بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله
الدّرس الرّايع والخمسون
*** *** *** ***
– القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله والصّلاة والسّلام على رسول الله نبيّنا محمّدٍ وعلى وآلهِ وصحبهِ أجمعين، تَكمِلةُ بيان اللجنة الدائمة:
ومِنَ الحياءِ المأمورِ بهِ شَرعاً وعُرفاً: تَستّرُ المرأةِ واحتِشامُها وتَخلّقها بالأخلاقِ التي تُبعِدها عَن مواقعِ الفتنةِ ومواضعِ الريبة.
وقد دلَّ ظاهرُ القرآنِ على أنَّ المرأةَ لا تُبدي للمرأة إلّا ما تُبديهِ لمحارِمها، ممّا جَرت العادة بِكشفهِ في البيت، وحال المهنة، كما قال تعالى: وَلَا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَو آبَائِهِنَّ أَو آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَو أَبنَائِهِنَّ أَو أَبنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَو إِخوَانِهِنَّ أَو بَنِي إِخوَانِهِنَّ أَو بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَو نِسَائِهِنَّ [النور:31]
وإذا كان هذا هو نصُّ القرآنِ، وهو ما دلّت عليه السنّة، فإنّهُ هو الذي جرى عليهِ عَملُ نساءِ الرسولِ صلّى الله وعليه وسلّم، ونساءُ الصحابةِ، ومَن اتبعهن بإحسانٍ مِن نساءِ الأمة إلى عصرنا هذا، وما جرتِ العادةُ بِكشفهِ للمذكورينَ بالآيةِ الكريمة، هو ما يظهرُ مِنَ المرأةِ غالباً في البيت وحالَ المِهنة، ويَشقُّ عليها التحرّز منهُ، كانكِشافِ الرأسِ واليدينِ والعنقِ والقدمين.
وأمّا التوسّع في التّكشف فعلاوةً على أنّهُ لم يَدل على جوازهِ دليلٌ مِن كِتابنا وسُنَّة، هو أيضاً طريقٌ لفتنةِ المرأةِ والافتتانِ بِها، مِن بناتِ جِنسِها، وهذا موجودٌ بينهنَّ، وفيهِ أيضاً قُدوةٌ سيّئة لغيرهنَّ مِنَ النساء، كما أنَّ في ذلك تَشبُّه بالكافراتِ والبَغايا الماجِناتِ في لباسهن، وقد ثَبَتَ عَنِ النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّهُ قال: (مَن تشبَّه بقومٍ فهو مِنهُم) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود.
وفي صحيحِ مُسلم، عَن عبد الله بن عمر أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم رأى عليه ثوبين مُعصفَرين فقالَ: (إنَّ هذه مِن ثيابِ الكفّارِ فلا تَلبسها)، وفي صحيحِ مسلم..
– الشيخ: فلا تَلبَسهُما، ثوبين ثوب
– القارئ: صحيح
وفي صحيحِ مُسلمٍ أيضاً، أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (صِنفانِ مِن أهلِ النارِ لمِ أرَهُما، قومٌ مَعَهُم سياطٌ كأذنابِ البَقر، يَضربونَ بِها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مائِلاتٌ مُميلات، رؤوسُهنَّ كأسنِمة البُختِ المائِلة، لا يَدخلنَ الجنّةَ، ولا يَجدنَ رِيحها، وإنَّ ريحا لَيوجدُ مِن مَسيرةِ كذا وكذا)
ومعنى كاسياتٍ عاريات: هو أن تَكتَسي المرأةُ ما لا يَستُرهُا، فهي كاسيةٌ، وهي في الحقيقةِ عارية، مِثلُ مَن تَلبسُ الثوبَ الرقيقَ الذي يَشفُّ بَشرتَها، أو الثوب الضيّق الذي يُبدي تَقاطيعَ جِسمَها، أو الثوبِ القصيرِ الذي لا يَسترُ بعضَ أعضائها.
فالمُتعيِّنُ على نِساءِ المسلمينِ، التزامُ الهَدِي الذي كان عليهِ أُمّهاتُ المؤمنين، ونساءُ الصحابةِ رضي الله عنهم، ومَن اتبعهنَّ بإحسانٍ مِن نِساءِ هذه الأمة، والحِرصُ على التستُّر والاحتشام، فذلكَ أبعدُ عَن أسبابِ الفتنةِ، وصيانة للنفسِ عمّا تُثيرهُ دواع الهوى الموقِع في الفواحش.
كما يَجبُ على نِساءِ المسلمينَ الحذرَ مِنَ الوقوعِ فيما حَرّمهُ الله ورسولهُ مِنَ الألبسةِ التي فيها تشبّهٌ بالكافراتِ والعاهرات، طاعةً لله ورسولهِ، ورجاءً لثوابِ الله، وخوفاً مِن عِقابهِ، كما يِجبُ على كلِّ مُسلمٍ أن يَتقي الله في مَن تَحتَ ولايتهِ مِنَ النساءِ، فلا يَتركهنَّ يلبسنَ ما حَرّمهُ الله ورسولهُ مِنَ الألبسةِ الخالعةِ والكاشفةِ والفاتنة، ولِيعلَمَ أنّهُ راعٍ ومسؤولٌ عَن رعيِّتهِ يومَ القيامة.
نسألُ الله أن يُصلحَ أحوالَ المسلمين، وأن يَهدينا جميعاً سَواءَ السبيل، إنّهُ سميعٌ قريبٌ مجيب، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آلهِ وصحبه.
اللجنةُ الدّائمةُ للبحوثِ العلميةِ والإفتاء
الشيخ عبد الله بن غديان – الشيخ عبد العزيز آل الشيخ – الشيخ بكر أبو زيد – والشيخ صالح الفوزان
– الشيخ: جزاهم الله خيراً، أثابَهم على ما بيَّنوا، الله المستعان، لا إله إلّا الله، مِنَ العجبِ العُجاب إنَّ الشيطان يُزيِّن لكلِّ جنسٍ ما حَرّمهُ الله، أو ما يقرِّبه إلى ذلكَ مِن مَكروهٍ ونحوه. الرجالُ مَلابِسهم تُغطّي كلَّ البدن، فلا يَخرج مِنَ الإنسانِ إلّا وجههُ وكفَّاه، والمرأةُ في المجامعِ تُخرجُ ساقَيها وعَضُديها ورأسها وعُنُقَها، يُمكن أن يُقال مُعظم بَدنِها مَكشوف.
ويُزيِّنُ للرجالِ الإسبال، الشيطان يُزيِّنُ للرجالِ الإسبال، ويُزيِّنُ للنساءِ التشمير، والكشف، ويزيِّنُ لكلِّ أحدٍ ما يُخالفُ بهِ أمرَ الله ورَسولهِ، وما يُحبّه الله ورسولهُ.