بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله
الدّرس الثّامن والأربعون
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ لله والصّلاة والسلام على رسول الله نبيّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رَحِمَنا الله وإيّاه- في كتابهِ "حِراسةُ الفضيلةِ":
وهكذا تَتابعَ أشقياءُ الكِنانةِ "إحسان عبد القدوس" و"مصطفى أمين" و"نجيب محفوظ" و "طه حسين" ومِنَ النّصارى "شبلي شميل" و"فرح أنطون" نعوذُ بالله مِنَ الشقاءِ وأهلهِ..
– الشيخ: لا إله إلّا الله، نسألُ الله العافية، سُبحان الله، للهدى أئمّة وللضلالة أئمّة، وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا [السجدة:24]، وقالَ في فِرعونَ وقومهِ: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ [القصص:41]
سبحان الله، هكذا الناس الآن، الحرب سِجال قائمة، صراع الآن، دُعاة ٌإلى الخيرِ والهدى والتوحيدِ والعمل ِالصّالح واتِّباعِ الرسول، ودُعاة يَدعونَ إلى جهنّم، يَدعونَ إلى الكفرِ والفسوقِ والعصيان، درجات، دُعاة إلى الكفرِ ودُعاةٌ للمعاصي والفسوق، الآن هذا جارٍ إلى أعنفِ ما يكون الآن، كانت هذه أسباب الدّعوة ووسائلِ الدعوة يعني محدودة وقصيرة المدى، أمّا الآن في وسائلِ الإعلام الآن، ويَغلبُ على وسائلِ الإعلام، يَغلبُ عليها أنّها منابرُ للشرِّ والفسادِ والدّعوةِ للكفرِ والفسوقِ والبِدَع للمعاصي، كلٌّ لَهم، الرّافضةُ لهم قَنَوات يَدعونَ إلى مَذهَبِهم الباطل، وضلالِهم البعيد، والصوفيّةُ كَذلكَ، وهكذا، وهكذا، والنّصارى يَدعونَ إلى مِلَّتهم، مِلَّة الكفرِ والشركِ وهكذا، وأخرى مِنَ القنواتِ تَدعو إلى الانفلاتِ والانطلاقِ والضياعِ إلى المعاصيِ، إلى ما يُسمّى حُريّة انطلاق وتقدّم، ومعظمُ التركيزِ على المرأةِ، يأتونَ إليها مِن كلِّ طَريق، ويَقحُمونَها في كلِّ مجال، في التّمثيل في المسلسلات، في كذا في الغناء، في تَقديمِ البرامج، كل هذه وسائل دعوة للفجورِ والتّحلّل مِنَ القيود، قُيودُ الفضيلة، قيودُ الشريعة، سبحان الله العظيم.
– القارئ: يؤازِرهم في هذه المكيدة للإسلامِ والمسلمينَ الصحافة..
– الشيخ: صح، الصّحافة، سبحان الله، حديث وقديم، الصّحافة، لا إله إلّا الله، ما أشبهَ الأيام والليالي.
– القارئ: إذ كانت هي أُولى وسائلِ نَشرِ هذه الفتنة، حتى أُصدرت مَجلّةٌ باسم "مجلة السُّفور" نحو سنة ألفٍ وتسعمئة، وهَرولَ الكتّابُ الماجنونَ بِمقال..
– الشيخ: إيش؟
– القارئ: تسعمئة وألف ميلادي..
– الشيخ: ألف وتسعمئة، يعني منذ مئة وعشرين سنة، تصدر مجلة في ديار الإسلامِ اسمها "السُّفور"! هات وبعدها مجلات في مصر في لبنان، هي مصادرُ مجلاتِ الفجور.
– القارئ: وهرولَ الكُتَّابُ الماجنونَ بِمقالاتِهم القائمة على المطالبةِ بِما يُسندُ السّفور والفساد، ويَهجُمُ على الفضائلِ والأخلاقِ مِن خِلالِ وسائلِ الإفسادِ الآتية: نَشرُ صورِ النّساءِ الفاضِحة، والدمجُ بينَ المرأةِ والرجلِ في الحوارِ والمناقشة، والتّركيزُ على المقولةِ المحدَثَةِ الوافدة: (المرأةُ شَريكةُ الرجلِ) أي: الدّعوةُ إلى المساواةِ بَينَهما، وتَسفيهُ قيامِ الرجلِ على المرأةِ، وإغراؤها بِنشرِ الجديدِ في الأزياءِ الخليعة، ومحلات الكوافير، وبِركِ السّباحةِ النسائية.
– الشيخ: هذا وصفٌ لِما كان في مِصر؛ لأن بدأَ الشرُّ في هذه البلدان، في مِصر والشام على تفاوت، هذا هو؛ لأن البلاد التي رَضَخت ورزحت تَحتَ الاستعمار النّصراني، الاحتلال النّصراني، سبحان الله، ثمَّ صارت هذه البلدان تُفرزُ على الأخريات، لا إله إلّا الله، وكانت بِلادُنا هذه في مَنأى، في مَنأى عن هذا كُلّه، لا إله إلّا الله.
– القارئ: وإغراؤها بِنشرِ الجديدِ في الأزياءِ الخليعة ومحلات الكوافير، وبِركِ السّباحةِ النسائيةِ والمختَلِطة، والأنديةِ الترفيهية، والمقاهي، ونَشرِ الحوادثِ المخلّةِ بالعِرضِ، وتَمْجيدِ الممثلاتِ والمغنيات ورائداتِ الفنِ والفنونِ الجميلة.
يُساندُ هذا الهجومَ المنظّمِ أمران:
الأمرُ الأول: إسنادُهم مِنَ الداخلِ، وضَعفُ مُقاومةِ المصلحينَ لهم بالقلمِ واللسان، والسّكوتُ عَن فُحْشِهم، ونَشر الفاحشةِ، وإسكاتُ الطرفِ الآخر، وعدمُ نَشرِ مَقالاتِهم، أو تَعويقِها..
– الشيخ: الله أكبر، ما أشبهَ البلاد، الله أكبر، الآن هذا تماماً يَنطبقُ على صُحُفِنا، لا تَنشر إلّا ما يَتّفقُ مع أهوائها، وأهواءِ الصّحفيين في قضيةِ الاختلاط، لم يَسمحوا أن يَنشروا، لم يَسمحوا أن يَنشروا كلمة لِمن يُعارضُ التوجّه الذي عِندهم، لم يَسمحوا أن يَنشروا ما يُضاد الدّعوة إلى الاختلاطِ، وتَسهيلِ أمرهِ، وتسويغهِ تماماً، سبحان الله، تَطابق عجيب.
– القارئ: ونشرُ الفاحشةِ، وإسكاتُ الطرفِ الآخر، وعدمُ نَشرِ مقالاتِهم، أو تَعويقِها، وإلصاقُ تُهمِ التطرّفِ والرجعية بِهم، وإسنادُ الولايات إلى غيرِ أهلهِا مِنَ المسلمينَ الأمناءِ الأقوياء.
هكذا صارت البدايةُ المشؤومة للسفورِ في هذه الأمّة بنزعِ الحجابِ عن الوجهِ، وهي مَبسوطةٌ في كتابِ: "المؤامرةُ على المرأةِ المسلمة" للأستاذ أحمد فرج، وفي كتابِ: "عودةُ الحجابِ" [ج/1] للشيخ محمد بن أحمد إسماعيل، ثمَّ أخذت تدبُّ في العالم الإسلامي في ظرفِ سَنواتٍ قلائل، كالنّارِ الموقدةِ في الهشيم، حتى صدرتْ القوانينُ الملزمةُ بالسّفور، ففي تركيا أصدرَ الملحدُ "أتاتورك" قانوناً بنزعِ الحجابِ سنة عشرين وتسعمئة وألف..
– الشيخ: عشرين وتسعمئة! انظروا تسعين سنة، يا سلام
– القارئ: وفي إيرانَ أصدرَ الرافضيُّ "رضا بهلوي" قانوناً بِنزعِ الحجابِ سنة ستٍّ وعشرينَ وتسعمئة وألف..
– الشيخ: قريب، قريبٌ مِن قريب
– القارئ: وفي أفغانستان أصدرَ "محمّد أمان" قراراً بإلغاءِ الحجاب، وفي ألبانيا أصدرَ "أحمد زوغوا" قانوناً بإلغاءِ الحجابِ، وفي تونس أصدرَ "أبو رقيبة" قانوناً بمنعِ الحجاب وتَجريم تَعدّدِ الزوجات، ومَن فَعل فَيُعاقَبُ بالسجنِ سنة وغرامةً مالية!!
ولذا قالَ العلّامة الشاعرُ العراقي "محمد بهجت الأثري" رحمهُ الله تعالى: أبو رقيبة لا امتدت لَهُ رَقبة ** لم يتّقِ الله يوماً لا ولا رَقَبَه
وفي العراقِ تولّى كِبَر هذه القضية -المناداةِ بنزعِ الحجابِ- الزهاوي والرُّصافي، نعوذُ بالله مِن حالِهما.
وانْظُر خبرَ اليومِ الحزين في نَزعِ الحجابِ في الجزائر كما في كتابِ: التغريبُ في الفكرِ والسياسةِ والاقتصاد في 13 ماي عام 1958م قصة نزعِ الحجاب، قصةٌ تتقطّعُ مِنْها النفسُ حَسَرات، ذلك.
– الشيخ: فرنسا نعم
– القارئ: أنّهُ سُخِّر خطيبُ جمعةٍ بالنداءِ في خُطبتهِ إلى نزعِ الحجابِ، فَفعلَ المُبتَلى، وبَعْدها قامت فتاةٌ جزائريةٌ فَنادت بِمكبِّر الصوتِ بخلعِ الحجاب، فَخَلعت حِجابَها ورمت بهِ، وتَبِعَها فتيات -مُنظِّمات لهذا الغرض-
– الشيخ: هي مُنظّمة، نعم، هي مُنظَّمة، أمور مُرتَّبة، كما حصلَ في مِصر
– القارئ: نَزعنَ الحجابَ، فَصفَّقَ المسَخَّرون، ومِثلهُ حصلَ في مدينة وهران، ومِثلهُ حصلَ في عاصمة الجزائر: الجزائر، والصّحافةُ مِن وراءِ هذا إشاعةً وتأييداً..
