(1) المقدمة والإهداء

 تعريف بالكتاب

الشيخ: الدين الحق، الحمدُ للهِ، وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على عبدِهِ ورسولِه.

"الدينُ الحقُّ" هذا كتابٌ جديدٌ درسٌ جديدٌ في مُؤلَّفٍ اسمُه "الدين الحق" للشيخ عبدُ الرحمن بن حمَّاد العُمَر، وهو مِن فُضلاء أهل العلم المعروفين بالعلم والدعوة والاجتهاد في نشرِ العلمِ وفي تحصيلِ العلم، رحمه الله، وهو مُعاصِرٌ قريب، تُوفي قريبًا، ذُكِرَ في ترجمتِهِ أنه وُلدَ في عامِ أربعةٍ وخمسين، وتُوفي في عامِ سبعة وثلاثين، يعني منذ ثلاثِ سنين تقريبًا، وهذا الكتاب بهذا العنوان له شأنٌ، فهو يريدُ التعريف بأنَّ الدِّينَ الحقَّ هو دِيْنُ الإسلام؛ لأن كثيرًا مِن الناس يَلتبِسُ عليه الأمرُ، وإن كان مسلمًا قد يُلبَّسُ عليهِ، فالكتاب مبنيٌّ على مضمونِ قوله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ  [آل عمران:85] وبناهُ أيضًا على مسائلِ..، على الأصول الثلاثة التي يُسأل عنها الإنسان في قبره: مَن ربُّك؟ وما دينُك؟ ومَن نبيُك؟ فهذا الكتاب مبنيٌّ على هذين الأمرين على معنى الآية: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا  وعلى مسائلِ القبر وهي الأصول الثلاثة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟

وهو مُوجَّهٌ إلى جميعِ الناسِ لا إلى المسلمين فقط، هذا الكتابُ واضحٌ مِن تعبيرِ المؤلِّف أنه يتجِهُ به إلى كل إنسانٍ له عقلٌ يفكرُ به، ويُميِّزُ به بين الخيرِ والشرِ، والصدقِ والكذبِ.

ويتولَّى القراءة أبو فيصل -جزاه الله خيرًا- ولعله -يعني- يقرأُ الترجمة المكتوبة المأخوذة مِن كتابةِ الشيخِ سعد بن عبد الرحمن القاسم فإنَّه ترجمَ له في "مُلحق الدُّرَر السَّنِيَّة".

تفضل يا أبو فيصل.

القارئ: أكرمكم الله أحسنَ الله إليكم.

تعريف بالمؤلف

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، اللهمَّ ارحمْنا وشيخَنا والحاضرينَ والمستمعينَ:

الشيخُ عبدُ الرحمنِ بنُ حمَّادِ العُمُر البَدْراني، رحمَه اللهُ تعالى، عالمٌ جليلٌ، وداعيةٌ إلى اللهِ بالحكمةِ، والموعظةِ الحسنةِ، وُلِدَ في "روضةِ سُدير" في السابعَ عشرَ من الشهرِ الثاني عامَ أربعةٍ وخمسينَ وثلاثمئةٍ وألفٍ مِن الهجرةِ، وتربَّى على يَدَيْ والدَيْه، وتعلَّمَ مبادئَ القراءةِ والكتابةِ على يدِ إمامِ جامعِ البلدِ الشيخُ عبدُ العزيزِ بنُ عبدِ الرحمنِ بنُ فَنتوخ، وتعلَّمَ القرآنَ على فَوزان القِديري وابنِهِ عبدُ الله، وأكملَ دراسةَ القرآنِ وحَفِظَ الأصولَ الثلاثةَ وأدلَّتَها، وشروطَ الصلاةِ وأحكامَها على والدِهِ، رحمَهُ اللهُ.

