنَذِيراۖ، إذاً فكلُّ ما خالَفَه وناقَضهُ فهو باطلٌ، لأنّه هذا أمرٌ ضروريٌّ، ﴿فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ﴾، فما ليس بِحَقٍّ فهو باطلٌ، فالحقُّ مَحصورٌ فيما جاءَ به الرّسولُ، مَحصورٌ فيما جاءَ به الرّسولُ صلّى اللهُ عليه وسلّم.
وهذا يتضمَّنُ إبطالَ جميع البدعِ، فالبدعُ كلُّها باطلةٌ؛ لأنّها مُحدَثةٌ مُخالفةٌ لما جاءَ به الرّسولُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، كلُّ البِدعِ الاعتقاديةِ والعمليّةِ وكلُّ المعاصي في حيِّزِ الباطلِ.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، وَالِاعتِقَادُ البَاطِلُ لَا يَكُونُ عِلمًا، وَمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فهو..
– الشيخ: فالِاعتِقَادُ البَاطِلُ لَا يَكُونُ عِلمًاً، صحيح؛ اعتقادٌ باطلٌ، متى يكونُ الاعتقادُ باطلاً؟ إذا كان مخالفاً للواقعِ، يعني أنت تعتقدُ أنَّ فلانًا موجودٌ في المكانِ الفلانيّ وليس بموجود، هذا اعتقادٌ صحيحٌ؟ باطلٌ، فالاعتقادُ الصّحيحُ هو المُطابقُ للواقعِ، يكونُ الاعتقاد صحيحًا.
والاعتقادُ الباطلُ هو ما يخالفُ الواقعَ، تعتقدُ إنَّ هذا يعني حلالٌ، وهو في شرعِ اللهِ ليس بحلالٍ، بل هو حرامٌ، وقد قام الدليلُ على تحريِمه، إذن اعتقادُ حِلِّهِ باطلٌ لأنّه مخالفٌ لحكمِ اللهِ وشرعِه.
إذاً ليس بعلمٍ، العلمُ هو ما يُطابقُ الواقعَ، فالذي يعتقدُ الأمرَ على خلافِ ما هو عليه، لا، عندهُ علمٌ ولّا جهلٌ؟ جهل، الذي يعتقدُ الشيءَ على خلافِ ما هو عليه ليس عندهُ علمٌ، بل اعتقادُهُ باطلٌ، وهذا راجعٌ إلى جهلِهِ، فهو جاهلٌ، بل من يعتقدُ خلافَ ما الأمرُ عليه: هذا هو الجَهلُ المركّبُ؛ لأنّه يعتقدُ نفسَهُ عالماً والحقُّ أنَّه جاهلٌ، أمّا من يقولُ لا أدري وهو يعرِفُ من نفسهِ أنّه لا يدري؛ فهذا صاحبُ الجهلِ البسيط.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، وَمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ عَدلٌ لَا ظُلمَ فِيهِ؛ فَمَن نَهَى عَنهُ فَقَد نَهَى عَن العَدلِ، وَمَن أَمَرَ بِضِدِّهِ فَقَد أَمَرَ بِالظُّلمِ؛ فَإِنَّ ضِدَّ العدلِ الظُّلم؛ُ فَلَا يَكُونُ مَا يُخَالِفُهُ إلَّا جَهلًا وَظُلمًا ظَنًّا وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ، وَهُوَ لَا يَخرُجُ عَن قِسمَينِ أَحسَنُهُمَا..
– الشيخ: بالنسبةِ فما لا يكون ايش؟
– القارئ: فَلَا يَكُونُ مَا يُخَالِفُهُ إلَّا جَهلًا وَظُلمًا ظَنًّا وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ..
– الشيخ: كذا جهلاً وظلماً؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: جَهلًا وَظُلمًا ظَنًّا وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ، يعني هذا فيه لَفٌ ونَشرٌ مُرتَّبٌ، لأنَّه جهلٌ مبناه على الظَّنِّ، وظُلمٌ أصلُهُ اتباعُ الهوى، واتِّباعُ الهوى يؤدِّي إلى الظلمِ ويجرُّ إلى الظلمِ، والاعتمادُ على الظَّنِّ يؤدِّي إلى الجهلِ، ولهذا – الشيخ قرنَ بين هذينِ جهلاً وظلماً وظناً، أو ظنّاً واتّباعاً لما تهوى الأنفسُ.
– القارئ: وَهُوَ لَا يَخرُجُ عَن قِسمَينِ أَحسَنُهُمَا أَن يَكُونَ كَانَ شَرعًا لِبَعضِ الأَنبِيَاءِ ثُمَّ نُسِخَ، وَأَدنَاهُمَا أَن يَكُونَ مَا شُرِعَ قَطُّ؛ بَل يَكُونَ مِن المُبَدَّلِ، فَكُلُّ مَا خَالَفَ حُكمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِمَّا شَرعٌ مَنسُوخٌ وَإِمَّا شَرعٌ مُبَدَّلٌ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ؛ بَل شَرَعَهُ شَارِعٌ بِغَيرِ إذنٍ مِن اللَّهِ كَمَا قَالَ تعالى: أَم لَهُم شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِنَ الدِّينِ مَا لَم يَأذَن بِهِ اللَّهُ [الشورى:21] لَكِنَّ هَذَا وَهَذَا قَد يَقَعَانِ فِي خَفِيِّ الأُمُورِ وَدَقِيقِهَا بِاجتِهَادٍ مِن أَصحَابِهَا استَفرَغُوا فِيهِ وُسعَهُم فِي طَلَبِ الحَقِّ، وَيَكُونُ لَهُم مِن الصَّوَابِ وَالِاتِّبَاعِ مَا يَغمُرُ ذَلِكَ؛ كَمَا وَقَعَ مِثلُ ذَلِكَ مِن بَعضِ الصَّحَابَةِ فِي مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالفَرَائِضِ وَنَحوِ ذَلِكَ؛ وَلَم يَكُن مِنهُم مِثلُ هَذَا فِي جَلِيِّ الأُمُورِ وَجَلِيلِهَا؛ لِأَنَّ بَيَانَ هَذَا مِن الرَّسُولِ صلّى اللهُ عليه وسلّم كَانَ ظَاهِرًا بَينَهُم فَلَا يُخَالِفُهُ إلَّا مَن يُخَالِفُ الرَّسُولَ، وَهُم مُعتَصِمُونَ بِحَبلِ اللَّهِ يُحَكِّمُونَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم؛ لَا يَتَقَدَّمُونَ بَينَ يَدَي اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَضلًا عَن تَعَمُّدِ مُخَالَفَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
فَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِن النَّاسِ مَا كَانَ ظَاهِرًا لَهُم، وَدَقَّ عَلَى كَثِيرٍ مِن النَّاسِ مَا كَانَ جَلِيًّا لَهُم، فَكَثُرَ مِن المُتَأَخِّرِينَ مُخَالَفَةُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا لَم يَكُن مِثلُ هَذَا فِي السَّلَفِ..
– الشيخ: اللهُ المستعانُ، اللهُ أكبرُ، لأنَّه كلّما تقدَّمَ الزّمنُ يعني ضَعُفَ نورُ النّبوَّةِ، سبحانَ اللهِ العظيم، نورُ النُّبوَّةِ الذي يعني اشتملَ عليه القرآنُ الكتابُ والسنّةُ، الكتابُ والحكمةُ، هذا هو كالشّمسِ إذا ظهرت وتجلَّت اتَّضحت الأمورُ، وإذا يعني حالَ دونَها ضَبابٌ أو غمامٌ، خفيَت المعالمُ وخفيَت الطُّرقُ.
يقولُ ابنُ القيّم: نورُ النّبوّةِ مثلُ نورِ الشّمسِ للعينِ البصيرةِ فاتَّخذهُ دليلًا. كما أنّ العينَ لا ترى الأشياءَ بمجرَّدها بل لابدَّ لها من نورٍ وشمسٍ ساطعةٍ، نور يكشفُ، كذلك بصرُ العقلِ، بصرُ العقلِ لا يُدرِكُ الأشياءَ إلا بنورِ الوحي، هذا معنى كلام ابن القيّم: نورُ النبوَّةِ مثلُ نور، يعني للعقلِ، نورُ النبوَّةِ مثلُ نورِ الشّمسِ للعين البصيرةِ فاتخذهُ دليلاً.
وهكذا تختلفُ، كما يختلفُ الزّمانُ يختلفُ المكانُ، فتجد يظهرُ الهدى والعلمُ الصّحيحُ في مكانٍ ويشتهرُ ويظهرُ، ويخفى في بلادٍ أخرى، لا إله إلّا الله.
من رحمةِ اللهِ أن يُقيّضَ بين حينٍ وآخر من يقومُ بهذا الدِّينِ عِلماً وعملاً ودعوةً، فيحصلُ بسببِ ذلكَ خيرٌ كبيرٌ، ومن ذلك دعوةُ الإمامِ المُجدِّدِ – الشيخ محمدُ بنُ عبدِ الوهاب، نفعَ اللهُ بدعوتِه، وأعظمُ من اتَّبعَ بها أهلُ هذهِ البلاد وللهِ الحمدُ، فتطهَّرت هذهِ البلادُ من الخُرافةِ والشِّركِ والبِدعةِ، وصارت يعني متميّزةً عن سائرِ بلدانِ المسلمينَ في هذا الأمرِ، لا إلهَ إلّا الله.
– القارئ: أحسنَ الله إليكم، فَكَثُرَ مِن المُتَأَخِّرِينَ مُخَالَفَةُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا لَم يَكُن مِثلُ هَذَا فِي السَّلَفِ، وَإِن كَانُوا مَعَ هَذَا مُجتَهِدِينَ مَعذُورِينَ يَغفِرُ اللَّهُ لَهُم خَطَايَاهُم وَيُثِيبُهُم عَلَى اجتِهَادِهِم. وقد يكون..
– الشيخ: هذا في مسائل، كأنّه في مسائل، نعم، يعني في المسائلِ الدّقيقةِ كما قال، التي تخفى، وتخفى دلائلُها فالمُجتهدُ في طلبِ الحقِّ هوَ، أمرُهُ دائرٌ بين الأجرِ والأجرين.
– القارئ: وَقَد يَكُونُ لَهُم مِن الحَسَنَاتِ مَا يَكُونُ لِلعَامِلِ مِنهُم أَجرُ خَمسِينَ رَجُلًا يَعمَلُهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُم كَانُوا يَجِدُونَ مَن يُعِينُهُم عَلَى ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ المُتَأَخِّرُونَ لَم يَجِدُوا مَن يُعِينُهُم عَلَى ذَلِكَ؛ لَكِنَّ تَضعِيفَ الأَجرِ لَهُم فِي أُمُورٍ لَم يُضَعَّف لِلصَّحَابَةِ لَا يَلزَمُ أَن يَكُونُوا أَفضَلَ مِن الصَّحَابَةِ وَلَا يَكُونُ فَاضِلُهُم كَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ؛ فَإِنَّ الَّذِي سَبَقَ إلَيهِ الصَّحَابَةُ مِن الإِيمَانِ وَالجِهَادِ وَمُعَادَاةِ أَهلِ الأَرضِ فِي مُوَالَاةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلّم وَتَصدِيقِهِ وَطَاعَتِهِ فِيمَا يُخبِرُ بِهِ وَيُوجِبُهُ قَبلَ أَن تَنتَشِرَ دَعوَتُهُ وَتَظهَرَ كَلِمَتُهُ وَتَكثُرَ أَعوَانُهُ وَأَنصَارُهُ وَتَنتَشِرَ دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ بَل مَعَ قِلَّةِ المُؤمِنِينَ وَكَثرَةِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَإِنفَاقِ المُؤمِنِينَ أَموَالَهُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ ابتِغَاءَ وَجهِهِ فِي مِثلِ تِلكَ الحَالِ أَمرٌ مَا بَقِيَ يَحصُلُ مِثلُهُ لِأَحَدِ كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ عَنهُ..
– الشيخ: لا إلهَ إلّا الله، لا إلهَ إلّا الله، ما بقي، "مَا بَقِيَ يَحصُلُ"
– القارئ: أَمرٌ مَا بَقِيَ يَحصُلُ مِثلُهُ لِأَحَدٍ..
– الشيخ: نعم
– القارئ: كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ عَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَسُبُّوا أَصحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنفَقَ أَحَدُكُم مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلَا نَصِيفَهُ)، وَقَد استَفَاضَت النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (خَيرُ القُرُونِ قَرنِي الَّذِينَ بُعِثت فِيهِم ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم)، فَجُملَةُ القَرنِ الأَوَّلِ أَفضَلُ مِن القَرنِ الثَّانِي، وَالثَّانِي أَفضَلُ مِن الثَّالِثِ، وَالثَّالِثُ أَفضَلُ مِن الرَّابِعِ، لَكِن قَد يَكُونُ فِي الرَّابِعِ مَن هُوَ أَفضَلُ مِن بَعضِ الثَّالِثِ، وَكَذَلِكَ فِي الثَّالِثِ مَعَ الثَّانِي. وَهَل يَكُونُ فِيمَن بَعدَ الصَّحَابَةِ مَن هُوَ أَفضَلُ مِن بَعضِ الصَّحَابَةِ المفضولين لَا الفَاضِلِينَ؟ هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ وَفِيهِ قَولَانِ..
– الشيخ: يعني الفاضلونَ من الصّحابةِ لا يكونُ أحدٌ مِمَّن بعدَهم أفضلَ، لكنّ الموازنةَ بين بعضِ التّابعين وبعضِ الصَّحابةِ المقبولين، الذين ليسوا مثلاً من السَّابقين، وليسوا مثلَ أهلِ بدرٍ وليسوا كذا.
– القارئ: هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ وَفِيهِ قَولَانِ حَكَاهُمَا القَاضِي عِيَاضٌ وَغَيرُهُ، وَمِن النَّاسِ مَن يَفرِضُهَا فِي مِثلِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه وَعُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ؛ فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ لَهُ مَزِيَّةُ الصُّحبَةِ وَالجِهَادِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَعُمَرَ لَهُ مَزِيَّةُ فَضِيلَتِهِ مِن العَدلِ وَالزُّهدِ وَالخَوفِ مِن اللَّهِ، وَبَسطُ هَذَا لَهُ مَوضِعٌ آخَرُ. والمَقصُودُ..
– الشيخ: اللهُ المستعانُ، اللهُ المستعان
– القارئ: و المَقصُودُ هُنَا: أَنَّ مَن خَالَفَ الرَّسُولَ فَلَابُدَّ أَن يَتَّبِعَ الظَّنَّ وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي المُشرِكِينَ الَّذِينَ يَعبُدُونَ اللَّاتَ وَالعُزَّى: إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ وَلَقَد جَاءَهُم مِن رَبِّهِمُ الهُدَى [النجم:23]
وَقَالَ فِي الَّذِينَ يُخبِرُونَ عَن المَلَائِكَةِ أَنَّهُم إنَاثٌ: إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ المَلَائِكَةَ تَسمِيَةَ الأُنثَى*وَمَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغنِي مِنَ الحَقِّ شَيئًا * فَأَعرِض عَن مَن تَوَلَّى عَن ذِكرِنَا وَلَم يُرِد إِلَّا الحَيَاةَ الدُّنيَا * ذَلِكَ مَبلَغُهُم مِنَ العِلمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اهتَدَى [النجم:27-30] وَهُم جَعَلُوهُم إنَاثًا كَمَا قَالَ سبحانه: وَجَعَلُوا المَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُم عِبَادُ الرَّحمَنِ إِنَاثًا [الزخرف:19] وَفِي القِرَاءَةِ الأُخرَى..
– الشيخ: جعلوهُم يعني بمعنى اعتقدوهم، اعتقدوهم، جعلَ تأتي في القرآنِ بمعاني: تأتي بمعنى خَلَقَ، وتأتي بمعنى صيَّر، وبمعنى اعتَقدَ، وبمعنى شَرَعَ.