– الشيخ: الله أكبر، حصلَ ما يُشبه هذا في أمرِ قيادةِ المرأة للسيارة عندنا في هذا البلد، يُشبهُ هذا، خرجنَ ونادينَ بالمطالبةِ بقيادة المرأةِ للسيارة، وسخرنَ مِنَ المشايخِ الذين يَمنعونَ ويُعارِضون، ولكنَّ الله بِحكمتهِ وفّقَ الله ولاةَ الأمرِ، فكفَّوا هذا الأمر وإلى الآن، ونسألُ الله أن يكفَّ عَن هذه البلاد الشرور.
– القارئ: في زيادة بالنسخة قبل البيت الشعري..
– الشيخ: يعني بيت شعر؟
– القارئ: أي قبل البيت الذي قرأناه "أبو رقيبة" في زيادة يقول حينما تكلم عن أبي رقيبة يقول:
ومعاقبة مَن يتزوج ثانية بالحلال وتُبرّئ مَن يخادن عشراً بالحرام
– الشيخ: هذا قانونُ الطاغوتِ الكافر، هذا مُستجلَب مِن فِرنسا ومِن بريطانيا، ومِنَ البلاد الكافرة، هذا قانونهم، يُحرِّمونَ التعدّدَ الحلال، ويُبِيحونَ الأعداد الكثيرةَ بالحرام.
– القارئ: يقول وفي مجلة "العربي" نُشِرَ استطلاعٌ عَن تونُس وفيهِ صورة للوحاتِ الدِّعاية المنصوبةِ في الشوارعِ، ففي كلِّ مَيدانٍ لوحتان، إحداهُما تُمثّلُ أسرةً تَرْتدي الزي المُحتشِم، مَشطوبة بإشارة "خطأ"، والأخرى تُمثّل أسرة مُتَفرنِجة مُتبرّجة، ومكتوبٌ تَحْتها " كوني مثلَ هؤلاءِ"، ولذا قالَ العلّامة الشاعرُ العراقي "محمّد بَهجت الأثري المتوفى سنة ستة عشر وأربعمئة وألف -رحمهُ الله تعالى-:
أبو رُقيبةَ لا امتدّتْ لهُ رَقبة ** لمْ يَتّقِ الله يوماً لا ولا رَقبَه
وكان مُتولّي كِبرها هو وآخرونَ مِنهم المدعو "الطاهرُ الحدّاد" المولود سنة سبعة عشر وثلاثمئة وألف، الهالك سنة ثلاث وخمسين وثلاثمئة وألف، حين ألَّف كتابهُ "امرأتُنا في الشريعةِ والمجتمع" بين عام ثمانية وثلاثين وثمانية وأربعين وثلاثمئة وألف، يَدعو بهِ إلى تحريرِ المرأةِ وقيل: بل هو مِن تأليفِ النّصراني "الأب سلام" تحمَّلهُ الطاهرُ الحداد، وفي آخرهِ أثارَ اثني عشرَ سؤالاً أجابَ عليها عددٌ مِنَ المُفتينَ، وقدْ حَكمَ عليهِ مُفْتي المالكيةِ بالمروقِ مِنَ الدين، وبسببهِ حُرِم مِنَ الامتحانِ في كليّة الحقوقِ بأمرٍ حكومي، ثمَّ أُصيبَ بالعُزلة ونَبذهُ النّاسُ بسببِ كتابهِ هذا، حتى ماتَ سنة ثلاث وخمسين وثلاثمئة وألف، غيرَ مُشيَّعاً إلّا مِن أهلهِ، وعددٍ مِن أصدقائهِ، وكانَ مولَعاً بالغِناء والتردد على المقاهي، والانتماءِ إلى المذهبِ الاشتراكي، ثم ركَّزت الصّحافةُ على نَشرِ ما في الكتاب مِنَ الطّوام، وما زالوا كذلك حتى تَحوّلت تونُس إلى جِسمٍ مريضِ بالسّفورِ والحسور، وتَجد تفاصيلَ هذه المعركة الإلحادية على الحجابِ والعفّة، في كتابٍ لا يُفرح بهِ في نحو أربعمئة صفحة، فإنّا لله وإنّا إليهِ راجِعون.
وفي العراقِ تولّى كِبرَ هذه القضية المناداةَ بنزعِ الحجابِ "الزهاوي والرُّصافي" نعوذُ بالله مِن حالِهما، كما هو مُفصّلٌ في كتابِ "حِكايات سياسة" حكاياتٍ سياسيّة مِن تاريخِ العراقِ الحديث.
وانظر خبرَ اليومِ الحزينِ في نَزعِ الحجابِ في الجزائر -قرأناه أحسنَ الله إليك- يقول: وفي المغربِ الأقصى، وفي الشامِ بأقسامهِ الأربعة: لبنان، وسوريا، والأردن، وفلسطين، انتشرَ السّفورُ والتبرّج.
– الشيخ: خليك هنا، الله المستعان.