والتحقَ بالمدرسةِ الابتدائيةِ عامَ تسعةٍ وستينَ وثلاثمائةٍ وألفٍ، ثمَّ بالمعهدِ العِلْميِّ بالرياضِ، ثمَّ بكليةِ الشريعةِ فتخرَّجَ منها عامَ اثنينِ وثمانينَ وثلاثةٍ وثمانينَ، وأخذَ قبلَ التخرُّجِ وبعدَه عَن كثيرٍ مِن العلماءِ، وفي مقدمتِهم الشيخُ محمَّدُ بنُ إبراهيمَ، والشيخُ عبدُ العزيزِ بن بازٍ، والشيخُ عبدُ اللهِ بنُ محمَّدِ بنُ حميدٍ،

الشيخ: هؤلاء الأعلام، أعلامُ علماءِ هذه البلاد، الثلاثةُ هؤلاء كلُّهم تعاصَروا، وكلُّهم تَبَوَّؤُا المنزلةَ الرفيعةَ في العلمِ والاعتبار، محمَّدُ بن ابراهيم آل الشيخ، وعبدُ العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخُ عبد الله بن محمد بن حميد، هؤلاءِ الثلاثة هم أبرزُ علماءِ هذه البلاد في وقتِهم -رحمهم الله وجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين-، فالشيخ تتلمذ على الثلاثة.

القارئ: وكذا الشيخُ سليمانُ بنُ حَمدان رحمَهم اللهُ تعالى،

الشيخ: وهذا معروفٌ أيضًا مِن العلماءِ الغَيورين، والذين تولَّوا القضاءَ وتولَّوا التَّدريس، سليمانُ الحَمدان، رحمه الله، بمكة والطائف والمدينة.

القارئ: وقد أجازَهُ كتابةً بما أجازهُ أهلُ العلمِ، وأخذَ العلمَ أيضًا عَن غيرِهم مِن أهلِ العلمِ.

وكانَ يُكثرُ مِن قراءةِ كتبِ شيخِ الإسلام ابنِ تيميةَ وابنِ القيمِ وكتبِ أئمةِ الدعوةِ، والمراجعِ الكبارِ في التفسيرِ والحديثِ والأصولِ والفقهِ وغيرِ ذلكِ. ولَه كتبٌ ورسائلُ بلغَتْ ثمانيةَ عشرَ طُبِعَ بعضُها وانتشرَ، منها: "في سبيلِ الحقِّ"، و"الإرشادُ إلى توحيدِ ربِّ العبادِ"، و"الذِّكرى"، وكتابُ: "دِينِ الحقِّ" وقد تُرجم إلى لغاتٍ كثيرةٍ، وغيرِ ذلكَ. ولَه مشاركةٌ في المحاضراتِ والنَّدواتِ في المساجدِ وعَمِلَ محاسبًا.

ثم عمل مدرسًا بوزارةِ المعارفِ ما يقاربُ ثلاثينَ عامًا حتى تقاعدَ في سنةِ 1415هـ، ولَه أولادٌ فيهم الخيرُ والبركةُ.

الشيخ: رحمه الله، رحمه الله، وأصلح ذريته.

القارئ: وتوفي -رحمه الله تعالى- في يومِ الأحدِ في الشهرِ الثاني مِن ربيعٍ الأول عامَ 1437 هـ، نسألُ اللهَ أنْ يتقبلَ منَّا ومنه الحسناتُ وأنْ يغفرَ لنا ولَه السيئاتِ، وصلَّى اللهُ على محمَّدٍ وآلِه وصحبِهِ وسلَّم.

الشيخ: توقيع ما في [يوجد]؟ كتبه؟

طالب: لا، الدرر السَّنِية ما في [....] ما ذكر شيء الشيخ سعد..

الشيخ: ما ذكر شيء، لكن الأصلُ المترجِمُ هو سعد، وكان مِن الـمُناسب إضافة ذلك ..

الطالب: ما عرفت..

الشيخ: سبق التنبيه على هذا، الحمد لله. تفضل يا شيخ..

القارئ: أحسنَ الله إليكم، نبدأ بالمقدمة والإهداء أمْ مباشرة في الكتاب؟

الشيخ: لا، المقدمة، مقدمة المؤلف؟

القارئ: نعم..

الشيخ: خلاص، مقدمة الـمُؤلِّفِ مِن الـمُؤلَّفِ.

