الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب حراسة الفضيلة/(6) الأصل الثالث “قوله الدليل الثالث اية الحجاب الثانية”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(6) الأصل الثالث “قوله الدليل الثالث اية الحجاب الثانية”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله 
الدّرس السّادس

***    ***    ***    ***

– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ لله والصّلاة والسّلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمنا الله وإياه- في كتابه "حراسة الفضيلة":
الدليل الثالث: آية الحجاب الثانية الآمرة بإدناء الجلابيب على الوجوه.
– الشيخ:
إيش، الدليل؟
– القارئ: الدليل الثالث:
آية الحجاب الثانية الآمرة بإدناء الجلابيب على الوجوه:
قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:59]
قال السيوطي -رحمه الله تعالى-: هذه آية الحجاب في حقِّ سائر النساء ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن. انتهى.
وقد خصَّ الله سبحانه في هذه الآية بالذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته لشرفهنَّ ولأنهنَّ آكد في حقه من غير.
– الشيخ:
إشارةٌ نعم أو إشارةً
– القارئ: نعم
– الشيخ: نعم، إشارة
– القارئ: ونعم لشرفهن ولأنه..
– الشيخ:
أه لشرفهنَّ
– القارئ: أي نعم
– الشيخ:
أحسبه يقول إشارة، نعم لشرفهن
 
– القارئ: لشرفهنَّ ولأنهنَّ آكد في حقه من غيرهنَّ؛ لقربهنَّ منه، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6] ثم عمّمَ سبحانه الحكم على نساء المؤمنين وهذه الآية صريحة وهذه الآية صريحة كآية الحجاب الأولى، على أنه يجب على جميع نساء المؤمنين أن يُغطينَ ويسترنَ وجوههنَّ وجميع البدن والزينة المكتسبة عن الرجال الأجانب عنهن.
– الشيخ:
نسأل الله العافية، أعوذ بالله الله الله أكبر الله أكبر لا حول ولا قوة إلا بالله الله أكبر.
المتّبعون للشهوات يفرون وأذناب الغرب المستغربون يعملون على تحريف النصوص وصَرفها عن ظواهرها؛ لأن هذه النصوص قرآنية ما لهم فيها حيلة، يقولون: ما ثبتت ما كذا كبعض الأحاديث لا نصوص، فلا طريق لهم إلا التماس التأويلات التي يتوصّلون منها إلى التخلص من معارضة هذه النصوص لطرائقهم وأهدافهم. سبحان الله العظيم.
 
– القارئ: وذلك الستر بالتّحجب بالجلباب الذي يغطي ويستر وجوههنَّ وجميع أبدانهنَّ وزينتهنَّ، وفي هذا تمييز لهنَّ عن اللائي يكشفن من نساء الجاهلية حتى لا يتعرضن للأذى ولا يطمع فيهن طامع، والأدلة من هذه الآية على أن المراد بها ستر الوجه وتغطيته من وجوه هي:
الوجه الأول: معنى "الجلباب" في الآية ومعناه في لسان العرب:
وهو اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن وهو بمعناه الملاة والعباءة فتلبسه المرأة فوق ثيابها من أعلى رأسها مُدنيةً ومُرخيةً له على وجهها وسائر جسدها وما علا جسدها من زينة مكتسبة، ممتداً إلى ستر قدميها فثبت بهذا حجب الوجه بالجلباب كسائر البدن لغةً وشرعاً.
الوجه الثاني: أن شمول الجلباب لستر الوجه هو أول معنىً مراد؛ لأن الذي كان يبدو من بعض النساء في الجاهلية هو الوجه، فأمر الله نساء النبي والمؤمنين بستره وتغطيته بإدناء الجلباب عليه، لأن الإدناء عُدِّيَ بحرف "على" وهو دال على تضمن معنى الإرخاء، والإرخاء لا يكون إلا من أعلى، فهو هنا من فوق الرؤوس على الوجوه والأبدان.
الوجه الثالث: أن ستر الجلباب للوجه وجميع الوجه وما عليه من الثياب الزينة المكتسبة، هو الذي فهمه نساء الصحابة رضي الله عنهم، وذلك فيما أخرجه عبد الرزاق في المصنف: عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ خرج نساء الأنصار كأنَّ على رؤوسهنَّ الغِربان كأن على رؤوسهن الغِربان من السكينة وعليهنَّ أكسيةٌ سود يلبسنها.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (رحم الله تعالى نساء الأنصار لما نزلت يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ الآية. شققْنَ مروطهنَّ فاعتجرْنَ بها، فصلينَ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأنما على رؤوسهنَّ الغِربان) رواه ابن مردويه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل لما أنزل الله وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شققن مروطهنَّ فاختمرْنَ بها. رواه البخاري في صحيحه.
والاعتجار: هو..

– الشيخ: أعِد هذا الحديث
– القارئ: وعن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل لما أنزل الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شققنَ مروطهنَّ فاختمرنَ بها. رواه البخاري في صحيحه.
– الشيخ:
الله المستعان
– القارئ: الاعتجار: هو الاختمار فم فمعنى فاعتجرن بها واختمرن بها أي: غطينَ وجوههن.
وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: أمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُخرجهنَّ في الفطر والأضحى العواتق والحُيَّض وذوات..
– الشيخ:
أن نُخرجهنَّ ولا أن نُخرج؟
– القارئ: أن نُخرجهنَّ
– الشيخ:
طيب! العواتق والحُيَّض نعم..
– القارئ: العواتق والحُيَّض وذوات الخدور، أما الحُيَّض فيعتزلنَ الصلاة ويشهدنَ الخير ودعوة المسلمين، قلت يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتُلبسْها أختُها من جلبابها. متفق على صحته. وهذا صريح في منع المرأة من بروزها أمام الأجانب بدون الجلباب والله أعلم.
الوجه الرابع: في الآية قرينةٌ نَصيةٌ دالة على هذا المعنى للجلباب وعلى هذا العمل سا وعلى هذا العمل الذي بادر إليه نساء الأنصار والمهاجرين _رضي الله عن الجميع_ بستر وجوههنَّ بإدناء الجلابيب عليها وهي أن في قوله تعالى: قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وجوب حجب أزواجه صلى الله عليه وسلم وستر وجوههن لا نزاع فيه بين أحدٍ من المسلمين، وفي هذه الآية ذك ذكر أزواج وفي هذه الآية ذِكْرُ أزواجه صلى الله عليه وسلم مع بناته ونساء المؤمنين، وهو ظاهر الدلالة على وجوب ستر الوجوه بإدناء الجلابيب على جميع المؤمنات.
الوجه الخامس: هذا التعليل ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ
– الشيخ:
في وجوه في وجوه؟
– القارئ: لا باقي الدليل الرابع بعده.. هذا آخر وجه الخامس.
– الشيخ:
نعم، أكمل
 
– القارئ: هذا التعليل ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ راجعٌ إلى الإدناء المفهوم من قوله: يُدْنِينَ وهو حكمٌ بالأَولى على وجوب ستر الوجه؛ لأن ستره علامةٌ على معرفة العفيفة فلا يُؤذين فهذه الآية نص على ستر الوجه وتغطيته، ولأن من تستر وجهها لا يطمع فيها طامع بالكشف عن باقي بدنها وعورتها المغلَّظة.
فصار في كشف الحجاب عن الوجه تعريضٌ لها بالأذى من السفهاء، فدل هذا التعليل على فرض الحجاب على نساء المؤمنين لجميع البدن والزينة بالجِلباب، وذلك حتى يُعرفْنَ بالعِفّة وأنهن مستورات مُحجّبات بعيدات عن أهل الريب والخناء.

– الشيخ: الرِّيَب
– القارئ: أحسن الله إليك.
عن أهل الرِّيب والخناء وحتى لا يفتتن ولا يفتنَّ غيرهن فلا يُؤذين، ومعلوم أن المرأة إذا كانت غاية في الستر والانضمام، لم يُقدم عليها من في قلبه مرض وكفَّت عنها الأعين الخائنة، بخلاف المتبرجة المنتشرة الباذلة لوجهها فإنها مطموعٌ فيها.
واعلم أن الستر بالجلباب وهو ستر وهوست واعلم أن الستر بالجلباب وهو ستر النساء العفيفات، يقتضي كما تقدَّم في صفة لبسه أن يكون الجلباب على الرأس لا على الكتفين، ويقتضي ألا يكون الجلباب العباءة زينةٌ في نفسه، ولا مضافاً إليه ما يزين ما يزيّنه من نقشٍ أو تطريز، ولا ما يلفت النظر إليه وإلا كان نقضاً لمقصود الشارع من إخفاء البدن والزينة وتغطيتها عن عيون الأجانب عنها 
ولا تغترُّ المسلمة بالمترجِّلات اللاتي يتلذذنَ بمعاكسة الرجال لهن وجلب الأنظار إليهنَّ اللائي يعلنَّ بفعلهنَّ تعدادهن في المتبرجات السَّافرات، ويعدلن عن أن يكنَّ مصابيح البيوت العفيفات التقيات النقيات الشريفات الطيبات.
– الشيخ: الله المستعان. لاحول ولا قوة إلا بالله.
– القارئ: ثبَّت الله نساء المؤمنين على العفة وأسبابها.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله