بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله
الدّرس الحادي والأربعون
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبيّنا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، قال الشيخُ بكر بن عبد الله أبو زيد -رَحِمَنا الله وإيّاه- في كتابهِ "حِراسة الفضيلة":
الفصل الثاني: كشفُ دعاة المرأة إلى الرَّذيلة.
قال أبو محمد عبد الحق الإشبيلي -رحمهُ الله تعالى-: لا يخدعنَّك عن دين الهُدى نَفَرٌ لم يُرزَقُوا في التماس الحق تأييدا، عُمي القلوب عَرُوا عن كلِّ فائدة.
– الشيخ: عُمْيُ القلوبِ
– القارئ: عُمْيُ القلوبِ عرٌّ عن كل..
– الشيخ: إيش؟ عَرُوا
– القارئ: عَرُوا عن كلِّ فائدة..
– الشيخ: فائدة
– القارئ: عَرُوا عن كل فائدة؛ لأنّهم كفروا بالله تقليداً.
أما بعد: فهذه هي الفضيلةُ لنساءِ المؤمنين، وهذه هي الأصولُ التي تقومُ عليها وتَحْرُسها مِنَ العدوانِ عليها، لكن بعض مَن في قلوبهم مرض يأبون إلا الخروج عليها بنداءاتهم المعلنة في ذلك، فمعاذَ الله أن يَمُرَّ على السمعِ والبصر، إعلانُ المنكرِ والمناداةُ بهِ، وهضمُ المعروفِ والصدُّ عنهُ، ولا يكونُ للمصلحينَ مِنَّا في وجه هذا العدوان صَوتٌ جَهيزٌ بإحسان يَبْلُغُ الحاضرَ والباد، إقامةً لشعيرة الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكر، الذي بهِ يُنافَحُ عن الدين، ويُنصحُ للمسلمين عن التردّي في هوة صيحات العابثين، وبه تُحْرَسُ الفضائل، وتكبتُ الرذائل، ويؤخذُ على أيدي السّفهاء، ومعلومٌ أنَّ فشُو المنكراتِ يكونُ بالسكوتِ عن الكبائرِ والصغائر، وبتأويلِ الصغائر، لا سيّما ونحنُ نُشاهد كظيظاً من زِحامِ المعدومين المجهولين من أهلِ الرَّيب والفتن..
– الشيخ: المعدومين؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ: ونحن نشاهد كظيظاً؟
– القارئ: زِحامِ المعدومين..
– الشيخ: المعدومين، شو بعدها؟
– القارئ: المجهولين مِنْ أهلِ الرِّيب..
– الشيخ: المجهولين؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: كأنّهُ يريدُ "المعلومين" المعلومين المجهولين، نعم يمكن، يُحْتَمل
– القارئ: لاسيما ونحنُ نُشاهدُ كظيظاً مِن زِحامِ المعلومين المجهولين مِن أهلِ الرَّيب والفتن، المستغربينَ المُسَيَّرين بحملِ الأقلامِ المتلاعبة بدين الله وشرعهِ، يختالونَ في ثيابِ الصحافة والإعلام، وقدْ شَرحوا بالمنكرِ صدراً، فانبسطت ألسنتهم بالسّوءِ..
– الشيخ: حسبنا الله ونعم الوكيل، جناة، جناة، أصحابُ الصحفِ جُناة، نسألُ الله العافية، يَمْدَحون ويَذمّون وينادون حسب ما يُناسبِ العصر، لا إله إلّا الله، فتنة، هم فاتنون مفتونون، بلاءٌ عظيم وسائل الإعلام، صُحُفنا المحلّية هذه نسألُ الله العافية لا تَنْشر ما يُخالِف أهواءهم وأهواءَ أهلِ الزمان، كُلّها تَنْشر صور أشرارِ النّاس والكفرة، وفسقة الناس مِنَ اللاعبين والممثّلين والمغنين والمغنيات، حَسْبُنا الله ونعم الوكيل.
– القارئ: فانبسطت ألسنتهم بالسّوءِ، وجَرَت أقلامُهم بالسُّوأَى، وجميعُها تَلْتَئمُ على معنىً واحد: التطرّف الجنوني في مُزاحمة الفِطْرة، ومُنابذة الشريعة، وجرِّ أذيالِ الرذائلِ على نساءِ المسلمين، وتَفْريغهنَّ مِن الفضائل، بدعوتهم الفاجرة في بلادِ الإسلام إلى: حرية المرأة والمساواة بينَ المرأة والرجل في جميعِ الأحكام، للوصول إلى: جريمة التبرّج والاختلاط.
– الشيخ: هذه أصلاً هي اتفاقية الأمم المتحدة، الأمم المتحدة هي التي وضعتها، ودعت إليها، وطلبت مِن كلِّ الأعضاء التوقيعَ عليها وهكذا، وثيقة معاهدة على القضاءِ على جميعِ أشكالِ التّمييز، القضاء على جميعِ أشكالِ التمييزِ ضد المرأة. والله لا ندري ما يصنعون بالحمل، والوضع، والرضاعة.
– القارئ: للوصول إلى: جريمة التبرّج والاختلاط وخلعِ الحجاب.
ونداءاتهم الخاسرة مِن كلِّ جانبٍ بتفعيلِ الأسبابِ لخلعهِ مِنَ البقيّة الباقية في نساءِ المسلمين، اللائي أسلمنَ الوجه لله تعالى، وسلَّمنَ القيادة لمحمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- نسألُ الله لنا ولهنَّ الثبات، ونبرأُ إلى الله مِنَ الضلالة، ونعوذُ بالله مِن سوءِ المنقلب.
وهؤلاءِ الرُّماة الغاشّونَ لأمّتهم المشؤومون على أهلهم وبني جِنْسِهم بلْ على أنفُسِهم قدْ عَظُمت جرَاءتهم، وتَلَوَّن مَكْرُهم، بكلماتٍ تخرج مِنْ أفمامِهم..
– الشيخ: مِن؟
– القارئ: مِنْ أفمامِهم..
– الشيخ: أكمام؟
– طالب: أفمام، فاء ميم
– الشيخ: هي من "فم" أفواههم، أفمامهم: جمع "فم"
– القارئ: وتجري بها أقلامهم، إذ أخذوا يَهدِمونَ في الوسائل..
– الشيخ: تناسب … أفمامهم وأقلامهم، نعم، فم وأفمام
– القارئ: إذ أخذوا يَهْدِمونَ في الوسائل، ويَخْتَرِقونَ سدَّ الذرائعِ إلى الرذائل، ويتقحَّمونَ الفضائل، ويهوِّنونَ مِنْ شأنها، ويَسْخرونَ منها ومِنْ أهلها.
نعم قدْ كتبَ أولئك المستغربون في كلِّ شؤونِ المرأة الحياتية، وخاضوا في كلِّ المجالات العملية، إلّا في أمومَتِها وفِطْرَتها، وحراسةِ فضيلتِها.
كلُّ هذا البلاء المتناسل، واللّغو الفاجر، وسَقَط القولِ المتآكل، تفيضُ بهِ الصُّحف وغيرها باسم التباكي والانتصار للمرأةِ في حُقوقِها، وحرّيتها، ومُساواتِها بالرجل في كلِّ الأحكام، حتى يصلَ ذوو الفَسَالة المستغربون إلى هذه الغاية الآثمة؛ إنزال المرأة إلى جميعِ ميادينِ الحياة، والاختلاط، وخَلعِ الحجاب، بلْ لتمدَّ المرأةُ يدها بطوعِها إلى وجهِها، فتسفعَ عنهُ خِمارها مع ما يَتْبعهُ مِنْ فضائِل.
وإذا خُلعَ الحجابُ عن الوجهِ فلا تَسْأل عن انكسارِ عيونِ أهلِ الغيرة، وتقلّص ظلِّ الفضيلة..