القارئ: قال رحمه الله:

المقدمة

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على جميعِ رسلِ اللهِ، وبعدُ: فهذهِ دعوةٌ إلى النَّجاةِ، أتقدمُ بها

الشيخ: والصلاة والسلام على رسل الله، يعني الـمُعتادُ: "الصلاة والسلام على رسول الله محمد صلَّى الله عليه وسلَّمَ"؛ لأننا أخَصُّ بهذا الرسولِ، ولكن إن كانَت العبارةُ صحيحةٌ في أصلِ عبارة الشيخ، فلعلَّه انطلاقًا مِن أنَّ الدِّين الحقّ -دين الإسلام- هو ما بعثَ الله به رسلَه مِن أولهم إلى آخرهم. لعلَّ العُدُول عن العبارةِ المشهورة إلى ما ذكرَ لعلَّها مِن مُنطلق أنَّ الدِّين الحق هو ما بَعثَ الله بِه رسلَهُ مِن أولِهم إلى آخرِهم.

القارئ: هو هكذا موجود..

الشيخ: أيش قلت؟

القارئ: "على جميعِ رسلِ اللهِ" هكذا..

الشيخ: أنا ذكرتُ هذا؛ لأنَّ هذه تلفتُ الانتباه، لأنَّ الـمُعتاد يعني يأتي ذِكر الرسلِ بعد ذِكر محمَّد عليه الصلاة والسلام.

الدعوة إلى النجاة

القارئ: قال: وبعدُ: فهذهِ دعوةٌ إلى النَّجاةِ، أتقدَّمُ بها لكلِّ عاقلٍ في الوجودِ -ذكرًا أو أنثى- راجيًا مِن اللهِ العلي القديرِ أنْ يُسعِدَ بها مَن ضَلَّ عَن سبيلِهِ، وَيُثِيْبُنِي وكلَّ مَنْ يُساهمُ في نشرِها أجزلَ الثوابِ، فأقولُ واللهُ المستعان:

الشيخ: أما بعدُ،

القارئ: أمَّا بعدُ: اعلمْ أيُّها الإنسانُ العاقلُ أنَّه لا نجاةَ ولا سعادةَ لكَ في هذهِ الحياةِ، وفي الحياةِ الآخرةِ بعدَ المماتِ إلا إذا عرفتَ ربَّكَ الذي خلقَكَ، وآمنتَ بِه وعبدتَهُ وحدَهُ، وعرفتَ نبيِّكَ الذي بعثَهُ ربُّكَ إليكَ، وإلى جميعِ الناسِ، فآمنتَ بِه واتبعتَهُ، وعرفتَ دِينَ الحقِّ الذي أمركَ بِه ربُّكَ، وآمنتَ بِه، وعملتَ بِه.

الأصول الثلاثة

الشيخ: هذهِ هي الأصولُ الثلاثةُ التي تضمنتْهَا الرسالةُ القيمةُ المشهورةُ: "ثلاثة الأصول" أو "الأصول الثلاثة" للإمام المجدِّد محمَّد بنُ عبد الوهاب، فالشيخُ قصدَ تقريرَ هذه الأصولُ الثلاثةُ وهي يُعبَّرُ عنها بمسائلِ القبرِ التي يُسألُ عنها الميت في قبره: مَن ربُّكَ؟ وما دينُكَ؟ ومن نبيُّكَ؟

القارئ: قال: وهذا الكتابُ الذي بينَ يديكَ "دينُ الحق" فيهِ البيانُ لهذهِ الأمورِ العظيمةِ التي يجبُ عليكَ معرفتُها والعملُ بها، وقد ذكرتُ في الحاشيةِ ما تحتاجُ إليهِ بعضُ الكلماتِ والمسائلِ مِن زيادةِ إيضاحٍ، معتمدًا في ذلكَ كلِّه على كلامِ الله تعالى وأحاديثِ رسولِه عليهِ الصلاةُ والسلامُ؛ لأنَّهما المرجعُ الوحيدُ لدِيْنِ الحقِّ الذي لا يَقبلُ اللهُ مِن أحدٍ دينا سِواهُ.

الشيخ: المرجعُ في معرفةِ الدين هو: الكتابُ والسنة، هذا معنى كلامه، الطريقُ في معرفةِ دِينِ الإسلامِ وما تضمَّنَهُ مِن عقائد وشرائع هو الكتابُ والسُّنة، هما المصدرُ لمعرفةِ مسائلِ الدِّين العلمية الاعتقادية، والمسائل العمليّة.

