الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب حراسة الفضيلة/(34) الأصل التاسع “قوله وجوب حفظ الأولاد عن البدايات المضلة”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(34) الأصل التاسع “قوله وجوب حفظ الأولاد عن البدايات المضلة”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله 
الدّرس الرّابع والثّلاثون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمن الرّحيمِ، الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلامُ على رسول الله، نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمنا الله وإيّاه- في كتابه "حِراسةُ الفضيلة":
الأصل التاسع؛ وجوبُ حفظِ الأولادِ عن البدايات المُضلّة
مِن أعظمِ آثارِ الزواج: إنجابُ الأولادِ، وهم أمانةٌ عندَ مَن ولّي أمرهم مِنَ الوالدين أو غيرهما، فواجبٌ شرعاً أداءُ هذه الأمانة بتربيةِ الأولادِ على هَدي الإسلام، وتعليمهم ما يلزمُهم في أمورِ دينهم ودُنياهم، وأوّلُ واجبٍ: غرسُ عقيدةِ الإيمانِ بالله وملائكتهِ وكُتبهِ ورُسلهِ واليومِ الآخرِ والقدرِ خيرهِ وشرّهِ، وتعميقُ التوحيدِ الخالصِ في نُفوسِهم، حتى يُخالطَ بَشاشةَ قلوبِهم، وإشاعةُ أركانِ الإسلامِ في نُفوسِهم، والوصيّةُ بالصّلاة، وتعاهدهِم بصقلِ مواهبهِم، وتنميةِ غرائزهِم بفضائلِ الأخلاق، ومَحاسنِ الآدابِ، وحِفظهِم عَن قُرناءِ السّوءِ وأخلاطِ الرَدى.
وهذه المعالمُ التربويّة معلومةٌ مِنَ الدينِ بالضّرورة، ولأهميتها أفردها العلماءُ بالتصنيفِ، وتتابعوا على ذِكرِ أحكامِ المواليدِ في مثاني التآليفِ الفِقْهية وغَيرها، وهذه التربية مِن سُننِ الأنبياءِ، وأخلاقِ الأصفياء.
وانظر إلى هذه الموعِظة الجّامعة، والوصيّة الموعَبة النّافعة، مِن لقمانَ لابنهِ: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:13-19]
قدْ انتظمت هذه الموعظةُ مِنَ الوالدِ لولدهِ أصولَ التربية، وتكوينَ الولد، وهي ظاهرةٌ لِمَنْ تأمّلها، وقال الله عزَّ شأنهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6] فالولدُ مِن أبيهِ، فيشملهُ لفظُ: أَنْفُسَكُمْ والولدُ مِنَ الأهلِ فيشملهُ: وَأَهْلِيكُمْ
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهُ- في تفسيرِ هذه الآية، أنّهُ قال: (عَلِّموهم وأدِّبوهم) رواهُ ابنُ أبي الدنيا في كتاب [العيال].
والذريّةُ الصّالحة مِن دعاءِ المؤمنينَ كما في قولِ الله تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74]
قال الحسنُ البْصري رحمهُ الله تعالى: (الرجلُ يرى زوجتهُ وولدهُ مُطيعينَ لله عزَّ وجل، وأيُّ شيءٍ أقرُّ لعينهِ مِن أن يرى زوجتهُ وولدهُ يُطيعونَ الله عزَّ وجل ذكرهُ). رواه ابنُ أبي الدنيا في كتابِ [العيال].
وفي الحديثِ المتّفقِ على صِحّتهِ عن ابنِ عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعتُ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم – يقول:
(كُلكم راعٍ وكُلكم مسؤولٌ عن رعيتهِ، فالرّجلُ راعٍ في أهلِ بيتهِ وهو مسؤولٌ عنهم)
وجليٌّ مِن هذه النصوص، وجوبُ تربيةِ الأولادِ على الإسلام..
– الشيخ:
باقي الكلام؟
– القارئ: أي نعم باق، كثير..
– الشيخ:
اقرأ الحديث الذي قبله
– القارئ: عن الحسن البصري؟ حديث ابن عمر (كلكم راعٍ)؟
– الشيخ:
قف عنده، لا إله إلا الله. هذا الفصل تابعٌ وفرعٌ عن الذي قبلهُ، هذا الفصل تضمّنَ التّنبيه إلى أنَّ أهم مقاصد الزواج هو تحصيلُ الذريّة، الذين يعبدونَ الله ويُطيعونهُ يكونونَ أثراً لوالديهم، وأعظمُ حقٍّ للأولادِ على الولدين التربيةُ الصّالحة؛ لأنَّ هذا تنبني عليهِ سعادتُهما في الدنيا والأخرة، وذلكَ بتعويدهِم طاعةَ الله وطاعةَ رسولهِ، وتعليمِهم أمرَ دينِهم حتى يَنْشؤوا نشأةً صالحة، حتى يَنْشؤوا على الإيمانِ باللهِ ورسولهِ، وطاعةَ الله ورسولهِ، وعلى المحُافظة على فرائض الله.
وأحدُ السّبعة الذينَ يُظلّهم الله في ظِلّهِ: (..شابٌّ نشأ في عبادةِ الله) وذلكَ في الغالب إنّما يحصلُ على يدِ الوالدين (شابٌّ نشأَ في عبادةِ الله) فعلى الوالدين أنْ ينشّئوا أولادهم، وأن يهتموا، أن يهتموا بذلكَ، يهتموا بتعليمِهم علومَ الإسلامِ، وتربيتهم على الأخلاقِ الإسلام، الأخلاقِ الكريمة، ولا يُرَّبون على الطّموح لمظاهرِ الدنيا وطلبِ الجاه والسّمعة، في بعض الكتب المدرسية للأطفال يُلقّنونهم بعضَ النَّظم يلقِّنونهم: "يا تُرى ماذا أصير طبياً أو وزير أو صحفيّاً شهير؟" هذه الطُّموحات أن يكونَ صَحفيا شهير صاحبَ دِعاية وتهريج، أو وزيرا لهُ أُبّهة، وأحسن هذه الطموحات أن يكونَ طبيباً، زين، مرّت عليكم يا شباب طلاب أنتم؟ ما مرّت؟ لا إله إلا الله.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله