بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله
الدّرس الثّاني والأربعون
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله نبيّنا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، قال الشيخُ بكر بن عبد الله أبو زيد -رَحِمَنا الله وإيّاه- في كتابهِ "حِراسةُ الفضيلة":
ويتصاعدُ شأنُ القضية، مِنْ قضية المرأة إلى قضية إفسادِ العالم الإسلامي، فهذا واحدٌ منهم يُعبّرُ عن غايتهِم ووسيلتهم فيقول: "إنَّ التأثيرَ الغربي الذي يَظْهر في كلِّ المجالات، ويَقلب المجتمع الإسلامي رأساً على عَقِب، لا يبدو في جلاءٍ أفضلَ ممّا يبدو في تحريرِ المرأة، وهذه الخطّةُ الضّالةُ ليست وليدةَ اليوم. نعم انتهى.
– الشيخ: ما في تعليق؟
– القارئ: لا
– الشيخ: إيش يقول؟ مرة ثانية..
– القارئ: "إنَّ التأثيرَ الغربي الذي يَظْهر في كلِّ المجالات، ويَقْلب المجتمع الإسلامي رأساً على عَقِب، لا يبدو في جلاءٍ أفضلَ ممّا يبدو في تحريرِ المرأة.
– الشيخ: أقول ندور على النص
– القارئ: أبشر
وهذه الخطة الضالّة ليست وليدة اليوم، فإنّها جادّةُ الذين مكروا السيئاتِ مِن قبل في عددٍ مِنَ الأقطارِ الإسلامية..
– الشيخ: هو يتكلّم، التركيز يعني يشكو مِنَ الحال في هذه البلد، والخطوات التي يتدرّج بِها دُعاةُ التغريب، نعم يقول: هذا ليسَ بجديدٍ ولا غريب، هذا جارٍ ومسبوق في كثيرٍ من البلاد الإسلامية، ولا حول ولا قوة، يعني التي رزحتْ تحتَ وطأة الاستعمار، الاحتلال.
– القارئ: حتى آلتْ الحالُ -واحسرتاه- إلى واقعٍ شاعَ فيهِ الزنا، وشُرعت فيهِ أبوابُ بيوتِ الدّعارة ودورِ البِغاء بأذونٍ رسمية، وعُمِرت خشباتُ المسارحِ بالفنِّ الهابِط من الغِناءِ والرقصِ والتمثيل، وسُنّت القوانينُ بإسقاطِ الحدود، وأنْ لا تعزيرَ عن رِضا، وهكذا، مِن آثارِ التدمير في الأعراضِ، والأخلاقِ والآداب. ولا ينازعُ في هذا الواقعِ الإباحي الأثيم إلّا مَنْ نزعَ الله البصيرة مِنْ قلبهِ.
فهل يُريدُ أُجَراءُ اليوم أنْ تَصِلَ الحالُ إلى ما وصلت إليهِ البلادُ الأخرى مِنَ الحال الأخلاقية البائِسة، والواقعِ المرِّ الأثيم؟ أمامَ هذا العدوان السّافرِ على الفضيلة، والانتصار الفاجرِ للرَّذيلة، وأمام تجاوز حدودِ الله، وانْتِهاك حُرمات شَرْعِه المطهّر، نُبَيّنُ للناسِ محذّرينَ مِنْ دخائِل أعدائهم أنَّ في الساحةِ أُجراءُ مُسْتغربين، ولهمْ أتباعٌ..
– الشيخ: لهم إيش؟
– القارئ: ولهم أتباع..
– الشيخ: لا
– القارئ: أنَّ في الساحة أُجراءُ مُسْتغربين..
– الشيخ: أُجراءَ
– القارئ: أن في الساحة أجراء مستغربين وأن لهم أتباع.
– الشيخ: أتباعً
– القارئ: ولهم أتباع..
– الشيخ: لهم؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: خلص أتباعٌ..
– القارئ: ولهم أتباع أُجراء مِنْ سَذَجة الفسّاق، أتباع كل ناعق..
– الشيخ: لا إله إلّا الله، هذا بلاء، بلاء عظيم
– القارئ: يُفوِّقون سِهامَهم لاستلابِ الفضيلة مِنْ نساءِ المؤمنين، وإنزالِ الرَّذيلة بهم، ويجمعُ ذلكَ كُلَّه قولُ الله تعالى: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء:27]
قال ابنُ جرير رحمهُ الله تعالى: (معنى ذلك: ويريدُ الذين يتّبعونَ شهوات أنفسهم مِنْ أهلِ الباطلِ وطلّاب الزنا ونكاحُ الأخواتِ من الآباء، وغيرِ ذلك ممّا حرّمهُ الله أنْ تميلوا عن الحق، وعمّا أذنَ الله لكمْ فيهِ، فتجوروا عَنْ طاعتهِ إلى معصيتهِ، وتكونوا أمثالهم في اتباعِ شهواتِ أنفسكم فيما حرّمَ الله وتركِ طاعتهِ مَيْلًا عَظِيمًا
وإنّما قُلْنا ذلك أولى بالصواب: لأنَّ الله عزَّ وجل عمَّ بقولهِ: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ فوصفهم باتباعِ شهواتِ أنفسِهم المذمومة، وعَمَّهم بوصفهم بذلك مِن غيرِ وصفهم باتباع بعضِ الشهوات المذمومة، فإذا كان ذلك كذلك، فأولى المعاني بالآية ما دلَّ عليهِ ظاهرها، دونَ باطنها الذي لا شاهدَ عليهِ مِنْ أصلٍ أو قياس، وإذا كان ذلك كذلك..