ذم التقليد الأعمى

القارئ: وقد تركتُ التقليدَ الأعمى الذي أضلَّ كثيرًا مِن الناسِ، بلْ وذكرتُ جملةً مِن الطوائفِ الضالَّةِ التي تَدَّعِي أنَّها على الحقِّ، وهي بعيدةٌ عنْه، لكي يحذرَها الجاهلونَ بحالِها مِن المنتمينَ إليها وغيرِهم، واللهُ حسبي ونعمَ الوكيل.

الشيخ: تقول مرة أخرى العبارة..

القارئ: وقد تركتُ التقليدَ الأعمى الذي أضلَّ كثيرًا مِن الناسِ، بلْ وذكرتُ جملةً مِن الطوائفِ.

الشيخ: هو معروفٌ بتحري الدَّليل في مسائلِ الاحكامِ، فهو لا يلتزمُ بمذهبٍ ولا يَتَمَذهَبُ، فمنهجُه منهجُ أهلِ الحديثِ، ولهذا يقول: "إني تركتُ التقليد"، وكثيرٌ مِن المنتسبين إلى المذاهبِ كثيرٌ منهم مُقلِّدون للأئمَّةِ الذين ينتمونَ إليهم، والشيخُ -رحمه الله- عندَه هذه النَّزعة -نَزعةُ عدمِ المذهبية، وعدمُ التقليد، والتعويلُ على الدَّليل في كل ما يُطرَحُ مِن المسائلِ العقدية والعمليَّة مِن مسائلِ الأحكام-، ولا شكَّ أنَّ هذا المنهج قيِّم عظيمٌ فيه حرية، وتجرّد عن التعصب وعن التَّبعية؛ لأنَّه مِن منطلق أنَّ كُلًّا يُؤخذ من قوله ويُردُّ إلا الرسول صلَّى الله عليه وسلَّمَ، وإنِ انتفعَ مَن ينحو هذا النَّحي ليسَ معناه رفضٌ لأقوالِ أهلِ العلم وعدمِ الاستفادة منها، لكن مقصودُه عدمُ التعصب لتلكَ المذاهب، وعدمِ التقيُّدِ بها، وهذا ما أوصى بِه الأئمةُ نفسُ الأئمةِ الأربعة وغيرُهم أوصوا بعدمِ التعصُّبِ لأقوالِهم، وأنَّه مَن ظهر له..، استبانَتْ له السُّنة لا يَحلُّ له أن يعدلَ عنها لقولِ أحدٍ مِن الناسِ، فالشيخُ في هذا المنهجِ هو في الحقيقة مُتبعٌ لا مُبتدِعٌ.

القارئ: وقد تركتُ التقليدَ الأعمى الذي أضلَّ كثيرًا مِن الناسِ، بلْ وذكرتُ جملةً مِن الطوائفِ الضالَّةِ التي تَدَّعِي أنَّها على الحقِّ، وهي بعيدةٌ عنْه، لكي يحذرَها الجاهلونَ بحالِها مِن المنتمينَ إليها وغيرِهم، واللهُ حسبي ونعمَ الوكيل.

الطائفة المنصورة

الشيخ:  كثيرٌ مِن الطوائف المنتسبة للإسلام يدَّعون أنَّهم هم الطائفةُ المنصورة، والأمرُ بخلافِ ما يقولونَ، فالطائفةُ المنصورة النَّاجية هِيَ مَن بَيَّنَهُم الرسولُ في قوله، قيل: مَن هي يا رسول الله؟ قال: الجماعةُ، وفي لفظ: مَن كانَ على مثلِ ما أنَا عليهِ اليومَ وأصحابِي فمَن كانَ على هدي الرسولِ وهدي صحابتِه فهو الذي على الحقِّ، وكلٌّ يدَّعي..، كما يقول الشاعر:

وكلٌّ يدَّعي وَصلًا لِليلى      وليلَى لا تُقِرُّ لهمْ بذلكْ

نعم.

القارئ: قالَ رحمه الله: الفصلُ الأولُ: معرفةُ اللهِ الخالقِ العظيمِ.

الشيخ: إلى هنا يا شيخ، نعم يا محمد.