بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله
الدّرس الحادي والثّلاثون
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم، الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمنا الله وإياه- في كتابه "حراسة الفضيلة" في ذكرهِ للأسبابِ الواقية:
الرابع عشر..
– الشيخ: الأسباب الواقية مستنبطة من سورة النور؟
– القارئ: أي نعم
الأمرُ بالاستعفافِ لمنْ لا يجد ما يستطيعُ بهِ الزواج وفعل الأسباب.
والقرآنُ العظيم والسُنّة المُشرّفة، مملوءانِ مِن تشريعِ الأسبابِ والتدابير الواقية مِنْ هذه الفاحشة في حقِّ الرجالِ، وفي حقِّ النّساء؛ فمنها في حقِّ الرجالِ مع الرجال: وجوبُ سَتر عورة الرجل، فلا يجوزُ للرجلِ كشفُ عورتهِ مِنَ السرّة إلى الركبة، ومنها: حَجبُ نظرِ الرجل عَن النّساء الأجنبيات، ومنها: حَجبُ الرجلِ عَنْ مُجالسةِ المُردانِ مِنَ الذكران، والنظرِ إليهم تلذذاً، ومنها في حقِّ النّساءِ مع النّساء، سترُ عورة المرأةِ عن المرأة: يحرمُ على المرأةِ أنْ تنعتَ المرأة لزوجها.
ومِنْ أعظمِ الأسبابِ والتدابير الواقية مِنَ الزنى: فرضُ الحجابِ على نساءِ المسلمين، لِما يحملهُ مِنْ حِفظهنَّ وحياتهن في عِفّةٍ وسَترٍ وتصوّنٍ وحِشمةٍ وحياء، ومُجافاةٍ للخَنا، وطردٍ لنواقضها مِنَ التبذّل والتسفّل، وانتزاعِ الحياءِ.
الأصل الثامن: الزواج تاج الفضيلة.
– الشيخ: الله المستعان، لا حول ولا قوة إلا بالله. كذلكَ مِنَ الأسبابِ الواقية النّكاح: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور:32] ثمَّ أمرَ سُبْحانهُ وتعالى مَنْ لا يجد أسبابَ الزواج أنْ يَسْتعفِف: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ [النور:33] وكيفَ يَسْتعفّون؟ يَسْتعفوّن بالأخذِ بأسبابِ العِفّة، يأخذونَ بأسبابِ العِفّة مِنْ غضِّ البصر، كما تقدّم وحِفظِ العورة: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] حِفظُ الفروجِ يَشْمل حِفظها مِنَ الفواحش، وحِفظُها عَن النظر، لا ينظرُ الرجلُ إلى عورةِ الرجل ولا المرأةُ إلى عورةِ المرأة.
ومِنْها البُعدُ عَن الاختلاطِ بالنّساءِ، وما ينشأُ عَنْ ذلكَ مِن نظرٍ ومِن ومِن.. ومِن خلوةٍ، ومِن حديثٍ يجرُّ إلى ما بعده، وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ [النور:33] ومِنْ أسبابِ هذا الصّيام الذي أرشدَ إليهِ النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ومَنْ لمْ يَسْتطعْ فَعليهِ بالصومْ فإنّهُ لهُ وِجاء) لا إله إلا أنت، نعم الأصل..
– القارئ: الأصل الثامن؛ الزّواجُ تاجُ الفضيلة
الزّواجُ سُنّةُ الأنبياءِ والمرسلين، قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [الرعد:38] وهو سبيلُ المؤمنين، استجابةً لأمرِ الله سُبْحانه..
– الشيخ: الرّسل بَشر، خَصائِصُ البشريةِ موجودةٌ فيهم، يأكلون ويَشربون ويَنْكحون ويتزوّجون، وتكونُ لهم الذريّة، لهم أزواجٌ وذريّة، وهذا عامٌّ في الرسل، وقصَّ علينا مِن خبرِ أزواجِ الأنبياء، وعن زواجِ إبراهيم وموسى عليه السلام، ونوح ولوط وزكريا، ولا … ذلكَ في أقدارهم.
– القارئ: وهو سبيلُ المؤمنينَ، استجابةً لأمرِ الله سُبْحانه: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32-33]
– القارئ: فهذا أمرٌ مِنَ الله عزَّ شأنهُ للأولياءِ بإنكاحِ مَنْ تحتَ ولايتهم مِنَ الأيامى -جمعُ أيّم- وهم مَن لا أزواجَ لهم مِن رجالٍ ونساء.
– الشيخ: يُقالُ للرجلِ "أيّم" حتى إن لم يتزوج، وللمرأة "أيّم"، الأيّم: أي لا زوجَ لها، وليسَ هذا خاص بالثِّيب لا، المرأة التي لا زوجَ لها يُقالُ لها "أيّم"، والرجل كذلك. قال: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ [النور:32]
– القارئ: وهو مِن بابِ أولى أمرٌ لهم بإنكاحِ أنفسهم طلباً للعِفّة والصيانةِ مِنَ الفاحشة.
واستجابةٌ لأمرِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواهُ ابن مسعود – رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يا معشرَ الشّباب مَن استطاعَ مِنكم الباءةَ فليتزوج، فإنّهُ أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ، ومَنْ لمْ يستطع فعليهِ بالصوم، فإنّهُ لهُ وِجاء) متفقٌ على صحتهِ. والأحاديثُ في هذا الباب كثيرة.
ومن دعاءِ عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74] ولذا أنكرَ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على مَنْ امتنعَ عن الزواج ليقومَ الليلَ ويصومَ النّهار، قال -صلّى الله عليه وسلم-: (أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِله وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) متفقٌ على صحتهِ.
– الشيخ: رَغب عنها: يعني طلباً للكمال والفضل، أمّا مَنْ انشغلَ عن الزواج ولمْ يتزوّج لانشغالهِ بأمورٍ أو لم تكن عندهُ الرغبة الملحّة فلا حَرَج عليه؛ لأنهُ ما تركهُ رغبةً عَنْ سنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا لم يقل: "ومَنْ لم يتزوج" قال: (.. مَنْ رَغِبَ) رَغِبَ عنها رَغِبَ عن السنّة.
– القارئ: والزواج تلبيةٌ لِما في النوعين: الرجل والمرأة مِنْ غريزة النكاح "الغريزة الجنسية" بطريقٍ نظيفٍ مُثمر. ولهذا..
– الشيخ: بس في باقي كلام؟
– القارئ: أي باقي كلام.
– الشيخ: خلاص قف على هذا.