الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب الفرقان بين الحق والباطل/(23) فصل فإذا كان في كتب الأناجيل التي عندهم أن المسيح صلب “قوله فإذا كان الحواريون”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(23) فصل فإذا كان في كتب الأناجيل التي عندهم أن المسيح صلب “قوله فإذا كان الحواريون”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الفُرقان بينَ الحقِّ والباطلِ) لابن تيميّة
الدّرس الثّالث والعشرون

***    ***    ***    ***

– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ وسلَّم وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعين، اللهُمَّ اغفر لنا ولشيخِنا وللمسلمينَ يا ربَّ العالمين، قَالَ ابنُ تَيميَّة رحمنا اللهُ وإيَّاهُ ووالدينا والمسلمين:
فَإِن قِيلَ: فَإِذَا كَانَ الحَوَارِيُّونَ قَد اعتَقَدُوا أَنَّ المَسِيحَ صُلِبَ وَأَنَّهُ أَتَاهُم بَعدَ أَيَّامٍ وَهُم الَّذِينَ نَقَلُوا عَن المَسِيحِ الإِنجِيلَ وَالدِّينَ؛ فَقَد دَخَلَت الشُّبهَةُ. قِيلَ: الحَوَارِيُّونَ وَكُلُّ مَن نَقَلَ عَن الأَنبِيَاءِ إنَّمَا يَجِبُ أَن يُقبَلَ مِنهُم مَا نَقَلُوهُ عَن الأَنبِيَاءِ؛ فَإِنَّ الحُجَّةَ فِي كَلَامِ الأَنبِيَاءِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَمَوقُوفٌ عَلَى الحُجَّةِ إن كَانَ حَقًّا قُبِلَ وَإِلَّا رُدَّ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَا نَقَلَهُ الصَّحَابَةُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِن القُرآنِ وَالحَدِيثِ يَجِبُ قَبُولُهُ؛ لَاسِيَّمَا المُتَوَاتِرُ كَالقُرآنِ وَكَثِيرٌ مِن السُّنَنِ، وَأَمَّا مَا قَالُوهُ فيمَا أَجمَعُوا عَلَيهِ فَإِجمَاعُهُم مَعصُومٌ، وَمَا تَنَازَعُوا فِيهِ رُدَّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ.

وَعُمَرُ قَد كَانَ أَوَّلَاً أَنكَرَ مَوتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَدَّ ذَلِكَ عَلَيهِ أَبُو بَكرٍ، وَقَد تَنَازَعُوا فِي دَفنِهِ حَتَّى فَصَلَ أَبُو بَكرٍ بِالحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ، وَتَنَازَعُوا فِي تَجهِيزِ جَيشِ أُسَامَةَ، وَتَنَازَعُوا فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، فَلَم يَكُن هَذَا قَادِحًا فِيمَا نَقَلُوهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

وَالنَّصَارَى لَيسُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى صَلبِ المَسِيحِ، وَلَم يَشهَد أَحَدٌ مِنهُم صَلبَهُ؛ فَإِنَّ الَّذِي صُلِبَ إنَّمَا صَلَبَهُ اليَهُودُ، وَلَم يَكُن أَحَدٌ مِن أَصحَابِ المَسِيحِ حَاضِرًا، وَأُولَئِكَ اليَهُودُ الَّذِينَ صَلَبُوهُ قَد اشتَبَهَ عَلَيهِم المَصلُوبُ بِالمَسِيحِ، وَقَد قِيلَ: إنَّهُم عَرَفُوا أَنَّهُ لَيسَ هُوَ المَسِيحَ وَلَكِنَّهُم كَذَبُوا وَشَبَّهُوا عَلَى النَّاسِ، وَالأَوَّلُ هُوَ المَشهُورُ وَعَلَيهِ جُمهُورُ النَّاسِ. وَحِينَئِذٍ فَلَيسَ..

– الشيخ: يعني الأوّل، يريدُ أنَّهُ قولين عندَهُم، يعني قيلَ أنَّه يعني شُبِّه على اليهودِ، يعني أُلقيَ شَبَهُ المسِيحِ على أحدِهم، على أحدِ اليهودِ، أو على أحدِ تلاميذِ المسيحِ فاشتَبَهَ على اليهودِ، وشكُّوا هل الّذي صلبوهُ هو المسيحُ أم غيرُه؟ ولكن شُبِّهَ لهم، والقولُ الثّاني يقولُ – الشيخ: أنّهم قد علموا أنَّ الذي صَلَبوه ليسَ هو المسيحُ، لكنَّهم شبَّهوا على النّاسِ وكذَبوا وَزَعَموا أنَّهم صلبوهُ، فهذا قولان، يقولون: الأوّلُ هو المشهورُ، وهو المذكورُ في قولهِ تعالى: وَقَولِهِم إِنَّا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم وَإِنَّ الَّذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا [النساء:157] فهم يظُنُّونَ أنَّهم قَتَلَوهُ وصلَبوهُ، ولكن ليسَ عندَهم عِلمٌ بذلكَ ولا يقينٌ، نعم. قل: واليهودُ الذينَ قَتَلُوه.

 

– القارئ: وَالنَّصَارَى لَيسُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى صَلبِ المَسِيحِ، وَلَم يَشهَد أَحَدٌ مِنهُم صَلبَهُ؛ فَإِنَّ الَّذِي صُلِبَ إنَّمَا صَلَبَهُ اليَهُودُ، وَلَم يَكُن أَحَدٌ مِن أَصحَابِ المَسِيحِ حَاضِرًا، وَأُولَئِكَ اليَهُودُ الَّذِينَ صَلَبُوهُ قَد اشتَبَهَ عَلَيهِم المَصلُوبُ بِالمَسِيحِ، وَقَد قِيلَ..

وَالنَّصَارَى لَيسُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى صَلبِ المَسِيحِ، وَلَم يَشهَد أَحَدٌ..

– الشيخ: يعني منهم من يعتقدُ صلبَهُ، ومنهم من ليسَ كذلكَ.

– القارئ: وَلَم يَشهَد أَحَدٌ مِنهُم صَلبَهُ؛ فَإِنَّ الَّذِي صُلِبَ..

– الشيخ: وَلَم يَشهَد أَحَدٌ مِنهُم: لم يشهد أحدٌ من النّصارى، لم يحضَر أحدٌ صلبَهُ المَزعومَ، صلبَهُ، صلبَ المسيحَ المزعومَ، وإلّا فالحقيقةُ ليس، المسيحُ لم يُصلَب، وما قتلُوه وما صَلَبوه يعني فلم يدَّعِ أحدٌ أنَّهُ شَهِدَ صَلبَهُ المدّعى، صلبَه المُدَّعى.

– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، فَإِنَّ الَّذِي صُلِبَ إنَّمَا صَلَبَهُ اليَهُودُ، وَلَم يَكُن أَحَدٌ مِن أَصحَابِ المَسِيحِ حَاضِرًا، وَأُولَئِكَ اليَهُودُ الَّذِينَ صَلَبُوهُ قَد اشتَبَهَ عَلَيهِم المَصلُوبُ بِالمَسِيحِ، وَقَد قِيلَ: إنَّهُم عَرَفُوا أَنَّهُ لَيسَ هُوَ المَسِيحَ وَلَكِنَّهُم كَذَبُوا وَشَبَّهُوا عَلَى النَّاسِ، وَالأَوَّلُ هُوَ المَشهُورُ وَعَلَيهِ جُمهُورُ النَّاسِ. وَحِينَئِذٍ فَلَيسَ عِندَ النَّصَارَى خَبَرٌ عَمَّن يُصَدِّقُونَهُ بِأَنَّهُ صُلِبَ، لَكِنَّ عُمدَتَهُم عَلَى ذَلِكَ الشَّخص الَّذِي جَاءَ بَعدَ أَيَّامٍ وَقَالَ: أَنَا المَسِيحُ، وَذَاكَ شَيطَانٌ، وَهُم يَعتَرِفُونَ بِأَنَّ الشَّيَاطِينَ كَثِيرًا مَا تَجِيءُ وَيَدَّعِي أَحَدُهُم أَنَّهُ نَبِيٌّ أَو صَالِحٌ وَيَقُولُ: أَنَا فُلَانٌ النَّبِيُّ أَو الصَّالِحُ، وَيَكُونُ شَيطَانًا، وَفِي ذَلِكَ حِكَايَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ؛ مِثلُ حِكَايَةِ الرَّاهِبِ الَّذِي جَاءَهُ جَاءٍ وَقَالَ: أَنَا المَسِيحُ جِئت لِأَهدِيك، فَعَرَفَ أَنَّهُ الشَّيطَانُ، فَقَالَ: أَنتَ قَد بَلَّغت الرِّسَالَةَ وَنَحنُ نَعمَلُ بِهَا فَإِن جِئت اليَومَ بِشَيءِ يُخَالِفُ ذَلِكَ لَم نَقبَل مِنك.

فَلَيسَ عِندَ النَّصَارَى وَاليَهُودِ عِلمٌ بِأَنَّ المَسِيحَ صُلِبَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّ الَّذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ [النساء:157] وَأَضَافَ الخَبَرَ عَن قَتلِهِ إلَى اليَهُودِ بِقَولِهِ: وَقَولِهِم إنَّا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللَّهِ [النساء:157] فَإِنَّهُم بِهَذَا الكَلَامِ يَستَحِقُّونَ العُقُوبَةَ؛ إذ كَانُوا يَعتَقِدُونَ جَوَازَ قَتلِ المَسِيحِ، وَمَن جَوَّزَ قَتلَهُ فَهُوَ كَمَن قَتَلَهُ، فَهُم فِي هَذَا القَولِ كَاذِبُونَ وَهُم آثِمُونَ. وَإِذَا قَالُوهُ فَخرًا لَم يَحصُل لَهُم الفَخرُ؛ لِأَنَّهُم لَم يَقتُلُوهُ، وَحَصَلَ الوِزرُ لِاستِحلَالِهِم ذَلِكَ وَسَعيِهِم فِيهِ، وَقَد قَالَ..

– الشيخ: اللهُ أكبَر اللهُ أكبَر، مَن أرادَ شيئاً وعزمَ عليه ولم يَبلُغ مُرادَهُ فهو بمنزلةِ الفاعلِ في الخيرِ والشرِّ. فاليهودُ استجازوا قتلَ المسيح، وظنُّوا بعد ذلكَ أنَّهم قتلوهُ، وقد عَصَمَهُ اللهُ منهم، فباؤوا بإثمِ ما ظنُّوا أنّهم فعلوهُ، باؤوا، فالمقدمُ على، الطالبُ الشيءَ الذي اجتهدَ في تحصِيلِه ولم يُدركهُ هو بمنزلةِ الفاعلِ، سواءً في الخيرِ والطّاعةِ أو في الشَّرِّ والمعصيةِ، فهم بَاؤُوا بالإثمِ مع الخَيبَةِ، لأنَّهم لم يَنَالوا مُرادَهم وَقَولِهِم إِنَّا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم إلى قوله: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا [النساء:157] نعم، أَعِد الجملةَ.

– القارئ: أحسنَ الله إليكم، قال رحمهُ اللهُ:

فَإِنَّهُم بِهَذَا الكَلَامِ يَستَحِقُّونَ العُقُوبَةَ؛ إذ كَانُوا يَعتَقِدُونَ جَوَازَ قَتلِ المَسِيحِ، وَمَن جَوَّزَ قَتلَهُ فَهُوَ كَمَن قَتَلَهُ، فَهُم فِي هَذَا القَولِ كَاذِبُونَ وَهُم آثِمُونَ. وَإِذَا قَالُوهُ فَخرًا لَم يَحصُل لَهُم الفَخرُ؛ لِأَنَّهُم لَم يَقتُلُوهُ، وَحَصَلَ الوِزرُ لِاستِحلَالِهِم ذَلِكَ وَسَعيِهِم فِيهِ، وَقَد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (إذَا التَقَى المُسلِمَانِ بِسَيفَيهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقتُولُ فِي النَّارِ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المَقتُولِ؟ قَالَ: (إنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتلِ صَاحِبِهِ).

وَقَولُهُ: وَإِنَّ الَّذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنهُ قِيلَ: هُم اليَهُودُ وَقِيلَ النَّصَارَى، وَالآيَةُ تَعُمُّ الطَّائِفَتَينِ. وَقَولُهُ لَفِي شَكٍّ مِنهُ قِيلَ: مِن قَتلِهِ، وَقِيلَ: مِنهُ أَي فِي شَكٍّ مِنهُ هَل صُلِبَ أَم لَا، كَمَا اختَلَفُوا فِيهِ؛ فَقَالَت اليَهُودُ هُوَ سَاحِرٌ وَقَالَت النَّصَارَى إنَّهُ إلَهٌ، فَاليَهُودُ وَالنَّصَارَى اختَلَفُوا هَل صُلِبَ أَم لَا، وَهُم فِي شَكٍّ مِن ذَلِكَ: مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الصَّلبِ فَكَيفَ فِي الَّذِي جَاءَ بَعدَ الرَّفعِ وَقَالَ إنَّهُ هُوَ المَسِيحُ؟! فَإِن قِيلَ: إذا كَانَ الحَوَارِيُّونَ الَّذِينَ أَدرَكُوهُ قَد حَصَلَ هَذَا فِي إيمَانِهِم؛ فَأَينَ المُؤمِنُونَ بِهِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِم: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوقَ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:55] وَقَولُهُ: فَأَيَّدنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِم فَأَصبَحُوا ظَاهِرِينَ [الصف:14]؟

قِيلَ: ظَنُّ مَن ظَنَّ مِنهُم أَنَّهُ صُلِبَ لَا يَقدَحُ فِي إيمَانِهِ إذَا كَانَ لَم يُحَرِّف مَا جَاءَ بِهِ المَسِيحُ؛ بَل هُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ عَبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إلَى مَريَمَ وَرُوحٌ مِنهُ، فَاعتِقَادُهُ بَعدَ هَذَا أَنَّهُ صُلِبَ لَا يَقدَحُ فِي إيمَانِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا اعتِقَادُ مَوتِهِ عَلَى وَجهٍ مُعَيَّنٍ، وَغَايَةُ الصَّلبِ أَن يَكُونَ قَتلًا لَهُ، وَقَتلُ النَّبِيِّ لَا يَقدَحُ فِي نُبُوَّتِهِ، وَقَد قَتَلَ بَنُو إسرَائِيلَ كَثِيرًا مِن الأَنبِيَاءِ. وَقَالَ تَعَالَى: وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ [آل عمران:146] الآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى..

– الشيخ: هو في قراءةٍ "قُتِلَ" والظَّاهرُ شيخَ الإسلامِ اختارَ هذهِ القراءةَ، ولا تكونُ شاهدًا إلا هكذا؛ لأنّه كثيرٌ من أنبياءِ بني اسرائيلَ قُتلوا، ولم يُقدَح في نبوَّتِهِ، والآياتُ في هذا كثيرةٌ، ثمَّ يستشهدُ بـ وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ يعني كثيرٌ من الأنبياءِ قُتِل، وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ الظَّاهرُ أنَّ الشيخَ يريدُ هذهِ القراءةَ.
ما في تعليقٌ على هذا؟

– القارئ: لا، أحسنَ اللهُ إليك.

– الشيخ: سبحانَ اللهِ، أعد الجملةَ تشوف أنَّ السّياقَ هكذا.

 

– القارئ: قال رحمهُ اللهُ:

وَقَتلُ النَّبِيِّ لَا يَقدَحُ فِي نُبُوَّتِهِ وَقَد قَتَلَ بَنُو إسرَائِيلَ كَثِيرًا مِن الأَنبِيَاءِ. وَقَالَ تَعَالَى..