– القارئ: وَفِي القِرَاءَةِ الأُخرَى عِند الرَّحمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلقَهُم سَتُكتَبُ شَهَادَتُهُم وَيُسأَلُونَ [الزخرف:19]
– الشيخ: الآية ايش؟
– القارئ: وَجَعَلُوا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ
– الشيخ: عِبَاد، وفي القراءة الأخرى
– القارئ: عندَ الرَّحمن
– الشيخ: عندَ الرّحمن، نعم
– القارئ: أحسن الله إليكم، وَهَؤُلَاءِ قَالَ عَنهُم: إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مَحضٌ لَيسَ فِيهِ عَمَلٌ، وَهُنَاكَ: ﴿وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ﴾ لِأَنَّهُم كَانُوا يَعبُدُونَهَا وَيَدعُونَهَا، فَهُنَاكَ عِبَادَةٌ وَعَمَلٌ بِهَوَى أَنفُسِهِم، فَقَالَ سبحانه: إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ سبحانه: وَالنَّجمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى [النجم:1-5]
وَكُلُّ مَن خَالَفَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَا يَخرُجُ عَن الظَّنِّ وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ؛ فَإِن كَانَ مِمَّن يَعتَقِدُ مَا قَالَهُ وَلَهُ فِيهِ حُجَّةٌ يَستَدِلُّ بِهَا كَانَ غَايَتهُ الظَّنَّ الَّذِي لَا يُغنِي مِن الحَقِّ شَيئًا؛ كَاحتِجَاجِهِم بِقِيَاسِ فَاسِدٍ أَو نَقلٍ كَاذِبٍ أَو خِطَابٍ أُلقِيَ إلَيهِم اعتَقَدُوا أَنَّهُ مِن اللَّهِ وَكَانَ مِن إلقَاءِ الشَّيطَانِ. وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ عُمدَةُ مَن يُخَالِفُ السُّنَّةَ بِمَا يَرَاهُ حُجَّةً وَدَلِيلًا: أَمَّا أَن يَحتَجَّ بِأَدِلَّةِ عَقلِيَّةٍ وَيَظُنَّهَا بُرهَانًا وَأَدِلَّةً قَطعِيَّةً، وَتَكُونَ شُبُهَاتٍ فَاسِدَةً مُرَكَّبَةً مِن أَلفَاظٍ مُجمَلَةٍ وَمَعَانٍ مُتَشَابِهَةٍ لَم يُمَيِّز بَينَ حَقِّهَا وَبَاطِلِهَا؛ كَمَا يُوجَدُ مِثلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَحتَجُّ بِهِ مَن خَالَفَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ؛ إنَّمَا يُرَكِّبُ حُجَجَهُ مِن أَلفَاظٍ مُتَشَابِهَةٍ؛ فَإِذَا وَقَعَ الِاستِفسَارُ وَالتَّفصِيلُ تَبَيَّنَ الحَقُّ مِن البَاطِلِ، وَهَذِهِ هِيَ الحُجَجُ العَقلِيَّةُ.
وَإِن تَمَسَّكَ المُبطِلُ بِحُجَجِ سَمعِيَّةٍ فَإِمَّا أَن تَكُونَ كَذِبًا عَلَى الرَّسُولِ، أَو تَكُونَ غَيرَ دَالَّةٍ عَلَى مَا احتَجَّ بِهَا أَهلُ البُطُولِ؛ فَالمَنعُ إمَّا فِي الإِسنَادِ وَإمَّا فِي المَتنِ وَدَلَالَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ، وَهَذِهِ الحُجَّةُ السَّمعِيَّةُ هَذِهِ حُجَّةُ أَهلِ العِلمِ الظَّاهِرِ.
وَأَمَّا حُجَّةُ أَهلِ الذَّوقِ وَالوَجدِ وَالمُكَاشَفَةِ وَالمُخَاطَبَةِ فَإِنَّ أَهلَ الحَقِّ مِن هَؤُلَاءِ لَهُم إلهَامَاتٌ صَحِيحَةٌ مُطَابِقَةٌ كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (قَد كَانَ فِي الأُمَمِ قَبلَكُم مُحَدَّثُونَ فَإِن يَكُن فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ)، وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَقُولُ: اقتَرِبُوا مِن أَفوَاهِ المُطِيعِينَ وَاسمَعُوا مِنهُم مَا يَقُولُونَ فَإِنَّهَا تُجلَى لَهُم أُمُورٌ صَادِقَةٌ..
– الشيخ: هذا الأثرُ خرَّجَه؟
– القارئ: أي نعم يا شيخ، قال: ذكرَ شيخُ الإسلامِ هذا الأثرَ بهذا اللفظِ في بعضِ كتبِهِ ومنها هذا الكتابُ، ولم يُخرِّجه – الشيخان الأرناؤوطُ والزهيريُّ، أيضاً وفي درءِ التّعارضِ نقلَهُ ولم يُخرّجهُ – الشيخ محمدُ رشاد، وفي الفرقانِ، وقال محقّقهُ الدّكتور اليحيى: لم أجد نصَّ ما ذكرَهُ المؤلِّفُ، وقد ذكرَ بعضَ الألفاظِ البعيدةِ جداً عن اللفظِ المُرادِ، وذكرَهُ ابنُ القيّمِ في إعلامِ الموقّعين، وقال محقّقُه الشيخ مشهور حسن: لم أظفَر بهِ مع شِدَّةِ البحثِ عنه في كتبِ الرِّقاقِ والأدبِ فضلاً عن الأجزاءِ الحديثيّةِ وغيرِها.
ومن أسبابِ عدمِ وجوده للأثرِ؛ أنّ – الشيخ مشهورَ أدرجَ شرحَ الإمامِ ابنِ القيّمِ مع مقولةِ عمرَ، فإنَّ الأثرَ ينتهي بقوله: "أُمُورٌ صَادِقَةٌ"، وقد أتمَّهُ بقولِ ابنِ القيّم: وذلك لقُربِ قُلوبِهِم من الله، فالتَبَسَ عليه الأثرُ، انتهى.
– الشيخ: الله المستعان.
– القارئ: لا يا شيخنا قال: والأثرُ، أحسنَ اللهُ إليك، قال: والأثرُ أخرجَهُ سعيدُ المنصورِ في سننِه، وأبو بكرِ المروزي في كتاب الجنائز؛ كلاهما عن عمر بن الخطاب بلفظ "لقّنوا موتاكم لا إله إلّا الله، واعقلوا ما تسمعون من المُطيعين منكم فإنَّه يُجري لهم أمور صادقة"، كما قاله السّيوطيُّ في الدُّرِّ المَنثورِ وفي شرح الصدور، والمتقي الهندي في كنز العمال، والله أعلم.
– الشيخ: يعني كلّ المحقّقينَ يعني ما نسبوه
– طالب: هم يبحثونَ في طرفِ الحديثِ، أحسنَ اللهُ إليكم، ما هو في وسطِ الأثر
– الشيخ: أي أقولَّك يعني، لكن محقّقنا، يعني مُحقِّق هذا الكتاب يعني هُدِيَ، ما شاءَ اللهُ، اللهُ المستعانُ، على كلِّ حالٍ، يعني المؤمنونَ المتَّقونَ أقولُ يجري الله على ألسنتِهم الحَقَّ والصِّدقَ، لأنَّهم مُهتدون وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا [العنكبوت:69]، وليس، ولا يلزمُ من هذا الكلامِ أن يكونَ كلامُهم يعني معصوماً، يُنتفعُ به، وإذا ما حُكِمَ عليه أنَّهُ حقٌّ أو باطلٌ، فهذا يُرجعُ فيه إلى، إذا صارَ فيه إشكالٌ، يُنظرُ في دَلالةِ الكتابِ والسنّة.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليك، قال رحمه الله: وَفِي التِّرمِذِيِّ عَن أَبِي سَعِيدٍ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (اتَّقُوا فِرَاسَةَ المُؤمِنِ فَإِنَّهُ يَنظُرُ بِنُورِ اللَّهِ) ثُمَّ قَرَأَ قَولَهُ: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلمُتَوَسِّمِينَ [الحجر:75] وَقَالَ بَعضُ الصَّحَابَةِ: أَظُنُّهُ وَاَللَّهِ لِلحَقِّ يَقذِفُهُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِم وَأَسمَاعِهِم.
وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (وَلَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحبَبته كُنت سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبطِشُ بِهَا وَرِجلَهُ الَّتِي يَمشِي بِهَا) وَفِي رِوَايَةٍ: (فَبِي يَسمَعُ وَبِي يُبصِرُ وَبِي يَبطِشُ وَبِي يَمشِي)، فَقَد أَخبَرَ أَنَّهُ يَسمَعُ بِالحَقِّ وَيُبصِرُ بِهِ. وَكَانُوا يَقُولُونَ: إنَّ السَّكِينَةَ تَنطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (مَن سَأَلَ القَضَاءَ وَاستَعَانَ عَلَيهِ وُكِلَ إلَيهِ وَمَن لَم يَسأَلهُ وَلَم يَستَعِن عَلَيهِ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَيهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ)، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: نُّورٌ عَلَىٰ نُور نُورُ الإِيمَانِ مَعَ نُورِ القُرآنِ.
وقَالَ تَعَالَى: أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ وَيَتلُوهُ شَاهِدٌ مِنهُ [هود:17] وَهُوَ المُؤمِنُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ وَيَتبَعُهُ شَاهِدٌ مِن اللَّهِ وَهُوَ القُرآنُ، شَهِدَ اللَّهُ فِي القُرآنِ بِمِثلِ مَا عَلَيهِ المُؤمِنُ مِن بَيِّنَةِ الإِيمَانِ.
وَهَذَا القَدرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ حُذَّاقُ النُّظَّارِ لَمَّا تَكَلَّمُوا فِي وُجُوبِ النَّظَرِ وَتَحصِيلِهِ لِلعِلمِ، فَقِيلَ لَهُم: أَهلُ التَّصفِيَةِ وَالرِّيَاضَةِ وَالعِبَادَةِ وَالتَّأَلُّهِ تَحصُلُ لَهُم المَعَارِفُ وَالعُلُومُ اليَقِينِيَّةُ بِدُونِ النَّظَرِ؛ كَمَا قَالَ – الشيخ المُلَقَّبُ ب"الكُبرى" للرازيِّ وَرَفِيقِهِ وَقَد قَالَا لَهُ: يَا شَيخُ بَلَغَنَا أَنَّك تَعلَمُ عِلمَ اليَقِينِ. فَقَالَ: نَعَم. فَقَالَا: كَيفَ تَعلَمُ وَنَحنُ نَتَنَاظَرُ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ كُلَّمَا ذَكَرَ شَيئًا أفسدتُه، وَكُلَّمَا ذَكَرتُ شَيئًا أَفسَدَهُ؟ فَقَالَ: هُوَ وَارِدَاتٌ تَرِدُ عَلَى النُّفُوسِ، تَعجِزُ النُّفُوسُ عَن رَدِّهَا. فَجَعَلَا يَعجَبَانِ مِن ذَلِكَ وَيُكَرِّرَانِ الكَلَامَ، وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أَن تَحصُلَ لَهُ هَذِهِ الوَارِدَاتُ، فَعَلَّمَهُ – الشيخ وَأَدَّبَهُ حَتَّى حَصَلَت لَهُ، وَكَانَ مِن المُعتَزِلَةِ النُّفاة. فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الحَقَّ مَعَ..
– الشيخ: يعني عَلَّمَهُ – الشيخ وَأَدَّبَهُ: يعني لعلَّه أرشدَهُ إلى سلوكِ، إلى السُّلوكِ القويمِ، العبادة والتُّقى والتوجُّه إلى الله، فمن سلكَ الطريقَ وصلَ إلى المقصود. لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله.
– القارئ: نكمّل يا شيخ؟
– الشيخ: نقطة، بس، طويل الكلام، سبحان الله كلام – الشيخ، يسترسلُ معاه، لا فصولٌ ولا عناوينٌ، نعم، ايش عندك؟
– القارئ: نقف هنا يا شيخ؟
– الشيخ: ايش عندك؟
– القارئ: فقط بس ذَكرَ شيخُ الإسلامِ أنَّه تتبَّعَ القصّةَ هذي في سطرين
– الشيخ: هذا من هو؟
– القارئ: شيخُ الإسلام
– الشيخ: طيب قل
– القارئ: قال: فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الحَقَّ مَعَ أَهلِ الإِثبَاتِ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبحَانَهُ فَوقَ سَمَوَاتِهِ، وَعَلِمَ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ. رَأَيت هَذِهِ الحِكَايَةَ بِخَطِّ القَاضِي نَجمِ الدِّينِ أَحمَد بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ المقدسي، وَذَكَرَ أَنَّ – الشيخ الكُبرَى حَكَاهَا لَهُ وَكَانَ قَد حَدَّثَنِي بِهَا عَنهُ غَيرُ وَاحِدٍ..
– الشيخ: طيّب ذا – الشيخ الكُبرى ترجمَ لهُ المحقّقُ؟
– طالب: الكبيري
– الشيخ: ايه الكَبِيرِيَّ، الكبرى، ليش تقرأها الكُبرى أنت؟
– القارئ: مُثبتةٌ يا شيخ "الكُبرى"
– الشيخ: عجيبٌ والله، – الشيخ الكَبِيرِيَّ خلص هذا المعروف
– القارئ: قال: في نسخة "الكَبِيرِيَّ"
– الشيخ: الكَبِيرِي
– القارئ: ايه، قال: هو تصحيفٌ، والأظهرُ ما أثبتَه، وقد صحَّحتُه في الموضعينِ دونَ الإشارةِ للخلافِ في الثّاني واللهُ أعلم، وهو أحمدُ بنُ عمرَ بنِ محمّدِ الكُبرى أبو الجناب الخيُّوقي نجمُ الدّين الشّافعي.
– الشيخ: استقرَّ، يعني مشى بيها
– القارئ: قال: أكمّل ترجمتَه يا شيخ؟
– الشيخ: لا، يكفي، يكفي بس.