– الشيخ: الآية عامة كل مَن يتّبع الشهوات الحرام، فَسّروها باليهود والنصارى والزناة، يدخلُ فيهم المنافقون، يُريدونَ بالمؤمنينَ الشر، واليهود كذلك، والنّصارى، والفسقة، فسقة المسلمين، يُريدونَ أنْ تَشيع الفاحشة، حتى يتكّمنوا منها، فلذا كثير في هذا البلد يُريدون فتح دور سينما، ومسارح، لماذا يذهب فريق إلى البلاد هنا وهنا وهناك؟ يذهب فئات مِن النّاس يذهبون ليبلغوا شهواتهم في بعضِ البلاد التي يُتاح لهم فيها ذلك، مِن شُرب الخمور والزنا، هذا أمرٌ مُسْتفيض ومشهور.
– القارئ: وإذا كان ذلك كذلك، كان داخلاً في الذين يَتّبعون الشهوات: اليهود والنّصارى، والزناة، وكلُّ مُتّبعٍ باطلاً؛ لأنَّ كلَّ مُتبعٍ ما نها الله عنه مُتَّبعٌ شهوةَ نَفْسه، فإذا كان ذلك بتأويلِ الآية الأولى، وَجبتْ صِحة ما اخترنا مِنَ القولِ في تأويلِ ذلك) انتهى.
وقدْ سلكَ أولئكَ الجناةُ لهذا خِطة غضبية ضالة في مجالاتِ الحياة كافة، بلسانِ الحال، أو بلسانِ المقال. ففي مجال الحياة العامة؛ أولاً: الدعوةُ إلى خَلعِ الحجابِ عن الوجه -الخمار- والتخلّص مِنَ الجِلباب..
– الشيخ: باقي نقاط؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ: خلها بالتقسيط، الله أكبر، لا إله إلّا الله، خطوات، خطوات، أول خطوة الدعوة للسّفور، "والله في خِلاف، ما تَفْرضونَ على النساء الحجاب" هذا هواة، وزخ مِنَ الشبهات يَتّبعونَ المتشابِه، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ [آل عمران:7] المتشابِه مِنَ القرآن، المُتَشابِه مِنَ السنّة، المتشابِه مِنْ أقوال العلماء، الخلاف، يَطْرقونَ هذا في هذا الباب وفي غيرهِ، لا إله إلّا الله؛ لأنَّ المفتونون الذين حُرِموا التوفيق يَحْسِدون، اليهود والنصارى يَحْسدونَ المؤمنين أنّهم أسلموا؛ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109]
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ [المائدة:59]
كثيرٌ مِنَ الكفّار يعرفونَ الحق، ويعرفون أنَّ الحقَّ فيما عليهِ الإسلام، وما جاءَ بهِ الإسلام، لكن يمنعهم مِن ذلك ما يمنعهم مِنَ التعصّب والتّقليد والأهواء واتّباع الشهوات، ثمَّ حينَ تَغلب عليهم هذه الموانع يَحسدون المؤمنين، فهم يريدون أن يكونَ المسلمونَ مِثلهم، فهم يَعرفون أنّهم إذا أشاعوا بينَ المسلمين الشهوات، وأفسدوا عليهم دينهم، وشوَّشوا بهذا يغلبونهم؛ لأنَّ غلبة المسلمين إنّما هي بدين الله، بالاعتصام بحبلِ الله، بالتوكّل على الله، بإقامةِ شرع الله، مازالَ الكفّار أكثرَ عدداً وأكثر عُدَداً مِنَ المسلمين، ولهذا الآن يعني فلتقم أي دولة، لكن دولة باسمِ الإسلام، إسلامية ترفعُ راية الإسلام، هذا هو الأمرُ المحظور، هذا هو الأمرُ المحظور، هذا هو الذي لا يُطِيقونهُ، ولا يَصْبِرونَ عليهِ، ولهذا بعضُ الحركات في البلاد العالم الإسلامي حتى ولو كانَ عِنْدَهم توجّه إسلامي، يَرْكبونَ موجة الوطن، الوطن لأن هذا مقبول، مقبول، الوطن وحقوق الوطن، والحقوق الوطنية، لكن لا تذكر الإسلام دينا؛ لأنَّ الإسلام في الحقيقة يفرّق، الإسلام يُفرّق بينَ الأخ وأخيهِ، يُفَرّق بينَ المؤمنِ والكافر، الإسلام فرَّق بينَ حمزة بن عبد المطلب وأخوهُ كذلك العباس، وبينَ أبي لهب وأبي طالب، كُلّهم مِن صَميمِ قريش، مِن بني هاشم، ولكن أعمامُ النبي اثنانِ مِن أولياءِ الله، واثنان مِن أشقياءِ الخلق، لا إله إلّا الله، لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22]
انظر عبد الله بن أُبي رأسُ المنافقين لمّا أنّهُ قالَ قولتهُ المقبوحة: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ [المنافقون:8] جاءَ عبد الله ابنهُ المؤمن إلى رسول الله، ووقفَ في طريقِ أبيهِ وقال: لا تدخل المدينة حتى يأذنَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يعني معناهُ لِتَعلم أنّك الأذل، وأنَّ رسول الله هو الأعز، ابنه، خُذ إبراهيم وأبوه، نوح وابنه.