– الشيخ: لا، قَتَلَ بَنُو إسرَائِيلَ كَثِيرًا مِن الأَنبِيَاءِ

– طالب:

– الشيخ: فالمناسبُ هنا أن يكتبَ "قُتِلَ"، هذا هو الذي يقتضيهِ السِّياقُ الكلامي

– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، وَقَد قَتَلَ بَنُو إسرَائِيلَ كَثِيرًا مِن الأَنبِيَاءِ. وَقَالَ تَعَالَى: وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ

– الشيخ: لا، قُتِل مَعَهُ، لا لا، وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قُتِل مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ

– القارئ: أحسنَ اللهُ إليك، وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قُتِل مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ الآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى: وَمَا مُحَمَّدٌ إلَّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَاتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلَى أَعقَابِكُم [آل عمران:144]

وَكَذَلِكَ اعتِقَادُ مَن اعتَقَدَ مِنهُم أَنَّهُ جَاءَ بَعدَ الرَّفعِ وَكَلَّمَهُم؛ هُوَ مِثلُ اعتِقَادِ كَثِيرٍ مِن مَشَايِخِ المُسلِمِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُم فِي اليَقَظَةِ، فَإِنَّهُم لَا يَكفُرُونَ بِذَلِكَ؛ بَل هَذَا كَانَ يَعتَقِدُهُ مَن هُوَ مِن أَكثَرِ النَّاسِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَاتِّبَاعًا لَهُ، وَكَانَ فِي الزُّهدِ وَالعِبَادَةِ أَعظَمَ مِن غَيرِهِ، وَكَانَ يأتيه مَن يَظُنُّ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَهَذَا غَلَطٌ مِنهُ لَا يُوجِبُ كُفرَهُ؛ فَكَذَلِكَ ظَنُّ مَن ظَنَّ مِن الحَوَارِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ المَسِيحُ لَا يُوجِبُ خُرُوجَهُم..

– الشيخ: يعني غلطٌ وجهلٌ، غلطٌ وجهلٌ، من يعتقدُ أنّ الرّسولَ يَجِيءُ، وهذا كثيرٌ عند الصُّوفيةِ، هذا من جَهالاتِهم ومن أغلاطِهم، لكنَّهم كذلك لا يُناقضُ إيمانَهم به، وإن كانوا يظُنُّون أنَّه ميِّتٌ لأنَّه خبرٌ عن موتِه، هذا قرآن إنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُم مَيِّتُون [الزمر:30] لكن من جانبٍ يظنّونَ أنَّ الرَّسولَ يمكنُ أن يأتيهم، عندَ الصّوفيةِ في عندَهُم، عندَهُم مجالسُ ذِكرٍ يزعمون أنَّ الرّسولَ يأتيهِم فيقومون تعظيماً واحتراماً له صلّى اللهُ عليه وسلّم. نعم، أعد الكلامَ هذا، نعم، أعد.

 

– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، وَكَذَلِكَ اعتِقَادُ مَن اعتَقَدَ مِنهُم أَنَّهُ جَاءَ بَعدَ الرَّفعِ وَكَلَّمَهُم هُوَ مِثلُ اعتِقَادِ كَثِيرٍ مِن مَشَايِخِ المُسلِمِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُم فِي اليَقَظَةِ.

– الشيخ: مشايخ المسلمين دائماً يُريدُ بها شيوخَ الصّوفيّةِ، ما، لا يُريدُ بهم يعني الأئمّةَ من أهلِ العلمِ بالسُّنّة، لا، يريدُ من شيوخِ الصّوفيّةِ وهم درجاتٌ؛ نفسُ شيوخِ الصّوفيّةِ مراتبٌ، بعضُهم يعني أفضلُ من بعضٍ وأعلمُ من بعض، وبعضُهُم عندَهُ من الغلطِ ما هو، ما تنقصُ به مرتبَتُه كثيراً.

– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، هُوَ مِثلُ اعتِقَادِ كَثِيرٍ مِن مَشَايِخِ المُسلِمِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُم فِي اليَقَظَةِ، فَإِنَّهُم لَا يَكفُرُونَ بِذَلِكَ؛ بَل هَذَا كَانَ يَعتَقِدُهُ مَن هُوَ مِن أَكثَرِ النَّاسِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَاتِّبَاعًا لَهُ، وَكَانَ فِي الزُّهدِ وَالعِبَادَةِ أَعظَمَ مِن غَيرِهِ، وَكَانَ يأتيهِ مَن يَظُنُّ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ؛ فَهَذَا غَلَطٌ مِنهُ لَا يُوجِبُ كُفرَهُ؛ فَكَذَلِكَ ظَنُّ مَن ظَنَّ مِن الحَوَارِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ المَسِيحُ لَا يُوجِبُ خُرُوجَهُم عَن الإِيمَانِ بِالمَسِيحِ، وَلَا يَقدَحُ فِيمَا نَقَلُوهُ عَنهُ، وَعُمَرُ لَمَّا كَانَ يَعتَقِدُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَم يَمُت، وَلَكِن ذَهَبَ إلَى رَبِّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى، وَأَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَمُوتَ أَصحَابُهُ؛ لَم يَكُن هَذَا قَادِحًا فِي إيمَانِهِ وَإِنَّمَا كَانَ غَلَطًا وَرَجَعَ عَنهُ.

فَصلٌ: وقَوله تَعَالَى فِي هَذِهِ الآية: مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ [النساء:157] هُوَ ذَمٌّ لَهُم عَلَى اتِّبَاعِ الظَّنِّ بِلَا عِلمٍ.

وَكَذَلِكَ قَولُهُ: إن هِيَ إلَّا أَسمَاءٌ سَمَّيتُمُوهَا أَنتُم وَآبَاؤُكُم مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلطَانٍ إن يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهوَى الأَنفُسُ وَلَقَد جَاءَهُم مِن رَبِّهِمُ الهُدَى [النجم:23]

وَكَذَلِكَ قَولُهُ: وَمَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إن يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغنِي مِنَ الحَقِّ شَيئًا [النجم:28]

وقَولُه تَعَالَى وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إن يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَإِن هُم إلَّا يَخرُصُونَ [يونس:66]

وَقَولُهُ: أَفَمَن يَهدِي إلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَا يَهِدِّي إلَّا أَن يُهدَى فَمَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ وَمَا يَتَّبِعُ أَكثَرُهُم إلَّا ظَنًّا إنَّ الظَّنَّ لَا يُغنِي مِنَ الحَقِّ شَيئًا إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفعَلُونَ [يونس:36]

فَهَذِهِ عِدَّةُ مَوَاضِعٍ يَذُمُّ اللَّهُ فِيهَا الَّذِينَ لَا يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ.

وَكَذَلِكَ قَولُهُ: قُل هَل عِندَكُم مِن عِلمٍ فَتُخرِجُوهُ لَنَا إن تَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَإِن أَنتُم إلَّا تَخرُصُونَ * قُل فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ [الأنعام:148-149] مُطَالَبَةٌ بِالعِلمِ، وَذَمٌّ لِمَن يَتَّبِعُ الظَّنَّ وَمَا عِندَهُ عِلمٌ.

وَكَذَلِكَ قَولُهُ: نَبِّئُونِي بِعِلمٍ إن كُنتُم صَادِقِينَ [الأنعام:143] وَقَولُهُ: وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهوَائِهِم بِغَيرِ عِلمٍ [الأنعام:119] وَأَمثَالُ ذَلِكَ ذَمٌّ لِمَن عَمِلَ بِغَيرِ عِلمٍ، وَعَمِلَ بِالظَّنِّ.

وَقَد ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ المُتَوَاتِرَةِ..

– الشيخ: مُستمِر، قف على هذا.

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة