الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب حراسة الفضيلة/(32) الأصل الثامن “قوله والزواج تلبية لما في النوعين: الرجل والمرأة من غريزة النكاح”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(32) الأصل الثامن “قوله والزواج تلبية لما في النوعين: الرجل والمرأة من غريزة النكاح”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله 
الدّرس الثّاني والثّلاثون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم، الحمدُ لله والصّلاة والسّلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمنا الله وإياه- في كتابهِ "حراسة الفضيلة":
والزواجُ تلبيةٌ لِما في النوعين -الرجل والمرأة- مِن غريزة النكاح -الغريزة الجنسية- بطريقٍ نظيفٍ مُثمر. ولهذه المعاني وغَيرها لا يختلفُ المسلمونَ في مشروعية الزواجِ، وأنَّ الأصلَ فيهِ الوجوب لمنْ خافَ على نفسهِ العَنَت والوقوعَ في الفاحشة، لا سيّما مع رِقّة الدين، وكَثْرة المُغريات، إذ العبدُ مُلزمٌ بإعفافِ نفسهِ، وصَرْفِها عَن الحرام، وطريقُ ذلكَ: الزواج.
ولذا استحبَّ العلماءُ للمتزوّجِ أنْ ينوي بزواجهِ إصابةَ السنّة، وصيانةِ دينهِ وعرضهِ، ولهذا نهى الله سُبحانهُ عَن العَضْلِ، وهو: منعُ المرأةِ مِنَ الزواج، قال الله تعالى: فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ [البقرة:232]
ولهذا أيضاً عظَّم الله سُبحانه شأنَ الزواج، وسَمَّى عَقْدهُ: مِيثَاقًا غَلِيظًا في قوله تعالى: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]
وانظر إلى نضارةِ هذه التّسمية لعقدِ النّكاح، كيفَ تأخذُ بمجامعِ القلوب، وتُحيطهُ بالحُرمة والرعاية، فهل يبتعدُ المسلمونَ عن اللقب الكنسي "العقد المقدّس" الوافدُ إلى كثيرٍ مِن بلادِ المسلمينَ في غَمْرة اتباع سَنَن الذين كفروا !!
فالزواجُ صِلةٌ شرعية تُبْرمُ بعقدٍ بينَ الرجلِ والمرأةِ بشروطهِ وأركانهِ المعتبرة شرعاً، ولأهميتهِ قَدَّمهُ أكثرُ المحدِّثينَ والفقهاء على الجهاد، ولأنَّ الجهادَ لا يكونُ إلّا بالرجالِ، ولا طريقَ لهُ إلّا بالزواج، وهو يمثّل مقاماً أعلى في إقامةِ الحياة واستقامتها، لمِا ينطوي عليهِ مِنَ المصالحِ العظيمة، والحِكم الكثيرة، والمقاصد الشريفة، منها:
1 ـ حِفظُ النْسل وتوالد النوع الإنساني جِيلاً بعدَ جيل، لتكوين المجتمع البشري، لإقامةِ الشريعة وإِعلاءِ الدين، وعَمارة الكون، وإصلاحُ الأرضِ، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً الآية [النساء:1]
وقال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا [الفرقان:54] أي: أنَّ الله سُبحانهُ وتعالى هو الذي خلقَ الآدمي مِنْ ماءٍ مَهين، ثمَّ نَشرَ مِنْهُ ذريةً كثيرةً وجعلهم أنساباً وأصهاراً متفرقينَ ومجتمعين.
– الشيخ:
هو الذي هو الذي؟
– القارئ: هو الذي خلقَ الآدمي مِنْ ماءٍ مَهين، ثمَّ نَشرَ مِنْهُ ذريةً كثيرةً..
– الشيخ:
كان ينبغي أن يقول: خلقَ آدمَ مِن ترابٍ ونشرَ منهما، والله تعالى قال: وَبَثَّ مِنْهُمَا [النساء:1] فأضافَ البث إليهما، وبثَّ مِنْهُمَا نعم..
 
– القارئ: وجعلهم أنساباً وأصهاراً متفرقينَ ومجتمعين، والمادة كُلّها مِنْ ذلكَ الماءُ المَهين، فسبحانَ الله القادرِ البصير.
ولذا حثَّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- على تَكْثيرِ الزّواج، فعنْ أنسٍ -رضي الله عنهُ- أنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال:
(تزوّجوا الولودَ الودود، فإنّي مُكاثرٌ بِكم الأنبياءَ يومَ القيامة) رواه الإمام أحمد في مسنده.
وهذا يُرشّحُ الأصلَ المتقدّم للفضيلة: (القرار في البيوت) لأنَّ تَكْثيرَ النْسل غيرُ مقصودٍ لذاتهِ..
 – الشيخ:
إيش؟
– القارئ: وهذا يُرشّح الأصلَ المتقدّم، لعلّه يُمكن "يشرح"
– الشيخ:
يرشّحُ الأصلَ المتقدّم أي..
– القارئ: وهذا يُرشّحُ الأصلَ المتقدّم للفضيلة: (القرارُ في البيوت)؛ لأنَّ تكثيرَ النسل غيرُ مقصودٍ لذاتهِ، ولكنَّ المقصودَ -مع تكثيرهِ- صَلاحهُ واستقامتهُ وتربيتهُ وتنشئتهُ، ليكونَ صالحاً مُصلحاً في أمّتهِ وقُرَّة عينٍ لوالديهِ، وذِكراً طيباً لهما بعدَ وفاتِهما، وهذا لا يأتي مِنَ الخرّاجة الولّاجة، المصروفة عَنْ وظيفتها الحياتية في البيت، وعلى والدهِ الكسبُ والإنفاقُ لرعايتهِ، وهذا مِنْ أسبابِ الفُروق بينَ الرجلِ والمرأة.
2 ـ حِفظُ العرضِ، وصيانةُ الفرجِ..
– الشيخ:
إلى هنا، الله المستعان. النّكاح الزواج لهُ شأنٌ في الإسلام، أمرَ الله بهِ في كتابهِ حثَّ عليه رغَّب فيهِ، وذكرَ الحكمةَ مِنْ خَلق الأزواج أي الزوجات وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا[الروم:21] لمّا خلقَ آدم خلقَ له زوجاً أي زوجةً، خلقَ منها زوجها ثم جعلَ ذلك سارياً في البشرية، كلُّ أسرةٍ تبدأُ مِن ذكرٍ وأنثى، وأصلُ ذلكَ النّكاح.
مصالحُ النّكاحِ كثيرةٌ وكبيرة لمن استثمرهُ كما شرع الله، فيهِ قضاءُ الوَطَر، هذه نعمة فيهِ صيانةٌ العِرض صيانةُ النفس، تكثيرُ النّسل، العقد، الذريّة مطلب، الولد امتداد لولده، يُعتبر كسباً، يكتسبهُ الرجل بالنّكاح، يُحصّل الذرية، ويكون عَقِباً لهُ امتداداً لذكرهِ ولعملهِ (..أو ولدٌ صالحٌ يدعو له)، كانوا الأنبياء يدعون بذلك يدعون بالذريّة كما دعا زكريا: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ [آل عمران:38]، وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء:89] الله أكبر الله أكبر.
لا تتحققُ هذه المصالح مع انفلات المرأة وانطِلاقِها في أعمالِ الرجل، ولا يأمنُ الرجلُ على نسبهِ وذرّيتهِ معَ الاختلاط لا يأمن؛ لأنَّ زوجته ليس، مع الاختلاط زوجتهُ تُعايش غيرهُ وتجلسُ مع غيره، وهو لا يأمن على أولادهِ الذين، فهي عُرضة، عُرضةٌ وقريبة، الاختلاط وسيلةٌ قريبة لمقارفة الفاحشة.                                                                                      
 
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله