بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب "روضة النّاظر وجنّة المناظر" لابن قدامة
الدّرس: الرَّابع والسّتون
*** *** *** ***
– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ شيخُ الإسلامِ موفَّقُ الدِّينِ ابنُ قدامةَ في "روضةِ النَّاظرِ" في تتمَّةِ كلامِهِ على الإجماعِ:
فصلٌ: الإجماعُ ينقسمُ إلى مقطوعٍ ومظنونٍ
– الشيخ : مقطوعٌ يعني: إجماعٌ قطعيٌّ، ومظنونٌ يعني: ظنِّيٌّ، تارةً، وهذا الظَّنِّيُّ ينسحبُ على أكثر ما يُدَّعى من الإجماعاتِ كلِّها ظنِّيَّةٌ ما هي قطعيَّةٌ، في إجماعات مثلًا قطعيَّة مثلًا يعني مثل الأمور الَّتي يقال: إنَّها معلومةٌ من دين الإسلام بالضَّرورة، كالمحرَّمات والواجبات مثل وجوب الصَّلاة، وجوبها معلومٌ بالكتاب والسُّنَّة والإجماع القطعيِّ، وقسْ على هذا.
– القارئ : الإجماعُ ينقسمُ إلى مقطوعٍ ومظنونٍ.
فالمقطوعُ: ما وُجِدَ فيهِ الاتِّفاقُ معَ الشُّروطِ الَّتي لا تختلفُ فيهِ معَ وجودِها، ونقلَهُ أهلُ التَّواتُرِ.
والمظنونُ: ما اختلَّ فيهِ أحدُ القيدَينِ: بأنْ تُوجَدَ شروطُهُ معَ الاختلافِ فيهِ، كالاتِّفاقِ في بعضِ العصرِ، وإجماعُ التابعِينَ على أحدِ قولي الصَّحابةِ، أو يُوجَدُ القولُ مِن البعضِ والسُّكوتُ مِن الباقينَ، أو تُوجَدُ شروطُهُ لكنْ ينقلُهُ آحادٌ.
وذهبَ قومٌ إلى أنَّ الإجماعَ لا يثبتُ بخبرِ الواحدِ؛ لأنَّ الإجماعَ دليلٌ قاطعٌ، يُحكَمُ بهِ على الكتابِ والسُّنَّةِ، وخبرُ الواحدِ لا يُقطَعُ بهِ، فكيفَ يَثبتُ بهِ المقطوعُ؟
– الشيخ : … الإجماعُ واحدٌ، صحيحٌ أنَّه لا يثبتُ بخبر الواحدِ، الإجماعُ نفسه الَّذي يظهر أنَّ من شأنه تواترَ الحكم الَّذي وُصِفَ بالإجماع.
– القارئ : وليسَ ذلكَ بصحيحٍ؛ فإنَّ الظَّنَّ متَّبعٌ في الشَّرعيَّاتِ، والإجماعُ المنقولُ بطريقِ الآحادِ يغلبُ على الظَّنِّ، فيكونُ ذلكَ دليلًا كالنَّصِّ المنقولِ بطريقِ الآحادِ.
وقولُهم: "هوَ دليلٌ قاطعٌ".
قلْنا: قولُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أيضًا دليلٌ قاطعٌ في حقِّ مَن شافهَهُ، أو بلغَهُ بالتَّواتُرُ، وإذا نقلَهُ الآحادُ كانَ مظنونًا، وهوَ حجَّةٌ، فالإجماعُ كذلكَ، بل هوَ أولى؛ فإنَّهُ أقوى مِن النَّصِّ، لتطرُّقِ النَّسخِ إلى النَّصِّ، وسلامةِ الإجماعِ منهُ؛ فإنَّ النَّسخَ إنَّما يكونُ بنصٍّ، والإجماعُ لا يكونُ إلَّا بعدَ انقراضِ زمنِ النَّصِّ.
فصلٌ: الأخذُ بأقلِّ ما قيلَ: ليس تمسُّكًا بالإجماعِ، نحوَ اختلافِ النَّاسِ في ديَّةِ الكتابيِّ:
فقيلَ: ديَّةُ المسلمِ.
وقيلَ: النِّصفُ.
وقيلَ: الثُّلثُ.
فالقائلُ: إنَّها الثُّلثُ ليسَ هوَ متمسِّكًا بالإجماعِ؛ لأنَّ وجوبَ الثُّلثِ متَّفقٌ عليهِ، وإنَّما الخلافُ في سقوطِ الزِّيادةِ، وهوَ مختلفٌ فيهِ، فكيفَ يكونُ إجماعًا؟
ولو كانَ إجماعًا كانَ مخالفُهُ خارقًا للإجماعِ، وهذا ظاهرُ الفسادِ. واللهُ تعالى أعلمُ.
الأصلُ الرَّابعُ: استصحابُ الحالِ ودليلُ العقلِ
– الشيخ : خلك اليوم مكانَك، بداية موضوع جديد، رحمَه الله، عندك مذكِّرة الشَّيخ الشَّنقيطي؟
– القارئ : عندي، أحسنَ الله إليك
– الشيخ : نريدُها في هذا الموضوع الجديد الَّذي تقرأه
– القارئ : أقولُ: ذكرَ كلامًا قصيرًا جدًّا، قالَ: فصلٌ: الإجماعُ ينقسمُ إلى مقطوعٍ ومظنونٍ
– الشيخ : لا، لا، لا، يعني تعني أنَّه اختصرَ في هذا الموضوع؟
– القارئ : نعم
– الشيخ : قل نشوف [نرى]، الاختصار زين، الاختصار
– القارئ : قالَ: فصلٌ: الإجماعُ ينقسمُ إلى مقطوعٍ ومظنونٍ وقد تقدَّمَتْ الإشارةُ إلى هذا.
فصلٌ: الأخذُ بأقلِّ ما قيلَ ليسَ تمسُّكًا بالإجماعِ كالاختلافِ في ديَّةِ الكتابيِّ، فقيلَ: كديَّةِ المسلمِ، وقيلَ: نصفِها، وقيلَ: ثلثِها، فالتَّمسُّكُ بالثُّلثِ ليسَ بالإجماعِ، وأظهرُ دليلٍ على ذلكَ جوازُ مخالفتِهِ, انتهى.
– الشيخ : ما قال شيئًا، ها؟
– القارئ : نعم
– الشيخ : أقول: رحمه الله، ما..
– طالب: على المسألة السَّابقة
– الشيخ : مسألة أيش؟
– طالب: …
– الشيخ : أيش فيها؟
– طالب: …
– الشيخ : يمكن يمكن تقول: إنَّه أقلُّ ما قيلَ فيها أربعين، ما يقالُ فيها [….] إنَّها إجماعٌ.