– الشيخ: إذا كشفت وجهها وتجوّلت بينَ الرجال، ولهذا الآن أكثرُ ما يتكلمون عن الوجه؛ لوجود شبهة، لوجودِ بعضِ الشُّبهات؛ لأن إذا أسفرنَ أو كشفنَ عن وجوههِن فما بعدها يأتي تبعاً، ولا يقولون: "اخلعي" يعني اكشفي ساقيكِ، واكشفي قدميكِ، اكشفي، لا، لا، الوجه هو مَوْضِع تعلّق النظر، يَسْتدلُّ بعضُ أهلِ العلم على وجوبِ سَتر الوجه بقولهِ تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] فهل تأتي الشّريعة بِستر القدمين، وكشفِ الوجه موضِع تعلّق الأنظار! لا إله إلّا الله.
– القارئ: وإذا خُلعَ الحجابُ عن الوجه فلا تَسْأل عن انكسارِ عيونِ أهلِ الغَيرة، وتقلّص ظلِّ الفضيلة وانتشارِ الرَّذيلة، والتّحلّل مِنَ الدين، وشيوع التبرّج والسّفور والتَّهتُّك والإباحية بينَ الزناة والزواني، وأن تَهبَ المرأةُ نَفْسها لِمَنْ تشاء.
وفي تفسيرِ ابن جرير عندَ قولِ الله تعالى: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء:27] قال مجاهدُ بن جبر رحمهُ الله تعالى: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ قال الزناة: أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا قال: يَزْني أهلُ الإسلامِ كما يَزْنون، قال: هي كهيئة: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم:9]. انتهى.
ويتصاعدُ شأنُ القضية، مِن قضية المرأة إلى قضية إفسادِ العالم الإسلامي، وهذه الخطة الضاّلة ليست وليدة اليوم، فإنّها جادّةُ الذين مكروا السيئات مِن قبل في عددٍ منَ الأقطارِ الإسلامية، حتى آلت الحالُ -واحسرتاه- إلى واقعٍ شاعَ فيهِ الزنا، وشُرعت فيهِ أبوابُ بيوتِ الدّعارة ودورِ البِغاء بأذونٍ رسمية، وعمرت خشباتُ المسارحِ بالفن الهابطِ من الغِناء والرقص والتّمثيل.
– الشيخ: نسأل الله العافية، خِزي وعار عجيب، عجيب، نسألُ الله البصيرة في الدين، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الآن مجتمعاتُ المسلمينَ مُبْتلاة، يعني جَماهيرهم ومُدراء حُكُوماتِهم يعني على دورِ السينما والمسارح، كما يُسمّونها، وما يُمارس فيها مِن أنواعِ الدّعوة للفجور، من الغناءِ الفاجر، والرقص والتبرّج، والعُري والاختلاط، وأضِف إلى هذا المباريات الرياضية، الألعاب والتّهالك عليها، والتنافس والتسابق، وهذه كُلّها مُجْتَلبة مِن أعداءِ الله مِنَ الكفّار، أمّا في الأمورِ العظيمة التي فيها التفوّق، هذه ليسَ عندَ المسلمين إلّا الفتات، في أمر الحضارة الجديدة العصرية، ما عند المجتمع الحكومات الإسلامية إلّا الفتات، فُتات، أمّا الآن التفوّق هذا في دولِ الكفرِ، إلّا قليلاً، يعني عجب، الأموال التي تُنفقُ على المباريات، على اللاعبين، الأموال التي تُنفق على الصحفيين، على المغنيين على المغنيات، على الممثلين على الممثلات على ما يُنشَر ما يُصوَّر مِنَ الأفلام ترويجُ ما فيها منَ اللهو والباطل، أموال تُنفق لو أنّها يعني صُرِفتْ في مصارفها لأنعشتْ أمماً، أنعشتْ أمما في العالم الإسلامي، وانتشلتْ خلقاً كثيراً من هوَّة الفقر والحاجة، نسألُ الله العافية، أعوذُ بالله مِنْ سوءِ التدبير، أعوذُ بالله مِنْ سوءِ التدبير..